الأسواق تقلص رهانات خفض الفائدة الأوروبية مع صعود العوائد الألمانية

تراجع التوترات التجارية والجيوسياسية يخفف المخاوف بشأن النمو

مقر البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
TT

الأسواق تقلص رهانات خفض الفائدة الأوروبية مع صعود العوائد الألمانية

مقر البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

ارتفعت عوائد السندات الألمانية القياسية في منطقة اليورو إلى أعلى مستوياتها منذ شهر، في حين خفّضت الأسواق توقعاتها لخفض أسعار الفائدة من قِبل البنك المركزي الأوروبي، وذلك في أعقاب انحسار التوترات التجارية والجيوسياسية، مما بدّد بعض المخاوف المرتبطة بالنمو الاقتصادي.

وساهمت تصريحات إيزابيل شنابل، عضوة مجلس إدارة «المركزي الأوروبي»، في تعزيز هذا التوجه؛ إذ دعت إلى التوقف عن خفض تكاليف الاقتراض، مشيرة إلى أن الاضطرابات العالمية تواصل تغذية ضغوط الأسعار، وأن خطر تجاوز التضخم لهدف البنك البالغ 2 في المائة لا يزال قائماً على المدى المتوسط.

ووافقت الولايات المتحدة على خفض معدل الرسوم الجمركية البالغ 145 في المائة على السلع الصينية بنسبة 115 نقطة مئوية ليصل إلى 30 في المائة، في حين وافقت الصين على خفض معدلها على السلع الأميركية بنفس النسبة ليصل إلى 10 في المائة.

وعلى صعيد السياسة العالمية، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي استعداده للقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين في تركيا يوم الخميس، في حين صمد وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان بعد اشتباكات سابقة. وقد ارتفع العائد على السندات الألمانية لأجل 10 سنوات - المعيار المرجعي في منطقة اليورو - بمقدار 6.5 نقطة أساس ليصل إلى 2.62 في المائة، وهو أعلى مستوى له منذ 11 أبريل (نيسان).

وقالت لين سونغ، كبيرة الاقتصاديين في بنك «آي إن جي» لمنطقة الصين الكبرى: «رغم أن تهدئة التوتر التجاري بين واشنطن وبكين مفيدة للطرفين، فإن خفض الرسوم دون تقديم تنازلات يُنظر إليه على أنه انتصار دبلوماسي واضح للصين».

وتُعد الصين ثاني أكبر شريك تجاري لمنطقة اليورو، في حين تعتبر ألمانيا الأكثر انكشافاً على الاقتصاد الصيني.

وقد أعادت الأسواق تسعير سعر فائدة تسهيلات الودائع إلى 1.75 في المائة بنهاية العام؛ أي أعلى بعدة نقاط أساس من مستويات منتصف أبريل، وذلك قبل أن يلمّح «المركزي الأوروبي» إلى احتمالية التيسير. وكان التقدير السابق للفائدة يبلغ 1.55 في المائة في 25 أبريل، و1.67 في المائة أواخر الأسبوع الماضي، في حين يبلغ السعر الحالي 2.25 في المائة.

ويُتوقّع أن يمهّد الاتفاق الأميركي - الصيني الطريق لمزيد من الاتفاقيات التجارية، بما فيها مع الاتحاد الأوروبي.

وتوقّع هولغر شميدينغ، كبير الاقتصاديين في بنك «بيرينبرغ»، في مذكرة بحثية، أن يُبرم الرئيس الأميركي دونالد ترمب صفقات جديدة خلال الشهرين المقبلين، إلا أن الرسوم الجمركية ستظل على الأرجح مرتفعة مقارنة بفترة ما قبل ولايته الثانية. وأضاف أن حالة عدم اليقين الناجمة عن السياسات التجارية الأميركية ستضر بالولايات المتحدة أكثر من غيرها.

كما أشار شميدينغ إلى أن منطقة اليورو ستشهد نمواً ضعيفاً للغاية في الربع الثاني وبداية الثالث من هذا العام.

وارتفع العائد على السندات الألمانية لأجل عامين - الأكثر تأثراً بتوقعات أسعار الفائدة - بمقدار 9.5 نقطة أساس إلى 1.84 في المائة، في حين ارتفع عائد السندات الإيطالية لأجل 10 سنوات بمقدار 5.5 نقطة أساس إلى 3.67 في المائة. وبقي الفارق بين العائدين الألماني والإيطالي - وهو مقياس لمخاطر الدين - عند 100 نقطة أساس.

ويترقّب المستثمرون هذا الأسبوع صدور بيانات مؤشر أسعار المستهلك الأميركي ومبيعات التجزئة، لقياس التأثير الأولي للرسوم الجمركية الجديدة.

وقال راينر غونترمان، استراتيجي أسعار الفائدة في «كومرتس بنك»: «رغم أهمية بيانات التضخم المقبلة، فمن غير المرجّح أن تدفع (الاحتياطي الفيدرالي) إلى تعديل موقفه، في ظل إدراك أعضائه للمخاطر المحيطة بتوقعات التضخم».


مقالات ذات صلة

ناغل يدعو لـ«ضبط النفس» وسط تهديدات ترمب التجارية للاتحاد الأوروبي

الاقتصاد رئيس بنك ألمانيا المركزي يواكيم ناغل (أرشيفية - رويترز)

ناغل يدعو لـ«ضبط النفس» وسط تهديدات ترمب التجارية للاتحاد الأوروبي

دعا يواكيم ناغل، عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، إلى التحلي بـ«ضبط النفس» في مواجهة حالة عدم اليقين المتزايدة التي أثارها تهديد الرئيس الأميركي.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف أمام المقر الرئيسي لـ«البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)

«المركزي الأوروبي» يختبر قدرة البنوك على مواجهة المخاطر الجيوسياسية في 2026

أكدت كلوديا بوخ، رئيسة «المجلس الإشرافي» في «البنك المركزي الأوروبي»، الثلاثاء، أن «البنك» سيُجري العام المقبل اختباراً لمدى قدرة البنوك على التعامل مع المخاطر.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت (ألمانيا))
الاقتصاد مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

«المركزي الأوروبي» في اختبار جديد وسط تهديدات ترمب التجارية

أفاد خمسة من صناع السياسات في المركزي الأوروبي بأن تهديد الرئيس الأميركي بفرض رسوم جمركية 30 في المائة على واردات الاتحاد الأوروبي يزيد من تعقيد اتخاذ القرار.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد امرأة تتسوق في إحدى الأسواق المحلية في مدينة نيس (رويترز)

التضخم الفرنسي يتجاوز التوقعات في يونيو

تجاوزت أسعار المستهلك في فرنسا التقديرات الأولية لشهر يونيو (حزيران)، مؤكدة اتجاهاً أوسع في منطقة اليورو نحو ارتفاع تدريجي في معدلات التضخم.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد مقر مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

شنابل من «المركزي الأوروبي»: عقبات خفض الفائدة كبيرة رغم مرونة الاقتصاد

قالت إيزابيل شنابل، عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، في مقابلة نُشرت يوم الجمعة، إن العوائق أمام خفض أسعار الفائدة لا تزال «كبيرة جداً».

«الشرق الأوسط» (ميلانو - فرانكفورت)

برنامج «ندلب» يساهم بـ 262 مليار دولار في دعم الاقتصاد غير النفطي السعودي

مصنع تابع لشركة «معادن» شرق السعودية (معادن)
مصنع تابع لشركة «معادن» شرق السعودية (معادن)
TT

برنامج «ندلب» يساهم بـ 262 مليار دولار في دعم الاقتصاد غير النفطي السعودي

مصنع تابع لشركة «معادن» شرق السعودية (معادن)
مصنع تابع لشركة «معادن» شرق السعودية (معادن)

أظهرت بيانات رسمية السبت أن برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية في السعودية (ندلب) واصل تسجيل نتائج قوية خلال عام 2024، في إطار مساعي المملكة لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط ضمن مستهدفات «رؤية 2030».

ووفقاً لتقرير «ندلب» السنوي، بلغت مساهمة أنشطة البرنامج في الناتج المحلي غير النفطي 986 مليار ريال (نحو 263 مليار دولار)، ما يمثل 39 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي، مقارنة بـ949 مليار ريال (نحو 253 مليار دولار) في عام 2023.

كما بلغت مساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة نحو 55 في المائة.

الصناعات التحويلية

وقد حققت القطاعات الأساسية للبرنامج نمواً ملحوظاً، إذ سجل قطاع الصناعات التحويلية نمواً بنسبة 4 في المائة، فيما نمت أنشطة التعدين والنقل والتخزين بنسبة 5 في المائة.

على صعيد الصادرات، ارتفعت قيمة الصادرات غير النفطية إلى 514 مليار ريال (نحو 137 مليار دولار) خلال العام، بزيادة سنوية بلغت 13.2 في المائة، وتوزعت على 217 مليار ريال (نحو 58 مليار دولار) للصادرات السلعية غير النفطية، و91 مليار ريال (نحو 24.3 مليار دولار) لإعادة التصدير، و207 مليارات ريال (نحو 55.2 مليار دولار) لصادرات الخدمات.

كما شملت أبرز صادرات الصناعات التحويلية صادرات الصناعات الكيميائية بقيمة 78.5 مليار ريال (نحو 20.9 مليار دولار)، والمعادن ومصنوعاتها بقيمة 23.3 مليار ريال (نحو 6.2 مليار دولار)، وصادرات الأغذية والمشروبات التي بلغت 10.5 مليار ريال (نحو 2.8 مليار دولار)، إضافة إلى صادرات الأجهزة والمعدات الكهربائية التي وصلت إلى 42.9 مليار ريال (نحو 11.4 مليار دولار).

وظائف نوعية

وفي جانب التوظيف، أظهر التقرير أن عدد العاملين في القطاعات المرتبطة بالبرنامج بلغ 2.43 مليون عامل، بزيادة 508 آلاف وظيفة عن العام السابق، من بينها 81 ألف وظيفة جديدة للمواطنين السعوديين.

أما على صعيد الاستثمارات، فقد بلغت قيمة الاستثمارات غير الحكومية المنفذة في قطاعات البرنامج نحو 665 مليار ريال (نحو 177.3 مليار دولار). كما بلغ إجمالي القروض المعتمدة من صندوق التنمية الصناعية 198 مليار ريال (نحو 52.8 مليار دولار)، وقدم بنك التصدير والاستيراد تسهيلات ائتمانية بقيمة 69.14 مليار ريال (نحو 18.4 مليار دولار).

تنامي المصانع

وبنهاية عام 2024، وصل عدد المنشآت الصناعية في السعودية إلى 12.5 ألف منشأة، وعدد المصانع الجاهزة إلى 1511 مصنعاً، فيما بلغت الاستثمارات التراكمية في المدن الصناعية والمناطق الخاصة 1.412 تريليون ريال (نحو 376.5 مليار دولار).

كما سجلت مبيعات الصناعات العسكرية المحلية 34.32 مليار ريال (نحو 9.15 مليار دولار)، في وقت تواصل فيه السعودية جهودها لتوطين سلاسل القيمة في قطاعات واعدة، منها المستلزمات الطبية، وصناعة السيارات، ومنتجات الطاقة، والبتروكيميائيات.

الطاقة المتجددة

وفي قطاع الطاقة المتجددة، أطلقت السعودية مشاريع بسعة إجمالية بلغت 20 غيغاواط، ووقعت اتفاقيات جديدة لمشاريع طاقة شمسية بسعة 3.7 غيغاواط، وشغّلت مشاريع إضافية بسعة 3.6 غيغاواط. وسجلت أدنى تكلفة عالمية لشراء طاقة الرياح عند 5.87 هللة (نحو 0.016 دولار) للكيلوواط لكل ساعة، ما ساعد في تقليل الانبعاثات الكربونية بنحو 1.7 مليون طن سنوياً.

أحد مشروعات الطاقة المتجددة في الجوف شمال المملكة (واس)

التعدين

أما في قطاع التعدين، فارتفع الإنفاق على الاستكشاف إلى 228 ريالاً (نحو 60.8 دولار) لكل كيلومتر مربع، وزاد عدد المواقع المطروحة للمنافسة بنسبة 380 في المائة مقارنة بالعام السابق. ويستهدف القطاع رفع مساهمته في الناتج المحلي إلى 176 مليار ريال (نحو 46.9 مليار دولار) بحلول 2030، وخلق 219 ألف وظيفة.

الخدمات اللوجستية

وفي قطاع الخدمات اللوجستية، بلغ عدد التراخيص الصادرة 1056 رخصة، وارتفع عدد مراكز إعادة التصدير إلى 23 مركزاً مقارنة بمركزين فقط في عام 2019. كما ارتفعت نسبة استخدام المواني إلى 64 في المائة، بينما انخفض زمن الفسح الجمركي إلى ساعتين فقط، ما يعزز تنافسية المملكة على أنها مركز لوجستي عالمي.

الصناعات العسكرية

وأشار التقرير إلى أن البرنامج تجاوز العديد من مستهدفاته لعام 2024، من أبرزها توطين الصناعات العسكرية بنسبة 19.35 في المائة مقارنة بمستهدف 12.5 في المائة، وبلوغ المحتوى المحلي 1.23 تريليون ريال (نحو 328 مليار دولار)، متجاوزاً المستهدف البالغ 1.11 تريليون ريال (نحو 296 مليار دولار).

كما سجلت صادرات الصناعات الواعدة 135.6 مليار ريال (نحو 36.2 مليار دولار)، بينما بلغ عدد التراخيص النهائية لتلك الصناعات 3.100 رخصة مقارنة بمستهدف 845 رخصة فقط.

زوار ينظرون إلى معدات عسكرية جرت صناعتها في المملكة بأحد المعارض (الشركة السعودية للصناعات العسكرية)

ويمتلك البرنامج محفظة ضخمة تضم 284 مبادرة، أنجز منها 163 مبادرة بنسبة إنجاز تبلغ 57 في المائة، ما يعكس التقدم في تنفيذ مستهدفات رؤية 2030. ويُعد «ندلب» من أبرز الأدوات الاستراتيجية التي تعتمد عليها المملكة لإعادة تشكيل اقتصادها الوطني على أسس صناعية ولوجستية متينة، ضمن مساعي السعودية للاستثمار في التنوع والنمو المستدام، وفقاً التقرير.