موظفو الطرق في صنعاء... من مهندسين وعمال إلى مجندين للقتال

80 % من الشوارع خارج الخدمة... والسبب غياب أعمال الصيانة

أخضع الحوثيون موظفي مؤسسة الطرق في صنعاء لدورات عسكرية (إعلام حوثي)
أخضع الحوثيون موظفي مؤسسة الطرق في صنعاء لدورات عسكرية (إعلام حوثي)
TT

موظفو الطرق في صنعاء... من مهندسين وعمال إلى مجندين للقتال

أخضع الحوثيون موظفي مؤسسة الطرق في صنعاء لدورات عسكرية (إعلام حوثي)
أخضع الحوثيون موظفي مؤسسة الطرق في صنعاء لدورات عسكرية (إعلام حوثي)

دفع انقطاع الرواتب، واتساع رقعة الفقر في مناطق سيطرة الحوثيين، موظفي مؤسسة الطرق إلى الانخراط في التجنيد للقتال مع الجماعة، بعد أن كانوا مهندسين وعمالاً، مهمتهم الأولى صيانة الطرق التي بات 80 في المائة منها خارج الخدمة جراء عدم الصيانة.

وأثار احتفاء جماعة الحوثي، أخيراً، بما سمته «تخرج دفعة من المقاتلين من منتسبي مؤسسة الطرق»، الخاضعة لسيطرتها في صنعاء، موجة غضب في الأوساط اليمنية، التي اتهمت الجماعة باستغلال أحداث غزة لمواصلة استغفال اليمنيين وخداعهم عبر تحشيدهم بمختلف الأساليب إلى جبهات القتال.

موظفون في صنعاء أخضعتهم الجماعة حديثاً لتلقي دورات قتالية (إعلام حوثي)

ويقول صادق، وهو اسم مستعار لأحد المهندسين اليمنيين في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، إن قيادات الجماعة الحوثية تركّز جل اهتمامها حالياً على كيفية تكثيف حملات التجنيد في أوساط الموظفين العموميين، ومنهم منتسبو مؤسسة وصندوق الطرق وفروعها بالمحافظات، مستغلة انقطاع رواتبهم وحاجتهم.

85 مقاتلاً

احتفت الجماعة في صنعاء بتخريج 85 مقاتلاً من منتسبي مؤسسة الطرق (ذات الطابع المدني)، بعد أن أخضعتهم على مدى 3 أسابيع لتلقي دورات تدريبية على مختلف فنون القتال، في إطار ما تسميه الجماعة «الاستعداد والجاهزية لمعركة تحرير فلسطين ونصرة قطاع غزة». حد زعمها

وأعلنت قيادات حوثية تدير مؤسسة الطرق في صنعاء، أن الدورة العسكرية الأولى، سيعقبها لاحقاً تنفيذ دورات أخرى يخضع فيها الموظفون في مؤسسة الطرق وفروعها في بقية المحافظات لدورات قتالية.

في سياق ذلك، كشفت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن اعتزام الجماعة إخضاع مسؤولي وموظفي ومنتسبي مؤسسات الكهرباء والطاقة والمياه والصرف الصحي والاتصالات، وهيئات ومؤسسات حكومية أخرى، لتلقي دورات قتالية مشابهة.

شوارع رئيسية في صنعاء تتعرض للإهمال والتدمير (فيسبوك)

ومع تجاهل ما تُسمى «المؤسسة العامة للطرق» و«صندوق صيانة الطرق»، الخاضعَين للجماعة، لمعاناة اليمنيين جراء تدهور الطرق، تقوم هاتان الجهتان بتخصيص الأموال في كل مناسبة لإقامة الاحتفالات التي تدعو لها الجماعة، وتحشيد مزيد من المقاتلين إلى مختلف الميادين.

واشتكى موظفون في المؤسسة شاركوا في الدورة الحوثية، لـ«الشرق الأوسط» من إلزام الجماعة لهم بالمشاركة قسراً في دورات عسكرية ليست لها علاقة بالمشكلات والهموم المتعلقة بقطاع الطرق، الذي أصاب معظمه التهالك والدمار منذ السنوات التي أعقبت الصراع.

ويشير باسم، وهو اسم مستعار لأحد موظفي الطرق في صنعاء، إلى أن الحوثيين ركزوا اهتمامهم في الدورة العسكرية على الجانب القتالي، وكيفية استخدام الأسلحة والتعامل في أثناء اندلاع المعارك، بعيداً عن طبيعة عمل هؤلاء الموظفين.

تدريب موظفين بصنعاء على فنون القتال في ساحة مؤسسة حكومية (إعلام حوثي)

وأدى تهالك ما يزيد على 80 في المائة من الطرق الرئيسية الرابطة بين المحافظات اليمنية الخاضعة للجماعة الحوثية، وتلك الواقعة داخل عواصم المدن، إلى تسجيل الآلاف من حالات الوفاة والإصابة من مختلف الفئات والأعمار جراء الحوادث المرورية.

مشاركة بالإكراه

يؤكد توفيق، وهو اسم مستعار لاسم مهندس طرق لـ«الشرق الأوسط» أنه شارك في الدورة القتالية الحوثية مكرهاً، مرجعاً ذلك إلى تخوفه الكبير من قيام الجماعة باتخاذ قرار الفصل النهائي بحقه حال رفضه، وأكد أنه وزملاءه خضعوا لدروس وبرامج تعبوية يلقيها معممون تم استقدامهم من صعدة معقل الجماعة، في سياق ما يُسمى «التحشيد والتعبئة الحوثية» لمواجهة الأعداء من دول الغرب وإسرائيل.

وقال إن غالبية برامج تلك الدورة تركزت بالأساس على التحريض ضد اليمنيين في المحافظات تحت سيطرة الحكومة الشرعية، وأهمية تحشيد المقاتلين الجدد من أجل تحريرها واستعادتها من أيدي مَن تصفهم الجماعة بـ«الأميركيين والإسرائيليين».

وخلال الأشهر الأخيرة، تصاعدت في مناطق سيطرة الحوثيين المطالب بصرف الرواتب، وتحميل الجماعة المسؤولية عن عرقلة الحلول وافتعال مزيد من الصراعات، وأهمها ما يحصل الآن في البحر الأحمر وخليج عدن، إلى جانب اتهامها بجني 3 أضعاف ما تجنيه الحكومة الشرعية من الموارد، وتخصيص كل ذلك للإنفاق الحربي، والصرف على قادة الجماعة والمنتمين إلى السلالة الحوثية.

يكثف الحوثيون من حملات التجنيد في أوساط الموظفين الحكوميين في صنعاء (إعلام حوثي)

وكانت دراسة يمنية اتهمت جماعة الحوثي بإغلاق وتدمير وتقطيع أوصال الطرق والجسور بين المحافظات، الأمر الذي خلق معوقات وصعوبات كبيرة ومكلفة، وتعقيدات طويلة على حركة السفر وانتقال المواطنين وحركة انتقال شاحنات البضائع.

وذكرت الدراسة، التي أعدها مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي (منظمة يمنية)، أن الانقلاب أثّر في البنية التحتية لقطاع النقل بشكل كبير، وأدى إلى تضرر الطرقات والجسور والموانئ والمطارات، وتعرّض ما نسبته 29 في المائة من إجمالي شبكة الطرق داخل المدن لدرجة عالية من الضرر، وأكثر من 500 كيلومتر لدمار كلي، مشيرة إلى تقديرات عن خسائر بمليارات الدولارات في هذا القطاع الحيوي.


مقالات ذات صلة

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

المشرق العربي مجموعة من الشبان اليمنيين المجندين في معسكر تدريب روسي يرفعون العلم اليمني (إكس)

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

تنشط شبكة حوثية لتجنيد شبان يمنيين للقتال ضمن الجيش الروسي في أوكرانيا، من خلال إغرائهم بالعمل في شركات أمن روسية برواتب مجزية وتتقاضى آلاف الدولارات عن كل شاب.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.