حثّ الشيخ الدكتور يوسف بن سعيد عضو هيئة كبار العلماء السعودية في خطبة عرفة التي ألقاها، الثلاثاء، في مسجد نمرة بمشعر عرفات المسلمين، على «تقوى الله تعالى بطاعته، والتزام شرعه وحفظ حدوده ليكونوا من المصلحين الفائزين في الدنيا والآخرة».
وأكد بن سعيد أن «من حفظ حدود الله، عدم صرف شيء من العبادات لغير الله»، مشيراً إلى «أن من كان من أهل التوحيد كان من أهل الهداية، وكانت له النجاة والعاقبة الحميدة»، ولفت النظر إلى أن مما جاء في خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في الحج: «يا أيها الناس إن ربكم واحدٌ وإن أباكم واحدٌ ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى ألا بلغت، إن الله حرم بينكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا».
وشدّد على أن «اختلاف اللغات والألوان والأعراق ليس مبرراً للاختلاف والنزاع، بل هو آية من آيات الله في الكون»، وقال: «إن مما تتابعت النصوص على تأكيده الأمر بالاجتماع والمحبة والتآلف والنهي عن التنازع والتفرق والاختلاف».
وأفاد خطيب عرفة بأن في «اجتماع الكلمة صلاحا للدين والدنيا وتحقيقا للمصالح وزوالا للمفاسد، وحصولا للتعاون على البر والتقوى، ويُنصر الحق ويُدحر الباطل، ويغتاظ الأعداء وتحبط مساعي الحاقدين والمتربصين»، لافتاً الانتباه إلى أنه «متى تفرقت الكلمة دخلت الأهواء والضغائن وتضادت الإرادات فسفك الدم الحرام، واستحل المال المعصوم وانتهكت الحرمات، وصعُب على الأمة الرقي في حياتها وعسُر الالتزام بالطاعات»، مستشهداً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».
وأشار إلى «أمر الله للمسلمين عند النزاع بالرجوع للكتاب والسنة»، مستدلاً بقوله تعالى: «فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً».
ونبه بن سعيد إلى «أن الشريعة نهت عن الانسياق وراء الإشاعات والأراجيف التي يقصد منها تفريق الصف»، وقال: «ومن هنا يُحذر المؤمنون من الحملات المغرضة بمختلف وسائلها وأساليبها الموجهة لتفريق الكلمة، وتأليب بعض المجتمع على بعضه، كما جعل الله عدداً من الطاعات تؤدى بشكل جماعي كما في اجتماعكم اليوم على صعيد عرفات، ومثل اجتماعكم في صلاة الجمعة والجماعة».
ولفت النظر إلى أن التأكيد «جاء بوجوب السمع والطاعة لولاة الأمر لتحقيق مقصد اجتماع الكلمة»، مستدلاً بقول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)، ودعا حجاج بيت الله الحرام إلى التفرغ للذكر والدعاء.
من جهة أخرى، أكد الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس الرئيس العام لـ«شؤون الحرمين»، نجاح مشروع الترجمة الفورية لخطبة عرفة بعشرين لغة عالمية وهي: الإنجليزية، والفرنسية، والأوردية، والألمانية، والإسبانية، والإندونيسية، والبنغالية، والمالايامية، والأمهرية، والهاوسا، والتركية، والروسية، والصينية، والفارسية، والتاميلية، والفلبينية، والبوسنية، والسواحلية، والهندية، والسويدية.
وأوضح السديس أن الرئاسة، قامت ببث خطبة يوم عرفة من خلال منصة وتطبيق «منارة الحرمين»، وعبر ترددات البث الإذاعية بالمشاعر المقدسة، باستخدام أحدث أجهزة البث التي تبث هذه الترددات من جوار المسجد الحرام للعالم كافة، مبيناً أن المشروع: «يعكس جهود السعودية في إيصال رسالة الحرمين الشريفين ومنبر عرفة إلى العالم أجمع».