عملية «شد وجذب» بين أميركا والصين ترهق الاقتصاد العالمي

مسؤولون ماليون أبدوا ارتياحهم لعدم تحولها لحرب تجارية واسعة النطاق

مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا تصافح رئيس البنك الدولي أجاي بانغا خلال الاجتماعات السنوية للمؤسستين في واشنطن... 17 أكتوبر (رويترز)
مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا تصافح رئيس البنك الدولي أجاي بانغا خلال الاجتماعات السنوية للمؤسستين في واشنطن... 17 أكتوبر (رويترز)
TT

عملية «شد وجذب» بين أميركا والصين ترهق الاقتصاد العالمي

مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا تصافح رئيس البنك الدولي أجاي بانغا خلال الاجتماعات السنوية للمؤسستين في واشنطن... 17 أكتوبر (رويترز)
مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا تصافح رئيس البنك الدولي أجاي بانغا خلال الاجتماعات السنوية للمؤسستين في واشنطن... 17 أكتوبر (رويترز)

تنفَّس كبار المسؤولين الماليين حول العالم، الصعداء بعد إقرار، من صندوق النقد والبنك الدوليَّين، أفاد بمتانة الاقتصاد العالمي، رغم ما مرَّ به أخيراً من عثرات مثَّلت تحديات مستمرة حتى الآن، لكن بشكل أقل ضغطاً.

فقد عاد كبار مسؤولي المالية الدوليين إلى بلدانهم بشيء من الارتياح إزاء متانة الاقتصاد العالمي المفاجِئة أمام سلسلة صدمات السياسات خلال الأشهر التسعة الأولى من الولاية الثانية للرئيس الأميركي دونالد ترمب، لكنهم منهكون أيضاً؛ بسبب حالة الضبابية التي تكتنف المستقبل وتبدو دون نهاية.

غورغييفا تصافح أجاي بانغا خلال الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليَّين في واشنطن (إ.ب.أ)

وعندما اجتمع وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية في واشنطن في أبريل (نيسان)؛ للمشاركة في أول اجتماع من اجتماعَين سنويَّين لصندوق النقد والبنك الدوليَّين، كان القلق واضحاً من الرسوم الجمركية التي أعلن ترمب عنها في الشهر نفسه، وأطلق عليها «رسوم يوم التحرير». وفي الاجتماع الثاني في أكتوبر (تشرين الأول) الذي اختُتم للتو، حلَّ محل ذلك شعور بالتعب والحذر من أن مشهد السياسات لا يستقر على حال.

وقال نائب محافظ بنك تايلاند، بيتي ديسياتات: «بصفتي أحد صناع السياسات، كان الأمر مرهقاً جداً منذ (يوم التحرير)، في محاولة لفهم السياسة، ثم وضع السياسة المناسبة لها، والتواصل مع الجمهور بشأنها... لذا كانت حالة الضبابية صعبة جداً».

وقال مسؤول في الوفد الياباني الذي شارك في المحادثات في واشنطن: «يبدو أن الاقتصاد العالمي أكثر متانةً مما كنا نظن قبل أشهر عدة. ولكن لا يوجد مجال للرضا عن النفس في ظل مختلف أوجه الضبابية».

رئيس اللجنة المالية لصندوق النقد الدولي محمد الجدعان يتوسط المسؤولين خلال الاجتماع السنوي للجنة الدولية والمالية لصندوق النقد والبنك الدوليَّين في واشنطن... 17 أكتوبر (أ.ف.ب)

وبرزت هذه المسألة مع استمرار الشد والجذب بين الولايات المتحدة والصين على مدى أسبوع، ردَّ خلاله ترمب على قيود التصدير الجديدة التي فرضتها بكين على المعادن الأرضية النادرة بإعادة فرض رسوم جمركية بنسبة 100 في المائة على الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة.

وانصبَّ تركيز المئات من صانعي السياسات المشاركين في الاجتماعات على تصعيد التوتر مجدداً بين أكبر اقتصادَين في العالم، وسط اهتمام متزايد بترتيبات تجارية جديدة بعيداً عن البلدين.

وقالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا، إنها نادراً ما شهدت هذا القدر من المشارَكة البنّاءة في الاجتماعات نصف السنوية للمسؤولين الماليين، ومحافظي البنوك المركزية.

وأضافت خلال مؤتمر مصرفي يوم السبت: «ربما يكون السبب في ذلك هو أن حالة الضبابية زائدة جداً بحيث لا يوجد مجال للتظاهر بغير ذلك... ربما يكون ذلك لأن عدداً من البلدان تدرك الآن أن ما عدّته أمراً مُسلَّماً به، وهو التعاون الدولي الذي يساعدنا على القيام بعمل أفضل، لا ينبغي أن نعدّه أمراً مُسلَّماً به».

تعزيز العلاقات الإقليمية والثنائية

قالت غورغييفا، والمديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية نغوزي أوكونغو إيويالا، للمشاركين إنه «من المبشر بالخير أن التوتر بين الولايات المتحدة والصين رغم شدته لم يتحوَّل إلى حرب تجارية أوسع نطاقاً». وأشارتا إلى أن عدداً من الدول تسعى بالفعل إلى توطيد العلاقات الثنائية والإقليمية.

بابلو هيرنانديز دي كوس مدير بنك التسويات الدولية (يسار) ورئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد ومحافظ بنك إيطاليا فابيو بانيتا يتحدثون على هامش الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليَّين (أ.ب)

وقالت وزيرة المالية النيوزيلندية نيكولا ويليس، وفقاً لـ«رويترز»، إنها تتوقَّع أن يكتسب هذا الاتجاه قوة دفع على خلفية تفاقم حالة الضبابية الجيوسياسية والاقتصادية.

وأضافت أنه من اللافت للنظر أن الاتحاد الأوروبي يتطلع الآن إلى الانضمام لاتفاقية الشراكة الشاملة والتقدمية عبر المحيط الهادئ، وهي اتفاق للتجارة الحرة بين 11 دولة عضواً.

وقالت رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي المصرية، في كلمتها التي ألقتها السبت، إن السعي لتعزيز التعاون الإقليمي جاء نتيجة للمستجدات العالمية، لكنه سيظل مهماً في المستقبل.

وشدَّدت أوكونغو إيويالا على الحاجة الملحة لإصلاحات منظمة التجارة العالمية. وقالت: «نحن بحاجة إلى تنويع التجارة»، مضيفة أن التجارة العالمية ساعدت عدداً من البلدان بشكل واضح، حتى وإن كانت النتائج متفاوتة، لكنها لم تهتم ببلدان أخرى.


مقالات ذات صلة

انخفاض طلبات إعانة البطالة الأميركية إلى أدنى مستوى منذ 3 سنوات

الاقتصاد من داخل معرض وظيفي للموظفين الفيدراليين المفصولين حديثاً في كانساس سيتي مارس 2025 (رويترز)

انخفاض طلبات إعانة البطالة الأميركية إلى أدنى مستوى منذ 3 سنوات

انخفض عدد المتقدمين الجدد للحصول على إعانات البطالة بالولايات المتحدة الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من ثلاث سنوات في إشارة إلى صمود سوق العمل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد لافتة «نوظف الآن» معلّقة على نافذة صالون حلاقة بمدينة ميدفورد الكبرى في ولاية ماساتشوستس (رويترز)

تراجع حاد في تسريحات العمال الأميركيين رغم استمرار تباطؤ التوظيف

تراجعت عمليات تسريح العمالة المعلنة من جانب أصحاب العمل الأميركيين بشكل حاد خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، غير أن نيات التوظيف واصلت التباطؤ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد سكوت بيسنت يتحدث خلال قمة «نيويورك تايمز ديلبوك 2025» في مركز جاز لينكولن (أ ف ب)

بيسنت متفائل بموافقة المحكمة العليا على رسوم ترمب الجمركية

أعرب وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، يوم الأربعاء، عن تفاؤله بأن المحكمة العليا ستؤيِّد قانونية الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها الرئيس دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
الاقتصاد صورة مجمعة للرئيسين الأميركي دونالد ترمب والبرازيلي لولا دا سيلفا (أ.ف.ب)

الرئيس البرازيلي يتوقع مزيداً من تخفيضات الرسوم بعد اتصال مع ترمب

قال الرئيس البرازيلي يوم الأربعاء، إنه يتوقع من نظيره الأميركي أن يُجري قريباً مزيداً من التخفيضات في الرسوم الجمركية على المنتجات البرازيلية.

«الشرق الأوسط» (برازيليا)
الاقتصاد وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت يصافح رئيسة سويسرا كارين كيلر سوتر خلال اجتماع ثنائي في جنيف 9 مايو 2025 (رويترز)

مفاوض تجاري: سويسرا قد تضطر للتأقلم مع رسوم أميركية مخفّضة

قال مفاوض تجاري سويسري بارز في تصريحات نُشرت الثلاثاء إن بلاده قد تجد نفسها مضطرة للتأقلم مع الرسوم الجمركية التي تفرضها الولايات المتحدة

«الشرق الأوسط» (زيوريخ)

الولايات المتحدة تعلن تعليق بعض عقوباتها على شركة نفط روسية

لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
TT

الولايات المتحدة تعلن تعليق بعض عقوباتها على شركة نفط روسية

لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)

أعلنت الولايات المتحدة، الخميس، تعليق بعض العقوبات التي فرضتها على شركة النفط الروسية العملاقة «لوك أويل»، للسماح لمحطات الوقود في خارج روسيا بمواصلة العمل.

وأكدت وزارة الخزانة الأميركية أن التعامل مع هذه المحطات مجاز به «لتفادي معاقبة» زبائنها ومورّديها، وبشرط ألا يتم تحويل العائدات إلى روسيا. يسري هذا الإعفاء حتى 29 أبريل (نيسان) 2026، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وكانت الولايات المتحدة أضافت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، أكبر شركتين لإنتاج النفط في روسيا، «لوك أويل» و«روسنفت»، إلى اللائحة السوداء للكيانات الخاضعة للعقوبات، وهو سجل تتابعه العديد من الدول والشركات.

وتواجه الشركات التي تتعامل مع كيانات روسية، خطر التعرض لعقوبات ثانوية، وهو ما قد يمنعها من التعامل مع البنوك والتجار وشركات النقل والتأمين الأميركية التي تشكل العمود الفقري لسوق السلع الأساسية.

ويأتي إعلان وزارة الخزانة بعد يومين من اجتماع في موسكو بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف، في إطار مساعٍ تجريها واشنطن للتوصل إلى تسوية للحرب في أوكرانيا.


وزير المالية اللبناني: الظرف الصعب لا يسمح بفرض ضرائب بناءً على طلب «صندوق النقد»

جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
TT

وزير المالية اللبناني: الظرف الصعب لا يسمح بفرض ضرائب بناءً على طلب «صندوق النقد»

جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)

كشف وزير المالية اللبناني، ياسين جابر، عن تفاصيل جديدة تتعلق بطلبات «صندوق النقد الدولي»، مؤكداً أن «الصندوق» طلب من لبنان تحقيق فائض في الموازنة العامة إلى جانب فرض مزيد من الضرائب.

وشدد جابر، وفق ما جاء في بيان صادر عن رئاسة الجمهورية اللبنانية عقب اجتماع مجلس الوزراء، على أن وزارة المالية «لا نية لديها» لتلبية هذه المطالب؛ «تحديداً في هذا التوقيت»، عادّاً أن «الظرف صعب» وأنه لا يتحمل زيادة الأعباء على المواطنين.

وعلى صعيد آخر، قدّم وزير المالية لمحة إيجابية عن الوضع المالي العام في لبنان، وقال إن «الوضع المالي مستقر، وليس هناك عجز، وبدأنا تحقيق الفائض بالليرة اللبنانية».


إنتاج كازاخستان النفطي يتراجع 6 % بسبب تضرر خط أنابيب بحر قزوين

حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
TT

إنتاج كازاخستان النفطي يتراجع 6 % بسبب تضرر خط أنابيب بحر قزوين

حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)

انخفض إنتاج كازاخستان من النفط ومكثفات الغاز بنسبة 6 في المائة في أول يومين من شهر ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً لما ذكره مصدر في قطاع النفط والغاز يوم الخميس، وذلك عقب هجوم أوكراني بطائرة مسيّرة على منشأة تحميل تابعة لاتحاد خط أنابيب بحر قزوين في البحر الأسود.

وكان خط أنابيب بحر قزوين، الذي ينقل أكثر من 80 في المائة من صادرات كازاخستان النفطية، ويتعامل مع أكثر من 1 في المائة من الإمدادات العالمية، قد علق عملياته يوم السبت بعد تعرض مرساة في المحطة الواقعة بالقرب من ميناء نوفوروسيسك الروسي لأضرار.

واستأنف لاحقاً عمليات الإمداد باستخدام مرساة واحدة (SPM) بدلاً من المرساتين اللتين يستخدمهما عادةً. وتعمل وحدة ثالثة، قيد الصيانة حالياً والتي بدأت قبل الإضرابات، كوحدة احتياطية. وانخفض إنتاج كازاخستان من النفط ومكثفات الغاز في أول يومين من ديسمبر إلى 1.9 مليون برميل يومياً، مقارنةً بمتوسط ​​الإنتاج في نوفمبر (تشرين الثاني)، وفقاً للمصدر وحسابات «رويترز».

ويُظهر انخفاض إنتاج النفط تأثير هجوم طائرة من دون طيار تابعة لاتحاد خط أنابيب بحر قزوين على كازاخستان؛ العضو في «أوبك بلس»، والتي صدّرت نحو 68.6 مليون طن من النفط العام الماضي، وتحتل المرتبة الثانية عشرة بين أكبر منتجي النفط في العالم.

وينقل خط أنابيب بحر قزوين، الذي يبلغ طوله 1500 كيلومتر (930 ميلاً)، النفط الخام من حقول تنجيز وكاراتشاغاناك وكاشاغان في كازاخستان إلى محطة يوزنايا أوزيرييفكا في نوفوروسيسك. والموردون الرئيسيون هم حقول في كازاخستان، كما تحصل على النفط الخام من منتجين روس.

وصرح نائب وزير الطاقة الكازاخستاني، يرلان أكبروف، يوم الخميس، بأن إحدى مراسي شركة النفط والغاز الكازاخستانية (CPC) في محطة البحر الأسود تعمل بكامل طاقتها، ولا توجد أي قيود على نقل النفط.

وأفادت خمسة مصادر في قطاع الطاقة لـ«رويترز» يوم الأربعاء بأن كازاخستان ستُحوّل المزيد من النفط الخام عبر خط أنابيب «باكو-تبليسي-جيهان» في ديسمبر (كانون الأول) بسبب انخفاض طاقة خط أنابيب بحر قزوين.

كما يُصدر المنتجون الكازاخستانيون النفط الخام إلى مينائي نوفوروسيسك وأوست-لوغا الروسيين تحت علامة «كيبكو» التجارية، وإلى ألمانيا عبر خط أنابيب دروجبا، لكن هذه المسارات تُقدّم هوامش ربح أقل، وتعتمد على طاقة شركة «ترانسنفت» الروسية لتشغيل خطوط الأنابيب.

خيارات إعادة توجيه النفط من كازاخستان، وهي دولة غير ساحلية، محدودة نظراً لضغط شبكة خطوط الأنابيب الروسية بعد هجمات متكررة بطائرات من دون طيار على مصافيها ومنشآت التصدير.

وقدّر مصدر آخر في قطاع الطاقة فقدان طاقة تحميل خط أنابيب بحر قزوين عند استخدام خط أنابيب واحد فقط بـ900 ألف طن أسبوعياً.