قلق عالمي يضرب أسواق البنوك مع تصاعد المخاطر الأميركية

تعيد شبح أزمة 2023

متداول يراقب شاشة الأسهم في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة الأسهم في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)
TT

قلق عالمي يضرب أسواق البنوك مع تصاعد المخاطر الأميركية

متداول يراقب شاشة الأسهم في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة الأسهم في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)

شهدت الأسواق المالية العالمية تراجعاً حاداً، يوم الجمعة؛ حيث تأثرت أسهم المؤسسات المالية بموجة بيع قوية، على خلفية المخاوف بشأن جودة الائتمان والمخاطر المتزايدة في البنوك الإقليمية الأميركية. وأعاد تعرض القطاع المصرفي الأميركي لإفلاسات حديثة في صناعة السيارات إلى الواجهة المخاوف المتعلقة بمعايير الإقراض، بعد أكثر من عامين على انهيار بنك «وادي السيليكون»، حين أدت أسعار الفائدة المرتفعة إلى خسائر كبيرة على سنداته.

وتسارع الانخفاض في «وول ستريت»، وانتقل تأثيره إلى أسواق آسيا وأوروبا، مسلطاً الضوء على صعود أسواق الأسهم خلال الفترة الماضية، حيث قد يشير بعض المحللين إلى احتمالية وجود فقاعة مالية، وفق «رويترز».

وتراجعت البنوك الأوروبية بنسبة 2.5 في المائة في التعاملات المبكرة؛ حيث هبطت أسهم «دويتشه بنك» و«باركليز» بأكثر من 5 في المائة، وانخفضت أسهم «سوسيتيه جنرال» بنسبة 4.6 في المائة. وفي فرانكفورت، تراجع سهم «سيتي غروب» بنسبة 5.5 في المائة، رغم تداول ضعيف، فيما هبط سهم «جيه بي مورغان» بنسبة 3 في المائة. كما انخفض مؤشر «إس بي دي آر إس آند بي» للبنوك الإقليمية الأميركية قبل السوق بنسبة 2.4 في المائة، بينما تراجعت أسهم «زيونز بانكوربوريشن» بنسبة 1.7 في المائة.

وفي آسيا، انخفضت أسهم البنوك وشركات التأمين اليابانية؛ حيث فقد كل من «طوكيو مارين» و«ميزوهو» و«مجموعة ميتسوبيشي يو إف جيه المالية» نحو 3 في المائة، في حين هبط سهم شركة التأمين الأسترالية «كيو بي إي» بنسبة 9 في المائة.

مصدر القلق

انخفض مؤشر البنوك الإقليمية الأميركية بنسبة 6 في المائة يوم الخميس، بعد إعلان بنكين صغيرين عن مشكلات منفصلة. وأعلت «زيونز بانكوربوريشن» أنها ستتكبد خسارة بقيمة 50 مليون دولار على قرضين تجاريين وصناعيين في كاليفورنيا، فيما رفعت «ويسترن آليانس» دعوى قضائية تتهم فيها شركة «كانتور غروب» بالاحتيال.

وقال جيمس روسيتر، رئيس استراتيجية الماكرو العالمية في «تي دي سكيوريتيز»: «ما نراه في موجة بيع البنوك في الولايات المتحدة خلال الليل، هو أن آسيا وأوروبا تستيقظ على ذلك، وهكذا ينتشر التأثير».

وربط محللو «وول ستريت» بين إفصاح «زيونز» والإفلاس الأخير لشركة «فيرست براندز» لقطع غيار السيارات، الذي كشف عن ثغرات في الرقابة المصرفية، وأثار تساؤلات حول شفافية سوق الائتمان. وأشاروا أيضاً إلى تصريحات جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لـ«جي بي مورغان تشيس»، حول القلق في سوق الائتمان بعد إفلاس شركتي «فيرست براندز» و«تراي كولور»، المقرضة للقروض الثانوية.

وركز انهيار هاتين المؤسستين الانتباه على المخاطر في سوق الائتمان الخاص، وهي سوق أقل تنظيماً لكنها مزدهرة؛ حيث اقترضت الشركات بشكل كبير في السنوات الأخيرة. وقال ديمون: «عندما ترى صرصوراً واحداً، فغالباً ما يكون هناك آخرون، لذا يجب أن يكون الجميع على وعي مسبق».

هل هي بداية أزمة مشابهة لعام 2023؟

يحاول المستثمرون تقييم ما إذا كانت هذه الأحداث تمثل المراحل المبكرة لأزمة شبيهة بأزمة 2023، عندما أدَّت مشكلات بنك «وادي السيليكون» إلى موجة بيع عالمية لأسهم البنوك.

وعلى الرغم من إعلان البنوك الأميركية الكبرى مؤخراً عن أرباح قوية، فإن الأسهم كانت قد سجلت أداءً جيداً مسبقاً، ومع تقييمات مرتفعة للأسهم، يراقب المستثمرون السوق بقلق. وصرح فاسو مينون، المدير التنفيذي لاستراتيجية الاستثمار في «أو سي بي سي بنك»: «المخاوف المتجددة حول البنوك الإقليمية الأميركية قد تزيد التوتر في الأسواق التي تواجه بالفعل جداراً من المخاوف».

على مدار العام، شهدت أسهم البنوك ارتفاعاً ملحوظاً؛ حيث لا تزال أسهم البنوك الأوروبية مرتفعة بنحو 40 في المائة منذ بداية العام.

وتراجعت الأسهم الأميركية يوم الخميس بشكل حاد؛ حيث انخفضت أسهم «زيونز بانكوربوريشن» بنسبة 12 في المائة، بعد إعلانها عن خسارة قدرها 50 مليون دولار على قرضين في كاليفورنيا، وهبط سهم «ويسترن ألاينس» بنحو 11 في المائة، بعد رفع دعوى ضد شركة «كانتور غروب». كما فقد سهم «جيفريز» الاستثماري 9 في المائة، بعد الكشف عن تعرضه لشركة «فيرست براندز» المفلسة، التي انخفض سهمها أكثر من الخُمس.

وأشار المحلل ستيفن بيجار إلى أن ضعف جودة الائتمان في أحد البنوك يمكن أن يؤدي إلى تراجع المجموعة بسرعة، في حين هزَّت هذه التطورات السوق الأوسع؛ حيث انخفض مؤشر البنوك الإقليمية الأميركية بنحو 4 - 5.8 في المائة وخسر مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» نحو 1 في المائة.

وسلَّط إفلاس شركتي «فيرست براندز» و«تراي كولور» الضوء على ضعف ضوابط المخاطر في سوق الائتمان، مع صعوبة قياس مدى تعرض البنوك للقروض المعقدة. وأعلنت زيونز عن توقع الاعتراف بالخسائر، ورفعت دعوى لاسترداد القروض، بينما نفى محامو «كانتور» مزاعم «ويسترن ألاينس»، مؤكدين أن الادعاءات لا أساس لها، وأنه ستتم تبرئة عملائهم عند تقديم الأدلة.

ورغم أن بعض المحللين يعتبرون هذه الانهيارات أحداثاً فردية وليست منهجية، فإنن المخاوف مستمرة، بحسب مايك مايو من «ويلز فارغو»، الذي قال: «في أوقات ضعف الائتمان، ستزداد حالات الاحتيال، لذا هناك حاجة لمراقبة القضايا الأخيرة بعناية».


مقالات ذات صلة

الروبية الهندية تصل لمستوى قياسي جديد مع انسحاب المستثمرين الأجانب

الاقتصاد امرأة تمسك بورقة نقدية فئة 500 روبية في الأحياء القديمة لدلهي (رويترز)

الروبية الهندية تصل لمستوى قياسي جديد مع انسحاب المستثمرين الأجانب

هبطت الروبية الهندية، يوم الخميس، إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق، متجاوزةً حاجز 90 روبية للدولار، مع استمرار انسحاب المستثمرين الأجانب من الأسهم المحلية.

«الشرق الأوسط» (مومباي )
الاقتصاد متداولون يعملون أمام شاشات المراقبة ببنك هانا في سيول (إ.ب.أ)

الأسهم الآسيوية تتباين وسط توقعات خفض الفائدة الأميركية

افتتحت الأسهم الآسيوية تداولات يوم الخميس بأداء متباين، بعد أن دعمت البيانات الاقتصادية الأضعف من المتوقع توقعات خفض «الاحتياطي الفيدرالي» أسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد متداولون كوريون جنوبيون يعملون أمام شاشات في بنك هانا بسيول (إ.ب.أ)

هدوء في الأسواق العالمية مع توقف تراجع «البتكوين» والسندات العالمية

استقرت الأسهم العالمية يوم الأربعاء، بدعم من انتعاش قوي لـ«وول ستريت» خلال الليل، بعد انحسار موجة البيع السريعة التي ضربت أسواق السندات والعملات المشفرة.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد متداول يقف وسط بورصة نيويورك (رويترز)

«وول ستريت» تحافظ على قوتها مع استقرار عوائد السندات والبتكوين

حافظت سوق الأسهم الأميركية على زخمها، يوم الثلاثاء، مع استقرار عوائد السندات وارتفاع عملة البتكوين. وارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.3 في المائة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الرئيس الكوري الجنوبي لي جاي ميونغ يشير بيده خلال لقائه الرئيس الأميركي دونالد ترمب على هامش قمة قادة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ في غيونجو (رويترز)

أميركا تخفض الرسوم على واردات كوريا الجنوبية إلى 15 % بأثر رجعي

أكد وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك، أن الرسوم الجمركية العامة على الواردات من كوريا الجنوبية ستُخفَّض من 25 في المائة إلى 15 في المائة بأثر رجعي.

«الشرق الأوسط» (سيول)

الولايات المتحدة تعلن تعليق بعض عقوباتها على شركة نفط روسية

لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
TT

الولايات المتحدة تعلن تعليق بعض عقوباتها على شركة نفط روسية

لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)

أعلنت الولايات المتحدة، الخميس، تعليق بعض العقوبات التي فرضتها على شركة النفط الروسية العملاقة «لوك أويل»، للسماح لمحطات الوقود في خارج روسيا بمواصلة العمل.

وأكدت وزارة الخزانة الأميركية أن التعامل مع هذه المحطات مجاز به «لتفادي معاقبة» زبائنها ومورّديها، وبشرط ألا يتم تحويل العائدات إلى روسيا. يسري هذا الإعفاء حتى 29 أبريل (نيسان) 2026، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وكانت الولايات المتحدة أضافت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، أكبر شركتين لإنتاج النفط في روسيا، «لوك أويل» و«روسنفت»، إلى اللائحة السوداء للكيانات الخاضعة للعقوبات، وهو سجل تتابعه العديد من الدول والشركات.

وتواجه الشركات التي تتعامل مع كيانات روسية، خطر التعرض لعقوبات ثانوية، وهو ما قد يمنعها من التعامل مع البنوك والتجار وشركات النقل والتأمين الأميركية التي تشكل العمود الفقري لسوق السلع الأساسية.

ويأتي إعلان وزارة الخزانة بعد يومين من اجتماع في موسكو بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف، في إطار مساعٍ تجريها واشنطن للتوصل إلى تسوية للحرب في أوكرانيا.


وزير المالية اللبناني: الظرف الصعب لا يسمح بفرض ضرائب بناءً على طلب «صندوق النقد»

جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
TT

وزير المالية اللبناني: الظرف الصعب لا يسمح بفرض ضرائب بناءً على طلب «صندوق النقد»

جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)

كشف وزير المالية اللبناني، ياسين جابر، عن تفاصيل جديدة تتعلق بطلبات «صندوق النقد الدولي»، مؤكداً أن «الصندوق» طلب من لبنان تحقيق فائض في الموازنة العامة إلى جانب فرض مزيد من الضرائب.

وشدد جابر، وفق ما جاء في بيان صادر عن رئاسة الجمهورية اللبنانية عقب اجتماع مجلس الوزراء، على أن وزارة المالية «لا نية لديها» لتلبية هذه المطالب؛ «تحديداً في هذا التوقيت»، عادّاً أن «الظرف صعب» وأنه لا يتحمل زيادة الأعباء على المواطنين.

وعلى صعيد آخر، قدّم وزير المالية لمحة إيجابية عن الوضع المالي العام في لبنان، وقال إن «الوضع المالي مستقر، وليس هناك عجز، وبدأنا تحقيق الفائض بالليرة اللبنانية».


إنتاج كازاخستان النفطي يتراجع 6 % بسبب تضرر خط أنابيب بحر قزوين

حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
TT

إنتاج كازاخستان النفطي يتراجع 6 % بسبب تضرر خط أنابيب بحر قزوين

حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)

انخفض إنتاج كازاخستان من النفط ومكثفات الغاز بنسبة 6 في المائة في أول يومين من شهر ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً لما ذكره مصدر في قطاع النفط والغاز يوم الخميس، وذلك عقب هجوم أوكراني بطائرة مسيّرة على منشأة تحميل تابعة لاتحاد خط أنابيب بحر قزوين في البحر الأسود.

وكان خط أنابيب بحر قزوين، الذي ينقل أكثر من 80 في المائة من صادرات كازاخستان النفطية، ويتعامل مع أكثر من 1 في المائة من الإمدادات العالمية، قد علق عملياته يوم السبت بعد تعرض مرساة في المحطة الواقعة بالقرب من ميناء نوفوروسيسك الروسي لأضرار.

واستأنف لاحقاً عمليات الإمداد باستخدام مرساة واحدة (SPM) بدلاً من المرساتين اللتين يستخدمهما عادةً. وتعمل وحدة ثالثة، قيد الصيانة حالياً والتي بدأت قبل الإضرابات، كوحدة احتياطية. وانخفض إنتاج كازاخستان من النفط ومكثفات الغاز في أول يومين من ديسمبر إلى 1.9 مليون برميل يومياً، مقارنةً بمتوسط ​​الإنتاج في نوفمبر (تشرين الثاني)، وفقاً للمصدر وحسابات «رويترز».

ويُظهر انخفاض إنتاج النفط تأثير هجوم طائرة من دون طيار تابعة لاتحاد خط أنابيب بحر قزوين على كازاخستان؛ العضو في «أوبك بلس»، والتي صدّرت نحو 68.6 مليون طن من النفط العام الماضي، وتحتل المرتبة الثانية عشرة بين أكبر منتجي النفط في العالم.

وينقل خط أنابيب بحر قزوين، الذي يبلغ طوله 1500 كيلومتر (930 ميلاً)، النفط الخام من حقول تنجيز وكاراتشاغاناك وكاشاغان في كازاخستان إلى محطة يوزنايا أوزيرييفكا في نوفوروسيسك. والموردون الرئيسيون هم حقول في كازاخستان، كما تحصل على النفط الخام من منتجين روس.

وصرح نائب وزير الطاقة الكازاخستاني، يرلان أكبروف، يوم الخميس، بأن إحدى مراسي شركة النفط والغاز الكازاخستانية (CPC) في محطة البحر الأسود تعمل بكامل طاقتها، ولا توجد أي قيود على نقل النفط.

وأفادت خمسة مصادر في قطاع الطاقة لـ«رويترز» يوم الأربعاء بأن كازاخستان ستُحوّل المزيد من النفط الخام عبر خط أنابيب «باكو-تبليسي-جيهان» في ديسمبر (كانون الأول) بسبب انخفاض طاقة خط أنابيب بحر قزوين.

كما يُصدر المنتجون الكازاخستانيون النفط الخام إلى مينائي نوفوروسيسك وأوست-لوغا الروسيين تحت علامة «كيبكو» التجارية، وإلى ألمانيا عبر خط أنابيب دروجبا، لكن هذه المسارات تُقدّم هوامش ربح أقل، وتعتمد على طاقة شركة «ترانسنفت» الروسية لتشغيل خطوط الأنابيب.

خيارات إعادة توجيه النفط من كازاخستان، وهي دولة غير ساحلية، محدودة نظراً لضغط شبكة خطوط الأنابيب الروسية بعد هجمات متكررة بطائرات من دون طيار على مصافيها ومنشآت التصدير.

وقدّر مصدر آخر في قطاع الطاقة فقدان طاقة تحميل خط أنابيب بحر قزوين عند استخدام خط أنابيب واحد فقط بـ900 ألف طن أسبوعياً.