تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، تستضيف الرياض النسخة الثالثة من المؤتمر الدولي لسوق العمل الذي تنظمه وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية خلال الفترة من 26 إلى 27 يناير (كانون الثاني) 2026 في مركز الملك عبد العزيز الدولي للمؤتمرات.
ويُقام المؤتمر هذا العام تحت شعار «نصيغ المستقبل»، جامعاً نخبة من صنّاع القرار وقادة الأعمال وخبراء أسواق العمل وممثلي المنظمات الدولية، بهدف صياغة رؤى مشتركة حول مستقبل العمل وتطوير حلول استشرافية للتحديات التي تواجه أسواق العمل عالمياً.
وقد أصبح هذا المؤتمر محطة بارزة عالمياً ومنصة للحوار البنّاء حول مستقبل أسواق العمل، وفق ما قال وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، المهندس أحمد الراجحي. وأضاف أن المؤتمر يعكس التزام المملكة بتعزيز التعاون الدولي وتطوير حلول مبتكرة تسهم في رفع مرونة أسواق العمل وتمكين القوى العاملة عالمياً.
من جهته، أوضح نائب الوزير لشؤون العمل الدكتور عبد الله بن ناصر أبوثنين لـ«الشرق الأوسط» أن النسخة الثالثة من المؤتمر ستأتي بطابع مختلف وأكثر عمقاً واتساعاً مقارنة بالنسخ السابقة، سواء في المحتوى المعرفي أو مستوى المشاركة الدولية.
وأكد أن الشعار «نصيغ المستقبل» يعكس تحول المؤتمر من مجرد تبادل للخبرات إلى منصة لإنتاج حلول فعلية وقابلة للتطبيق، مشيراً إلى مشاركة أكثر من 45 وزيراً في جلسة وزارية مخصصة، إلى جانب ما يزيد على 200 متحدث دولي وسبعة آلاف مشارك، ضمن برنامج يتضمن أكثر من خمسين جلسة وفعالية.
وأوضح أن المؤتمر اعتمد هذا العام صيغاً مبتكرة تشمل جلسات التحولات التشريعية، وهاكاثونات لتطوير حلول عملية، ومسار الباحثين الشباب، مما يمنح النقاشات زخماً أكبر ويجعل المخرجات أكثر تأثيراً.

وأشار أبوثنين إلى أن محاور المؤتمر صيغت لتلامس التحولات الكبرى التي تعيد تشكيل مستقبل العمل حول العالم، بدءاً من التطورات التقنية والذكاء الاصطناعي، وصولاً إلى مرونة التوظيف والاقتصاد غير الرسمي، مع التركيز على مستقبل المهارات ومتطلبات الاقتصاد الجديد وتأثير الأتمتة على الوظائف، إضافة إلى جودة الوظائف وقدرة القوى العاملة على التكيف مع الأزمات. وأكد أن سوق العمل السعودي حاضر بقوة في هذه النقاشات، خصوصاً ما يتعلق بالمهارات الرقمية، وتمكين المرأة، ورفع جودة الوظائف، في إطار الإصلاحات النوعية التي طبّقتها المملكة ضمن «رؤية 2030».
الشراكات الدولية
وفي جانب الشراكات الدولية، قال أبوثنين إن المؤتمر أصبح منصة فاعلة لتوقيع الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، مشيراً إلى أن النسخة المقبلة ستشهد عدداً كبيراً من الشراكات الجديدة مع مؤسسات دولية ومنظمات معنية بقضايا العمل، إلى جانب جهات تعليمية وشركات متخصصة في تطوير المهارات، موضحاً أن المؤتمر أصبح مساحة تُترجم فيها النقاشات إلى مبادرات وشراكات عملية على أرض الواقع.
وأكد أبوثنين أن الشراكات الدولية ستشهد توسعاً كبيراً، خصوصاً مع البنك الدولي ومؤسسات الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، موضحاً أن العمل المشترك سيستهدف تطوير البيانات، ودعم المهارات، وبناء منظومات حماية اجتماعية أكثر فاعلية، بهدف إنشاء منظومة عالمية متصلة تعمل على مدار العام لإعادة صياغة مستقبل أسواق العمل ومواكبة المتغيرات العالمية.

أكاديمية سوق العمل
وحول أكاديمية سوق العمل التي أُطلقت في النسخة الماضية، أكد أبوثنين أنها أصبحت اليوم أحد أعمدة التحول المعرفي للمؤتمر ومنصة تدريبية دولية تستقطب صنّاع السياسات من مختلف الدول، وكشف أن الأكاديمية ستحتفي بتخريج دفعتها الأولى هذا العام بعد أن قدمت برامج متقدمة في تحليل أسواق العمل وتصميم السياسات وربط المهارات بمتطلبات الاقتصاد، إضافة إلى التدريب على التعامل مع التحولات الرقمية، وأصبحت رافداً رئيسياً لتكوين جيل جديد من الخبراء وقادة السياسات على المستويين المحلي والدولي، مما يعزز مكانة الرياض كمركز عالمي لإنتاج المعرفة.
منصة متكاملة
ويُعزز المؤتمر بُعده الدولي عبر الشراكات مع منظمة العمل الدولية، والبنك الدولي، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، في حين تتضمن نسخة هذا العام أكثر من 50 فعالية تشمل جلسات حوارية وهاكاثونات وجلسات تركيز ومنتديات أكاديمية، ما يجعل المؤتمر منصة متكاملة لتبادل الخبرات وتطوير حلول عملية وقابلة للتطبيق.
ومنذ انطلاقه عام 2023، أصبح المؤتمر منصة فكرية عالمية تعمل على مدار العام لتعزيز البحث والابتكار والشراكات، عبر مبادرات مثل «أكاديمية سوق العمل العالمي»، والشراكة مع البنك الدولي وشركة «تكامل القابضة»، لتطوير أسواق العمل وتعزيز مرونتها واستدامتها عالمياً.
