مديرة صندوق النقد الدولي تحذر: المرونة الاقتصادية «قد لا تدوم»

نبهت إلى حالة عدم اليقين الاقتصادي وقالت إن المخاطر لا تزال قائمة

غورغييفا تتحدث قبيل اجتماعات الخريف في معهد ميلكن في واشنطن (رويترز)
غورغييفا تتحدث قبيل اجتماعات الخريف في معهد ميلكن في واشنطن (رويترز)
TT

مديرة صندوق النقد الدولي تحذر: المرونة الاقتصادية «قد لا تدوم»

غورغييفا تتحدث قبيل اجتماعات الخريف في معهد ميلكن في واشنطن (رويترز)
غورغييفا تتحدث قبيل اجتماعات الخريف في معهد ميلكن في واشنطن (رويترز)

يُحافظ الاقتصاد العالمي على صموده بشكل أفضل من المتوقع على الرغم من الصدمات الكبرى، مثل رسوم الرئيس دونالد ترمب الجمركية، لكن مديرة صندوق النقد الدولي تُشير إلى أن هذه المرونة قد لا تدوم.

«استعدوا»، قالت المديرة العامة كريستالينا غورغييفا، في كلمة لها في مركز أبحاث يوم الأربعاء: «عدم اليقين هو الوضع الطبيعي الجديد، وسيبقى هنا».

تأتي تعليقاتها في معهد ميلكن في يوم وصلت فيه أسعار الذهب إلى 4 آلاف دولار للأونصة لأول مرة، حيث يبحث المستثمرون عن ملاذ آمن من ضعف الدولار وعدم اليقين الجيوسياسي، وقبل أن يعقد صندوق النقد الدولي والبنك الدولي اجتماعاتهما السنوية الأسبوع المقبل في واشنطن. ومن المتوقع أن تكون عقوبات ترمب التجارية محط تركيز كبير عندما يجتمع قادة التمويل العالمي ومحافظو البنوك المركزية.

توقعت غورغييفا نمو الاقتصاد العالمي بنسبة 3 في المائة هذا العام، مشيرة إلى أن هذا الصمود يعود إلى تبني الدول لسياسات اقتصادية حاسمة، وقدرة القطاع الخاص على التكيف، وأن التأثير الفعلي للرسوم الجمركية كان أقل حدة مما كان متوقعاً في البداية.

لكنها أطلقت ناقوس الخطر، مشيرة إلى أن هذه المرونة لم تُختبر بالكامل بعد. وقالت: «ولكن قبل أن يتنفس أي شخص الصعداء، يُرجى سماع هذا: لم تُختبر المرونة العالمية بشكل كامل بعد. وهناك مؤشرات مقلقة على أن الاختبار قد يأتي. انظروا فقط إلى الطلب العالمي المتزايد على الذهب».

سبائك الذهب بعد فحصها وتلميعها في مصفاة «إي بي سي» في سيدني (أ.ف.ب)

في يوليو (تموز)، رفع صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو العالمي بمقدار 0.2 نقطة مئوية ليصل إلى 3.0 في المائة لعام 2025، وبمقدار 0.1 نقطة مئوية ليصل إلى 3.1 في المائة لعام 2026.

وأضافت غورغييفا أن أداء الاقتصاد العالمي «أفضل مما كان متوقعاً، ولكنه أسوأ مما هو مطلوب»، مشيرةً إلى أن صندوق النقد الدولي كان يتوقع نمواً عالمياً بنحو 3 في المائة على المدى المتوسط، وهو أقل بكثير من توقعات 3.7 في المائة قبل جائحة «كوفيد-19».

وأشارت غورغييفا إلى وجود تيارات عميقة من التهميش والسخط والمعاناة في جميع أنحاء العالم، وقالت إن الاقتصاد العالمي يواجه مجموعة من المخاطر. وأوضحت أن حالة عدم اليقين بلغت مستويات عالية بشكل استثنائي وتستمر في الارتفاع، بينما يتزايد الطلب على الذهب - وهو أصل ملاذ آمن تقليدي للمستثمرين - مضيفة أن حيازات الذهب النقدي تجاوزت الآن 20 في المائة من الاحتياطيات الرسمية للعالم.

غورغييفا تتحدث قبيل اجتماعات الخريف في معهد ميلكن في واشنطن (رويترز)

كانت صدمة التعريفات الجمركية الأميركية أقل حدة مما أُعلن عنه في البداية في أبريل (نيسان)، حيث بلغ معدل التعريفات الجمركية المرجح للتجارة في الولايات المتحدة الآن نحو 17.5 في المائة، بانخفاض عن 23 في المائة في أبريل، وتتجنب الدول إلى حد كبير التعريفات الانتقامية. لكن معدلات التعريفات الجمركية الأميركية تتغير باستمرار، وقد يرتفع التضخم الأميركي إذا بدأت الشركات في تمرير المزيد من تكلفة التعريفات الجمركية، أو إذا أدى تدفق السلع المتجهة سابقاً إلى الولايات المتحدة إلى جولة ثانية من زيادات التعريفات الجمركية في أماكن أخرى.

وقالت إن تقييمات الأسواق المالية تتجه أيضاً نحو مستويات شوهدت آخر مرة خلال صعود الإنترنت قبل 25 عاماً. إن أي تحول مفاجئ في المعنويات - كما حدث خلال انهيار شركات الإنترنت في مارس (آذار) 2000 - قد يُبطئ النمو العالمي، ما يجعل الحياة صعبة للغاية على الدول النامية. وقالت: «استعدوا جيداً... عدم اليقين هو الوضع الطبيعي الجديد، وسيبقى كذلك».

مستويات الدين

حثّت رئيسة صندوق النقد الدولي الدول على تعزيز النمو بشكل مستدام من خلال تعزيز إنتاجية القطاع الخاص، وضبط الإنفاق المالي، ومعالجة الاختلالات المفرطة، ما يسمح لها بإعادة بناء احتياطياتها استعداداً للأزمة المقبلة.

وأضافت أن من المتوقع أن يتجاوز الدين العام العالمي 100 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2029. وتُعد المنافسة عنصراً أساسياً، إلى جانب حقوق الملكية التي تُراعي السوق الحرة، وسيادة القانون، والرقابة القوية على القطاع المالي، والمؤسسات الخاضعة للمساءلة.

وأشارت إلى أن الدول في آسيا بحاجة إلى تعميق التجارة وإجراء إصلاحات لتعزيز قطاع الخدمات. إن السعي لخفض الحواجز غير الجمركية وتعزيز التكامل الإقليمي قد يرفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.8 في المائة على المدى الطويل. في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، يمكن للإصلاحات الداعمة للأعمال أن ترفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الدولة الأفريقية المتوسطة بأكثر من 10 في المائة.

وقالت إنه ينبغي لأوروبا المضي قدماً في بناء سوق موحدة، مما قد يساعدها على مواكبة ديناميكية القطاع الخاص الأميركي. وأضافت أنه ينبغي للولايات المتحدة اتخاذ «إجراءات مستدامة» لخفض ديونها الفيدرالية، حيث من المتوقع أن تتجاوز نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي أعلى مستوى لها على الإطلاق بعد الحرب العالمية الثانية. كما ينبغي لها العمل على تعزيز مدخرات الأسر، من خلال معاملة مدخرات التقاعد معاملة تفضيلية. وأضافت أن على الصين أيضاً القيام ببعض الأعمال، بما في ذلك زيادة الإنفاق المالي على شبكات الأمان الاجتماعي وإصلاح قطاع العقارات، مع خفض الإنفاق على مبادرات السياسة الصناعية.


مقالات ذات صلة

مصر تنتظر 3.8 مليار دولار من صندوق النقد الدولي خلال أسابيع

الاقتصاد بنايات على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر تنتظر 3.8 مليار دولار من صندوق النقد الدولي خلال أسابيع

تنتظر مصر أن يصرف صندوق النقد الدولي نحو 3.8 مليار دولار ضمن برنامج القرض الممتد بجانب جزء آخر من صندوق الاستدامة والصلابة.

صبري ناجح (القاهرة)
الاقتصاد شعار صندوق النقد الدولي على مقره بالعاصمة الأميركية واشنطن (رويترز)

صندوق النقد يتوصل لاتفاق بشأن المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج مصر

قال صندوق النقد الدولي اليوم الاثنين إنه توصل ‌إلى ‌اتفاق ‌على ⁠مستوى الخبراء ​بشأن ‌المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج مصر ضمن تسهيل الصندوق ⁠الممدد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا خلال إحدى جلسات منتدى «1+10» في العاصمة الصينية بكين (رويترز)

صندوق النقد يرفع توقعات نمو الصين ويحذِّر من «تحديات انكماشية»

رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد الصيني، ليصل إلى 5 % في عام 2025، و4.5 % في 2026.

«الشرق الأوسط» (بكين)
شمال افريقيا رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال متابعة جهود توافر السلع الغذائية في الأسواق (مجلس الوزراء)

«مراجعة صندوق النقد»... هل تمس «خفض الدعم» في مصر؟

تتجدد مع كل زيارة لصندوق النقد إلى مصر لإجراء مراجعات اتفاق القرض مخاوف لدى المصريين من خفض الدعم، لكن خبراء استبعدوا ذلك هذه المرة.

محمد محمود (القاهرة )
الاقتصاد رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف مع مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا خلال لقائهما في دبي (حساب غورغييفا على إكس)

صندوق النقد الدولي يوافق على صرف دفعة جديدة بقيمة 1.2 مليار دولار لباكستان

وافق صندوق النقد الدولي على صرف دفعة جديدة بقيمة 1.2 مليار دولار لباكستان بموجب اتفاقية ثنائية، مما يُبرز «حفاظ البلاد على استقرارها» رغم الفيضانات المدمرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الصين تُقر تعديلات على قانون التجارة الخارجية لتعزيز قدرات الحرب التجارية

آلاف الحاويات في ميناء تشينغداو التجاري في شرق الصين (أ.ف.ب)
آلاف الحاويات في ميناء تشينغداو التجاري في شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

الصين تُقر تعديلات على قانون التجارة الخارجية لتعزيز قدرات الحرب التجارية

آلاف الحاويات في ميناء تشينغداو التجاري في شرق الصين (أ.ف.ب)
آلاف الحاويات في ميناء تشينغداو التجاري في شرق الصين (أ.ف.ب)

أقرت الصين، السبت، تعديلات على قانون رئيس، بهدف تعزيز قدرة بكين ​على شن حرب تجارية، والحد من الشحنات الصادرة، أبرزها المعادن ذات الأهمية الاستراتيجية، وكذلك زيادة انفتاح الاقتصاد الذي يبلغ حجمه 19 تريليون دولار.

وذكرت وكالة الأنباء الصين الجديدة (شينخوا) السبت أن المراجعة ‌الأحدث لقانون ‌التجارة الخارجية، والتي ‌وافقت ⁠عليها ​أعلى هيئة ‌تشريعية في الصين، ستدخل حيز التنفيذ في الأول من مارس (آذار) 2026.

ويجري ثاني أكبر اقتصاد في العالم إصلاحات للأُطر القانونية المتعلقة بالتجارة، وذلك جزئياً لإقناع أعضاء تكتل تجاري رئيس عبر المحيط الهادئ -⁠تم تأسيسه لمواجهة النفوذ الصيني المتزايد- بأن القوة ‌الصناعية تستحق مقعداً على الطاولة، حيث ‍تسعى بكين إلى تقليل اعتمادها على الولايات المتحدة.

ووفقاً لـ«شينخوا»، تضيف المراجعة أيضاً بنداً ينص على أن التجارة الخارجية يجب أن «تخدم التنمية الاقتصادية والاجتماعية الوطنية»، وتساعد في ​بناء الصين لتصبح «دولة تجارية قوية».

وأضافت الوكالة أن المراجعة «توسّع وتحسّن» ⁠مجموعة الأدوات القانونية لمواجهة التحديات الخارجية.

وتركز المراجعة على قطاعات مثل التجارة الرقمية، والتجارة الخضراء، إلى جانب أحكام الملكية الفكرية، والتحسينات الرئيسة التي تحتاج الصين إلى إدخالها للوفاء بمعايير الاتفاقية الشاملة والتقدمية للشراكة عبر المحيط الهادئ، بدلاً من أدوات الدفاع التجاري التي تم التركيز عليها في مراجعة عام 2020 بعد حرب ‌الرسوم الجمركية التي استمرت لأربع سنوات خلال ولاية ترمب الأولى.


هدوء ما بعد العطلة.. العقود الآجلة الأميركية تترقّب 2026 بسيولة محدودة

متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
TT

هدوء ما بعد العطلة.. العقود الآجلة الأميركية تترقّب 2026 بسيولة محدودة

متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

شهدت العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأميركية تعاملات هادئة في جلسة ضعيفة السيولة عقب عطلة عيد الميلاد يوم الجمعة، في وقت يراهن فيه المستثمرون على مزيد من خفض أسعار الفائدة، إلى جانب قوة أرباح الشركات، لدفع الأسواق نحو تسجيل مستويات قياسية جديدة خلال العام المقبل.

وكان مؤشرا «ستاندرد آند بورز 500» و«داو جونز» الصناعي قد أنهيا جلسة الأربعاء عند مستويات قياسية، مختتمَيْن موجة صعود واسعة خلال جلسة تداول مختصرة بفعل العطلة، وفق «رويترز».

وبحلول الساعة 6:13 صباحاً بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة، تراجعت العقود الآجلة المصغرة لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنقطتَين، أي بنسبة 0.03 في المائة، في حين ارتفعت العقود الآجلة لمؤشر «ناسداك 100» بمقدار 6 نقاط، أو 0.02 في المائة. في المقابل، انخفضت العقود الآجلة لمؤشر «داو جونز» بنحو 55 نقطة، أي ما يعادل 0.11 في المائة.

وجاء هذا الأداء بعد مكاسب حققتها الأسهم في الأيام الأخيرة، أعقبت أشهراً من عمليات بيع متقطعة، كانت قد طالت أسهم شركات الذكاء الاصطناعي على خلفية مخاوف تتعلّق بارتفاع التقييمات وزيادة النفقات الرأسمالية بما قد يضغط على الأرباح.

غير أن بيانات اقتصادية أظهرت متانة الاقتصاد الأميركي، إلى جانب توقعات بتحول السياسة النقدية نحو مزيد من التيسير مع تولي رئيس جديد مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» العام المقبل، فضلاً عن عودة الزخم إلى أسهم الذكاء الاصطناعي؛ أسهمت جميعها في دعم انتعاش الأسواق. ووضعت هذه العوامل مؤشرات «ستاندرد آند بورز 500» و«داو جونز» و«ناسداك» على المسار لتحقيق مكاسب للعام الثالث على التوالي.

وحتى الآن من عام 2025، ارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بأكثر من 17 في المائة، مدفوعاً في الغالب بأسهم شركات التكنولوجيا العملاقة، إلا أن موجة الصعود اتسعت نطاقها مؤخراً مع توجه المستثمرين نحو القطاعات الدورية، مثل القطاع المالي وقطاع المواد الأساسية.

ويراقب المتداولون من كثب ما إذا كان ما يُعرف بـ«ارتفاع سانتا كلوز» سيتكرر هذا العام، وهي ظاهرة موسمية يشهد خلالها مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» مكاسب في آخر 5 أيام تداول من العام وأول يومَين من يناير (كانون الثاني)، وفقاً لتقويم متداولي الأسهم. وقد بدأت هذه الفترة يوم الأربعاء وتستمر حتى الخامس من يناير.

وعلى صعيد الأسهم الفردية، ارتفعت أسهم شركة «إنفيديا» بنسبة 0.7 في المائة في تداولات ما قبل افتتاح السوق، بعد موافقة شركة تصميم رقائق الذكاء الاصطناعي على ترخيص تقنية من شركة «غروك» الناشئة، إلى جانب تعيين رئيسها التنفيذي.

كما صعدت أسهم شركة «مايكرون تكنولوجي» بنسبة 2 في المائة، لتضيف إلى مكاسبها التي قاربت 22 في المائة منذ بداية الشهر، مدعومة بتوقعات قوية للأرباح.

في المقابل، تراجعت أسهم شركة «بيوهافن» بنسبة 13.4 في المائة، بعدما أخفق دواؤها التجريبي لعلاج الاكتئاب في تحقيق الهدف الرئيسي خلال المرحلة المتوسطة من التجارب السريرية، في انتكاسة جديدة تُضاف إلى سلسلة خيبات الشركة هذا العام.

وعلى الجانب الإيجابي، ارتفعت أسهم شركة «كوبانغ» بنسبة 6.2 في المائة، بعد أن أعلنت شركة التجارة الإلكترونية أن جميع بيانات العملاء التي سُرّبت من فرعها في كوريا الجنوبية قد جرى حذفها من قبل المشتبه به.

كما سجلت أسهم شركات تعدين المعادن النفيسة المدرجة في الولايات المتحدة، مثل «فيرست ماجستيك» و«كوير ماينينغ» و«إنديفور سيلفر»، مكاسب تراوحت بين 2.8 في المائة و4.4 في المائة، تزامناً مع تسجيل أسعار الذهب والفضة مستويات قياسية جديدة.


بعد المكاسب القياسية... كيف تتحرك الفضة في أروقة البورصات العالمية؟

سبائك الفضة على طاولة داخل غرفة خزائن الودائع الآمنة في دار الذهب «برو أوروم» بمدينة ميونيخ (رويترز)
سبائك الفضة على طاولة داخل غرفة خزائن الودائع الآمنة في دار الذهب «برو أوروم» بمدينة ميونيخ (رويترز)
TT

بعد المكاسب القياسية... كيف تتحرك الفضة في أروقة البورصات العالمية؟

سبائك الفضة على طاولة داخل غرفة خزائن الودائع الآمنة في دار الذهب «برو أوروم» بمدينة ميونيخ (رويترز)
سبائك الفضة على طاولة داخل غرفة خزائن الودائع الآمنة في دار الذهب «برو أوروم» بمدينة ميونيخ (رويترز)

سجّلت أسعار الفضة قفزةً تاريخيةً باختراقها مستوى 75 دولاراً للأونصة للمرة الأولى خلال تعاملات يوم الجمعة، لتبلغ ذروةً سعريةً غير مسبوقة جاءت نتيجة تداخل عوامل جيوسياسية وتقنية وهيكلية متشابكة. ويعكس هذا الارتفاع تسارع الطلب الصناعي والتقني، بالتوازي مع تنامي الإقبال الاستثماري، في ظل اتساع فجوة العجز بين العرض والطلب على المستوى العالمي.

واكتسب المعدن الأبيض زخماً إضافياً عقب تصنيفه مؤخراً ضمن قائمة «المعادن الحيوية الاستراتيجية» في الولايات المتحدة، ما أطلق موجات شراء كثيفة مدفوعة بزخم السوق. ووفق بيانات «رويترز»، حقق سعر الفضة الفوري نمواً قياسياً تجاوز 150 في المائة منذ مطلع العام الحالي، متفوقاً بفارق واسع على أداء الذهب، الذي سجل بدوره مكاسب قوية تخطت 70 في المائة، الأمر الذي يرسّخ مكانة الفضة أحد أفضل الأصول الاستثمارية أداءً خلال عام 2025.

فكيف يتم تداول الفضة؟

1. التداول خارج البورصة

تُعد لندن أكبر سوق للفضة المادية، إلى جانب الذهب، حيث تتولى البنوك وشركات الوساطة تنفيذ أوامر البيع والشراء لعملاء من مختلف أنحاء العالم.

ويجري التداول في هذا السوق بشكل ثنائي خارج البورصة بين المؤسسات المالية، ما يتطلب من المستثمرين إقامة علاقة مباشرة مع إحدى هذه الجهات للوصول إلى السوق.

وتستند سوق الفضة في لندن إلى سبائك محفوظة في خزائن بنوك كبرى مثل «جي بي مورغان» و«إتش إس بي سي».

وبنهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2025، بلغت كمية الفضة المخزنة في خزائن لندن نحو 27.187 طن.

2. العقود الآجلة

تُتداول الفضة أيضاً في أسواق العقود الآجلة، وأبرزها بورصة شنغهاي للعقود الآجلة في الصين، وبورصة «كومكس» التابعة لمجموعة «سي إم إي» في نيويورك.

والعقود الآجلة هي اتفاقات يلتزم فيها البائع بتسليم الفضة إلى المشتري في تاريخ مستقبلي محدد، وغالباً ما يتم تداولها عبر وسطاء.

ولا يحتفظ المتعاملون بمعظم هذه العقود حتى موعد التسليم الفعلي، بل يتم استبدال عقود ذات تواريخ لاحقة بها، ما يتيح للطرفين المضاربة على تحركات أسعار الفضة دون الحاجة إلى نقل المعدن أو تخزينه.

ومن أبرز مزايا العقود الآجلة أن المستثمر لا يدفع القيمة الكاملة للفضة، بل يكتفي بدفع جزء منها يُعرف باسم الهامش.

3. صناديق المؤشرات المتداولة

تُتداول صناديق المؤشرات المتداولة للفضة في البورصات، مثل بورصة نيويورك وبورصة لندن، إلى جانب أسهم الشركات المدرجة.

وتقوم هذه الصناديق بتخزين الفضة نيابةً عن المستثمرين، حيث يمثل كل سهم كمية محددة من الفضة محفوظة في خزائن مخصصة.

ويستطيع صغار المستثمرين تداول أسهم هذه الصناديق بسهولة عبر تطبيقات التداول مثل «روبن هود».

وعندما يكون الطلب على صندوق مؤشرات متداولة قوياً بما يكفي لرفع سعره فوق السعر الفوري للفضة، يتم إضافة كميات جديدة من المعدن إلى الخزائن لإصدار أسهم إضافية، ما يساعد على إعادة الأسعار إلى مستوياتها الطبيعية.

ويُعد أكبر هذه الصناديق «آي شيرز سيلفر ترست»، الذي تديره شركة «بلاك روك»، ويحتفظ بنحو 529 مليون أونصة من الفضة، تُقدّر قيمتها بنحو 39 مليار دولار وفق الأسعار الحالية.

4. السبائك والعملات الفضية

يمكن للمستثمرين الأفراد أيضاً شراء سبائك وعملات فضية مباشرة من تجار التجزئة حول العالم، وهي وسيلة تقليدية للاحتفاظ بالفضة المادية.

5. شركات تعدين الفضة

كما يستطيع المستثمرون شراء أسهم شركات تعدين الفضة، التي يتم تداولها بسهولة عبر منصات الاستثمار، على غرار صناديق المؤشرات المتداولة.

وعادةً ما تتحرك أسعار أسهم هذه الشركات صعوداً وهبوطاً تبعاً لتغيرات أسعار الفضة، إلا أن عوامل أخرى عديدة، مثل جودة الإدارة، ومستويات الديون، والأداء التشغيلي، تلعب دوراً مهماً في تحديد قيمتها السوقية.