في أجواء روحانية وخشوع وتهليل، يتضرع أكثر من مليوني حاج وحاجة، يقفون على صعيد عرفات، بالدعاء إلى الله مرددين «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك»، هكذا كانت أصوات الحجاج حين صعودهم جنبات «جبل الرحمة» في مشعر عرفات، اليوم، رافعين أكفهم بالدعوات تسبقها الدموع والأمنيات، ليستعدوا بعد غروب الشمس بالنفرة إلى مشعر مزدلفة والمبيت فيها.
«لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبيك» تلبية تبرز عظمة الدين الإسلامي الحنيف الذي شرع التآلف والتكاتف، بين حجاج بيت الله، وهم يجتمعون في هذه الرحلة الإيمانية.
تلبية تجمع أفئدة الحجيج من أقطار العالم وهم على صعيد عرفات، استجابة لنداء الرحمن لنبيه إبراهيم الخليل عليه السلام «وأذِّن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق»، ليؤدوا فريضة حجهم، الركن الخامس من أركان الإسلام.
«لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك»، يستشعر الحاج وهو يرددها معاني الإيمان والتوحيد والشعور بفضل الله جل علاه وامتثال أوامره وتفرده بالملك.
ويلتجئ الحجيج في تلبيتهم إلى خالقهم بقلوب يملأها الإيمان والخشوع والرجاء والخوف والطمأنينة، طلباً للرحمة والمغفرة، في هذا اليوم، أفضل يوم طلعت عليه الشمس، والذي بصيامه يكفر الله لغير الحاج السنة الماضية والسنة الباقية، اليوم، الذي أكمل الله به الدين، وأتم علينا نعمته، ورضي لنا الإسلام ديناً.
وبدأ حجاج بيت الله الحرام مع إشراقة صباح هذا اليوم الثلاثاء التاسع من شهر ذي الحجة لعام 1444هـ، بالتوجه إلى صعيد عرفات الطاهر مفعمين بأجواء إيمانية يغمرها الخشوع والسكينة، وتحفهم العناية الإلهية، ملبين متضرعين داعين الله عز وجل أن يمن عليهم بالعفو والمغفرة والرحمة والعتق من النار.
وواكبت قوافل ضيوف الرحمن إلى مشعر عرفات الطاهر متابعة أمنية مباشرة يقوم بها أفراد مختلف القطاعات الأمنية التي أحاطت طرق المركبات ودروب المشاة لتنظيمهم حسب خطط تصعيد وتفويج الحجيج إلى جانب إرشادهم وتأمين السلامة اللازمة لهم.
وبعد غروب الشمس، يتوجّه الحجّاج إلى مزدلفة، في منتصف الطريق بين عرفات ومنى، ليناموا في الهواء الطلق، قبل بدء رمي الجمرات غداً (الأربعاء) أول أيام عيد الأضحى.