بين تعديلات منتظرة وواقع مضطرب، تترقب الكرة السورية محطة مفصلية في تاريخها منتصف أغسطس (آب) المقبل، عندما تعقد الجمعية العمومية الاستثنائية لاتحاد كرة القدم، وذلك من أجل التصويت على تغييرات جذرية تمس النظام الأساسي واللوائح الانتخابية. وهي تعديلات مقترحة من داخل الاتحاد السوري نفسه، استجابة لمطالب عدد من الأندية، لتفتح الباب أمام تحولات إدارية وإجرائية واسعة، في وقتٍ تعاني فيه المؤسسة الكروية من فراغ تنظيمي منذ استقالة المكتب التنفيذي قبل نحو 6 أشهر.
وخلال مقابلة تلفزيونية حديثة، كشف رئيس لجنة النزاهة في اتحاد الكرة السوري، الدكتور فراس مصطفى، عن أبرز تفاصيل المرحلة المقبلة، محدداً خريطة الطريق التي فرضتها توجيهات الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» بالتنسيق مع اللجنة الأولمبية الدولية، التي راعت الظرف السوري الصعب، لكنها لم تتساهل في تطبيق معايير الحوكمة، على حد تعبيره.
فالجمعية العمومية الاستثنائية ستُعقد في أغسطس المقبل، على أن يُعلن عنها رسمياً بعد استكمال الصيغة القانونية، لتُعقد بعد 30 يوماً وتكون تمهيداً لمؤتمر انتخابي في النصف الأول من سبتمبر (أيلول)، يفرز مجلس إدارة جديداً يعيد الشرعية إلى الاتحاد منذ استقالة المكتب التنفيذي السابق قبل نحو 6 أشهر.
وأبرز ما يلفت النظر في التعديلات المقترحة هو إلغاء شرط الشهادة الثانوية للمرشحين إلى المناصب القيادية، وهو شرط كان معمولاً به في الأنظمة السابقة بوصفه الحد الأدنى للمؤهل العلمي المطلوب، قبل أن تقرر مجموعة من الأندية تقديم اقتراح بإلغائه.
وبحسب الدكتور مصطفى، فإن هذا المطلب «جاء من أندية محلية وتم رفعه للفيفا»، وقد تم قبوله على اعتبار أنه لا يتعارض مع معايير الحوكمة المعتمدة دولياً، التي تركز على النزاهة والخبرة الإدارية، لا على الشهادات الرسمية بالضرورة. لكنه أشار أيضاً إلى أن القول الفصل سيكون للجمعية العمومية، التي تملك حق الموافقة أو الرفض.
وعلى الرغم من أن كثيرين اعتبروا إلغاء الشهادة بمثابة تراجع عن أي تصور احترافي لمستقبل اللعبة، فإن اللجنة الحالية تدافع عن القرار باعتباره توسيعاً لقاعدة الترشح وفتحاً لباب المشاركة أمام ذوي الخبرة الميدانية غير الأكاديمية، شريطة أن تتوفر فيهم النزاهة والكفاءة. ومع ذلك، كثرت الانتقادات والتساؤلات حول كيف يمكن تطوير منظومة تتساهل مع الحد الأدنى من المؤهلات، في وقت تتجه فيه معظم الاتحادات القارية إلى تعظيم متطلبات الاحتراف والمعرفة التقنية والإدارية.
التعديل الثاني المرتقب، والأكثر حساسية، هو اعتماد «نظام القوائم الانتخابية» بدلاً من الترشيح الفردي. ويأتي هذا التغيير تلبية مباشرة لتوصيات الاتحاد الدولي، الذي شدد على أن يكون لكل قائمة مرشح للرئاسة وآخر لمنصب نائب الرئيس، إلى جانب 7 أعضاء بينهم ممثل نسائي إلزامي. ولكي تُقبل أي قائمة في السباق الانتخابي، يجب أن تحظى بتأييد خطي من 10 أعضاء في الجمعية العمومية، دون أن يسمح لأي عضو بدعم أكثر من قائمة واحدة، ما يعزز التكتلات البرامجية ويضع حداً للفوضى الفردية التي ميّزت الانتخابات السابقة.
وبينما يتحدّث الدكتور مصطفى عن تثبيت الخطوط العريضة للمرحلة المقبلة، تؤكد المعطيات على الأرض أن الوضع الإداري للاتحاد لا يزال هشاً، فالموظفون بلا رواتب منذ 13 شهراً، ودون عقود رسمية منذ مطلع عام 2025، وفق ما أفادت به مصادر «الشرق الأوسط».
هذه الفجوة الإدارية، التي لم تجد حلاً حتى الآن، دفعت رئيس اللجنة الاستشارية حازم حربا إلى الحضور شخصياً من قطر كونه يعمل هناك، إلى دمشق لمتابعة تفاصيل المرحلة الانتقالية، في محاولة للحد من الانهيار التنظيمي الكامل.
في الأثناء، يواصل الدوري السوري مساره نحو خط النهاية، حيث أعاد نادي الوحدة خلط أوراق المنافسة بفوزه المثير على الكرامة بنتيجة 3-2 في الجولة الثانية من مرحلة البلاي أوف، ليُبقي الصراع مفتوحاً حتى الجولة الأخيرة.
وبهذا الانتصار، أنعش الوحدة آماله بالتتويج، رافعاً رصيده إلى 5 نقاط خلف الكرامة (7 نقاط) وأهلي حلب (6 نقاط)، فيما خرج حطين عملياً من سباق اللقب رغم فوزه على الأهلي بهدف نظيف.
وسيتحدد البطل يوم السبت المقبل، حين يلتقي الكرامة وأهلي حلب وجهاً لوجه، في مباراة تكفي أحدهما للفوز باللقب، بينما يتوج الوحدة في حال فاز على حطين وتعادل منافساه، ليتساوى مع الكرامة ويتفوق عليه بفارق المواجهات المباشرة.
وتُضاف إلى ذلك رهانات التمثيل القاري، إذ ضمن الكرامة بطاقة المشاركة في كأس التحدي الآسيوي، فيما تبقى البطاقة الثانية مفتوحة بين الوحدة وحطين في ظل غياب الترخيص الآسيوي لأهلي حلب.
وتبعاً لذلك، تقرر فتح نافذة الانتقالات المحلية مباشرة بعد نهاية الموسم، لمنح الأندية المتأهلة إلى كأس التحدي فرصة تدعيم صفوفها، قبل موعد الملحق القاري المقرر في 12 أغسطس. وهي الخطوة الوحيدة العملية التي يُنتظر اتخاذها في المدى القريب، في ظل تجميد كامل للأنشطة التنظيمية، بانتظار انتخاب الاتحاد الجديد.
وفي خضم هذا الواقع، تبقى الأسئلة الأساسية قائمة؛ هل تنجح التعديلات المقترحة في إعادة الاعتبار إلى المؤسسة الكروية السورية؟ وهل يتيح نظام القوائم ترشيح أسماء تحمل برامج حقيقية للتطوير بدل الاعتماد على الولاءات والمصالح؟ الأكيد أن الطريق لن تكون سهلة، وأن النجاح مرهون بقدرة الجمعية العمومية على تغليب المصلحة العامة على الحسابات الضيقة، خاصة في ظل توالي خيبات الأمل، وتعطش الوسط الكروي إلى قطيعة فعلية مع الماضي.