التضخم بالسعودية يحافظ على استقراره في مايو... والإيجارات تواصل تأثيرها

مختص لـ«الشرق الأوسط»: مرونة الاقتصاد وسياسة تثبيت الطاقة حدّت الضغوط السعرية

صورة جوية للعاصمة السعودية الرياض (واس)
صورة جوية للعاصمة السعودية الرياض (واس)
TT

التضخم بالسعودية يحافظ على استقراره في مايو... والإيجارات تواصل تأثيرها

صورة جوية للعاصمة السعودية الرياض (واس)
صورة جوية للعاصمة السعودية الرياض (واس)

استقر معدل التضخم السنوي في السعودية عند 2.2 في المائة خلال شهر مايو (أيار) 2025، محافظاً على وتيرة قريبة من مستوى أبريل (نيسان) البالغ 2.3 في المائة، في إشارة إلى توازن نسبي في ضغوط الأسعار رغم استمرار ارتفاع تكاليف السكن. ويأتي هذا التماسك في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي تقلبات سعرية، مما يعكس فعالية السياسات السعودية في ضبط المؤشرات الاقتصادية، لا سيما في ما يتعلق بالإيجارات والطاقة، وسط استقرار شهري طفيف لمؤشر الأسعار بلغ 0.1 في المائة.

وبحسب بيانات الرقم القياسي لأسعار المستهلك لشهر مايو 2025، الصادرة عن الهيئة العامة للإحصاء، بلغ معدل التضخم السنوي 2.2 في المائة، مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2024.

وترجع هذه النسبة بشكل رئيسي إلى ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز والوقود بنسبة 6.8 في المائة، وأسعار قسم الأغذية والمشروبات بنسبة 1.6 في المائة، إلى جانب زيادة أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 4 في المائة.

تشير البيانات إلى أن الإيجارات السكنية كانت العامل المؤثر الأكبر في التضخم خلال مايو 2025، في استمرار لدورها البارز في تحريك المؤشر العام. ولا يزال معدل التضخم في المملكة من بين الأدنى على مستوى دول مجموعة العشرين.

مرونة الاقتصاد المحلي

وفي هذا السياق، قال الدكتور عبد الله الجسار، عضو جمعية اقتصاديات الطاقة السعودية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن معدل التضخم في المملكة لا يزال ضمن المستويات المتدنية عالمياً، مشيراً إلى أنه يُعد من بين الأقل بين دول مجموعة العشرين.

وأضاف أن هذه النسبة تعكس مرونة الاقتصاد السعودي وانضباطه، مشيراً إلى أن ارتفاع الأسعار تم بشكل طفيف دون أن يخرج عن السيطرة، مما يؤكد أن السياسات الاقتصادية المعتمدة تعمل بكفاءة وتساهم في حماية السوق والمستهلك معاً.

وأوضح الجسار أن الزيادات في الأسعار تعود إلى تحركات اقتصادية حقيقية، وليست ناتجة عن صدمات خارجية أو اختلالات داخلية. وأكد أن أحد أبرز العوامل التي ساهمت في ضبط التضخم هو سياسة الحكومة في تثبيت أسعار الطاقة محلياً رغم الارتفاع العالمي لأسعار النفط.

وأشار إلى أن الوقود ليس سلعة استهلاكية فقط، بل يدخل في إنتاج ونقل وتوزيع غالبية السلع والخدمات، ولولا سياسة التثبيت لانتقلت آثار الارتفاع إلى سلة الغذاء والمقاولات والنقل وحتى السكن.

ووصف الجسار هذا التوجه بـ«السياسة الذكية» في إدارة الدعم والتحوط من التضخم، موضحاً أن الصدمة العالمية تم امتصاصها قبل أن تصل إلى المستهلك النهائي.

الرقابة على الأسعار

ورغم أن أسعار الإيجارات السكنية ارتفعت بنسبة 8.1 في المائة، فقد أوضح الجسار أن هذه الزيادة كانت تدريجية ومدفوعة بنمو الطلب مقابل قلة المعروض.

ولفت إلى أن ارتباط الريال بالدولار ساهم في حماية الاقتصاد من التضخم المستورد، وخفض كلفة استيراد نسبة كبيرة من السلع.

وبيّن أن ارتفاع التنافسية، وازدياد الرقابة على الأسعار، وانتشار التجارة الإلكترونية كلها عوامل ساعدت في الحد من التلاعب بالسوق، مما أسهم في استقرار الأسعار بعدة قطاعات.

وفي ختام حديثه، أشار الجسار إلى إمكانية حدوث ارتفاع طفيف في معدلات التضخم خلال النصف الثاني من عام 2025 ليقترب من حدود 2.5 إلى 3 في المائة، نتيجة عوامل موسمية أو تغيّرات في أسعار السلع العالمية.

كما توقع أن يؤدي أي تحرّك من قبل «الفيدرالي الأميركي» نحو خفض أسعار الفائدة إلى تخفيف السياسة النقدية محلياً، مما قد يزيد السيولة ويرفع معدلات الاستهلاك، وهي عوامل قد تضغط على الأسعار. لكنه شدد على أنه «لا توجد مؤشرات حالية على قفزات تضخمية حادة».

تحركات سعرية شهرية

وكان معدل التضخم السنوي في أبريل (نيسان) المنصرم قد بلغ 2.3 في المائة، مدفوعاً بارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز والوقود بنسبة مماثلة بلغت 6.8 في المائة، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار قسم الأغذية والمشروبات بنسبة 2.2 في المائة، وأسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 3.5 في المائة.

وعلى أساس شهري، شهدت أسعار قسم النقل في أبريل انخفاضاً شهرياً بنسبة 1 في المائة، مع بقاء الإيجارات السكنية كأكبر مؤثر في التضخم.

كما استقر مؤشر أسعار المستهلك في مايو الماضي عند 0.1 في المائة مقارنة بشهر أبريل، حيث ارتفعت أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز والوقود بنسبة 0.3 في المائة، بدعم من ارتفاع الإيجارات الفعلية للمساكن بنسبة 0.4 في المائة.

وشهد المؤشر ارتفاعاً طفيفاً في قسم الأغذية والمشروبات بنسبة 0.1 في المائة، في حين صعدت أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 0.5 في المائة، وأسعار التبغ بنسبة 0.2 في المائة.

في المقابل، تراجعت أسعار قسم النقل بنسبة 0.2 في المائة، والترفيه والثقافة بنسبة 0.1 في المائة، وتأثيث المنزل بنسبة 0.7 في المائة، كما انخفضت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 0.4 في المائة، وقسم الاتصالات بنسبة 0.1 في المائة.

من ناحية أخرى، لم تسجل أسعار أقسام المطاعم والفنادق والتعليم والصحة أي تغيّر نسبي يُذكر خلال مايو 2025.


مقالات ذات صلة

السماح للمقيمين في دول الخليج بالتداول بالسوق السعودية

الاقتصاد أحد المستثمرين في السوق المالية السعودية (أ.ف.ب)

السماح للمقيمين في دول الخليج بالتداول بالسوق السعودية

اعتمد مجلس هيئة السوق المالية عدداً من التعديلات بهدف تسهيل إجراءات فتح الحسابات الاستثمارية لعدد من فئات العملاء المستثمرين

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من توقيع الاتفاقية بين صندوق تنمية الموارد البشرية والمعهد السعودي التقني للطاقة المتجددة (الشرق الأوسط)

اتفاقية لتأهيل كفاءات سعودية في الطاقة المتجددة

أبرم صندوق تنمية الموارد البشرية اتفاقية دعم تدريب متخصص مع المعهد السعودي التقني للطاقة المتجددة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد وزير المالية السعودي محمد الجدعان (واس)

وزير المالية السعودي يؤكد أهمية مشاركة القطاع الخاص لتحقيق الأهداف التنموية

أكد وزير المالية السعودي محمد الجدعان أهمية تعزيز مشاركة القطاع الخاص لتحقيق الأهداف التنموية، بما يدفع نمو الناتج المحلي الإجمالي ويوفر بيئة جاذبة للاستثمار.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد عقارات سكنية وتجارية في العاصمة الرياض (الشرق الأوسط)

تملُّك الأجانب في السعودية يدعم الحراك الاقتصادي

في خطوة تأتي ضمن مساعي زيادة الحراك الاقتصادي في السعودية، وافق مجلس الوزراء على نظام جديد يسمح بتملّك غير السعوديين للعقار داخل المملكة.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد شعار هيئة السوق المالية في أحد المباني بالعاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

«السوق المالية» السعودية تعتمد تعديلات شاملة لتطوير صناديق الاستثمار وتعزيز إدارة الأصول

أقرَّ مجلس هيئة السوق المالية حزمة شاملة من التعديلات على لائحة صناديق الاستثمار، ولائحة صناديق الاستثمار العقاري، وقائمة المصطلحات المستخدمة في أنظمة الهيئة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

التضخم الفرنسي يتجاوز التوقعات في يونيو

امرأة تتسوق في إحدى الأسواق المحلية في مدينة نيس (رويترز)
امرأة تتسوق في إحدى الأسواق المحلية في مدينة نيس (رويترز)
TT

التضخم الفرنسي يتجاوز التوقعات في يونيو

امرأة تتسوق في إحدى الأسواق المحلية في مدينة نيس (رويترز)
امرأة تتسوق في إحدى الأسواق المحلية في مدينة نيس (رويترز)

تجاوزت أسعار المستهلك في فرنسا التقديرات الأولية لشهر يونيو (حزيران)، مؤكدة اتجاهاً أوسع في منطقة اليورو نحو ارتفاع تدريجي في معدلات التضخم، مدعوماً بتسارع تكاليف الخدمات وتراجع أقل حدة في أسعار الطاقة.

وأعلن مكتب الإحصاء الفرنسي، الجمعة، أن معدل التضخم المنسق في فرنسا، المعدّل للمقارنة مع دول منطقة اليورو، ارتفع إلى 0.9 في المائة على أساس سنوي في يونيو، بعد قراءة أولية بلغت 0.8 في المائة، مقارنة بـ0.6 في المائة في مايو (أيار) الماضي.

وكانت توقعات استطلاع أجرته «رويترز» بين 15 محللاً تشير إلى معدل تضخم يبلغ 0.8 في المائة، مع تباين التقديرات بين 0.8 في المائة و0.9 في المائة.

ويعزى هذا الارتفاع بشكل رئيس إلى تسارع أسعار الخدمات، التي شهدت زيادة بنسبة 2.4 في المائة سنوياً في يونيو مقابل 2.1 في المائة في مايو (أيار)؛ إذ أوضح مكتب الإحصاء الفرنسي أن ذلك جاء نتيجة ارتفاع أسرع في تكاليف الإقامة والنقل والرعاية الصحية.

في المقابل، انخفضت أسعار الطاقة بنسبة 6.7 في المائة مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، وهو تراجع أقل حدة من انخفاض مايو الذي بلغ 8 في المائة.

كما ارتفع التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والطاقة المتقلبة، قليلاً إلى 1.2 في المائة من 1.1 في المائة، في حين شهد تضخم أسعار المواد الغذائية تسارعاً طفيفاً إلى 1.4 في المائة مقابل 1.3 في المائة في الشهر السابق.

في الوقت نفسه، ارتفع مؤشر أسعار المستهلك المحلي بنسبة 1 في المائة على أساس سنوي.

وتنسجم هذه الزيادة الطفيفة مع توجه منطقة اليورو الأوسع، حيث بلغ التضخم معدل 2 في المائة، وهو هدف البنك المركزي الأوروبي، في يونيو.

ورغم هذا الارتفاع، لا تزال فرنسا تسجل أحد أدنى معدلات التضخم ضمن دول منطقة اليورو البالغ عددها 20 دولة.

وقد خفّض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة في يونيو بعد أن انخفض التضخم إلى مستوى يقل قليلاً عن الهدف، حيث ألمحت رئيسة البنك كريستين لاغارد إلى احتمال التراجع عن مزيد من التيسير في السياسة النقدية.

ومع ذلك، تثير ضغوط أسعار الخدمات المستمرة في مختلف أنحاء منطقة اليورو مخاوف من ترسخ التضخم المحلي عند مستويات تتجاوز الأهداف المرجوة.