منذ نهاية الموسم الماضي، والبرتغالي لويس كاسترو على فوهة بركان لم تخمد حِمَمُه، والجميع توقع رحيله؛ جماهير ولاعبين سابقين ومتابعين من مختلف الميول... وداعٌ خالي الوفاض لموسم مليء بالبطولات التي كانت في متناول اليد؛ على الأقل لقاء «كأس الملك» الذي جمعه بغريمه التقليدي الهلال وأمضى الأخير منه ما يزيد على 30 دقيقة منقوصاً لاعبَين بسبب الطرد.
لكن كاسترو خالف التوقعات ومضى في قيادة النصر وسط أنباء تذهب إلى دعم كبير يجده من مواطنه الأسطورة البرتغالي كريستيانو رونالدو الذي أوصى قبل ذلك بالتعاقد معه.
أسابيع قليلة فقط احتاجها مسيّرو النصر ليدركوا أن قرارهم استمرار البرتغالي لويس كاسترو كان خاطئاً منذ البداية؛ إذ قرر النادي إنهاء العلاقة التعاقدية مع لويس كاسترو عقب التعادل أمام الشرطة العراقي في الجولة الأولى من «دوري أبطال آسيا للنخبة».
لكن السؤال الذي يُطرح الآن: لماذا تأخر النصر في هذا القرار؟ وما تبعاته على الفريق الطامح إلى العودة للمنافسة وتحقيق البطولات محلياً وخارجياً، خصوصاً أن النصر يضم بين صفوفه أحد أعظم اللاعبين في العصر الحديث؛ كريستيانو رونالدو؟ وهل يمكن للمدرب الجديد، ستيفاني بيولي، أن يحل معضلة الفريق بخبراته التدريبية؟ وهل الأسماء الحالية قادرة على مساعدة بيولي في النجاح؟ وهل الفريق مؤهل لأن ينتفض في المرحلة المقبلة وسط حالة إحباط لدى الجماهير وصلت إلى حد مطالبتها برفض الاستعانة بالمدرب الإيطالي بوصفه «لا يناسب النصر».
لم يُجرِ النصر، الملقب بـ«العالمي»، كثيراً من التغييرات في صفوفه، واكتفى بالتعاقد مع الحارس البرازيلي بينتو كريبسكي والمدافع الفرنسي محمد سيماكان، إضافة إلى الثنائي الشاب من مواليد 2003 البرازيلي ويسلي تيكسيرا ومواطنه أنجيلو غابرييل الآتي من صفوف تشيلسي الإنجليزي، ومحلياً اكتفى بصفقة سالم النجدي.
على الصعيد الشكلي، قد يكون النصر عالج شيئاً من المشكلة الكبيرة بتعاقده مع متوسط دفاع وحارس مرمى، لكنه صنع مشكلة إضافية بإنهاء العلاقة التعاقدية مع البرازيلي أليكس تيليس؛ الظهير الأيسر للفريق، دون جلب بديل يضاهي إمكاناته وقدراته، إضافة إلى عدم تعزيز الصفوف بمهاجم بديل يساند رونالدو في المهمة التهديفية، خصوصاً مع تعدد المنافسات والمسابقات.
كانت البداية بتحقيق الفوز في نصف نهائي بطولة «كأس السوبر» السعودية على التعاون، ثم الخسارة أمام الهلال برباعية توقع الجميع معها أن يغادر كاسترو على الفور، خصوصاً أن الأخطاء تكررت دون أي بوادر تغيير. ودشن الأصفر العاصمي رحلته بالدوري بتعادل مخيب للآمال أمام الرائد، قبل أن ينتعش بانتصار معنوي أمام الفيحاء، ثم يعود للتعادل أمام الأهلي في الجولة الثالثة، ويتبعه بتعادل جديد أمام الشرطة العراقي، لتُكتب بذلك نهاية رحلة كاسترو مع الأصفر العاصمي.
يقول ماجد عبد الله، أسطورة النصر وأيقونته الكبيرة، في حديث لقنوات «إس إس سي»، خلال تحليله مواجهة النصر أمام الأهلي فنياً: «تنظيمياً؛ النصر لم يكن جيداً منذ الموسم الماضي. إذا كان اللاعبون في يومهم؛ يَكسب الفريق»، مضيفاً: «منذ الموسم الماضي لم أشاهد جديداً في عمل كاسترو... الأخطاء الشيء نفسه».
وأوضح ماجد عبد الله: «متى يتضح دور وعمل المدرب في المواجهات الكبيرة، فالمنافسة تدور حول 4 فرق؟ وهنا إذا لم تكن تدير المنافسة مع هذه الفرق، فلا يمكن أن تحقق شيئاً».
وعن إقالة كاسترو (قبل قرار إقالته رسمياً)، قال: «أنا مع إقالة كاسترو، وأعتقد أن الفنيين في النصر هم من يختارون البديل»، مضيفاً: «مشكلتنا هي حينما يأتي رئيس أو إداري لم يلعب كرة قدم ويقرر أن هذا المدرب (ينفع للنصر). يجب أن يكون هناك شخص فني يحدد المدرب ويختاره».
ومضى في حديثه عن اختيار بديل كاسترو: «حالة فريقك ما هي؟ أنت ماذا تحتاج؟ هل فريقك سيئ هجومياً لإحضار مدرب بنزعة هجومية، أم فريقك سيئ دفاعياً لتحضر مدرباً متوازناً؟»، مضيفاً: «مثال: (إذا كان) فريقك سيئاً دفاعياً، فهل منطقي أن تحضر مدرباً يفتح اللعب ويهاجم؟ بالتأكيد هذا لا يناسب. أعتقد على حسب الحالة الفنية».
وختم عن إمكانية وجود سعد الشهري في الطاقم الفني للفريق: «سعد الشهري من اللاعبين الممتازين والمدربين الوطنين الجيدين، فلماذا لا يوجد في النصر؟ لكن مع الأسف لدينا عقدة الأجنبي».
ماذا يعني للنصر رحيل كاسترو في الوقت الحالي؟ وهل يمكن إصلاح الأخطاء لدى الفريق؟
بالطبع الفريق يمتلك أدوات مثالية في الميدان من عناصر أجنبية بوجود ساديو ماني؛ الغائب عن الفاعلية الكبيرة، وكذلك البرازيلي تاليسكا الذي ابتعد عن التهديف في أيامه الأخيرة تحت قيادة كاسترو، إضافة إلى التراجع الكبير في أداء مارسيلو بروزوفيتش وأوتافيو مونتيرو رغم أنهما يقدمان الأداء الأفضل بين عناصر النصر الأجنبية.
ستكون المهمة كبيرة للمدرب بيولي في إعادة ترتيب صفوف الفريق الذي ارتكب خطأً كبيراً باستغنائه عن تيليس دون وجود بديل مثالي رغم إحضار سالم النجدي... إلا إن الفريق يملك حلولاً بديلة، مثل إشراك علي لاجامي في هذا المركز؛ لأنه يتميز على الأقل في الجانب الدفاعي.النصر يحتل حالياً المركز السابع برصيد 5 نقاط في الدوري السعودي للمحترفين، وكذلك يحتل في دوري أبطال آسيا للنخبة المركز السابع برصيد نقطة واحدة بتعادله مع الشرطة العراقي.
ستكون أولى مهام المدرب الجديد حل المعضلة الكبرى مع تلقي شباك النصر مزيداً من الأهداف؛ إذ استقبلت شباكه الموسم الماضي على صعيد الدوري 42 هدفاً، وتفوقت عليه في هذا الجانب أندية تحضر خلفه في لائحة الترتيب، مثل الأهلي والتعاون والاتفاق والشباب.
وكان البرتغالي لويس كاسترو تولى قيادة فريق النصر في يوليو (تموز) 2023، في صيف عزز فيه الأصفر العاصمي صفوفه بصفقات عالمية، إلى جوار النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، منهم ساديو ماني ولابورت وأوتافيو ومارسيلو بروزوفيتش وسيكو فوفانا وأليكس تيليس، إلى جوار تاليسكا... 8 أسماء لامعة رسمت معها طموحات كبيرة للنصر.
دشن النصر رحلته تحت قيادة كاسترو بتحقيق لقب «كأس الملك للأندية العربية» بفوزه على غريمه التقليدي الهلال، لكن الفريق بعد ذلك خسر الدوري السعودي للمحترفين بعد منافسة مع الهلال، وودع بطولة «كأس السوبر» السعودية في نصف النهائي أمام الهلال، ثم خسر نهائي «كأس الملك» على يد الغريم التقليدي الهلال، وفي دوري أبطال آسيا، ودع النصر البطولة من الدور ربع النهائي على يد فريق العين الإماراتي.
النصر سيقوده في المرحلة المقبلة مدرب جديد هو ستيفان بيولي، وذلك وفق الاتفاق النهائي الذي جرى أول من أمس؛ حيث يتوقع أن يبدأ مهامه التدريبية اليوم الخميس، لكنه لن يكون مسؤولاً عن تدريب الفريق في مباراته أمام الاتفاق المقررة غداً الجمعة.