تصاعد التوترات مع أميركا يربك أسواق الصين

«بنك الشعب» يوجّه العملة نحو الاستقرار... وترقب لاجتماع الحزب الحاكم

مشهد من ضفة نهر يونغجيانغ في مدينة نينغبو الصينية (رويترز)
مشهد من ضفة نهر يونغجيانغ في مدينة نينغبو الصينية (رويترز)
TT

تصاعد التوترات مع أميركا يربك أسواق الصين

مشهد من ضفة نهر يونغجيانغ في مدينة نينغبو الصينية (رويترز)
مشهد من ضفة نهر يونغجيانغ في مدينة نينغبو الصينية (رويترز)

سجل اليوان الصيني يوم الجمعة أعلى مستوى له في ثلاثة أسابيع مقابل الدولار الأميركي، مع تحرك «بنك الشعب الصيني» (البنك المركزي) لتوجيه العملة نحو الارتفاع والحفاظ على الاستقرار المالي في ظل تصاعد التوترات التجارية مع واشنطن، وقبيل انعقاد الجلسة الكاملة للحزب الشيوعي الصيني الأسبوع المقبل.

وفي الوقت نفسه، تراجعت الأسهم الصينية وأسهم هونغ كونغ بشدة، مُسجلة أكبر خسائر أسبوعية منذ أبريل (نيسان) الماضي، وسط عمليات بيع لجني الأرباح في أسهم الذكاء الاصطناعي وتزايد القلق حيال السياسات التجارية الأميركية الجديدة.

ورفع «بنك الشعب الصيني» سعر الصرف المرجعي اليومي لليوان إلى 7.0949 للدولار، وهو أعلى مستوى منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2024، وأقوى بكثير من تقديرات السوق عند 7.1154، في إشارة فُسرت على نطاق واسع بأنها محاولة لطمأنة الأسواق والحفاظ على استقرار العملة قبل اجتماع سياسي حساس.

وارتفع اليوان في التداول الفوري إلى 7.1171 للدولار، في أقوى مستوى له منذ 30 سبتمبر (أيلول)، قبل أن يقلص مكاسبه إلى 7.1236 بحلول منتصف اليوم، بينما حقق مكاسب أسبوعية قدرها 0.17 في المائة، مرتفعاً بنحو 2.5 في المائة منذ بداية العام.

وقال محللون في «غولدمان ساكس» إن «ثبات اليوان رغم جولات الرسوم الجمركية الأخيرة يعكس تفضيلاً سياسياً واضحاً للاستقرار المالي»، مرجحين استمرار هذه السياسة على المدى القريب.

• تصاعد التوتر التجاري

تأتي هذه التحركات وسط تصعيد جديد في الخلاف التجاري بين الولايات المتحدة والصين. فقد أعلنت بكين الأسبوع الماضي توسيع ضوابط تصدير المعادن النادرة، بينما هدّد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 100 في المائة على السلع الصينية، وتشديد قيود تصدير البرمجيات ابتداءً من نوفمبر (تشرين الثاني).

وردّت الصين باتهام واشنطن «بإثارة الذعر» بشأن القيود الجديدة، واعتبرت وزارة التجارة أن تصريحات وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت بشأن المفاوضين الصينيين «مشوّهة بشكل صارخ للحقائق».

وقال الخبير الاقتصادي لاري هو من بنك «ماكواري» إن «السيناريو الأكثر ترجيحاً هو تهدئة التوترات مؤقتاً والسماح بانعقاد القمة بين شي جينبينغ وترمب في 31 أكتوبر، لكن انعدام الثقة المتبادل ما زال يهدد بعودة التصعيد في أي وقت».

• تراجع حاد في الأسهم

ومن جانبها، أغلقت الأسهم الصينية على تراجع واسع، حيث هبط مؤشر «سي إس آي300» للأسهم القيادية بنسبة 2.3 في المائة، ومؤشر «شنغهاي المركب» بنسبة 2 في المائة، بينما انخفض مؤشر «هانغ سنغ» في هونغ كونغ 2.5 في المائة. وخسر مؤشر «سي إس آي300» أكثر من 2 في المائة هذا الأسبوع، في حين هبط «هانغ سنغ» 4 في المائة، وهي أكبر خسارة أسبوعية منذ أبريل (نيسان) عندما أدت الرسوم الأميركية الشاملة إلى اضطراب الأسواق العالمية.

وتراجعت أسهم التكنولوجيا الكبرى في هونغ كونغ بنحو 8 في المائة هذا الأسبوع، كما انخفض مؤشر «ستار50» المحلي للذكاء الاصطناعي بنسبة 6 في المائة، متكبداً أكبر خسارة له منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بعد موجة صعود قوية أوائل العام.

• ترقب سياسي واقتصادي في بكين

وتتجه أنظار المستثمرين إلى الاجتماع الكامل الرابع للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، المقرر عقده من 20 إلى 23 أكتوبر في بكين، والذي سيحدد الخطوط العريضة للخطة الخمسية الخامسة عشرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. ومن المتوقع أن يناقش القادة خطط التصنيع عالي التقنية، وتحفيز ضعف استهلاك الأسر، والحد من الطاقة الإنتاجية الفائضة، في وقت يُتوقع فيه أن يظهر الناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث أضعف وتيرة نمو في عام.

وأظهر استطلاع لـ«رويترز» أن هذا التباطؤ قد يهدد هدف النمو الرسمي ويزيد الضغوط على الحكومة لإطلاق حزم تحفيز إضافية لدعم الطلب المحلي. ويميل «بنك الشعب الصيني» إلى تشديد قبضته على اليوان خلال الفترات السياسية الحساسة، خاصة في ظل تصاعد المخاطر الجيوسياسية. ويرى محللون أن البنك سيواصل الموازنة بين دعم الاستقرار المالي والحد من ضعف العملة الذي قد يثير تدفقات رأس المال الخارجة.

وبحسب محللي بنك «يو بي إس»، فإن «المخاطر الهبوطية ما زالت قائمة، لكن السلطات الصينية تبدو مصممة على تجنّب تقلبات حادة في العملة والأسواق قبل الاجتماعات السياسية الكبرى».


مقالات ذات صلة

الاقتصاد حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)

إنتاج كازاخستان النفطي يتراجع 6 % بسبب تضرر خط أنابيب بحر قزوين

انخفض إنتاج كازاخستان من النفط ومكثفات الغاز بنسبة 6 في المائة في أول يومين من شهر ديسمبر، وفقاً لما ذكره مصدر في قطاع النفط والغاز يوم الخميس.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد قادة دول الخليج وممثلوهم المشاركون في «القمة الخليجية 46» التي انعقدت في العاصمة البحرينية الأربعاء (بنا)

البنك الدولي يرفع توقعاته لاقتصادات الخليج ويؤكد صمودها في مواجهة التحديات

رفع البنك الدولي توقعاته لنمو دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2026 إلى 4.5 في المائة، من توقعاته السابقة في أكتوبر (تشرين الثاني).

«الشرق الأوسط» (واشنطن - الرياض)
الاقتصاد د. عبد القادر حصرية حاكم «مصرف سوريا المركزي» ورائد هرجلي وليلى سرحان وماريو مكاري من شركة «فيزا» (الشرق الأوسط)

شراكة استراتيجية بين «مصرف سوريا المركزي» و«فيزا» لتحديث منظومة المدفوعات

أعلن «مصرف سوريا المركزي» وشركة «فيزا» العالمية عن اتفاق على خريطة طريق استراتيجية لبناء منظومة متكاملة للمدفوعات الرقمية في سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الاقتصاد ركاب بانتظار القطار في محطة بالعاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)

توافق حذر بين الحكومة وبنك اليابان على رفع الفائدة

أكدت ثلاثة مصادر حكومية مطلعة لـ«رويترز» أن رفع بنك اليابان لسعر الفائدة بات «مرجّحاً بشدة» في اجتماع ديسمبر (كانون الأول)

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

الولايات المتحدة تعلن تعليق بعض عقوباتها على شركة نفط روسية

لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
TT

الولايات المتحدة تعلن تعليق بعض عقوباتها على شركة نفط روسية

لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)

أعلنت الولايات المتحدة، الخميس، تعليق بعض العقوبات التي فرضتها على شركة النفط الروسية العملاقة «لوك أويل»، للسماح لمحطات الوقود في خارج روسيا بمواصلة العمل.

وأكدت وزارة الخزانة الأميركية أن التعامل مع هذه المحطات مجاز به «لتفادي معاقبة» زبائنها ومورّديها، وبشرط ألا يتم تحويل العائدات إلى روسيا. يسري هذا الإعفاء حتى 29 أبريل (نيسان) 2026، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وكانت الولايات المتحدة أضافت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، أكبر شركتين لإنتاج النفط في روسيا، «لوك أويل» و«روسنفت»، إلى اللائحة السوداء للكيانات الخاضعة للعقوبات، وهو سجل تتابعه العديد من الدول والشركات.

وتواجه الشركات التي تتعامل مع كيانات روسية، خطر التعرض لعقوبات ثانوية، وهو ما قد يمنعها من التعامل مع البنوك والتجار وشركات النقل والتأمين الأميركية التي تشكل العمود الفقري لسوق السلع الأساسية.

ويأتي إعلان وزارة الخزانة بعد يومين من اجتماع في موسكو بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف، في إطار مساعٍ تجريها واشنطن للتوصل إلى تسوية للحرب في أوكرانيا.


وزير المالية اللبناني: الظرف الصعب لا يسمح بفرض ضرائب بناءً على طلب «صندوق النقد»

جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
TT

وزير المالية اللبناني: الظرف الصعب لا يسمح بفرض ضرائب بناءً على طلب «صندوق النقد»

جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)

كشف وزير المالية اللبناني، ياسين جابر، عن تفاصيل جديدة تتعلق بطلبات «صندوق النقد الدولي»، مؤكداً أن «الصندوق» طلب من لبنان تحقيق فائض في الموازنة العامة إلى جانب فرض مزيد من الضرائب.

وشدد جابر، وفق ما جاء في بيان صادر عن رئاسة الجمهورية اللبنانية عقب اجتماع مجلس الوزراء، على أن وزارة المالية «لا نية لديها» لتلبية هذه المطالب؛ «تحديداً في هذا التوقيت»، عادّاً أن «الظرف صعب» وأنه لا يتحمل زيادة الأعباء على المواطنين.

وعلى صعيد آخر، قدّم وزير المالية لمحة إيجابية عن الوضع المالي العام في لبنان، وقال إن «الوضع المالي مستقر، وليس هناك عجز، وبدأنا تحقيق الفائض بالليرة اللبنانية».


إنتاج كازاخستان النفطي يتراجع 6 % بسبب تضرر خط أنابيب بحر قزوين

حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
TT

إنتاج كازاخستان النفطي يتراجع 6 % بسبب تضرر خط أنابيب بحر قزوين

حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)

انخفض إنتاج كازاخستان من النفط ومكثفات الغاز بنسبة 6 في المائة في أول يومين من شهر ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً لما ذكره مصدر في قطاع النفط والغاز يوم الخميس، وذلك عقب هجوم أوكراني بطائرة مسيّرة على منشأة تحميل تابعة لاتحاد خط أنابيب بحر قزوين في البحر الأسود.

وكان خط أنابيب بحر قزوين، الذي ينقل أكثر من 80 في المائة من صادرات كازاخستان النفطية، ويتعامل مع أكثر من 1 في المائة من الإمدادات العالمية، قد علق عملياته يوم السبت بعد تعرض مرساة في المحطة الواقعة بالقرب من ميناء نوفوروسيسك الروسي لأضرار.

واستأنف لاحقاً عمليات الإمداد باستخدام مرساة واحدة (SPM) بدلاً من المرساتين اللتين يستخدمهما عادةً. وتعمل وحدة ثالثة، قيد الصيانة حالياً والتي بدأت قبل الإضرابات، كوحدة احتياطية. وانخفض إنتاج كازاخستان من النفط ومكثفات الغاز في أول يومين من ديسمبر إلى 1.9 مليون برميل يومياً، مقارنةً بمتوسط ​​الإنتاج في نوفمبر (تشرين الثاني)، وفقاً للمصدر وحسابات «رويترز».

ويُظهر انخفاض إنتاج النفط تأثير هجوم طائرة من دون طيار تابعة لاتحاد خط أنابيب بحر قزوين على كازاخستان؛ العضو في «أوبك بلس»، والتي صدّرت نحو 68.6 مليون طن من النفط العام الماضي، وتحتل المرتبة الثانية عشرة بين أكبر منتجي النفط في العالم.

وينقل خط أنابيب بحر قزوين، الذي يبلغ طوله 1500 كيلومتر (930 ميلاً)، النفط الخام من حقول تنجيز وكاراتشاغاناك وكاشاغان في كازاخستان إلى محطة يوزنايا أوزيرييفكا في نوفوروسيسك. والموردون الرئيسيون هم حقول في كازاخستان، كما تحصل على النفط الخام من منتجين روس.

وصرح نائب وزير الطاقة الكازاخستاني، يرلان أكبروف، يوم الخميس، بأن إحدى مراسي شركة النفط والغاز الكازاخستانية (CPC) في محطة البحر الأسود تعمل بكامل طاقتها، ولا توجد أي قيود على نقل النفط.

وأفادت خمسة مصادر في قطاع الطاقة لـ«رويترز» يوم الأربعاء بأن كازاخستان ستُحوّل المزيد من النفط الخام عبر خط أنابيب «باكو-تبليسي-جيهان» في ديسمبر (كانون الأول) بسبب انخفاض طاقة خط أنابيب بحر قزوين.

كما يُصدر المنتجون الكازاخستانيون النفط الخام إلى مينائي نوفوروسيسك وأوست-لوغا الروسيين تحت علامة «كيبكو» التجارية، وإلى ألمانيا عبر خط أنابيب دروجبا، لكن هذه المسارات تُقدّم هوامش ربح أقل، وتعتمد على طاقة شركة «ترانسنفت» الروسية لتشغيل خطوط الأنابيب.

خيارات إعادة توجيه النفط من كازاخستان، وهي دولة غير ساحلية، محدودة نظراً لضغط شبكة خطوط الأنابيب الروسية بعد هجمات متكررة بطائرات من دون طيار على مصافيها ومنشآت التصدير.

وقدّر مصدر آخر في قطاع الطاقة فقدان طاقة تحميل خط أنابيب بحر قزوين عند استخدام خط أنابيب واحد فقط بـ900 ألف طن أسبوعياً.