في تصريح شديد اللهجة: وزير الخارجية العُماني يطالب بمحاكمة إسرائيل على «جرائمها»

قال إن مبادرة السلام العربية ما زالت قائمة وقابلة للتطبيق

وزير الخارجية العماني بدر بن حمد البوسعيدي (العمانية)
وزير الخارجية العماني بدر بن حمد البوسعيدي (العمانية)
TT

في تصريح شديد اللهجة: وزير الخارجية العُماني يطالب بمحاكمة إسرائيل على «جرائمها»

وزير الخارجية العماني بدر بن حمد البوسعيدي (العمانية)
وزير الخارجية العماني بدر بن حمد البوسعيدي (العمانية)

دعا وزير الخارجية العماني بدر بن حمد البوسعيدي، المجتمع الدولي، إلى إجراء تحقيق مستقلّ حول العدوان الإسرائيلي ومحاكمة إسرائيل على استهدافها المتعمّد للمدنيين في قطاع غزة ومنشآتهم وحرمان السكان الفلسطينيين من احتياجاتهم الإنسانية وتجويعهم وإخضاعهم للحصار والعقاب الجماعي.

وفي تصريحات شديدة اللهجة أدلى بها وزير الخارجية لوكالة الأنباء العُمانية، قال البوسعيدي إن «سلطنة عُمان ملتزمة بالحلول السياسية المستندة إلى الحوار وسيادة القانون الدولي وضرورة تدخل المجتمع الدولي لوقف الحرب على غزة وردع إسرائيل لانتهاكها القانون الدولي واستمرار عملياتها العسكرية في قتل المدنيين داخل القطاع وهدم المنشآت والمباني والأحياء المدنية في جميع الأراضي الفلسطينية».

وقال: «اعتقادي الأكيد هو أن العنف ليس حلّاً، وهو ما ندينه بشدّة، لأن الضحايا غالباً ما يكونون من الأطفال والمدنيين. وإذا تذكّرنا التجارب التاريخية السابقة فسنرى وبكل تأكيد استحالة تحقيق حلّ عسكريّ للقضية الفلسطينية أو للصراع العربي - الإسرائيلي. نعم هناك حركات موجودة أو منظمات لمقاومة الاحتلال وهذا حقٌّ مشروع لها، ولكن إذا أردنا حلاً نهائيّاً عادلاً فهذا لا يتأتّى عسكرياً وإنما يكون عبر السُّبل السلمية، أي أن الحلّ الممكن والمستدام يكمن في الحلول السياسية والحوار والالتزام القوي والمشترك بتحقيق السلام. وسلطنة عُمان - كما الحال دائماً - ملتزمة بالحلول السياسية المستندة إلى الحوار وسيادة القانون الدولي».

وأضاف أنّ «ما يترتب على الهجمات والعمليات العسكرية على قطاع غزة؛ الاستمرار في مواجهة هذه الممارسات والأعمال الإسرائيلية اللاإنسانية، وذلك بإعلاء قيمنا والتمسك بأخلاقنا الإنسانية الرافضة للقتل والتدمير والاعتداء على الأطفال والمدنيين والاستمرار في ممارسة الضغوط السياسية والدبلوماسية والقانونية وتوظيف صوت الحق الدامغ ولغة العقل وقوة المنطق أمام العدوان الإسرائيلي الظالم في قتله المدنيين العُزّل وتدمير منشآتهم ومساكنهم وحرمانهم من الماء والغذاء والوقود والدواء».

وزير الخارجية العماني بدر بن حمد البوسعيدي (العمانية)

ودعا وسائل الإعلام للتعاطي بمسؤولية «مع الوضع بموضوعية ومصداقية وإيصال الصوت العادل إلى العالم ومخاطبة الضمير الإنساني في كل مكان. وفي النهاية لا بد للحقّ أن ينتصر وللظّلم أن ينحسر».

كما شدّد على دور والتزام المنظمات الدولية، وفي مقدمتها الأمم المتحدة، ومجلس الأمن التابع لها، وقال: «إن قيمة التفاعل الدولي البنّاء تكمن في حماية حقوق المدنيين في السِّلم والحرب، ولذلك فإن الإمكانات الهائلة للأطُر العالمية كفيلة بتهيئة الظروف اللازمة لوقف الصراع وتبنّي الحلول السلمية له».

أكد أن «الرد الإسرائيلي مفرط للغاية ومبالغ فيه بشكل صارخ، وأن الشعب الفلسطيني لديه الحق كذلك في الدفاع عن نفسه».

وزير الخارجية العُماني

وعد أن «العمل العسكري الحالي لإسرائيل لا يعدّ إجراء ضرورياً للدفاع عن النفس، فجميع الدول تُدين وتستنكر استهداف المدنيين مهما كانت جنسيات ساكنيها، لأن ذلك يتعارض مع سائر القيم التي نؤمن بها».

وأكد أن «الرد الإسرائيلي مفرط للغاية ومبالغ فيه بشكل صارخ، خصوصاً استهداف المدنيين. وهنا يجب ألا ننسى أيضاً أن الشعب الفلسطيني لديه الحق كذلك في الدفاع عن نفسه».

وبيّن أن «التهجير القسري للمدنيين في شمال قطاع غزّة ودفعهم للانتقال جنوباً، يُعدّ على نطاق واسع تمهيداً للإبادة الجماعية، وفقاً للمادة الثانية من اتفاقية عام 1948 بشأن منع ومعاقبة الإبادة الجماعية».

وأضاف أن «حصار غزة الذي يمنع المدنيين من الحصول على المياه والكهرباء والطعام والوقود فعلٌ غير قانوني ويمكن أن يعدّ من جرائم الحرب، وأن هذه التدابير الجماعية محظورة بموجب المادة 33 من اتفاقية جنيف».

ولفت إلى أن التاريخ علّمنا أن «الدفاع عن النفس لا يمكن أن يبرّر الإبادة الجماعية أو العقاب الجماعي واستهداف الأبرياء من المدنيين، كما أن منع وصول المساعدات الإنسانية إلى السكان جريمة بموجب القانون الدولي».

وحول الخطوات الفورية التي يجب اتخاذها أوضح أن «سلطنة عُمان ترى أنه على المجتمع الدولي التدخل لوقف هذه الحرب على غزة وردع إسرائيل في انتهاكها القانون الدولي واستمرار عملياتها العسكرية لقتل المدنيين داخل قطاع غزة وهدم المنشآت والمباني والأحياء المدنية»، داعياً إلى وقف فوري لإطلاق النار، وتثبيت هدنة تتم مراقبتها من قبل مراقبين مستقلين من الأمم المتحدة وضرورة وضع خطط عاجلة لتقديم المساعدات والاحتياجات الإنسانية المطلوبة بشكل مباشر وفوري لقطاع غزة.

وأكد وزير الخارجية العماني أن «سلطنة عُمان وشقيقاتها دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية التزمت بدعم عمليات الإغاثة الإنسانية لقطاع غزة والوقوف الفوري على الأسباب الجذرية التي أوصلتنا إلى هذه الأزمة، والتعامل معها تباعاً».

وقال إن الأسباب الجذرية لهذه الأزمة تتمثل في «أن إسرائيل قد احتلت بشكل غير قانوني الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة منذ عام 1967، وهذا الاحتلال يمارس التنكيل وطرد السّكان الآمنين من مساكنهم وفرض المعاناة اليومية على الفلسطينيين في أراضيهم، ويُحْرمُ جميع الفلسطينيين واللاجئين في هذه الأراضي من حقّهم الأساسي في تقرير المصير».

وأضاف أنه «على الرغم من الاتفاقيات التي تم التوصل إليها في أوسلو عام 1993، فإن استمرار احتلال الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية، قد أدى إلى التوسع الممنهج للمستوطنات غير القانونية وطرد السكان الفلسطينيين بالقوة من أراضيهم ومنازلهم دون حق، ناهيك بسياسة الفصل العنصري التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية».

كما يتمثل في أن «غزة تحت الحصار منذ عام 2007، وتم عزل سكانها عن الفلسطينيين في الضفة الغربية، حتى أصبح القطاع يعتمد كليّاً على إسرائيل في بنيته الأساسية والإمدادات الحيوية. وأصبح 2.3 مليون نسمة من سكانها يعيشون في فقر وعزلة، وهي ظروف فرضتها إسرائيل عليهم من دون حق».

وكذلك في «أن الحكومة الإسرائيلية التي تشكّلت في عام 2022م قامت بتصعيد الظلم ضد الفلسطينيين والظلم ظلمات، ونرى كيف أن قيادات هذه الحكومة الإسرائيلية تُروّج لسياسات تستهدف السكان الفلسطينيين بشكل أكثر عدوانية وقسوة من أي وقت مضى».

وناشد البوسعيدي المجتمع الدولي، اتخاذ إجراءات قوية ورادعة وعقابية أمام التصريحات الوحشية والتهديدات الصادرة عن المسؤولين الإسرائيليين مثل تلك التي تفوّه بها وزير المالية الإسرائيلي الحالي، على سبيل المثال، بقوله إن «هناك الآن 3 خيارات أمام الفلسطينيين: إما الاستعباد، أو الهجرة، أو الموت».

واستطرد: «لقد أهمل المجتمع الدولي هذه الأسباب الجذرية للصراع على مدى عقود من الزمن. وحان الوقت لتحقيق صحوة حقيقية داخل مجلس الأمن لدى الأمم المتحدة وفرض قراراته وتطبيق القانون الدولي على جميع الدول دون تمييز أو ازدواجية في المعايير».

وحول تحقيق عملية سلام ناجحة في المستقبل، بيّن أنه «قد يكون مبكراً الحديث بالتفصيل عن مشروع السّلام، ولكن باختصار شديد، أودّ أن أقول إن المطلوب في الوقت المناسب إطلاق عملية سلام ذات فاعلية ومصداقية تشمل جميع الأطراف دون استقصاء أي طرف، وأن هناك تجارب ودروساً يمكن الاستفادة منها، فمثلاً قد سبق لإسرائيل وحلفائها قبول فكرة الدخول في حوار مع منظمة التحرير الفلسطينية في التسعينات بعد أن كانوا رافضين للتحاور بسبب اعتبارها منظمة إرهابية… وقد أدى ذلك الحوار مع منظمة التحرير الفلسطينية إلى انطلاق عملية السلام في ذلك الوقت».

وأضاف: «اليوم نقول إن على إسرائيل وحلفائها أن يواجهوا الواقع الذي لا يمكن أن يتغير دون الانخراط في حوار مع جميع الأطراف بما فيها حركة حماس، ولا يمكن أن يكون هناك سلام حقيقي فلسطيني - إسرائيلي، دون أن يشمل الحوار جميع الأطراف الأساسية. ونعتقد بأن هناك إجماعاً دوليّاً على ضرورة تحقيق السلام الشامل على أساس مفهوم حلّ الدولتين، وبالاستناد إلى القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن المعروفة والمتصلة بالقضية الفلسطينية».

وأكد أن مبادرة السلام العربية موجودة، وما زالت قائمة وقابلة للتطبيق، لأنها تستند إلى القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وشاملة لأنها تعالج مشكلات جميع الأراضي العربية المحتلة تماماً، كما نصت عليه قرارات الشرعية الدولية.


مقالات ذات صلة

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (د.ب.أ)

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

أفادت وزارة الصحة في غزة، الأحد، بارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 44 ألفاً و211 وإصابة 104 آلاف و567 منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أرشيفية لمُسيّرات تابعة لـ«المقاومة الإسلامية في العراق»

شبح هجوم إسرائيلي يخيّم على بغداد

يخيّم شبح هجوم إسرائيلي واسع على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شن ضربات جوية على البلاد.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي مقر المحكمة الجنائية في لاهاي (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب قد يفرض عقوبات على مدعي «الجنائية الدولية» رداً على مذكرة اعتقال نتنياهو

قالت صحيفة «تليغراف» البريطانية إن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يفكر في فرض عقوبات على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية البريطاني كريم خان

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

تقرير: ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات بشأن أزمة غزة

قالت كارولين ليفيت، التي أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب أنها ستكون متحدثةً باسم البيت الأبيض، لموقع «أكسيوس»، إن ترمب سيشرف شخصياً على المفاوضات

المشرق العربي مبنى مدمّر نتيجة القصف الإسرائيلي في جباليا بشمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

«القسام»: مقتل أسيرة في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة

أعلن المتحدث باسم «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» الفلسطينية، أبو عبيدة، اليوم (السبت)، مقتل أسيرة إسرائيلية في هجوم إسرائيلي على شمال قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

سحب الجنسية الكويتية من 1145 امرأة و13 رجلاً

شرعت السلطات الكويتية في حملة لإسقاط الجنسية وذلك لأسباب مختلفة يأتي في مقدمتها التزوير
شرعت السلطات الكويتية في حملة لإسقاط الجنسية وذلك لأسباب مختلفة يأتي في مقدمتها التزوير
TT

سحب الجنسية الكويتية من 1145 امرأة و13 رجلاً

شرعت السلطات الكويتية في حملة لإسقاط الجنسية وذلك لأسباب مختلفة يأتي في مقدمتها التزوير
شرعت السلطات الكويتية في حملة لإسقاط الجنسية وذلك لأسباب مختلفة يأتي في مقدمتها التزوير

صدرت في الكويت 7 مراسيم جديدة بسحب الجنسية الكويتية من 1145 امرأة، و13 رجلاً وممن يكون قد اكتسبها معهم بالتبعية.

وجاء في المراسيم التي ستنشرها الجريدة الرسمية (الكويت اليوم) في عددها الصادر، الأحد، أن قرار السحب جاء بعد الاطلاع على الدستور، وقانون الجنسية الكويتية، وعرض النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية.

وتضمنت المراسيم سحب الجنسية الكويتية من 1145 امرأة وممن يكون اكتسبها معهن بالتبعية، إضافةً إلى سحب شهادة الجنسية من بعض الأشخاص بناءً على المادة 21 مكرر من قانون الجنسية التي تنص على «سحب شهادة الجنسية إذا تَبَيَّنَ أنها أُعطيت بغير حق بناءً على غش أو أقوال كاذبة أو شهادات غير صحيحة، ويكون السحب بقرار من مجلس الوزراء بناءً على عرض وزير الداخلية، وينبغي لذلك سحب الجنسية الكويتية ممن يكون قد اكتسبها عن حامل تلك الشهادة بطريقة التبعية».

وكانت اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية، قد قررت خلال اجتماعها برئاسة رئيس مجلس الوزراء بالإنابة وزير الدفاع وزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف في 21 من الشهر الحالي سحب وفقد الجنسية الكويتية من 1647 حالة تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء، ليرتفع العدد خلال 3 أسابيع (منذ 31 أكتوبر / تشرين الأول الماضي) إلى 4601 حالة.

وبدأت اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية، عملها مطلع مارس (آذار) الماضي، حيث شرعت السلطات الكويتية في حملة إسقاط جنسيات وذلك لأسباب مختلفة، يأتي في مقدمتها التزوير، كما أن سحب الجنسية تتم من الأشخاص والتابعين الذين حصلوا عليها دون استيفاء الشروط القانونية، ومن بينها صدور مرسوم بمنح الجنسية، حيث دأب أعضاء في الحكومات السابقة لتخطي هذا القانون، ومنح الموافقات على طلبات الحصول على الجنسية دون انتظار صدور مرسوم بذلك.

وتقدر وسائل إعلام عدد الأشخاص المسحوب جنسياتهم بنحو 6370 شخصاً، وتقول الحكومة الكويتية، إن سحب الجنسية، من المزورين ومزدوجي الجنسية، هدفها الحفاظ على «الهوية الوطنية، وتحقيق الاستقرار، وحماية النسيج الوطني»، وتنقية السجلات ممن اكتسبوا الجنسية بطرق غير مشروعة.