يمنيون يطالبون بحماية الأطفال من التجنيد

اتهامات للحوثيين بتجنيد المئات من صغار السن

من فعالية إطلاق تقرير «الأطفال المحاربون» (منظمة ميون لحقوق الإنسان)
من فعالية إطلاق تقرير «الأطفال المحاربون» (منظمة ميون لحقوق الإنسان)
TT

يمنيون يطالبون بحماية الأطفال من التجنيد

من فعالية إطلاق تقرير «الأطفال المحاربون» (منظمة ميون لحقوق الإنسان)
من فعالية إطلاق تقرير «الأطفال المحاربون» (منظمة ميون لحقوق الإنسان)

بينما تخشى العائلات اليمنية في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحوثيين من تجنيد أطفالها بعد توقف الدراسة بسبب إضراب المعلمين المطالبين برواتبهم المتوقفة منذ 7 أعوام، حذرت تقارير حقوقية من استمرار جرائم استقطاب صغار السن للقتال، وطالبت بآليات دولية لحمايتهم.

وتؤكد مصادر يمنية في العاصمة صنعاء أن جماعة الحوثي استقطبت مئات الأطفال خلال الأسابيع الماضية للمشاركة في العرض العسكري الذي نظمته بمناسبة الذكرى التاسعة للانقلاب، وأغرت الكثير منهم بالحصول على مستحقات مالية، والحصول على رواتب دائمة في حال القبول بالتجنيد لصالح الجماعة.

تستمر جماعة الحوثي بتجنيد الأطفال رغم الهدنة وتوقف العمليات العسكرية (أ.ب)

وتقول المصادر إن حملة تجنيد واسعة بدأها الحوثيون خلال الأسابيع الماضية في أوساط الشباب والأطفال، حيث تشهد محافظة حجة نشاطاً واسعاً في عمليات التجنيد التي شارك في إدارتها زعماء القبائل في الأرياف ومسؤولو الأحياء في المدن، في حملة أطلقت عليها الجماعة اسم التجنيد المؤقت.

وذكرت المصادر في المحافظة أن الأطفال والشباب الذين يجري تجنيدهم ينقلون إلى معسكرات خاصة في محافظتي صنعاء وعمران، حيث ينقطع التواصل بينهم وأهاليهم، مشيرة إلى أن من جرى استدعاؤهم كانوا قد تلقوا دورات تدريبية سابقة، وشاركوا في بعض المهام وبينها عروض عسكرية.

الأطفال المحاربون

مع استمرار الجماعة الحوثية في تجنيد الأطفال، أطلقت منظمة «ميون» لحقوق الإنسان في اليمن تقريراً حول من أطلقت عليهم «الأطفال المحاربون»، وهو التقرير الثاني من نوعه الذي تطلقه المنظمة في هذا الشأن.

ويشمل التقرير المدة من يوليو (تموز) 2021 وحتى ديسمبر (كانون الأول) 2022، حيث تحققت المنظمة من تجنيد 2233 طفلاً لاستخدامهم بشكل مباشر في النزاع المسلح.

وأوضحت المنظمة أن الحوثيين مسؤولون عن 98.9 في المائة من عمليات تجنيد الأطفال واستخدامهم في جبهات القتال، بينما تتحمل الحكومة اليمنية والمكونات الموالية لها المسؤولية عن تجنيد 24 طفلاً، بنسبة 1.1 في المائة.

تعرض مئات الأطفال المجندين من قبل الحوثيين للقتل أو الإعاقة خلال المعارك (إ.ب.أ)

وتلقت المنظمة خلال فترة إعداد التقرير بلاغات عن تجنيد 25 طفلاً من عائلات المهاجرين الأفارقة، وتحققت من 4 وقائع في محافظتي صنعاء وحجة، مشيرة إلى أن 556 طفلاً قُتلوا في صفوف جماعة الحوثي وهم يحملون رتباً عسكرية، بينما يحمل 753 آخرون صفة جندي، وذلك من إجمالي 1309 أطفال رصدت مقتلهم، بينهم طفل صومالي الجنسية.

وحصلت المنظمة على معلومات عن إصابة وتشويه 351 طفلاً من إجمالي المجندين لصالح جماعة الحوثي، لافتة إلى أنها لمست انخفاضاً في عدد الضحايا الأطفال الذين جندتهم جماعة الحوثي في صفوفها خلال فترة الهدنة الأممية التي بدأت في أبريل (نيسان) 2022، وجرى تمديدها إلى مرحلتين، رغم أن الجماعة لم تتوقف عن الحشد والتعبئة والاستقطاب خلال تلك الفترة.

دعوة للحماية

تستغل الجماعة الحوثية الظروف المعيشية والاقتصادية للأطفال وأسرهم، وفق منظمة «ميون»، إضافة إلى انتهاج التلقين العقائدي وخطاب الكراهية عبر الإعلام الرسمي والأهلي ومواقع التواصل الاجتماعي، والسيطرة التامة على المؤسسات التعليمية والمؤسسات الدينية، وتنظيم المراكز الصيفية، واستخدام الحيلة والاختطاف وممارسة الضغوط على زعماء القبائل والمشايخ والأعيان.

تعد المراكز الصيفية التي تنظمها جماعة الحوثي أحد أهم المواسم لتجنيد الأطفال (إعلام حوثي)

ودعت المنظمة إلى الالتزام الكامل بالاتفاقات الدولية التي صادقت عليها الجمهورية اليمنية، والتوقف الفوري عن تجنيد الأطفال والتسريح الفوري لكل الأطفال الذين جرى إشراكهم في النزاع المسلح، ومحاسبة كل الكيانات والأفراد والقيادات المدنية والعسكرية المسؤولة عن تجنيد الأطفال قضائياً.

وطالبت بإعادة التأهيل النفسي والاجتماعي للأطفال المجندين قبل إعادتهم إلى مجتمعاتهم، لما لمشاركتهم في القتال من تأثير في نفسياتهم، وما قد تؤدي إليه من أعمال عنف في مجتمعاتهم وعائلاتهم، وحثت على تشكيل فرق عمل مشتركة مع الأمم المتحدة والمجتمع المدني لحصر وتوثيق وتسريح جماعي للأطفال المجندين في صفوف جماعة الحوثي.

وشددت على ضرورة توقف الحوثيين عن حملات التعبئة والحشد والتجنيد المستمرة حتى الآن، والانتقال إلى برنامج تسريح وإعادة التأهيل النفسي والاجتماعي للأطفال المجندين، ودمجهم في المجتمع بخطوات تستند إلى المعايير الدولية، والإعلان عن ذلك على مختلف وسائل الإعلام.

تفعيل الآليات الوطنية

ضمن الحراك اليمني الحقوقي أقامت منظمة «رصد» لحقوق الإنسان، ومعها «التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان» ندوة حول الانتهاكات الستة الجسيمة للأطفال في اليمن، وآليات المساءلة والحماية الدولية، وقراءة مدى التزام أطراف الصراع بتعهداتها وبالمواثيق التي صادق عليها اليمن، والعرف الدولي الإنساني الذي يحتم على الجميع بذل أقصى درجات الحماية للمدنيين بمن فيهم الأطفال، إلى جانب عرض مقتضيات الحماية القانونية الدولية للأطفال.

ووفقاً للناشط الحقوقي مطهر البذيجي المدير التنفيذي لـ«تحالف رصد» فإن الندوة هدفت إلى تقديم رؤى وتصورات حول إنهاء عمليات تجنيد الأطفال ومختلف الانتهاكات التي لحقت بالأطفال خلال النزاع، وماهية الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال المتأثرين بالنزاع في اليمن، سواء من المجندين للقتال أو من طالتهم الأعمال العدائية على المدنيين والأطفال النازحين.

تطالب المنظمات المحلية بحماية الأطفال من آثار الحرب وتفعيل آليات وطنية ودولية لحمايتهم (رويترز)

وتحدث البذيجي لـ«الشرق الأوسط» عن خطورة بقاء الأطفال المتأثرين بالنزاع دون تأهيل نفسي واجتماعي، حيث يفتقر هؤلاء لأي دعم خلال فترة الحرب المستمرة منذ 9 أعوام، وذلك بسبب ضعف التمويل الخاص بإعادة التأهيل، وعدم مقدرة المجتمع المدني في اليمن على توفير الإمكانات اللازمة لذلك.

وتعرضت الندوة إلى الآليات الوطنية لحماية الأطفال في اليمن من الانتهاكات التي طالتهم بسبب النزاع، ومنها المجلس الأعلى للقضاء والمجلس الأعلى للأمومة والطفولة ووزارة حقوق الإنسان واللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان، وهي الجهات التي لم تتمكن بسبب الحرب من ممارسة دورها الفاعل في هذا الشأن.

وتوصلت الندوة إلى حاجة اليمن الماسّة إلى آلية تحقيق دولية في انتهاكات حقوق الأطفال خصوصاً تلك المتعلقة بالأطفال، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم، واستمرارية الرصد والتوثيق لانتهاكات حقوق الإنسان.


مقالات ذات صلة

تغيير أسماء مدارس يمنية إلى أخرى طائفية

العالم العربي الحوثيون يجبرون طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات تمجد زعيمهم (إعلام حوثي)

تغيير أسماء مدارس يمنية إلى أخرى طائفية

أقدمت الجماعة الحوثية على تغيير أسماء مدارس حكومية في صنعاء ومناطق أخرى ضمن عملية تجريف ممنهجة تستهدف أسماء ما تبقى من المدارس العمومية لفرض هوية طائفية.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي برامج البنك الدولي تساهم في التوعية بمخاطر التغير المناخي في اليمن (البنك الدولي)

تدهور الأراضي الزراعية في اليمن... ونصف مليون نازح بسبب المناخ

حذّر اليمن من تدهور الأراضي الزراعية بمعدل مقلق، بالتوازي مع إعلان أممي عن نزوح نصف مليون شخص خلال العام الحالي بسبب الصراع والتغيّرات المناخية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي الحوثيون كثفوا حملات الاعتقال في أوساط الموظفين الإغاثيين بمناطق سيطرتهم (أ.ف.ب)

اليمن ينتقد موقف «حقوق الإنسان» من انتهاكات الحوثيين

وجَّهت الحكومة اليمنية انتقادات غير مسبوقة لما وصفته بالموقف «الباهت» للمفوضية السامية لحقوق الإنسان تجاه اختطاف الحوثيين للموظفين الأمميين والإنسانيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي تفشي الكوليرا في اليمن استدعى تنفيذ حملة طارئة لتحصين السكان (إعلام حكومي)

اليمن يطلق حملة لتحصين 3 ملايين شخص ضد الكوليرا

للحد من تصاعد الإصابات بالكوليرا، أطلقت وزارة الصحة العامة والسكان في اليمن حملة لتحصين أكثر من 3 ملايين شخص، بالتعاون مع منظمتي «الصحة العالمية» و«اليونيسيف».

محمد ناصر (تعز (اليمن))
المشرق العربي زعيم الحوثيين تجاهل الأحداث المتسارعة في سوريا وتطورات الشأن اللبناني (إ.ب.أ)

زعيم الحوثيين يتحاشى أحداث سوريا ويعوّل على الفصائل العراقية

تجاهل زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي في أحدث خطبه الأسبوعية الأحداث المتسارعة في سوريا والشأن اللبناني، مكتفياً بالحديث عن تنسيق جماعته مع الفصائل العراقية.

علي ربيع (عدن)

تغيير أسماء مدارس يمنية إلى أخرى طائفية

الحوثيون يجبرون طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات تمجد زعيمهم (إعلام حوثي)
الحوثيون يجبرون طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات تمجد زعيمهم (إعلام حوثي)
TT

تغيير أسماء مدارس يمنية إلى أخرى طائفية

الحوثيون يجبرون طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات تمجد زعيمهم (إعلام حوثي)
الحوثيون يجبرون طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات تمجد زعيمهم (إعلام حوثي)

أقدمت الجماعة الحوثية على تغيير أسماء مدارس حكومية في العاصمة المختطفة صنعاء، ومناطق أخرى، ضمن عملية تجريف ممنهجة تستهدف ما تبقى من المدارس العمومية لفرض هوية ذات طابع طائفي.

وتمثل آخر استهداف في تغيير الجماعة اسم مدرسة «خولة بنت الأزور» الكائنة بمنطقة «حزيز» جنوب صنعاء، إلى اسم مدرسة «الشهيد القائد»؛ في إشارة إلى مؤسس الجماعة حسين الحوثي.

الجماعة الحوثية متهمة بارتكاب انتهاكات ضد التعليم ومنتسبيه بمناطق سيطرتها (إكس)

وذكرت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الاستهداف الحوثي لاسم المدرسة جاء بعد استكمال إعادة ترميم سور المدرسة و18 فصلاً دراسياً تابعاً لها على نفقة منظمات دولية معنية بدعم قطاع التعليم اليمني.

واتهمت المصادر القيادي حمود حسام الدين المُعين من قبل الجماعة مديراً للمدرسة وقادة حوثيين آخرين بالوقوف خلف تغيير اسم المدرسة ومدارس أخرى، بالإضافة إلى ارتكابهم على مدى سنوات ماضية جملة من الانتهاكات بحق التعليم ومنتسبيه بتلك المنطقة ومناطق أخرى مجاورة.

استهداف مستمر

كانت الجماعة الحوثية أطلقت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أسماء جديدة ذات صبغة طائفية على نحو 4 مدارس حكومية في كل من صنعاء والمحويت، في إطار حملة تهدف لاستكمال «حوثنة» المجتمع وتاريخه.

كما غيرت الجماعة الحوثية اسم مدرسة «صلاح الدين» في مديرية معين بصنعاء إلى اسم مدرسة «الحوراء»، بالتزامن مع تغيير اسم مدرسة «أبو نشوان» في مدينة شبام كوكبان بمحافظة المحويت إلى مدرسة «حسن نصر الله»، الزعيم السابق لـ«حزب الله» اللبناني.

مدرسة حكومية في صنعاء غيّر الحوثيون اسمها (فيسبوك)

وسبق ذلك بفترة وجيزة، قيام الجماعة وفي سياق استهدافها الرموز اليمنية ومناضلي الثورة والجمهورية بتغيير اسم مدرسة «علي عبد المغني» في مديرية الوحدة بصنعاء، وهو أحد أبرز مفجري ثورة 26 سبتمبر (أيلول) عام 1962 ضد الحكم الإمامي إلى اسم طائفي.

ولقيت عملية التغيير لأسماء المدارس رفضاً واسعاً من قِبل الأهالي وأولياء الأمور والناشطين اليمنيين، الذين استنكروا إمعان الجماعة في استهداف المدارس والطلبة والعاملين التربويين بالتجنيد الإجباري والإرغام على تقديم التبرعات النقدية دعماً للمجهود الحربي وتنظيم المناسبات، وكذا إجبارهم على المشاركة بدورات تعبوية.

تجريف منظم

تحدثت مصادر تربوية يمنية لـ«الشرق الأوسط»، عن تجريف حوثي منظم استهدف على مدى ما يزيد على عامين ماضيين نحو 23 مدرسة في صنعاء وريفها وإب وريمة وحجة، من خلال تغيير أسمائها إلى اسم مؤسس الجماعة حسين الحوثي.

وفي مطلع العام الماضي، غيرت الجماعة الانقلابية اسم مدرسة «ابن تيمية» في محافظة إب، إلى اسم مدرسة «الشهيد القائد»، في إشارة إلى مؤسس الجماعة.

كما غيرت الجماعة اسم مدرسة «عبد العزيز عبد الغني» في مديرية بني الحارث في ريف صنعاء، إلى اسم مدرسة «شهيد القرآن»، في إشارة إلى مؤسس الجماعة حسين الحوثي.

مسيرات طلابية في محافظة إب اليمنية تخدم أجندة الحوثيين (إعلام حوثي)

وسبق ذلك إجراء الانقلابيين الحوثيين تغييرات واسعة لأسماء مدارس عدة في إب، ومن ذلك تغيير اسم مدرسة «كمران» في مديرية الظهار إلى اسم مؤسس الجماعة «حسين الحوثي».

وطوال السنوات الماضية، غيرت الجماعة الحوثية أسماء المدارس والشوارع وقاعات الدراسة في الجامعات بأسماء قتلاها وأسماء رموز طائفية، بدلاً من أسماء الرموز اليمنية ومناضلي الثورة والجمهورية وغير ذلك من الأسماء الوطنية والإسلامية، ضمن عمليات «تطييف» ممنهجة.

وكانت الحكومة اليمنية حذرت في أوقات سابقة من محاولات الجماعة الحوثية «طمس معالم المدنية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وفرض أفكارها الظلامية وتعميم معتقداتها وطقوسها المتطرفة المستوردة من طهران بقوة السلاح».