لا يحظى المهاجم السويدي فيكتور غيوكيريس بالتقدير الذي يستحقه، ربما لأنه يلعب في أحد الدوريات «الأقل» شعبية في أوروبا. ومع انتقال عدد من المهاجمين عبر القارة إلى أندية أخرى خلال مدة الانتقالات الصيفية الأخيرة، مثل دومينيك سولانكي وجوشوا زيركزي وإيفان توني وجوليان ألفاريز، إلى إنجلترا أو أحد الدوريات الخمسة الكبرى، فإن المهاجم السويدي الشاب لا يزال يلعب مع سبورتينغ لشبونة البرتغالي.
لعب غيوكيريس، البالغ من العمر 26 عاماً، دوراً حاسماً في فوز سبورتينغ بلقب الدوري، ليصر ناديه البرتغالي على الاحتفاظ بخدماته، رافضاً جميع المغريات المقدمة إليه. وقال المدير الفني لسبورتينغ لشبونة، روبن أموريم، في أواخر العام الماضي عندما بدأت الشائعات تنتشر بشأن انتقال غيوكيريس المحتمل إلى إنجلترا: «قلت بشكل واضح: لا يرحل أي لاعب عن النادي إلا من خلال دفع قيمة الشرط الجزائي». ويقدر الشرط الجزائي في عقد غيوكيريس بـ85 مليون جنيه إسترليني، ومن المؤكد أن الأندية المهتمة ستفكر أكثر من مرة قبل أن تدفع هذا المبلغ الكبير.
لكن إذا نظرنا إلى ما قدمه اللاعب الشاب خلال الأشهر الـ18 الأولى من مسيرته الكروية في البرتغال، فسوف يبدو على الفور أنه قد يكون صفقة رابحة لأي ناد من الأندية الكبرى في السوق الحديثة. ومع بداية الموسم الجديد، أثبت سبورتينغ لشبونة أنه سيدافع عن لقبه بكل قوة، حيث حقق العلامة الكاملة في المباريات الأربع التي خاضها، ليتصدر جدول ترتيب الدوري البرتغالي الممتاز برصيد 12 نقطة، بما في ذلك الفوز على منافسه على اللقب بورتو بهدفين دون رد. وسجل النادي 16 هدفاً في هذه المباريات الأربع، وساهم غيوكيريس بشكل مباشر في 8 منها، حيث سجل 7 وصنع هدفاً.
تطور مستوى غيوكيريس بشكل لافت للأنظار خلال موسمه الأخير في إنجلترا مع كوفنتري سيتي، الذي كان قريباً للغاية من الصعود إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. من المؤكد أن هناك مخاوف مفهومة من أن اللعب بعيداً عن الدوريات الخمسة الكبرى في أوروبا قد يجعل الأندية الكبرى لا ترغب في ضم اللاعب، لكن كل المؤشرات والأدلة الأخيرة تشير إلى أن المهاجم السويدي قادر على التألق مع أحد أندية النخبة في أوروبا. لقد سجل غيوكيريس 36 هدفاً وصنع 11 هدفاً، وهو ما يعني أنه أصبح الآن أكبر من الاستمرار في الدوري البرتغالي.
والأهم من ذلك أن المهاجم السويدي كان قادراً على زيادة أرقامه فيما يتعلق بالأهداف والتمريرات الحاسمة. يحتل غيوكيريس المرتبة الأولى بين جميع لاعبي الدوري البرتغالي من حيث عدد التسديدات على المرمى (140 تسديدة)، والمرتبة السابعة من حيث التمريرات المفتاحية (63 تمريرة) منذ بداية الموسم، وكان من الممكن أن يرتفع عدد تمريراته الحاسمة كثيراً لولا إهدار زملائه عدداً كبيراً من الفرص التي صنعها لهم. ومع ذلك، لا يقتصر الأمر على تسجيل وصناعة الأهداف، رغم أنهما المهمتان الأساسيتان لأي مهاجم.
يتميز غيوكيريس بغزارته التهديفية والمرونة الخططية... مما يجعله مؤهلاً للتألق مع أحد أندية أوروبا الكبرى
وخلال المدة نفسها، كان النجم الجزائري رفيق غويتان هو الوحيد الذي أكمل مراوغات أكثر من المهاجم الدولي السويدي (111 مراوغة من غويتان مقابل 77 من غيوكيريس)، في حين يحتل غيوكيريس المركز الأول من حيث الاستحواذ على الكرة في الثلث الهجومي (49 مرة). وفي ظل العبء المتصاعد الذي يتحمله المهاجمون في الوقت الحالي للقيام بكل شيء في حال الاستحواذ على الكرة أو فقدانها، ومساعدة خط الدفاع من خلال العودة للخلف للقيام بالواجبات الدفاعية، وإجبار المنافسين على ارتكاب أخطاء في الثلث الأخير من الملعب، فإن غيوكيريس يجيد القيام بكل هذه المهام، بل وما هو أكثر من ذلك. وقال أموريم عن نجم فريقه في أبريل (نيسان) الماضي: «إنه لاعب مهم للغاية بالنسبة إلينا».
وفي حين أن سبورتينغ لشبونة قد يحقق ربحاً كبيراً من بيع غيوكيريس عندما يحين وقت بيعه، فإنه سيفتقد كثيراً قدراته الهجومية الاستثنائية. من المؤكد أن النادي البرتغالي لديه خطة لتعويض المهاجم السويدي في حال رحيله، لكن الحقيقة هي أنه لا يوجد حالياً عدد كبير من المهاجمين القادرين على تقديم هذا الأداء القوي والثابت نفسه أمام المرمى، جنباً إلى جنب مع المجهود البدني الخرافي الذي يبذله داخل الملعب.
وبالتالي، لم يكن من المفاجئ أن يجذب غيوكيريس أنظار أندية الدوري الإنجليزي الممتاز، فقد أشارت تقارير سابقة إلى اهتمام تشيلسي بالتعاقد معه، كما يقال إن آرسنال هو الآخر يتابع اللاعب من كثب. وهناك اهتمام أيضاً من جانب ليفربول وتوتنهام للتعاقد معه، لأسباب مفهومة ووجيهة تماماً؛ نظراً إلى أن غيوكيريس لا يتميز بالقدرة على إنهاء أنصاف الفرص أمام المرمى فقط، لكنه يلعب أيضاً بطريقة تناسب قوة وشراسة كرة القدم الإنجليزية.
وعلاوة على ذلك، يستطيع غيوكيريس أن يلعب مهاجماً وحيداً أو إلى جانب مهاجم آخر. لقد سجل المهاجم السويدي 3 أهداف وصنع هدفين آخرين في المباراتين اللتين فازت فيهما السويد على أذربيجان وإستونيا بدوري الأمم الأوروبية، وفعل ذلك عندما لعب إلى جانب ألكسندر إيزاك لاعب نيوكاسل. إنه يتميز بالمرونة الخططية، جنباً إلى جنب مع إنتاجه الغزير في الخط الأمامي مع النادي والمنتخب، وهو ما يعني أنه قد يكون المهاجم الفذ القادم بقوة على مستوى النخبة في كرة القدم الأوروبية.
قد لا يكون غيوكيريس غزير الإنتاج مثل المهاجم النرويجي العملاق إيرلينغ هالاند، وقد لا يكون اسماً مألوفاً مثل النيجيري فيكتور أوسيمين، لكن هذا لا يعني على الإطلاق تجاهل حقيقة أنه أحد أفضل المهاجمين في أوروبا في الوقت الحالي. علاوة على ذلك، فقد تكيف مع كرة القدم البرتغالية بسهولة، وينبغي ألا يواجه أي مشكلات في تقديم هذه المستويات المذهلة نفسها في حال انتقاله إلى أحد أقوى فرق أوروبا.
* خدمة الـ«غارديان»