ضوابط تصدير المعادن النادرة في الصين تُربك السوق العالمية والمحلية

مأزق للمصنعين بين التحديات التجارية والضغوط الاقتصادية

عامل يقوم بصهر معادن أرضية نادرة في ورشة بإقليم منغوليا في الصين (رويترز)
عامل يقوم بصهر معادن أرضية نادرة في ورشة بإقليم منغوليا في الصين (رويترز)
TT

ضوابط تصدير المعادن النادرة في الصين تُربك السوق العالمية والمحلية

عامل يقوم بصهر معادن أرضية نادرة في ورشة بإقليم منغوليا في الصين (رويترز)
عامل يقوم بصهر معادن أرضية نادرة في ورشة بإقليم منغوليا في الصين (رويترز)

في الوقت الذي تسعى فيه الصين لتعزيز أوراقها التفاوضية في وجه السياسات التجارية الأميركية، اتخذت بكين خطوة صارمة بفرض ضوابط على تصدير المعادن الأرضية النادرة، وهي خطوة كان لها أثر فوري على سلسلة التوريد العالمية، خصوصاً في قطاع السيارات الكهربائية.

وبينما لقيت هذه الخطوة ترحيباً استراتيجياً من دوائر صنع القرار في بكين، كانت نتائجها داخل الصين أكثر تعقيداً؛ إذ انعكست سلباً على الشركات المحلية المصنعة للمغناطيسات التي تعتمد على الأسواق الخارجية لتحقيق جزء كبير من عائداتها.

وفرضت الصين قيوداً على تصدير المعادن النادرة في أبريل (نيسان) الماضي، بوصفها رد فعل مباشراً على الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة. وقد أدت هذه القيود إلى انخفاض صادرات المعادن النادرة بنسبة 75 في المائة خلال شهرَيْن فقط، مما أجبر شركات سيارات عالمية على تعليق خطوط إنتاج، في حين عانت شركات صينية من ارتفاع المخزون وصعوبة في التصريف المحلي.

وفي منشور لبورصة باوتو لمنتجات المعادن النادرة -المدعومة من الدولة- على منصة «وي تشات» الصينية، أُشير إلى أن الاتفاق الذي أُعلن بين الصين والولايات المتحدة في 27 يونيو (حزيران) لاستئناف تصدير المعادن النادرة «سيستغرق وقتاً لتطبيقه»، في ضوء تراكم المخزون في المستودعات وضرورة انتظار التراخيص الرسمية، حسب «رويترز».

ضغط مزدوج على المُصنّعين

وحسب بيانات السوق، تعتمد كبرى شركات إنتاج المغناطيسات المدرجة في البورصة على الصادرات بما يتراوح بين 18 و50 في المائة من إجمالي إيراداتها لعام 2024. لكن مع تراجع الطلب المحلي وضعف السوق الداخلية -خصوصاً في ظل حرب الأسعار بين شركات السيارات الكهربائية- وجدت هذه الشركات نفسها في وضع حرج، مع تقلص هوامش الربح وازدياد التكاليف التشغيلية.

وقالت رئيسة قسم تسعير المعادن في شركة «أرغوس»، إيلي ساكلاتفالا، إن «مبيعات الشركات الصينية تتعرّض للضغط من كلا الجانبين؛ فالتصدير متعطل والطلب الداخلي المتراجع»، مضيفةً أن «جزءاً مهماً من قاعدة العملاء الخارجية قد فُقد مؤقتاً دون وضوح بشأن توقيت استعادته».

ضبابية في الأفق القريب

وعلى الرغم من بعض التفاؤل في أسواق الأسهم مع انتعاش طفيف لأسهم شركات المغناطيسات المدرجة، يشير خبراء إلى أن هذا الارتفاع لا يستند إلى أساس واقعي. ووفقاً لرئيس قسم أبحاث المعادن الحرجة في شركة «تريفيوم تشاينا»، كوري كومبس، فإن التوقعات المستقبلية للسوق لا تُظهر أي مؤشرات على تعافٍ سريع أو مستدام، لا سيما مع استمرار الضبابية في السياسات التجارية والتراخيص التنظيمية.

وتُضاف إلى ذلك الطبيعة التخصيصية لمنتجات المغناطيس، التي تُصعّب من إعادة بيعها محلياً، ما يجبر الشركات على تخزين الشحنات في انتظار الموافقات الرسمية، وفقاً لأربعة مصادر صناعية رفضوا الكشف عن هوياتهم.

نحو اندماج الشركات الصغيرة؟

في ظل هذه البيئة الضاغطة، خفّض بعض المصنعين الصغار والمتوسطين إنتاجهم بنسبة 15 في المائة خلال شهري أبريل (نيسان) ومايو (أيار). وبدأت بعض الشركات بإشارات إلى إعادة هيكلة، فقد أشارت شركة «باوتو تيانه ماغنتكس تكنولوجي»، المدرجة في بورصة لندن، إلى احتمال انخفاض صادراتها إذا استمر الوضع الدولي في التدهور.

أما شركة «يانتاي تشنغهاي ماغنتكس» فأعلنت أنها حصلت على تراخيص تصدير، مؤكدة أن الإنتاج يسير بصورة طبيعية، لكنها أحالت المستثمرين إلى إفصاحاتها المالية المقبلة لمزيد من التفاصيل.

ويرى مراقبون أن استمرار هذه الضغوط قد يؤدي إلى موجة اندماج في قطاع المغناطيسات، الذي يضم مئات المصنعين. ويقول الأستاذ المشارك في جامعة ولاية بويز، ديفيد أبراهام، إن «متطلبات التراخيص الجديدة تُعد تحولاً دائماً في هيكل الصناعة، مع ما تسببه من تأخيرات وتكاليف إضافية».

هل تستفيد بكين من هذا التغيير؟

من منظور استراتيجي، قد لا تنظر الحكومة الصينية إلى هذا الاتجاه بقلق. إذ إن اندماج الشركات يُمكن أن يمنح السلطات رقابة أكبر على سلسلة التوريد، ويسهل إدارة الموارد النادرة وتوجيهها نحو الصناعات الحيوية. ويقول أبراهام: «لا أظن أن بكين ترى ذلك أمراً سلبياً؛ فالمزيد من الاندماج يساعد على التحكم في مصادر المواد وفهم مساراتها».

وتشكل ضوابط تصدير المعادن النادرة سلاحاً ذا حدَيْن بالنسبة إلى الصين. فعلى المستوى الجيوسياسي، تمنحها ورقة ضغط قوية في المفاوضات مع الغرب، لكنها داخلياً تضع عبئاً ثقيلاً على الشركات الصناعية التي تواجه بالفعل تباطؤاً اقتصادياً وتراجعاً في الطلب المحلي.

والأسابيع المقبلة ستكون حاسمة في تقييم ما إذا كانت هذه الاستراتيجية تحقق التوازن المطلوب بين المصالح الوطنية والمكاسب التجارية، أم أنها ستؤدي إلى إعادة رسم خريطة قطاع صناعي يُعد أحد أعمدة القوة التكنولوجية في الصين.


مقالات ذات صلة

شي: الصين تبني سياسات اقتصادية استباقية وستحقق هدف النمو

الاقتصاد صينيون يقفون أمام شاشة عملاقة في أحد شوارع العاصمة بكين لمشاهدة خطاب الرئيس شي جينبينغ بمناسبة العام الجديد (أ.ف.ب)

شي: الصين تبني سياسات اقتصادية استباقية وستحقق هدف النمو

قال الرئيس الصيني إنه من المتوقع أن ينمو الاقتصاد بنسبة «نحو 5 في المائة» في 2025، على الرغم من «الضغوط» التي واجهها خلال «عام استثنائي للغاية»

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد لحوم مجمدة مستوردة من الولايات المتحدة بأحد المتاجر بالعاصمة الصينية بكين (رويترز)

الصين تفرض قيوداً على واردات لحوم الأبقار لحماية الصناعة المحلية

قررت الصين فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 55 % على واردات لحوم الأبقار التي تتجاوز مستويات الحصص من الدول المورّدة الرئيسية

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد داخل أحد متاجر الذهب في السعودية (تصوير: تركي العقيلي)

السعودية تعزِّز حضورها في سوق الذهب العالمية بدفع استثماري وتشريعي

تُرسِّخ السعودية موقعها بوصفها لاعباً صاعداً في سوق الذهب العالمية، مستندة إلى ثروات معدنية تُقدَّر بأكثر من 9.4 تريليون ريال (2.5 تريليون دولار).

زينب علي (الرياض)
الاقتصاد مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي بالمدينة المنورة (واس)

صادرات الخدمات السعودية تجلب 15.5 مليار دولار بدعم من السفر والنقل

كشفت الهيئة العامة للإحصاء، الأربعاء، عن بلوغ قيمة صادرات الخدمات من السعودية، للربع الثالث من العام الحالي، 58.2 مليار ريال (15.5 مليار دولار).

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد امرأة تجري في أحد شوارع وسط العاصمة الصينية بكين (إ.ب.أ)

نشاط المصانع في الصين ينهي انكماشاً قياسياً استمر 8 أشهر

شهد نشاط المصانع في الصين نمواً غير متوقع في ديسمبر (كانون الأول) 2025، منهياً بذلك 8 أشهر متتالية من التراجع القياسي.


طلبات إعانة البطالة الأميركية تهبط إلى أدنى مستوى في شهر

اصطفاف المئات خارج مركز كيرير في كنتاكي طلباً للمساعدة في إعانات البطالة (أرشيفية - رويترز)
اصطفاف المئات خارج مركز كيرير في كنتاكي طلباً للمساعدة في إعانات البطالة (أرشيفية - رويترز)
TT

طلبات إعانة البطالة الأميركية تهبط إلى أدنى مستوى في شهر

اصطفاف المئات خارج مركز كيرير في كنتاكي طلباً للمساعدة في إعانات البطالة (أرشيفية - رويترز)
اصطفاف المئات خارج مركز كيرير في كنتاكي طلباً للمساعدة في إعانات البطالة (أرشيفية - رويترز)

سجّل عدد الأميركيين المتقدمين بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة انخفاضاً غير متوقع خلال الأسبوع الماضي، ليصل إلى أدنى مستوى له في شهر، في مؤشر يعكس متانة نسبية في سوق العمل، رغم التوقعات بأن يظل معدل البطالة مرتفعاً خلال ديسمبر (كانون الأول) مع تباطؤ وتيرة التوظيف.

وأفادت وزارة العمل الأميركية، يوم الأربعاء، بأن الطلبات الأولية لإعانات البطالة الحكومية تراجعت بمقدار 16 ألف طلب، لتبلغ 199 ألف طلب بعد التعديل الموسمي، خلال الأسبوع المنتهي في 27 ديسمبر. وجاءت القراءة دون توقعات الاقتصاديين الذين استطلعت «رويترز» آراءهم، والبالغة 220 ألف طلب للأسبوع الأخير من الشهر. ونُشر التقرير قبل يوم من موعده المعتاد بسبب عطلة رأس السنة الميلادية.

وشهدت طلبات إعانة البطالة تقلبات ملحوظة خلال الأسابيع الأخيرة، في ظل صعوبات تتعلق بالتعديلات الموسمية المرتبطة بموسم العطلات، في حين لا تزال سوق العمل عالقة فيما يصفه اقتصاديون وصناع سياسات بـ«حالة الجمود الوظيفي»؛ حيث لا تشهد توسعاً في التوظيف ولا موجات تسريح واسعة.

ورغم استمرار متانة الاقتصاد الأميركي، مع تسجيل الناتج المحلي الإجمالي أسرع وتيرة نمو له في عامين خلال الربع الثالث، فإن سوق العمل يبدو شبه متوقف. ويشير اقتصاديون إلى أن كلاً من العرض والطلب على العمالة تأثرا بعوامل عدة؛ أبرزها الرسوم الجمركية المفروضة على الواردات وتشديد سياسات الهجرة.

كما أظهر التقرير تراجع عدد المستفيدين من إعانات البطالة المستمرة — وهو مؤشر يعكس فرص إعادة التوظيف — بمقدار 47 ألف شخص، ليصل إلى 1.866 مليون شخص بعد التعديل الموسمي، خلال الأسبوع المنتهي في 20 ديسمبر.

ورغم انخفاضها عن ذروتها الأخيرة، لا تزال طلبات الإعانة المستمرة أعلى من مستوياتها المسجلة في الفترة نفسها من العام الماضي، وهو ما يتماشى مع نتائج استطلاع حديث أجراه مجلس المؤتمرات، أظهر تراجع نظرة المستهلكين إلى أوضاع سوق العمل خلال ديسمبر إلى أدنى مستوياتها منذ أوائل عام 2021.

وارتفع معدل البطالة في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى له في 4 سنوات، مسجّلاً 4.6 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني)، ويُعزى جزء من هذا الارتفاع إلى عوامل فنية مرتبطة بإغلاق حكومي استمر 43 يوماً. كما أشار مؤشر معدل البطالة الصادر عن بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو إلى استقرار المعدل عند 4.6 في المائة خلال ديسمبر، وهو أعلى مستوى له منذ أكثر من 4 سنوات.

ومن المقرر أن تنشر وزارة العمل الأميركية تقرير التوظيف لشهر ديسمبر في 9 يناير (كانون الثاني). وكان الإغلاق الحكومي المطول قد حال دون جمع بيانات معدل البطالة لشهر أكتوبر (تشرين الأول).

وفي السياق نفسه، خفّض مجلس الاحتياطي الفيدرالي هذا الشهر سعر الفائدة القياسي لليلة واحدة بمقدار 25 نقطة أساس إضافية، ليصل إلى نطاق يتراوح بين 3.50 و3.75 في المائة، إلا أنه أشار إلى أن تكاليف الاقتراض من غير المرجح أن تشهد مزيداً من الانخفاض في الأجل القريب، في ظل ترقب صناع السياسات لمزيد من الوضوح بشأن مسار سوق العمل واتجاهات التضخم.


شي: الصين تبني سياسات اقتصادية استباقية وستحقق هدف النمو

صينيون يقفون أمام شاشة عملاقة في أحد شوارع العاصمة بكين لمشاهدة خطاب الرئيس شي جينبينغ بمناسبة العام الجديد (أ.ف.ب)
صينيون يقفون أمام شاشة عملاقة في أحد شوارع العاصمة بكين لمشاهدة خطاب الرئيس شي جينبينغ بمناسبة العام الجديد (أ.ف.ب)
TT

شي: الصين تبني سياسات اقتصادية استباقية وستحقق هدف النمو

صينيون يقفون أمام شاشة عملاقة في أحد شوارع العاصمة بكين لمشاهدة خطاب الرئيس شي جينبينغ بمناسبة العام الجديد (أ.ف.ب)
صينيون يقفون أمام شاشة عملاقة في أحد شوارع العاصمة بكين لمشاهدة خطاب الرئيس شي جينبينغ بمناسبة العام الجديد (أ.ف.ب)

قال الرئيس الصيني شي جينبينغ، الأربعاء، إنه من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الصيني بنسبة «نحو 5 في المائة» في عام 2025، على الرغم من «الضغوط» التي واجهها خلال عام وصفه بأنه «استثنائي للغاية»، وذلك وفقاً لما ذكرته وسائل الإعلام الرسمية... ومؤكداً أن الصين ستنفذ سياسات أكثر استباقية في عام 2026 تهدف إلى دعم النمو طويل الأجل.

جاء هذا الإعلان في خطاب شي بمناسبة رأس السنة الجديدة أمام هيئة استشارية سياسية رفيعة المستوى، والذي نقلته وكالة أنباء «شينخوا» الرسمية. ويتوافق هذا النمو السنوي مع الهدف الحكومي الرسمي، ويُعادل نسبة النمو البالغة 5 في المائة المسجلة في عام 2024.

وقد تعرَّض ثاني أكبر اقتصاد في العالم لضغوط متزايدة في السنوات الأخيرة، حيث لم يتعافَ المستهلكون حتى الآن من التراجع الحاد الذي سببته جائحة «كوفيد - 19». كما أسهمت أزمة الديون المستمرة في قطاع العقارات، وفائض الطاقة الإنتاجية الصناعية، وتصاعد النزاع التجاري مع واشنطن، في تفاقم الوضع الاقتصادي.

وقال شي، في كلمته أمام المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، وفقاً لوكالة أنباء «شينخوا»: «واجهنا التحديات بشجاعة وسعينا بجدّ، ونجحنا في تحقيق الأهداف الرئيسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية». وأضاف: «من المتوقع أن يصل معدل النمو إلى نحو 5 في المائة».

ويتوقع الخبراء على نطاق واسع أن تعلن بكين عن هدف مماثل للنمو الاقتصادي لعام 2026 خلال اجتماع سياسي سنوي مهم في أوائل مارس (آذار) المقبل. وفي خطاب لاحق متلفز للأمة، قال شي إن الصين «تغلبت على الكثير من الصعوبات والتحديات» في السنوات الأخيرة، لكن قدراتها الاقتصادية والتكنولوجية والدفاعية قد تحسنت.

وأضاف، وفقاً لوكالة أنباء «شينخوا»: «تتنافس الكثير من نماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة في سباق محموم نحو القمة، وقد تحققت إنجازات كبيرة في مجال البحث والتطوير لرقائقنا الخاصة». وأكد على ضرورة أن «تركز الصين على أهدافها ومهامها، وأن تعزز ثقتها بنفسها، وأن تبني زخماً للمضي قدماً» في العام المقبل.

وأضاف شي أن البلاد ستعمل على تعزيز التحسين النوعي الفعال والنمو الكمي المعقول في الاقتصاد، مع الحفاظ على الانسجام والاستقرار الاجتماعيين. وتؤكد رسالة شي جينبينغ تعهدات الحكومة الأخيرة بتنفيذ إجراءات لتعزيز دخل الأفراد ودعم الاستهلاك والاستثمار لدفع عجلة النمو. وقد خصصت الحكومة المركزية 62.5 مليار يوان من عائدات سندات الخزانة الخاصة للحكومات المحلية لتمويل برنامج استبدال السلع الاستهلاكية في العام المقبل، مؤكدةً بذلك أن بكين ستواصل تحفيز الطلب الأسري من خلال هذا البرنامج. كما أصدرت هيئة التخطيط الحكومية الصينية خططاً استثمارية مبكرة لعام 2026، تتضمن مشروعين إنشائيين رئيسيين، بتمويل من الميزانية المركزية يبلغ نحو 295 مليار يوان، وذلك في أحدث مساعيها لتعزيز الاستثمار ودعم النمو الاقتصادي.

وقدّمت البيانات الصادرة يوم الأربعاء مؤشراً إيجابياً لصناع السياسات، حيث بدأ النشاط الصناعي في ديسمبر (كانون الأول) بالتوسع تدريجياً، منهياً بذلك سلسلة من الانكماش استمرت ثمانية أشهر.

من جانبها، وافقت اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح في الصين، الأربعاء، على مشروعات كبرى وخطط استثمار لميزانية الحكومة المركزية لعام 2026 تقارب قيمتها 295 مليار يوان (42.21 مليار دولار)، وهي أحدث خطوة في محاولة تعزيز الاستثمار ودعم النمو الاقتصادي.

وقال لي تشاو، المتحدث باسم اللجنة، ⁠وهي هيئة التخطيط الرسمية للدولة، إن الحكومة خصصت نحو 220 مليار يوان لتمويل 281 مشروعاً ضمن الخطط الاستراتيجية الوطنية والأمنية الكبرى، مثل مد خطوط أنابيب تحت الأرض.

وبالإضافة إلى ذلك، خصصت ⁠الحكومة أكثر من 75 مليار ‌يوان لتمويل 673 مشروعاً تغطي مجالات مثل الحماية البيئية والحد من الانبعاثات الكربونية. وأضاف لي في بكين أن هذه المشروعات «ستعزز من تحسين نظام البنية التحتية الحديثة في الصين وتوفر دعماً قوياً لبداية سلسة للخطة الخمسية الخامسة عشرة (2026 - 2030)».

وخصص ⁠ثاني أكبر اقتصاد في العالم 800 مليار يوان في 2025 لبرامج تركز على المشروعات الوطنية الكبرى وبناء القدرات المتعلقة بالأمن؛ إذ تعمل الحكومة الصينية على تحقيق الاستقرار في النمو وتعزيز البنية التحتية والطاقة وأمن الموارد وسط مصاعب اقتصادية.


الصين تفرض قيوداً على واردات لحوم الأبقار لحماية الصناعة المحلية

لحوم مجمدة مستوردة من الولايات المتحدة بأحد المتاجر بالعاصمة الصينية بكين (رويترز)
لحوم مجمدة مستوردة من الولايات المتحدة بأحد المتاجر بالعاصمة الصينية بكين (رويترز)
TT

الصين تفرض قيوداً على واردات لحوم الأبقار لحماية الصناعة المحلية

لحوم مجمدة مستوردة من الولايات المتحدة بأحد المتاجر بالعاصمة الصينية بكين (رويترز)
لحوم مجمدة مستوردة من الولايات المتحدة بأحد المتاجر بالعاصمة الصينية بكين (رويترز)

قررت الصين فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 55 في المائة على واردات لحوم الأبقار التي تتجاوز مستويات الحصص من الدول المورِّدة الرئيسية، بما في ذلك البرازيل وأستراليا والولايات المتحدة، في خطوة لحماية صناعة الماشية المحلية التي بدأت تتعافى تدريجياً من فائض العرض. وأعلنت وزارة التجارة الصينية، يوم الأربعاء، أن إجمالي حصة الاستيراد لعام 2026 للدول المشمولة بإجراءاتها الوقائية الجديدة يبلغ 2.7 مليون طن متري، وهو ما يتماشى تقريباً مع الرقم القياسي البالغ 2.87 مليون طن الذي استوردته الصين إجمالاً في عام 2024. وقالت الوزارة، في بيانها الذي جاء عقب تحقيقٍ أُعلن عنه في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2024، إن «زيادة كمية لحوم الأبقار المستوردة ألحقت ضرراً بالغاً بالصناعة المحلية في الصين». ويسري هذا الإجراء ابتداءً من 1 يناير (كانون الثاني)، ولمدة ثلاث سنوات، مع زيادة إجمالي الحصة سنوياً. وقد انخفضت واردات لحوم الأبقار إلى الصين بنسبة 0.3 في المائة، خلال الأشهر الـ11 الأولى من عام 2025، لتصل إلى 2.59 مليون طن. وقال هونغ تشي شو، كبير المحللين بشركة بكين أورينت للاستشارات الزراعية: «إن انخفاض واردات الصين من لحوم الأبقار في عام 2026 أمر لا مفر منه. تربية الأبقار في الصين ليست قادرة على المنافسة، مقارنة بدول مثل البرازيل والأرجنتين. ولا يمكن تغيير هذا الوضع على المدى القصير، من خلال التقدم التكنولوجي أو الإصلاحات المؤسسية، لذلك من الضروري فرض مثل هذه الإجراءات التقييدية على المنتجات المستوردة». وفي عام 2024، استوردت الصين 1.34 مليون طن من لحوم البقر من البرازيل، و594567 طناً من الأرجنتين، و216050 طناً من أستراليا، و243662 طناً من أوروغواي، و150514 طناً من نيوزيلندا، و138112 طناً من الولايات المتحدة. إلا أن الشحنات الأسترالية إلى الصين شهدت، في عام 2025، ارتفاعاً ملحوظاً، مستحوذةً على حصة سوقية على حساب لحوم الأبقار الأميركية، وذلك بعد أن سمحت بكين، في مارس (آذار) الماضي، بانتهاء صلاحية تصاريح مئات من منشآت اللحوم الأميركية، وفي ظلّ شنّ الرئيس دونالد ترمب حرباً تجارية متبادلة. وبلغت صادرات لحوم الأبقار الأسترالية إلى الصين 294957 طناً في الأشهر الأحد عشر الأولى من 2025، وفقاً لبيانات الجمارك الصينية، وهو رقم يتجاوز بكثير مستويات الحصص المحددة للسنوات الثلاث المقبلة. وفيما يتعلق بالحماية المحلية، أعلنت الصين، يوم الأربعاء، هذه الإجراءات بعد تمديدين لتحقيقها في واردات لحوم الأبقار الذي بدأ في ديسمبر 2024، والذي يقول المسؤولون إنه لا يستهدف أي دولة بعينها. وقال زينغيونغ تشو، الباحث بمعهد علوم الحيوان، التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الزراعية، إن الرسوم الجمركية ستساعد في الحد من انخفاض مخزون الأبقار الحلوب بالصين، وستمنح شركات لحوم الأبقار المحلية وقتاً لإجراء تعديلات وتحسينات.