قمم تاريخية تلوح في الأفق لسوق الأسهم السعودية وسط تفاؤل بتجاوز تحديات 2025

بعد هبوط مؤشرها العام بواقع 4 % خلال تداولات هذا العام

أحد المستثمرين يراقب سهم «أرامكو» في السوق المالية السعودية بالرياض (رويترز)
أحد المستثمرين يراقب سهم «أرامكو» في السوق المالية السعودية بالرياض (رويترز)
TT

قمم تاريخية تلوح في الأفق لسوق الأسهم السعودية وسط تفاؤل بتجاوز تحديات 2025

أحد المستثمرين يراقب سهم «أرامكو» في السوق المالية السعودية بالرياض (رويترز)
أحد المستثمرين يراقب سهم «أرامكو» في السوق المالية السعودية بالرياض (رويترز)

علّل مختصون ومحللون ماليون أسباب تراجع سوق الأسهم السعودية خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2025، بتراجع أسعار النفط عن متوسط أسعارها في 2024، واستمرار أسعار الفائدة مرتفعة محلياً وعالمياً، وتوترات الأسواق العالمية وعدم استقرار الاقتصاد الصيني، بالإضافة إلى انخفاض أرباح بعض الشركات القيادية في القطاعات المصرفية والبتروكيميائية.

وتوقع هؤلاء في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن تشهد السوق خلال تداولات الربع الأخير من 2025، تحسناً في مؤشرها العام، والتي، برأيهم، قد تتخللها قمم تاريخية جديدة، مدعومةً بتوقعات تخفيف السياسة النقدية العالمية، وتحسن أسعار النفط مع دخول موسم الشتاء، واستقرار المنطقة جيو سياسياً واتجاهها نحو التهدئة في أغلب الملفات، وزوال أغلب المؤثرات على النمو الاقتصادي العالمي.

وكانت سوق الأسهم السعودية (تداول) قد سجلت تراجعات قياسية خلال الأشهر التسعة الأولى من 2025، حيث تراجع مؤشرها العام بنسبة 4.43 في المائة، ليفقد 533.53 نقطة ويهبط إلى 11.502.97 نقطة، مقارنةً بإغلاقه عام 2024 عند 12.036.50 نقطة. ووصلت الخسائر السوقية إلى نحو 235.23 مليار دولار (882.11 مليار ريال)، خلال الفترة ذاتها، ليهبط رأس المال السوقي للأسهم المدرجة في «تداول» إلى 9.318 تريليون ريال، مقابل 10.2 تريليون ريال بنهاية العام الماضي.

وسجل 16 قطاعاً في السوق هبوطاً خلال تداولات نهاية الربع الثالث من العام الحالي، وجاء قطاع المرافق العامة في صدارتها، بتراجعه بنحو 40 في المائة، تلاه قطاع الطاقة بتراجعه بنحو 11 في المائة. بينما سجلت باقي قطاعات السوق أداءً إيجابياً، وكان في مقدمها قطاع الاتصالات، بمكاسب أسهمت في صعود مؤشر القطاع بنحو 14.9 في المائة. كما سجل قطاع البنوك ارتفاعاً بنحو 7.7 في المائة.

ووصل إجمالي قيمة التداول في السوق السعودية خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2025، إلى نحو 1.01 تريليون ريال، بمتوسط شهري 112.68 مليار ريال. كما سجلت السوق كميات تداول بلغت 53.2 مليار سهم خلال الفترة، بمتوسط كميات بلغ 5.91 مليار سهم، للشهر الواحد.

وخلال الربع الثالث من العام، حققت السوق السعودية أداءً إيجابياً، مقارنةً بباقي أرباع العام الحالي، كسب خلالها المؤشر نحو 339.01 نقطة وليرتفع بنسبة 3.04 في المائة. في حين كان الربع الثاني الأسوأ على صعيد التداولات، إذ خسر المؤشر خلالها نحو 861.09 نقطة وهبط بنسبة 7.16 في المائة، بينما كان تراجع السوق خلال الربع الأول طفيفاً بنسبة ضئيلة بلغت 0.10 خسر خلالها نحو 11.45 نقطة.

عوامل داخلية وخارجية وراء التراجع

وقال محلل الأسواق المالية عضو «جمعية الاقتصاد» السعودية، الدكتور سليمان آل حميد الخالدي، لـ«الشرق الأوسط»، إن تداولات السوق السعودية شهدت تراجعات نسبية خلال الفترة الماضية من العام الحالي متأثرةً بعدة عوامل داخلية وخارجية، أسهمت في وصف أداء السوق بأنها الأسوأ خلال هذا العام، وفقد خلالها المؤشر العام (تاسي) جزءاً من مكاسبه السابقة وسط تذبذب السيولة وتراجع شهية المخاطرة، وخلق السوق نوعاً من البلبلة وعدم الوضوح في أدائه المتراجع لأكثر من تسعة أشهر على التوالي.

وحدّد الخالدي 4 أسباب وراء تراجع السوق خلال تداولات 2025 وحتى الربع الثالث، في مقدمها تراجع أسعار النفط عن متوسط أسعارها في 2024، مما انعكس على توقعات الإنفاق الحكومي وأرباح الشركات؛ وارتفاع أسعار الفائدة محلياً وعالمياً، مما ضغط على تقييمات الأسهم وأدى إلى تحويل بعض السيولة نحو أدوات الدخل الثابت؛ وتوترات الأسواق العالمية وعدم استقرار الاقتصاد الصيني، مما أثر على معنويات المستثمرين في الأسواق الناشئة عموماً؛ وانخفاض أرباح بعض الشركات القيادية في القطاعات المصرفية والبتروكيميائية.

ويتوقع الخالدي أن تشهد السوق خلال تداولات الربع الأخير من 2025، تحسناً محدوداً أو استقراراً نسبياً بدعم من توقعات تخفيف السياسة النقدية العالمية، وتحسن أسعار النفط مع دخول موسم الشتاء، وأن يتراوح نطاق الحركة بين +3 في المائة و -2 في المائة حتى نهاية العام، ما لم تطرأ أحداث اقتصادية مفاجئة.

وأشار إلى أن التحديات القادمة تتمثل في استمرار الضغوط التضخمية، وتباطؤ النمو العالمي، إضافة إلى ترقب نتائج الربع الثالث للشركات الكبرى، مضيفاً أن «السوق بوجه عام تمر بمرحلة إعادة توازن، ويتوقع أن تستعيد زخمها التدريجي في 2026 مع تحسن البيئة الاقتصادية الكلية، وقد نشهد ارتفاعاً للمؤشر عند مستوى 13500 نقطة، ثم يواصل الصعود بعد التخفيضات القادمة لنسبة الفائدة خلال الأشهر المتبقية من هذا العام وبداية العام الجديد».

السيولة تتحين الفرص

من جانبه، قال خبير أسواق المال عبيد المقاطي في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»، إن التداولات السنوية في سوق الأسهم لا تركز على نتائج المؤشر اليومية أو الأسبوعية وهدفها استثماري تجميعي وتحقيق مستهدفاتها في القمم لجني الأرباح، وفي التجميع مع القيعان السنوية، مضيفاً أن «السوق السعودية بدأت موجة صاعدة منذ أبريل (نيسان) 2020 وانطلق المؤشر في هذه الموجة من قاع 5959 نقطة حتى وصل إلى قمة الموجة بعد سنتين في أبريل 2022 ليسجل 13549 نقطة، ويحقق مكاسب بـ7000 نقطة، وحققت خلالها الشركات قيماً سوقية مضاعفة، ثم بدأ بعدها المؤشر في هبوطه إلى أن وصل إلى قاع الموجة في ديسمبر (كانون الأول) 2022 عند مستويات 9930 نقطة، بعد أن فقد 4000 نقطة، من موجته الصاعدة. لكن السوق ارتدت مرة أخرى لتعانق 12883 نقطة في يناير (كانون الثاني) 2023 وتكسب نحو 3000 نقطة».

وأشار المقاطي إلى أن السوق واصلت تداولاتها بين قيعان سنوية وقمم تاريخية حتى وصلت إلى آخر قاع في منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي عند 10366 نقطة، تخللها مضاربات أسبوعية وشهرية وضغط متكرر على المؤشر، مضيفاً: «إننا نستشف من هذا السرد التاريخي أن السيولة الذكية المتربصة في القيعان والتي تظهر في القمم بعد جني الأرباح، تنتظر من سنة إلى سنتين لتعاود الدخول مرة أخرى، مما يؤكد تركيز المستثمرين في السوق السعودية على الاستثمار السنوي بدلاً من المضاربة اليومية».

ويتوقع المقاطي أن تشهد السوق السعودية قمماً تاريخية قادمة تستهدف اختراق أعلى قمة حققتها في تداولاتها الماضية، يليها موجة تصحيحية لمعاودة الارتفاع حتى وصولها إلى نحو 17 ألف نقطة، وقد يتخللها جني أرباح وتذبذب في المؤشر العام، ثم استهداف قمة عام 2006 والتي وصل فيها المؤشر إلى 21 ألف نقطة، معللاً ذلك باستقرار المنطقة جيو سياسياً واتجاهها نحو التهدئة في أغلب الملفات، وزوال أغلب المؤثرات على النمو الاقتصادي العالمي.


مقالات ذات صلة

«سينومي سنترز» تبدأ طرح صكوك ضمن برنامج بقيمة 4.5 مليار ريال

الاقتصاد أحد المراكز التجارية التابعة لـ«سينومي سنترز» بالرياض (موقع الشركة الإلكتروني)

«سينومي سنترز» تبدأ طرح صكوك ضمن برنامج بقيمة 4.5 مليار ريال

بدأت شركة المراكز العربية «سينومي سنترز»، يوم الاثنين، فترة الطرح والاكتتاب في صكوك مقوَّمة بالريال.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مستثمر في السوق المالية السعودية (أ.ف.ب)

تراجع معظم بورصات الخليج وسط ضبابية بشأن خفض الفائدة الأميركية

أغلق معظم أسواق الأسهم بمنطقة الخليج على انخفاض، بتأثير مخاوف مستمرة بشأن ما إذا كان «مجلس الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي سيُقدم على خفض إضافي للفائدة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مقر شركة «البحر الأحمر العالمية»... (صفحة الشركة على لينكد إن)

«البحر الأحمر العالمية» تعلن خطة استراتيجية لشطب خسائرها المتراكمة قبل نهاية 2025

أعلنت شركة «البحر الأحمر العالمية» عن خطتها الاستراتيجية الهادفة إلى شطب كامل خسائرها المتراكمة وذلك قبل نهاية 2025.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد صورة محاكية لمشروع «مسار» الذي تقوم بتطويره شركة «أم القرى للتنمية والإعمار» (واس)

الإيرادات تقفز بصافي ربح «أم القرى» 342 % خلال الربع الثالث

قفز صافي ربح شركة «أم القرى للتنمية والإعمار (مسار)» 342 في المائة إلى 516.5 مليون ريال (137.7 مليون دولار) في الرُّبع الثالث من العام الحالي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد رئيس هيئة السوق المالية السعودية محمد القويز (مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار)

إدارة الأصول في السعودية تنمو 20 %... والائتمان الخاص الأسرع نمواً في 2024

أكَّد رئيس هيئة السوق المالية السعودية، محمد القويز، أن قطاع إدارة الأصول في المملكة شهد نمواً بنحو 20 في المائة خلال العام الماضي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«إنفيديا الصين» تنهي 3 أيام من تراجع الأسهم الصينية

مبنى البورصة في مدينة شنغهاي الصينية (رويترز)
مبنى البورصة في مدينة شنغهاي الصينية (رويترز)
TT

«إنفيديا الصين» تنهي 3 أيام من تراجع الأسهم الصينية

مبنى البورصة في مدينة شنغهاي الصينية (رويترز)
مبنى البورصة في مدينة شنغهاي الصينية (رويترز)

ارتفعت أسهم الصين يوم الجمعة، منهيةً سلسلة خسائر استمرت 3 أيام، ومعاكسةً خسائرها السابقة خلال الأسبوع، حيث عزز تجدد التفاؤل بشأن شركات صناعة الرقائق المحلية المعنويات.

وأغلق مؤشر «شنغهاي المركب» على ارتفاع بنسبة 0.7 في المائة ليصل إلى 3,902.81 نقطة، مسجلاً أول مكسب يومي له بعد 3 انخفاضات متتالية، ليصل بذلك تقدم الأسبوع إلى 0.4 في المائة. كما ارتفع مؤشر «سي إس آي 300» للأسهم القيادية بنسبة 0.8 في المائة، مسجلاً ارتفاعاً بنسبة 1.3 في المائة هذا الأسبوع. وفي هونغ كونغ، ارتفع مؤشر «هانغ سنغ» القياسي بنسبة 0.6 في المائة، مسجلاً ارتفاعاً بنسبة 0.9 في المائة خلال الأسبوع. كما ارتفع مؤشر التكنولوجيا بنسبة 0.8 في المائة.

وكان سهم «مور ثريدز»، الذي يُطلق عليه غالباً اسم «إنفيديا الصين»، محور الاهتمام يوم الجمعة، حيث ارتفع بنحو 5 أضعاف في أول ظهور له بالبورصة، حيث راهن المستثمرون على أن الشركة الخاضعة لعقوبات أميركية ستستفيد من جهود بكين لتعزيز إنتاج الرقائق محلياً.

وجاء هذا الظهور القوي للشركة عقب أنباء عن تقديم مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي من الحزبين، مشروع قانون يوم الخميس، يهدف إلى منع إدارة ترمب من تخفيف القيود المفروضة على وصول الصين إلى رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة من «إنفيديا» و«إيه إم دي» خلال العامين ونصف العام المقبلة.

وقال باتريك بان، استراتيجي الأسهم الصينية في «دايوا كابيتال ماركتس» بهونغ كونغ، إن الإنجازات التكنولوجية الصينية، بالإضافة إلى «الفخر الوطني»، وسط التوترات الجيوسياسية، من المتوقع أن تظل ركيزة أساسية لسوق الصعود البطيء خلال الأشهر الستة إلى الاثني عشر المقبلة. وأضاف في مذكرة: «من منظور طويل الأجل، نعتقد أن التراجع الأخير في الأسهم الصينية، كان من المفترض أن يُتيح مزيداً من الفرص الصاعدة للعام المقبل». كما أسهم قطاع التأمين في دعم السوق يوم الجمعة، حيث ارتفع بنسبة 4.5 في المائة، ليصل إلى أعلى مستوى له منذ 14 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بعد أن أعلنت الهيئة التنظيمية للقطاع أنها ستخفض عامل المخاطرة لشركات التأمين التي تمتلك أسهماً معينة، وهي خطوة قد تُقلل متطلبات رأس المال وتُتيح مزيداً من الأموال للاستثمار.

وعلى الجانب الآخر، انخفض مؤشر «سي إس آي300 للعقارات» بنسبة 0.2 في المائة، مُواصلاً انخفاضه الأخير. ومن المتوقع أن تنخفض أسعار المنازل في الصين بنسبة 3.7 في المائة هذا العام، ومن المرجح أن تستمر في الانخفاض حتى عام 2026 قبل أن تستقر في عام 2027، وفقاً لأحدث استطلاع أجرته «رويترز».

• اليوان مستقر

ومن جانبه، استقر اليوان الصيني مقابل الدولار يوم الجمعة، مع تزايد قلق المستثمرين، بعد أن أبدى البنك المركزي قلقاً متزايداً إزاء المكاسب السريعة الأخيرة، في حين تتطلع الأسواق إلى اجتماع مهم لاستشراف اتجاهات السياسة النقدية للعام المقبل.

وأفادت مصادر لـ«رويترز» بأن البنك المركزي أبدى حذره من الارتفاعات السريعة من خلال تصحيحه التوجيهي الرسمي، واشترت بنوك حكومية كبرى الدولار في السوق الفورية المحلية هذا الأسبوع، واحتفظت به في مسعى قوي غير معتاد لكبح جماح قوة اليوان. وقال متداولو العملات إن هذه التحركات دفعت بعض المستثمرين إلى جني الأرباح والانسحاب من السوق. واستقر اليوان المحلي إلى حد كبير عند 7.0706 للدولار بدءاً من الساعة 03:35 بتوقيت غرينيتش، منخفضاً عن أعلى مستوى له في 14 شهراً عند 7.0613 الذي سجله يوم الأربعاء. وكان نظيره في الخارج قد وصل في أحدث تداولات إلى 7.0686 يوان للدولار. وقبل افتتاح السوق يوم الجمعة، حدد بنك الشعب الصيني (المركزي) سعر نقطة المنتصف عند 7.0749 للدولار، وهو أعلى بنقطتين من تقديرات «رويترز» البالغة 7.0751. وجاء سعر نقطة المنتصف يوم الجمعة متوافقاً تقريباً مع توقعات السوق، منهياً 6 جلسات متتالية من الإعدادات الرسمية الأضعف من المتوقع.

وشهد سعر تثبيت سعر الصرف يوم الخميس، أكبر انحراف عن الجانب الضعيف منذ توفر البيانات في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022. ويُسمح لليوان الفوري بالتداول بحد أقصى 2 في المائة على جانبي نقطة المنتصف الثابتة يومياً. وصرح سون بينبين، كبير الاقتصاديين في شركة «كايتونغ» للأوراق المالية، بأنه من المتوقع أن ترتفع حصة اليوان المستخدمة في التجارة الخارجية والاستثمارات الخارجية للصين بشكل أكبر، مما سيساعد في رفع قيمة العملة على المديين المتوسط والطويل.

وأضاف سون: «مع ذلك، لا ينبغي أن تكون وتيرة وحجم الارتفاع سريعين للغاية، لتجنب التأثير سلباً على نمو الصادرات»، متوقعاً أن يصل اليوان إلى مستوى 7 يوانات للدولار، وهو مستوى مهم نفسياً، بحلول النصف الأول من العام المقبل. ويتوقع المتداولون والمحللون أن تُدير السلطات بعناية، وتيرة مكاسب اليوان لتحقيق التوازن بين نموه العالمي وقدرته التنافسية في الصادرات. وصرح إلياس حداد، الرئيس العالمي لاستراتيجية الأسواق في «براون براذرز هاريمان»: «نرى أن استمرار ارتفاع قيمة العملة الصينية قد يُساعد البلاد في تحويل نموذج نموها نحو الإنفاق الاستهلاكي من خلال تعزيز الدخل المتاح من خلال خفض أسعار الواردات».

وبالنظر إلى العوامل المحفزة على المدى القريب، سيتحول معظم اهتمام السوق إلى مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي المُقرر عقده في وقت لاحق من هذا الشهر، بحثاً عن تلميحات محتملة حول أجندة السياسات للعام المقبل. وقال صموئيل تسي، كبير الاقتصاديين في بنك «دي بي إس»: «تتوقع السوق نبرة سياسية أكثر تفاؤلاً من مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي المُقرر عقده». وأضاف: «من المرجح أن تشمل التوجهات السياسية الرئيسية دعماً أقوى للاستهلاك من خلال إعانات أكثر صرامة، وزيادة خلق فرص العمل، وتحسين شبكة الأمان الاجتماعي».


توقعات بتعافٍ «هش» للاقتصاد الألماني وسط أعباء ضريبية وتوترات تجارية

سفن الحاويات في محطة التحميل «ألتينفيردر» بميناء هامبورغ (رويترز)
سفن الحاويات في محطة التحميل «ألتينفيردر» بميناء هامبورغ (رويترز)
TT

توقعات بتعافٍ «هش» للاقتصاد الألماني وسط أعباء ضريبية وتوترات تجارية

سفن الحاويات في محطة التحميل «ألتينفيردر» بميناء هامبورغ (رويترز)
سفن الحاويات في محطة التحميل «ألتينفيردر» بميناء هامبورغ (رويترز)

توقع المعهد الاقتصادي الألماني (آي دبليو) في تقريره، الجمعة، أن يظل تعافي الاقتصاد الألماني هشاً خلال العام المقبل، في ظل استمرار معاناة الصادرات وتباطؤ النشاط التجاري العالمي.

ويرجّح المعهد أن يسجّل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في ألمانيا نمواً طفيفاً نسبته 0.1 في المائة خلال العام الحالي بعد عامين من الانكماش، على أن يرتفع النمو إلى 0.9 في المائة في عام 2026، في تحسن يُعدّ ملحوظاً قياساً بالسنوات السابقة، وفق «رويترز».

وقال كبير اقتصاديي المعهد، مايكل غروملينغ، إن ألمانيا بدأت تخرج نسبياً من حالة الصدمة. ومع ذلك، يشير المعهد إلى أن نحو ثلث النمو المتوقع يعود إلى أثر التقويم؛ إذ سيشهد عام 2026 زيادة بنحو يومين ونصف اليوم في عدد أيام العمل مقارنة بعام 2025.

وكانت وزارة الاقتصاد الألمانية قد عدّلت في أكتوبر (تشرين الأول) توقعاتها لنمو 2025 إلى 0.2 في المائة، مع توقع نمو نسبته 1.3 في المائة في عام 2026.

عبء ضريبي غير مسبوق

أفاد المعهد بأن معدل الضرائب والمساهمات الاجتماعية في ألمانيا سيبلغ 41.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2025، ارتفاعاً من 40.2 في المائة في العام السابق، وهو مستوى قياسي جديد.

وقال غروملينغ إن الاقتصاد الألماني يواجه أعباءً حكومية متزايدة، حتى في أوقات التباطؤ الاقتصادي، مرجعاً ذلك إلى ارتفاع الإنفاق الدفاعي وزيادة الاستثمارات في البنية التحتية، إضافة إلى التزامات اجتماعية متنامية تشمل المعاشات والتأمين الصحي وتأمين البطالة.

التوترات التجارية العالمية تثقل كاهل الاقتصاد

تتزايد حدة التأثير السلبي للرسوم الجمركية الأميركية والتوترات الجيوسياسية عبر العالم. فبعد نمو قدره 4.5 في المائة في التجارة العالمية في 2025، يتوقع المعهد تباطؤ النمو إلى 1.5 في المائة فقط في عام 2026.

وأشار المعهد إلى أن ضغوط التجارة الخارجية لا تزال تكبح استثمارات القطاع الخاص في ألمانيا، في حين أن الاستثمارات الحكومية لن تُنفَّذ بالكامل على الأرجح خلال العام المقبل. ومع ذلك، من المتوقع أن يسهم الاستثماران العام والخاص معاً بـ0.5 نقطة مئوية في النمو لعام 2026.

ضعف مستمر في سوق العمل وإنفاق المستهلك

يتوقع المعهد أن يبقى إنفاق المستهلكين دون إمكاناته، رغم استقرار التضخم عند قرابة 2 في المائة؛ وذلك بسبب ضعف آفاق التوظيف.

وقد يقترب عدد العاطلين عن العمل من 3 ملايين شخص، مع ركود في إجمالي مستويات التوظيف، في حين يُتوقع أن يخسر القطاع الصناعي مزيداً من الوظائف؛ ما يلقي بمزيد من الضغوط على توقعات النمو.

كما يُرجّح أن ترتفع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 66 في المائة، وأن تتجاوز حصة الحكومة من الناتج الاقتصادي 50 في المائة؛ ما يعكس زيادة الأعباء المالية على الدولة.

ارتفاع قوي في الطلبات الصناعية

على صعيد آخر، أظهرت بيانات رسمية صدرت الجمعة أن الطلبات الصناعية الألمانية ارتفعت بأكثر من المتوقع في أكتوبر (تشرين الأول)، رغم أن الزيادة جاءت مدفوعة بالطلبات كبيرة الحجم.

وذكر مكتب الإحصاء الاتحادي أن الطلبات ارتفعت 1.5 في المائة عن الشهر السابق بعد التعديلين الموسمي والتقويمي، مقابل توقعات استطلاع «رويترز» بارتفاع نسبته 0.4 في المائة فقط.

وباستثناء السلع الباهظة، زادت الطلبات الجديدة بنسبة 0.5 في المائة على أساس شهري. وأظهرت متوسطات الأشهر الثلاثة من أغسطس (آب) إلى أكتوبر تراجعاً بنسبة 0.5 في المائة مقارنة بالفترة السابقة.

كما تم تعديل بيانات سبتمبر (أيلول) لتظهر ارتفاعاً بنسبة 2 في المائة على أساس شهري بدلاً من القراءة الأولية البالغة 1.1 في المائة.


آسيا تتجه نحو طفرة في صفقات الأسهم مع طروحات بارزة للصين والهند

انعكاس المتداولين على لوحة أسعار الأسهم في طوكيو (رويترز)
انعكاس المتداولين على لوحة أسعار الأسهم في طوكيو (رويترز)
TT

آسيا تتجه نحو طفرة في صفقات الأسهم مع طروحات بارزة للصين والهند

انعكاس المتداولين على لوحة أسعار الأسهم في طوكيو (رويترز)
انعكاس المتداولين على لوحة أسعار الأسهم في طوكيو (رويترز)

من المتوقع أن تشهد صفقات الأسهم الآسيوية طفرة قوية خلال العام المقبل، مدفوعة بطروحات عامة أولية بارزة لشركات في الصين والهند، مع سعي المستثمرين لتنويع محافظهم الاستثمارية، رغم المخاوف من ارتفاع تقييمات شركات التكنولوجيا التي قد تؤثر سلباً على الزخم.

وأظهرت بيانات بورصة لندن أن صفقات سوق رأس المال الاستثماري في آسيا، بما في ذلك الطروحات العامة الأولية وسندات المتابعة والسندات القابلة للتحويل، بلغت حتى الآن 267 مليار دولار هذا العام، بزيادة قدرها 15 في المائة عن عام 2024، مسجلة أول ارتفاع سنوي منذ عام 2021، وفق «رويترز».

وهيمنت هونغ كونغ، الوجهة المفضلة للشركات الصينية، على صفقات رأس المال الإقليمي، محققة 75 مليار دولار حتى الآن في 2025، أي أكثر من ثلاثة أضعاف ما جُمعت العام الماضي، وهو أعلى مستوى منذ 2021.

في المقابل، جمعت الهند 19.3 مليار دولار عبر الاكتتابات العامة الأولية حتى الآن هذا العام، بانخفاض 6 في المائة عن الرقم القياسي المسجل في 2024 والبالغ 20.5 مليار دولار. ولا تشمل البيانات الاكتتاب العام الأولي لمنصة التجارة الإلكترونية «ميشو» بقيمة 604 ملايين دولار، والذي يتم هذا الأسبوع.

وصرح جيمس وانغ، رئيس قسم إدارة رأس المال الاستثماري في آسيا باستثناء اليابان لدى «غولدمان ساكس»: «كان انتعاش الصين واستمرار توسع الهند المحركين الرئيسيين لإصدارات الأسهم في جميع أنحاء آسيا هذا العام». وأضاف: «نتوقع أن يظل السوقان محوريين لتدفقات الصفقات الإقليمية في 2026، وما زلنا في المراحل الأولى من انتعاش أوسع مدعوماً بالنمو الاقتصادي وتحسن أرباح الشركات».

وتشير توقعات شركة الخدمات المصرفية الاستثمارية «إيكويروس كابيتال» إلى أن الهند قد تحقق ما يصل إلى 20 مليار دولار من الاكتتابات العامة الأولية في 2026. كما تقدمت أكثر من 300 شركة بطلبات للإدراج في بورصة هونغ كونغ، مع توقع أن تزيد عروض بارزة مثل الطرح العام الأولي لشركة «ريلاينس جيو بلاتفورمز» الهندية، والإدراج الثاني لشركة «تشونغجي إنولايت» الصينية، أحجام التداول في 2026.

التحول بعيداً عن الأصول الأميركية

استفادت الأسواق الآسيوية من توجه المستثمرين العالمي نحو تنويع محافظهم بعيداً عن الأصول الأميركية، وسط شكوك حول السياسات التجارية والجيوسياسية للولايات المتحدة.

وقال لي هي، الشريك والرئيس المشارك السابق لشركة «ديفيس بولك» في آسيا واليابان: «في فترات الاضطرابات الأميركية، غالباً ما تتجه رؤوس الأموال نحو آسيا بحثاً عن التنويع والنمو الهيكلي». وأضاف: «انتعاش 2025 يعكس وفرة السيولة في المنطقة وتحولاً نحو التقنيات الرائدة التي تعيد تشكيل طرق التصنيع والاستهلاك والتفاعل».

وحقق مؤشر هانغ سنغ مكاسب تقارب 30 في المائة هذا العام، متفوقاً على المؤشرات الأميركية، فيما ارتفع المؤشر الهندي القياسي نحو 10.8 في المائة. واستفادت شركات مثل «كاتل» الصينية، التي جمعت 5.3 مليار دولار في إدراجها الثاني في هونغ كونغ، وشركة «زيجين غولد انترناشيونال» التي جمعت 3.5 مليار دولار في اكتتاب عام أولي، من هذا الزخم.

مخاوف فقاعة الذكاء الاصطناعي

أدت تقلبات الأسهم الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى إثارة المخاوف بشأن تقييمات شركات الذكاء الاصطناعي، وسط تساؤلات حول احتمالية انفجار فقاعة مضاربة. وتخطط شركات مثل «زيبو إيه آي» و«ميني ماكس»، وشركات تصنيع شرائح الذكاء الاصطناعي «ميتا إكس» و«كونلونكسين»، لطرح أسهمها للاكتتاب العام، بما قد يصل إلى مليارات الدولارات.

وقال أرون بالاسوبرامانيان، شريك في شركة «فريشفيلدز» للمحاماة: «إذا أدت المخاوف من فقاعة الذكاء الاصطناعي إلى عمليات بيع مكثفة، فقد يكون التأثير معدياً على الأسواق بأكملها، وليس قطاعاً واحداً فقط».

وأضاف براتيك لونكر، رئيس إدارة أسواق رأس المال في شركة «أكسيس كابيتال» الهندية: «المستثمرون الذين يتجنبون المخاطرة قد يجدون الهند جذابة، نظراً لانخفاض وزن استثمارات الذكاء الاصطناعي في السوق نسبياً. ومع إعادة تقييم الإنفاق على الذكاء الاصطناعي ورؤية الأرباح، يتحول المستثمرون نحو الأسماء عالية الجودة والمدرّة للنقد، بعيداً عن قصص النمو ذات المضاعفات الأعلى».