أظهرت سوق العمل البريطانية مؤشرات على الاستقرار، حيث سجل نمو الأجور أبطأ وتيرة منذ عام 2022، فيما ارتفع مؤشر التوظيف، وفقاً لبيانات رسمية صادرة يوم الثلاثاء عن مكتب الإحصاء الوطني.
وأوضح المكتب أن متوسط الدخل الأسبوعي، باستثناء المكافآت، ارتفع بنسبة 4.7 في المائة في الفترة من يونيو (حزيران) إلى أغسطس (آب) مقارنة بالعام السابق، وهو أضعف قليلاً من زيادة بنسبة 4.8 في المائة بالأشهر الثلاثة المنتهية في يوليو (تموز)، مسجلاً أبطأ نمو منذ مايو (أيار) 2022، ومتوافقاً مع توقعات استطلاع أجرته «رويترز».
ويراقب بنك إنجلترا ضغوط التضخم في الاقتصاد البريطاني، بما في ذلك نمو الأجور، وقد أبقى مسؤولو البنك أسعار الفائدة عند 4 في المائة الشهر الماضي. ويتوقع المستثمرون أن يقوم البنك بخفض آخر لسعر الفائدة في أبريل (نيسان) 2026 فقط، وفقاً لبيانات بورصة لندن للأوراق المالية.
وفي القطاع الخاص وحده، الذي يتابعه بنك إنجلترا من كثب، ارتفعت الأرباح باستثناء المكافآت بنسبة 4.4 في المائة بالأشهر الثلاثة المنتهية في أغسطس، بانخفاض عن 4.7 في المائة في الأشهر الثلاثة السابقة.
وأفاد مكتب الإحصاء الوطنية بأن بيانات الضرائب أظهرت ارتفاع عدد الموظفين المسجلين في جداول الرواتب بمقدار 10 آلاف بين يوليو وأغسطس - وهي أول زيادة كبيرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي - قبل أن ينخفض العدد بمقدار 10 آلاف في سبتمبر (أيلول)، وفقاً للبيانات الأولية.
وقالت ليز ماكوين، مديرة الإحصاءات الاقتصادية في المكتب: «بعد فترة طويلة من ضعف نشاط التوظيف، هناك دلائل على أن الانخفاضات التي شهدناها في أعداد الرواتب والوظائف الشاغرة بدأت تستقر الآن».
ويشعر بعض مسؤولي بنك إنجلترا بالقلق من أن سوق العمل لا تزال تخلق ضغوطاً تضخمية، مما قد يؤخر مزيداً من تخفيضات أسعار الفائدة، حتى في ظل كفاح الاقتصاد للنمو بوتيرة أسرع.
وقالت ميغان غرين، صانعة السياسات في البنك، يوم الاثنين، إن تأثير زيادة فاتورة الضمان الاجتماعي على أصحاب العمل بدأ يخف تدريجياً. وارتفع معدل البطالة في بريطانيا خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في أغسطس إلى 4.8 في المائة، رغم أن مسؤولاً في مكتب الإحصاء الوطني أشار إلى أن المسح المستخدم لتحديد معدل البطالة لا يزال قيد التحسين.
الجنيه الإسترليني يتراجع
بعد صدور البيانات، واصل الجنيه الإسترليني تراجعه لينخفض بنسبة 0.5 في المائة إلى 1.3268 دولار، بعد أن سجل أداءً إيجابياً طفيفاً قبل صدور البيانات، فيما ارتفع اليورو أمام الإسترليني بالنسبة ذاتها ليصل إلى 0.8719، متجهاً نحو أكبر قفزة يومية له منذ نحو شهر.
وعلق سانجاي راجا، كبير الاقتصاديين في «دويتشه بنك» بالمملكة المتحدة، قائلاً: «في حين أن جميع البيانات قابلة للمراجعة، وينبغي أخذها بحذر، هناك أمر واضح: الركود في سوق العمل مستمر». وأضاف أن البيانات من شأنها أن «تمنح الدعم» للمؤيدين لسياسة بنك إنجلترا في لجنة السياسة النقدية، خصوصاً أولئك الذين يميلون عادةً إلى خفض أسعار الفائدة، بينما توفر للمؤيدين للوسط في اللجنة «مادة للتفكير». وأوضح: «ما زلنا نعتقد أن خفض أسعار الفائدة في الربع الأخير قد يكون أقل من تقدير الأسواق».
ومن المقرر أن تقدم بيانات الناتج المحلي الإجمالي هذا الأسبوع، إلى جانب بيانات التضخم الأسبوع المقبل، مؤشرات إضافية حول صحة الاقتصاد البريطاني، وإمكانية مزيد من تخفيضات أسعار الفائدة من قِبل بنك إنجلترا.
كما انخفضت عوائد سندات الحكومة البريطانية يوم الثلاثاء، بعد صدور البيانات الرسمية التي أظهرت تباطؤاً في نمو الأجور، وهو ما يراقبه بنك إنجلترا من كثب لتحديد توقيت خفض أسعار الفائدة. وانخفضت عوائد السندات الحكومية البريطانية لأجل عامين - الأكثر تأثراً بتكهنات السياسة النقدية للبنك - بنحو 5 نقاط أساس في التعاملات المبكرة لتصل إلى 3.897 في المائة، وهو أدنى مستوى لها منذ 8 سبتمبر.
تضخم أسعار البقالة يرتفع
في سياق منفصل، أظهرت بيانات قطاع الأغذية يوم الثلاثاء، ارتفاع تضخم أسعار البقالة في المملكة المتحدة إلى 5.2 في المائة في الأسابيع الأربعة المنتهية في 5 أكتوبر، مما زاد الضغوط على المستهلكين الذين يواجهون بالفعل ارتفاعاً في فواتير الطاقة.
ويقدم هذا الرقم الصادر عن «وورلد بانل»، مؤشراً مبكراً على ضغوط الأسعار قبل صدور بيانات التضخم الرسمية بالمملكة المتحدة في 22 أكتوبر، مقارنة بـ4.9 في المائة في تقرير الشهر الماضي. وأفادت «وورلد بانل» بأن الأسعار ارتفعت بأسرع وتيرة في أسواق؛ مثل الشوكولاته واللحوم الطازجة والقهوة، في حين انخفضت بأسرع وتيرة في أسواق الورق المنزلي وحلوى السكر.
وأشارت شركات بيع المواد الغذائية في بريطانيا إلى أن ارتفاع ضرائب أصحاب العمل والتكاليف التنظيمية، بالإضافة إلى زيادة أجور الموظفين، يزيد من الضغوط التضخمية الناجمة عن ارتفاع أسعار السلع الأساسية. ويتوقع اتحاد التجزئة البريطاني، الذي يمثل أكبر تجار التجزئة، أن يصل تضخم أسعار المواد الغذائية إلى 6 في المائة بحلول نهاية العام، ما سيزيد الضغط على ميزانيات الأسر قبل موسم عيد الميلاد. وتوقع بنك إنجلترا أن يبلغ التضخم 5.5 في المائة قبل عيد الميلاد، ثم يتراجع مع تلاشي عوامل البيع بالجملة العالمية.
واستقر التضخم الإجمالي في المملكة المتحدة عند 3.8 في المائة في أغسطس، وفقاً للبيانات الرسمية المنشورة الشهر الماضي، وهو الأعلى بين الاقتصادات المتقدمة الرئيسية. وأفادت شركة «وورلد بانل» بأن مبيعات البقالة ارتفعت بنسبة 4.1 في المائة خلال فترة الأسابيع الأربعة على أساس سنوي. وأظهرت بيانات منفصلة للقطاع أن إنفاق المستهلك البريطاني نما بأبطأ وتيرة له في 4 أشهر في سبتمبر، مع قيام المستهلكين بتقليص الإنفاق نتيجة عدم اليقين بشأن موازنة وزيرة المالية راشيل ريفز الشهر المقبل، وارتفاع فواتير الطاقة.
