يتوجه الناخبون الكويتيون، الثلاثاء، إلى صناديق الاقتراع لانتخاب أعضاء مجلس الأمة، في فصله التشريعي السابع عشر (أمة 2023)، وسط ترقب لما تسفر عنه نتائج هذه الانتخابات؛ للخروج من حالة التأزم السياسي التي مرّت بها البلاد، وأدت فعلياً إلى قيام ثلاثة مجالس تشريعية خلال السنوات الأربع الأخيرة.
ويختار الناخبون الذين يحق لهم التصويت وعددهم 793.646 شخصاً، خمسين نائباً، من بين 207 مرشحين، بينهم 15 سيدة في عملية اقتراع تجري وفق نظام الصوت الانتخابي الواحد.
معركة الرئاسة
وقبيل الصمت الانتخابي جهد المرشحون لإيصال رسائلهم إلى الرأي العام. وتعددت الرسائل بين خطاب موجّه لإقناع الناخبين، وآخر لبناء التحالفات داخل المجلس.
وتشهد هذه الانتخابات مشاركة قطبين بارزين، هما: رئيس مجلس الأمة الأسبق أحمد السعدون (الدائرة الثالثة)، الذي يقترب من الـ90 عاماً، وانتُخِب رئيساً للمجلس للمرة الأولى في 1985، وبعد تحرير الكويت، وعودة «مجلس الأمة»، عاد السعدون عضواً ورئيساً للمجلس في 1992 و1996. وفي 1999، تمكّن رجل الأعمال الراحل جاسم الخرافي من الفوز على السعدون حتى عام 2012، حيث عاد السعدون رئيساً للمجلس. وقاطع السعدون الانتخابات في عام 2012، معلناً أنه لن يخوض انتخابات الصوت الواحد، لكنه شارك في انتخابات 2022 وحصل على رقم قياسي من الأصوات بلغ أكثر من 12 ألف صوت، وأصبح رئيساً للمجلس حتى إبطاله بحكم المحكمة الدستورية.
والقطب الآخر هو: مرزوق الغانم الذي كان رئيساً لمجلس الأمة منذ عام 2013 وأعيد انتخابه رئيساً للمجلس في عام 2016 حتى 11 ديسمبر (كانون الأول) 2020، وانتُخب مجدداً رئيساً لمجلس الأمة في 15 ديسمبر 2020 وحتى حُلّ المجلس في 2 أغسطس (آب) 2022، ثمّ عاد مُجدداً لرئاسة مجلس الأمة في 19 مارس (آذار) 2023 بعد إبطال مرسوم حل المجلس، حتى حل المجلس مرة أخرى في الأول من مايو (أيار) الحالي.
معركة الرئاسة بدأت تتكشف، بحرص كل طرف على دعم حلفائه في الوصول للقبة البرلمانية، كما في تقديم خطاب يتسم بالتهدئة تجاه الحكومة، رغم أنها أعلنت حيادها في الانتخابات السابقة بشأن منصب رئيس مجلس الأمة، وهي تمتلك 15 صوتاً داخل المجلس هم الوزراء الأعضاء بحكم مناصبهم.
الخروج من الأزمة
وخلال أربع سنوات، تمّ حلّ البرلمان مرتين وإبطال المجلس المنتخب في العام 2022 بحكم المحكمة الدستورية.
وشهدت الكويت مواجهات حادة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، أدت إلى تعطيل تشريع قوانين الإصلاح الاقتصادي، وساهمت في فرض الجمود على الحياة السياسية. ودعا ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الصباح، إلى التغيير، بعد أن قرر حل مجلس الأمة، وقال إن هذا الحل جاء «تصحيحاً للمشهد السياسي، وما فيه من عدم توافق وصراعات». وفي يونيو 2022، قال ولي العهد: «لا تضيعوا فرصة تصحيح المسار؛ حتى لا نعود إلى ما كنا عليه».
وحملت الانتخابات البرلمانية السابقة (أمة 2022) التي أجريت في سبتمبر (أيلول) 2022، شعار «تصحيح المسار»، لكن التنافر بين السلطتين سرعان ما تصدر المشهد السياسي.
وتأتي هذه الانتخابات، بعد حلّ مجلس الأمة 2020 المعاد بحكم المحكمة الدستورية حلاً دستورياً. وكانت المحكمة الدستورية أصدرت في 19 مارس الماضي، حكماً ببطلان انتخابات مجلس الأمة الكويتي 2022، وعودة رئيس وكامل أعضاء مجلس الأمة السابق (مجلس 2020)، الذي سبق حله في 2 أغسطس 2022.
ولم تكن تلك المرة الأولى التي تبطل المحكمة الدستورية في الكويت مجلساً منتخباً وتعيد مجلساً تم حله بمرسوم، بسبب شوائب دستورية؛ فقد سبق أن أصدرت المحكمة، في عام 2012، حكماً مشابهاً بإبطال الانتخابات، وبالتالي «مجلس الأمة» المنتخَب، الذي كانت تهيمن عليه المعارضة، وعودة المجلس السابق. حيث حكمت المحكمة الدستورية في 20 يونيو (حزيران) 2012 ببطلان حل مجلس الأمة (2009) وإجراءات الدعوة إلى انتخابات «مجلس 2012». وبذلك قضت بعودة «مجلس 2009» والنواب الممثلين فيه للانعقاد وفق الأطر الدستورية.
ومنذ أول تشكيل لمجلس الأمة في العام 1963 بعد الاستقلال وإعلان الدستور، خاضت الكويت 19 دورة انتخابات برلمانية، 13 من بينها تمت بعد الغزو العراقي للكويت (1990)، كما تعرّض مجلس الأمة لنحو 11 حالة حلّ، إما بمرسوم أميري أو بقرارات قضائية، منها حالتا حلّ غير دستوري (1976 و1986)، حيث تمّ حل المجلس بشكل غير دستوري، وتوقف العمل ببعض مواد الدستور.
وتم إبطال 3 مجالس منتخبة بحكم المحكمة، كانت الحالة الأولى في يونيو 2012، ثم في فبراير (شباط) 2013، ثم مجلس 2012.
أفراد وكتل
ويتسابق في الفوز بعضوية المجلس المقبل 207 مرشحين، بينهم 15 سيدة، تمثل الوجوه الجديدة غالبية المترشحين، في حين يبلغ عدد النواب السابقين الذين يخوضون السباق 72 مرشحاً سبق أن دخلوا القبة البرلمانية.
ورغم أن الانتخابات تقوم على التصويت الفردي للمرشحين، فإن عدداً من الكتل السياسية قدمت مرشحين باسمها. وتشاركت ما تعرف بـ«مجموعة السبعة» وهي تكتل نيابي سابق بمرشحيها السبعة: حمد المدلج، وأسامة الزيد، وفلاح ضاحي الهاجري، وشعيب علي شعبان، وشعيب المويزري، وعبد الله فهاد العنزي، وسعود العصفور.
كذلك تعود «كتلة الأربعة» التي يمثلها الدكتور حسن جوهر، ومهلهل المضف، وعبد الله المضف ومهند الساير، في حين سجل شريكهم السابق (بدر الملا) الذي أصبح وزيراً للنفط قبل أن يستقيل ليسجل في هذه الانتخابات عن الدائرة الثانية.
ويخوض ثلاثة مرشحين مقربين من «حركة العمل الشعبي» (حشد)، التي يتزعمها النائب السابق مسلّم البراك، هم: باسل البحراني، ومتعب عايد الرثعان، ومحمد مساعد الدوسري.
ويشارك مرشحان من «المنبر الديمقراطي»، هما: محمد جوهر حيات، وعزام بدر العميم.
ورشحت «الحركة الدستورية الإسلامية» (إخوان مسلمين - حدس) أربعة مرشحين، هم: أسامة الشاهين، وحمد المطر، وعبد العزيز الصقعبي، ومعاذ مبارك الدويلة. بينما يخوض المنافسة كذلك مرشحان مقربان منها، هما: علي الكندري، وبدر العنزي.
ولـ«التجمع السلفي» ثلاثة مرشحين، هم: فهد المسعود، وحمد العبيد، ومبارك الطشة. بالإضافة إلى مرشحَين سلفيين، أحدهما قريب من «التجمع» هو فايز غنام الجمهور، والآخر يمثل «تجمع ثوابت الأمة» محمد هايف المطيري.
وبالنسبة إلى «التآلف الإسلامي» (شيعي) فيخوض الانتخابات بثلاثة مرشحين: أحمد لاري، وعبد الله غضنفر، وهاني شمس. كما أعلن تجمع «العدالة والسلام» (شيعي) عن ترشيح النائبين السابقين: صالح عاشور، وخليل الصالح.
رقابة
وتواصل الحكومة منذ الانتخابات السابقة حشد طاقتها لمنع الانتخابات الفرعية ومكافحة توظيف المال السياسي، وكذلك منع نقل الأصوات بين الدوائر.
كما أعلنت وزيرة الشؤون الاجتماعية وشؤون المرأة والطفولة، مي البغلي، موافقة مجلس الوزراء على السماح للجمعية الكويتية لمتابعة وتقييم الأداء البرلماني، وجمعية النزاهة الكويتية، وجمعية الصحافيين الكويتية، وجمعية الشفافية الكويتية بالمشاركة في الإشراف على إجراءات ومتابعة سير عملية الانتخاب لتحقيق أعلى معايير الشفافية، ودعماً لدور وشراكة منظمات المجتمع المدني في العملية الديمقراطية.
ويشارك 50 إعلامياً من دول العالم في تغطية هذه الانتخابات.
وجهزت وزارة العدل 759 لجنة انتخابية موزعة على 118 مدرسة في جميع المحافظات؛ إذ يبلغ عدد اللجان الانتخابية في الدائرة الأولى 93 لجنة، وفي الدائرة الثانية 91 لجنة، والثالثة 135 لجنة، والرابعة 201 لجنة والخامسة 239 لجنة.