قبل أولمبياد باريس 2024: أين المدربات؟

بطلة الوثب العالي الأوكرانية ياروسلافا ماهوتشيخ تعتمد على مدربة سيدة (أ.ب)
بطلة الوثب العالي الأوكرانية ياروسلافا ماهوتشيخ تعتمد على مدربة سيدة (أ.ب)
TT

قبل أولمبياد باريس 2024: أين المدربات؟

بطلة الوثب العالي الأوكرانية ياروسلافا ماهوتشيخ تعتمد على مدربة سيدة (أ.ب)
بطلة الوثب العالي الأوكرانية ياروسلافا ماهوتشيخ تعتمد على مدربة سيدة (أ.ب)

يعد «أولمبياد باريس 2024» هو الأول الذي يشهد تساوي عدد المشارِكين من الجنسين، لكن الأمر يبدو مختلفاً خارج ساحات المنافسة، إذ يرجح أن تكون هناك مدربة واحدة بين كل 10 مدربين.

ومن بين المرشحين للفوز بميداليات ذهبية تحت قيادة مدربات، العدّاءة الأميركية غابي توماس، ولاعب الغطس البريطاني توم دالي، والسباح البريطاني آدم بيتي، ومتسابقة الوثب العالي الأوكرانية ياروسلافا ماهوتشيخ، التي سجّلت رقماً قياسياً عالمياً جديداً هذا الشهر.

لكن بينما تتغير المواقف، يظل التدريب على مستوى النخبة مقتصراً على الذكور بشكل كبير.

وقالت الفرنسية ماريون كينييه، بطلة العالم السابقة في الدراجات، والمدربة الحالية، التي شاركت في حمل الشعلة الأولمبية في جولتها عبر فرنسا إلى باريس، حيث يقام افتتاح الأولمبياد في 26 يوليو (تموز) الحالي، «إن العائق الرئيسي هو هيمنة الذكور».

وحظيت وجهة نظر كينييه بتأييد لدى مدربات في رياضات أخرى، إذ قالت مدربات إن على النساء أن يعملن بجهد مضاعف حتى يتم سماعهن، وغالباً ما يشعرن «بالتجاهل والتقليل من قيمتهن».

وقالت هانريات ميرو، وهي مدربة ثلاثي نرويجية، إن التنمر والتمييز من قبل المدربين الذكور تجاه كل من المدربات واللاعبات، منتشر، لكن عديداً من النساء يترددن في التحدث خوفاً من فقدان وظائفهن.

وأضافت أن الثقافة كانت سيئة للغاية في منتخبها الوطني لدرجة أنها استقالت للتركيز على التدريب الخاص.

وقالت ميرو لـ«رويترز»: «أمامنا طريق طويلة لنقطعها. هذا ليس أمراً تنفرد به النرويج. فقد أخبرتني مدربات من دول أخرى بالشيء نفسه».

وقالت مدربات أخريات إنهن لم يواجهن كراهية صريحة للنساء، لكن ساعات الغياب الطويلة عن المنزل من أجل معسكرات التدريب والمنافسات جعلت من الصعب على النساء التوفيق بين مسيرة احترافية على أعلى مستوى، وبين المسؤوليات العائلية.

وفي «أولمبياد طوكيو»، الذي أُقيم عام 2021 بدلاً من 2020؛ بسبب جائحة «كوفيد - 19»، شكّلت النساء 13 في المائة فقط من المدربين المعتمدين، مقابل 11 في المائة في «أولمبياد ريو 2016».

وفي «أولمبياد بكين 2022» الشتوي، شكّلت النساء نسبة 10 في المائة فقط من المدربين.

وقالت فيكي هيوتون، مؤسسة «فيميل كوتشينغ نيتوورك»، وهي منصة عالمية لتواصل المدربات، إن المشكلة الأساسية في نظام الرياضة؛ لأن الرياضة «ابتكرها الرجال من أجل الرجال».

وكان بيير دي كوبرتان، مؤسس الأولمبياد، قد حظر مشاركة النساء في النسخة الأولى في عام 1896، وذكر لاحقاً أن الألعاب الأولمبية جاءت من أجل «تمجيد الألعاب الرياضية الذكورية» وإن «تصفيق الإناث يعد مكافأة».

رغم أن النساء شاركن في عدد قليل من المنافسات في أولمبياد 1900، استغرق الأمر 112 عاماً أخرى حتى تمكّنت النساء من المشاركة في الرياضات كلها. لكن لا تزال المناصب العليا في الهيئات الرياضية الدولية والوطنية تخضع لهيمنة الذكور.

وقالت هيوتون: «ديناميكيات القوة في الرياضة لم تتغير أبداً. وهذا هو السبب في أننا لا نرى سوى عدد قليل للغاية من النساء في مناصب مهمة».

قال عديد من المدربين إن التغيير يجب أن يبدأ من القمة مع اللجنة الأولمبية الدولية والاتحادات الرياضية الدولية والوطنية.

وقالت نيكول هوفرتز، نائب رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، وهي واحدة من 4 نساء فقط شغلن هذا المنصب على الإطلاق، إن توماس باخ رئيس اللجنة الأولمبية الدولية كان «جاداً للغاية» بشأن تعيين مزيد من النساء في وظائف بارزة.

وشددت على أهمية تذليل العقبات أمام تولي المرأة المناصب القيادية.

وقالت هوفرتز: «إن اللجنة الأولمبية الدولية تعمل مع الهيئات الرياضية لإتاحة مزيد من الفرص أمام النساء للعمل في مجال التدريب». وتعد المصارعة والتزلج والجودو والتايكوندو من الرياضات الرائدة في هذا الصدد.

وفي عام 2019، بدأت اللجنة الأولمبية الدولية برنامجاً تدريبياً يهدف إلى إعداد النساء للتدريب على أعلى المستويات.

وقامت حتى الآن بتدريب 123 مدربة في 22 رياضة و60 دولة. منهن 6 على الأقل يتجهن إلى «ألعاب باريس».

قالت ميرو، مدربة الثلاثي، إن المدربات قدمن قدوة مهمة للفتيات والشابات.

وقالت إن عديداً من الرياضيات يرغبن في العمل مع مدربات، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنهن يفهمن كيف تعمل أجساد النساء.

ويمكن أن يؤثر الحيض في الأداء، مما يتطلب تكييف التغذية والتدريب، وبعض الإصابات الرياضية تؤثر في النساء بشكل مختلف عن الرجال.

وقالت ميرو إن الرياضيات قد يفضلن أيضاً التحدث إلى مدربة حول مشكلات الجسم واضطرابات الأكل التي تؤثر في بعض الألعاب الرياضية.

واقترح عديد من المدربين أن وجود مزيد من المدربات قد يقلل من خطر الاعتداء الجنسي والتحرش.

وأفاد عدد متزايد من الرياضيات، بمَن في ذلك السبّاحات ولاعبات الجمباز والتنس، بأنهن تعرضن للمضايقات أو التحرش أو الاغتصاب من قبل المدربين. وتشمل الرياضات التي عانت من الفضائح أخيراً كرة السلة للسيدات في مالي، والتزلج على الجليد في الولايات المتحدة.

تعكس بعض العقبات التي تواجهها المدربات صوراً نمطية متعلقة بالنوع.

وكانت واحدة من الشكاوى العامة أن الجميع، بداية من أمن الملاعب وحتى مدربين آخرين، افترضوا أنهن يقمن بأدوار تنطوي على الرعاية.

وكان هذا التحيز جلياً في «أولمبياد ريو 2016» عندما منع أفراد الأمن المدربة المخضرمة أنس بوتا من دخول المضمار لمعانقة عدّاء جنوب أفريقيا ويد فان نيكيرك بعدما حطّم الرقم القياسي لسباق 400 متر ليفوز بالذهبية.

ووصفت المدربات وقائع قَوّض فيها مدربون سلطتهن أو رُفضت فيها أفكارهن في اجتماعات، في حين أنها تقابَل بالترحاب عندما يقترحها رجال.

وقالت نيكولا روبنسون مدربة الخماسي الحديث، إنها تستخدم اسماً لا ينم عن الجنس في مراسلات البريد الإلكتروني.

وقالت: «هذا يسهل الأمور عليّ. لا أريد أي تصورات مسبقة».

وأضافت روبنسون، التي تقوم بالتدريس في دورة تدريبية جامعية للتدريب الرياضي، إن غياب الرموز النسائية أحد العوامل التي أدت إلى قلة وجود مدربات. وتتراوح نسبة النساء بين طلابها بين 10 و15 في المائة.

وتابعت: «رؤية شخص نجح في ذلك أمر محوري. يرى الفتية المدربين في دائرة الضوء، ويقولون في أنفسهم (نود القيام بهذه الوظيفة). لكن مَن يلهم الفتيات؟».

وتبرز من بين العقبات الأخرى صعوبة الجمع بين واجبات التدريب في مستوى النخبة والأمومة.

وقالت: «إنه تحدٍ صعب جداً. يبدأ مدربو السباحة مبكراً جداً، لكن دور الحضانة لا تفتح أبوابها في السادسة صباحاً. في ألعاب القوى، هناك معسكرات تدريبية، لكن ما مدى سهولة أن تبتعد أم لأسبوعين؟».

وأضافت: «من المفترض، من باب التسهيل على المرأة، التدريب بعد تأسيس أسرة، والسماح لها باصطحاب أطفالها الصغار إلى معسكرات التدريب والمنافسات بوجود رفيق أو صديق للمساعدة، وأن هذا المشهد لا بد من تطبيعه».

وذكرت إملي هانديسايد، التي تقوم بتطوير المدربين في منظمة «يو كيه كوتشينغ»، المعنية بتعزيز التنوع في المهنة، أن غياب دعم تطور المدربات عنصر آخر.

وكان هذا حقيقياً، خصوصاً في رياضات مثل كرة القدم، حيث هناك تفاوت كبير في التمويل والموارد بين كرة القدم للرجال والسيدات.

وقالت إن أستراليا ونيوزيلندا وكندا وبريطانيا على رأس الدول التي تحاول زيادة عدد المدربات في القمة.

لكن خبراء نبهوا إلى أن توفير برامج لتطوير المدربات ليس كافياً، وأن كثرة مثل هذه المبادرات تهدد بإعداد مدربات مؤهلات دون أن تكون هناك مهام يتولينها.

وذكرت هيوتون أن التوظيف عادة ما يحدث عبر قنوات غير رسمية والشبكات الاجتماعية، ما يمنح الرجال الأفضلية. ولم يكن هناك قدر كافٍ من الشفافية في الإعلان عن الأدوار والتنوع في لجان الاختيار.

وقالت هيوتون: «نحتاج لإصلاح النظام، لا المرأة».


مقالات ذات صلة

أموريم محبَط بسبب الالتزامات الإعلامية في مانشستر يونايتد

رياضة عالمية أموريم (أ.ب)

أموريم محبَط بسبب الالتزامات الإعلامية في مانشستر يونايتد

كانت الإشارة لافتة إلى حد ما في أول مقابلة لروبن أموريم مع شبكة «سكاي سبورتس» بعد المباراة، لكنها أثارت رداً بدا واضحاً.

The Athletic (مانشستر)
رياضة عالمية فينسن كومباني (د.ب.أ)

كومباني: لم أفهم النظام الجديد لدوري الأبطال

قال فينسن كومباني، مدرب بايرن ميونيخ الألماني، إنه لم يفهم بعدُ النظام الجديد لدوري أبطال أوروبا لكرة القدم، بعدما حقق فريقه فوزاً بشِق الأنفس 1-0.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ)
رياضة عالمية جيان بييرو غاسبريني (أ.ف.ب)

غاسبريني مدرب أتلانتا: الثقة سبب الأداء المذهل

أرجع جيان بييرو غاسبريني مدرب أتلانتا الإيطالي الأداء المذهل الذي يقدمه فريقه في الآونة الأخيرة إلى مزيج من الثقة بالنفس والتطور المستمر.

«الشرق الأوسط» (بيرن (سويسرا))
رياضة عالمية سيموني إنزاغي

إنزاغي: راضون عن المستوى أمام لايبزيغ

أثنى سيموني إنزاغي، مدرب إنتر ميلان الإيطالي، على فريقه بعدما صمد ليفوز 1-0 على ضيفه رازن بال شبورت لايبزيغ، الثلاثاء، ليتصدر ترتيب دوري أبطال أوروبا لكرة القدم

«الشرق الأوسط» (ميلانو)
رياضة عالمية تشابي ألونسو وفلوريان فيرتز (أ.ب)

ألونسو: نأمل في إعادة مستوانا... وفيرتز رائع

أشاد تشابي ألونسو، مدرب باير ليفركوزن، بلاعبه فلوريان فيرتز، بعدما سجّل الدولي الألماني هدفين في فوز فريقه 5-صفر على رد بول سالزبورغ في دوري أبطال أوروبا.

«الشرق الأوسط» (برلين)

نقاش مع صديق حول «بطاقة صفراء» يُخضع الحكم الإنجليزي كوت للتحقيق

الحكم الإنجليزي ديفيد كوت خلال مباراة بين ليفربول وأستون فيلا (أ.ب)
الحكم الإنجليزي ديفيد كوت خلال مباراة بين ليفربول وأستون فيلا (أ.ب)
TT

نقاش مع صديق حول «بطاقة صفراء» يُخضع الحكم الإنجليزي كوت للتحقيق

الحكم الإنجليزي ديفيد كوت خلال مباراة بين ليفربول وأستون فيلا (أ.ب)
الحكم الإنجليزي ديفيد كوت خلال مباراة بين ليفربول وأستون فيلا (أ.ب)

يخضع الحكم الموقوف عن التحكيم في الدوري الإنجليزي الممتاز، ديفيد كوت، للتحقيق من قبل الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، بعد مزاعم بأنه ناقش إشهار بطاقة صفراء مع صديق له قبل إحدى المباريات.

وحسب شبكة «The Athletic»، نُشرت هذه المزاعم لأول مرة في صحيفة «ذا صن» البريطانية، مساء الثلاثاء، وتتعلق ببطاقة صفراء تلقاها لاعب ليدز يونايتد إزجان أليوسكي من كوت خلال مباراة الفريق في البطولة، أمام وست بروميتش ألبيون في أكتوبر (تشرين الأول) 2019.

وقال كوت في بيان أصدره عبر «منظمة مسؤولي المباريات المحترفين المحدودة»، وهي المنظمة التي تدير كبار مسؤولي كرة القدم الإنجليزية: «أدحض بشدة هذه الادعاءات الكاذبة والتشهيرية... مهما كانت المشاكل التي واجهتها في حياتي الشخصية فإنها لم تؤثر أبداً على قراراتي في الملعب. لقد كنت دائماً أضع نزاهة اللعبة في أعلى درجات الاحترام، وأقوم بتحكيم المباريات بنزاهة وبأفضل ما لدي من قدرات».

وذكرت صحيفة «ذا صن» أن كوت أقر بحدوث نقاش مع أحد أصدقائه، ولكن لم يحدث أي شيء غير لائق، ولم يُطرح أنه استفاد مالياً من إشهار البطاقة لأليوسكي بسبب اعتراضه عليه، ويبدو أن القرار روتيني.

ووصف متحدث باسم الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم الادعاءات بأنها «خطيرة للغاية» وأنه يجري التحقيق فيها «على وجه السرعة».

وأصدرت رابطة اللاعبين المحترفين بياناً مساء الثلاثاء، قالت فيه إنه «يجب إثبات الحقائق»، وإنها «تتبنى نهج عدم التسامح مطلقاً مع أي خرق» لقانون النزاهة الخاص بها، مع «التزام مجلس إدارة الرابطة باتخاذ الإجراءات المناسبة، في حال ثبوت أي خرق لهذا القانون».

تم إيقاف كوت في البداية من قبل «منظمة مسؤولي المباريات المحترفين المحدودة»، في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) بعد نشر مقطع فيديو على الإنترنت يظهر فيه وهو يدلي بتصريحات مسيئة عن يورغن كلوب، المدير الفني السابق لليفربول. وبعد 3 أيام نشرت صحيفة «ذا صن» مقطع فيديو يُظهر شخصاً زعمت أنه كوت، وهو يشم مسحوقاً أبيض، من خلال ورقة نقدية أميركية ملفوفة.

وذكرت صحيفة «ذا صن» أن الفيديو يعود إلى 6 يوليو (تموز)، أي بعد يوم واحد من مباراة ربع نهائي «يورو 2024» بين فرنسا والبرتغال في هامبورغ؛ حيث كان كوت مساعد حكم الفيديو المساعد.

لم تتمكن الصحيفة من التحقق من الفيديو أو تأكيد هوية كوت؛ لكن الاتحاد الفرنسي لكرة القدم رد عندما طُلب منه التعليق على الفيديو، قائلاً إنه «على علم بالادعاءات، ويتعامل معها بجدية كبيرة».

كما أوقف الاتحاد الأوروبي لكرة القدم كوت عن التحكيم في مسابقاته في 11 نوفمبر، أي قبل يومين من نشر صحيفة «ذا صن» للفيديو، ويحقق الاتحاد مع الحكم البالغ من العمر 42 عاماً، بسبب «انتهاك محتمل» للوائحه.

ويخضع كوت أيضاً لتحقيق منفصل من قبل الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، بسبب خرق محتمل لقواعده فيما يتعلق بتعليقاته حول كلوب.

وأضاف الاتحاد الإنجليزي في البيان الذي صدر مساء الثلاثاء: «لا يزال ديفيد كوت موقوفاً، ويخضع لعملية تأديبية جارية من قبل الاتحاد الإنجليزي، منفصلة عن التحقيق في هذه المسألة الذي سيجريه الاتحاد الإنجليزي بشكل مستقل».