بين «رؤية 2030» و«ستار غيت»... الذكاء الاصطناعي محور تحالف سعودي - أميركي جديد

استثمارات مليارية وشراكات استراتيجية بين البلدين... وترقّب للمزيد

رجل يقف تحت علمَي الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية في ساحة بمدينة جدة بالسعودية (أ.ب)
رجل يقف تحت علمَي الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية في ساحة بمدينة جدة بالسعودية (أ.ب)
TT

بين «رؤية 2030» و«ستار غيت»... الذكاء الاصطناعي محور تحالف سعودي - أميركي جديد

رجل يقف تحت علمَي الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية في ساحة بمدينة جدة بالسعودية (أ.ب)
رجل يقف تحت علمَي الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية في ساحة بمدينة جدة بالسعودية (أ.ب)

تقف السعودية والولايات المتحدة على أعتاب مرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي، يقودها الذكاء الاصطناعي. وبينما تمضي المملكة في تنفيذ «رؤية 2030» لتعزيز التنوع الاقتصادي والتحول الرقمي، يطرح الجانب الأميركي مشروع «ستار غيت» كأحد أكبر استثمارات البنية التحتية في قطاع الذكاء الاصطناعي عالمياً.

هذا التلاقي في الأهداف والتوجهات يعزز دعائم شراكة تقنية موجودة أصلاً؛ إذ استثمرت الشركات الأميركية نحو 3.9 مليار دولار في قطاع الذكاء الاصطناعي في المملكة، وفق الأرقام المعلنة، وذلك بالإضافة إلى شراكة استراتيجية بين «صندوق الاستثمارات العامة» و«غوغل كلاود» من المتوقع أن تضيف نحو 70.6 مليار دولار إلى الناتج المحلي السعودي.

في المقابل، تملك المملكة حصصاً في كبرى شركات الذكاء الاصطناعي الأميركية. ومن المتوقع أن تشهد هذه الشراكة التقنية والاستراتيجية بين الرياض وواشنطن دفعة قوية خلال زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى العاصمة السعودية يوم الثلاثاء المقبل؛ إذ من المرتقب الإعلان عن موجة جديدة من الاستثمارات في هذا القطاع، وفقاً لمعلومات حصلت عليها صحيفة «الشرق الأوسط».

علاقات اقتصادية تاريخية

ترتبط السعودية والولايات المتحدة بعلاقات اقتصادية طويلة الأمد تمتد على مدى 8 عقود. وخلال السنوات الماضية زاد «صندوق الاستثمارات العامة» من حصصه في العديد من الشركات الأميركية؛ إذ أظهرت بيانات الربع الثالث من العام الماضي أن الصندوق الذي يدير أصولاً تقترب قيمتها من تريليون دولار، ارتفعت ملكيته في الأسهم الأميركية إلى 26.7 مليار دولار، وهي زيادة بنحو 6 مليارات دولار عن الربع الثاني من العام ذاته. وقد تزامن إعلان رغبة المملكة في توسيع استثماراتها وعلاقاتها التجارية مع الولايات المتحدة، مع إعلان ترمب عن مشروع أميركي تحت اسم «ستار غيت» يخطط لاستثمار 500 مليار دولار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في السنوات الأربع المقبلة، بقيادة «أوراكل» و«أوبن إيه آي» و«سوفت بنك» التي تملك المملكة حصصاً فيها.

تحالف رقمي

وتُعد الولايات المتحدة أكبر مصدر للاستثمار الأجنبي المباشر في السعودية، بحجم استثمارات يبلغ نحو 54 مليار دولار؛ أي ما يعادل ربع إجمالي الاستثمارات الأجنبية في المملكة. وعلى الجانب الآخر، تستثمر السعودية في قطاعات استراتيجية داخل الاقتصاد الأميركي تشمل النفط، والبتروكيميائيات، والتكنولوجيا الناشئة. وفي قطاع الذكاء الاصطناعي يسعى البلدان إلى تعزيز تحالف رقمي يشمل مجالات متعددة، من بينها الحوسبة السحابية، والأمن السيبراني، والروبوتات، وذلك في وقت تحقق فيه السعودية تقدماً ملحوظاً ضمن مشاريع التحول الرقمي المرتبطة بـ«رؤية 2030». وتضم الاستثمارات المعلنة سابقاً شركات تقنية عالمية بارزة مثل: «غروك»، و«غوغل كلاود»، و«أوراكل»، و«سامبا نوفا»، و«سيلزفورس»، و«داتابريكس»؛ إذ تغطي هذه الاستثمارات مجالات متنوعة تشمل مراكز البيانات، ونماذج الذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، والبنية التحتية الرقمية.

إعلان عن تعاون بين «أرامكو» و«غروك» في مؤتمر «ليب» بالرياض (واس)

استثمارات ضخمة

بالتعاون مع «صندوق الاستثمارات العامة» أعلنت «غوغل كلاود» عن خطط لإنشاء مركز متكامل للذكاء الاصطناعي في المملكة، من المتوقع أن يُسهم بأكثر من 265 مليار ريال (نحو 70.6 مليار دولار) في الناتج المحلي الإجمالي للسعودية بشكل تراكمي خلال السنوات الثماني المقبلة، مع خلق آلاف فرص العمل.

محافظ «صندوق الاستثمارات العامة» ياسر الرميان وروث بورات الرئيسة والمديرة التنفيذية للاستثمار في شركة «ألفابيت» و«غوغل» أثناء توقيع شراكة خلال النسخة الثامنة لمنتدى «مبادرة مستقبل الاستثمار» (الصندوق)

في حين أعلنت شركة «غروك» عن استثمار قدره 1.5 مليار دولار لتوسيع أعمالها في مشروع مركز بيانات ضخم مخصص لخدمات «الاستدلال»، وكشفت شركة «أوراكل» عن التزام مماثل لتلبية الطلب المتزايد على خدمات الحوسبة السحابية في السوق السعودية.

وفي الاتجاه ذاته، كشفت شركة «سيلزفورس» عن استثمار بقيمة 500 مليون دولار لتطوير منصتها الإقليمية «هايبرفورس»، في حين خصصت «داتابريكس» نحو 300 مليون دولار لبناء خدمات سحابية متكاملة، وتمكين الكفاءات الوطنية في مجالات هندسة البيانات.

أما شركة «سامبا نوفا»، فقد خصصت 140 مليون دولار لتطوير بنية تحتية متقدمة للذكاء الاصطناعي، إلى جانب إطلاق نموذج لغوي كبير كخدمة، في خطوة تهدف إلى ترسيخ موقع المملكة كمركز إقليمي للابتكار والتقنيات المستقبلية.

وتُجسّد هذه الاستثمارات توجه السعودية نحو تعزيز مساهمة الاقتصاد الرقمي في ناتجها المحلي، بما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» التي تركز على جذب الاستثمارات الأجنبية، وتطوير بيئة أعمال قائمة على الابتكار، ونقل المهارات إلى الكفاءات المحلية.

اقرأ أيضاً


مقالات ذات صلة

السباق نحو «الأطفال الخارقين» يُشعل وادي السيليكون

تكنولوجيا يساعد التشخيص على الوصول إلى خيارات الإنجاب الأفضل للوقاية من حدوث الأمراض في حالات الحمل المستقبلية (جامعة ملبورن)

السباق نحو «الأطفال الخارقين» يُشعل وادي السيليكون

قدّمت نور صديقي، مؤسسة شركة «أوركيد» الناشئة، عرضاً عن مستقبل قد يتيح للآباء تحسين صفات أطفالهم قبل ولادتهم.

«الشرق الأوسط» (سان فرنسيسكو (الولايات المتحدة))
خاص يتطلب عمل «وكلاء الذكاء الاصطناعي» بنية تقنية جديدة تشمل الذاكرة طويلة الأمد والنماذج اللغوية والعرض الفوري وواجهة متعددة الوسائط (شاترستوك)

خاص ذكاء اصطناعي يفهم ويتذكر ويخطط... هل تجاوزنا زمن الأوامر؟

يشهد الذكاء الاصطناعي تحولاً من أدوات تستجيب للأوامر إلى وكلاء مستقلين يفهمون السياق، ويخططون، وينفذون بذكاء، ما يُعيد تشكيل التفاعل الرقمي بالكامل.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا غالبية المراهقين استخدموا الذكاء الاصطناعي «رفيقاً لهم» (أ.ف.ب)

الثلث فضلوه على البشر... المراهقون يتوسعون في الاستعانة بـ«صديق» الذكاء الاصطناعي لحل مشاكلهم

كشف استطلاع جديد للرأي عن زيادة استعانة المراهقين بالذكاء الاصطناعي لحل مشاكلهم، بصورة أثارت قلق الخبراء.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الملك البريطاني تشارلز (أ.ب)

«ملك الخوارزميات»... روبوت «فنانة» ترسم صورة زيتية لتشارلز

تُقدم لوحةٌ جديدة بعنوان «ملك الخوارزميات» لمحةً عن كيفية رسم أفراد العائلة المالكة بعد أن رسمتها «فنانة روبوت» تُدعى إيه آي- دا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
كتب الذكاء الاصطناعي يقلب المقاييس

هل بات الكاتب مجرد «مفبرك بيانات»؟

كتب بعشرات الآلاف، باتت في متناول القراء، هي كلياً من إنتاج الذكاء الاصطناعي. عدد كبير آخر هجين، كتب بتعاون بشري وآلي، وما تبقى لا يزال بشرياً.

سوسن الأبطح (بيروت)

ارتفاع طفيف في أسعار الواردات الأميركية خلال يونيو

سفينة شحن محملة بحاويات تُرى في ميناء أوكلاند (رويترز)
سفينة شحن محملة بحاويات تُرى في ميناء أوكلاند (رويترز)
TT

ارتفاع طفيف في أسعار الواردات الأميركية خلال يونيو

سفينة شحن محملة بحاويات تُرى في ميناء أوكلاند (رويترز)
سفينة شحن محملة بحاويات تُرى في ميناء أوكلاند (رويترز)

سجّلت أسعار الواردات الأميركية ارتفاعاً طفيفاً في يونيو (حزيران)، مدفوعة بتراجع أسعار الطاقة، في حين استمرت تكاليف السلع الاستهلاكية في الارتفاع، بما يتماشى مع الضغوط التضخمية الناتجة عن الرسوم الجمركية.

وأفاد مكتب إحصاءات العمل التابع لوزارة العمل الأميركية، يوم الخميس، بأن أسعار الواردات ارتفعت بنسبة 0.1 في المائة الشهر الماضي، بعد أن تم تعديل تراجع مايو (أيار) إلى 0.4 في المائة. وكان اقتصاديون استطلعت «رويترز» آراءهم قد توقعوا زيادة بنسبة 0.3 في المائة في يونيو، بعد قراءة أولية ثابتة للشهر السابق.

وعلى أساس سنوي، تراجعت أسعار الواردات بنسبة 0.2 في المائة حتى نهاية يونيو، وهو الانخفاض نفسه المُسجّل في مايو.

وكشفت بيانات صدرت هذا الأسبوع عن زيادات كبيرة في أسعار السلع الحساسة للرسوم الجمركية على كل من مستوى المستهلك والمنتج، ما يُشير إلى أن الرسوم الواسعة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على الواردات منذ أبريل (نيسان) بدأت تُغذّي التضخم.

وكان ترمب قد أعلن الأسبوع الماضي أن حزمة جديدة من الرسوم الجمركية ستدخل حيّز التنفيذ في الأول من أغسطس (آب)، وتشمل واردات من دول عدة، مثل المكسيك، اليابان، كندا، البرازيل، الاتحاد الأوروبي. ويتوقع خبراء أن تبقي هذه الرسوم الأسعار مرتفعة حتى نهاية العام.

وسجّل بند الوقود المستورد انخفاضاً بنسبة 0.7 في المائة في يونيو، بعد هبوط بنسبة 5.0 في المائة في مايو، كما تراجعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 0.8 في المائة بعد انخفاضها بنسبة 0.7 في المائة في الشهر السابق. وعند استثناء الوقود والمواد الغذائية، ارتفعت أسعار الواردات بنسبة 0.2 في المائة، مقارنة بارتفاع نسبته 0.1 في المائة في مايو، وبزيادة سنوية تبلغ 1 في المائة.

أما أسعار السلع الاستهلاكية المستوردة (باستثناء السيارات)، فقد قفزت بنسبة 0.4 في المائة في يونيو بعد تراجعها بنسبة 0.3 في المائة في مايو. في المقابل، استقرت أسعار السلع الرأسمالية، بينما انخفضت أسعار السيارات وقطع الغيار والمحركات بنسبة 0.1 في المائة.

ورغم الارتفاع المعتدل في أسعار الواردات الأساسية، يرى خبراء أن ضعف الدولار الأميركي يُشكّل عامل ضغط إضافياً على التضخم، إذ انخفض الدولار المرجّح تجارياً بنحو 7.1 في المائة منذ بداية العام.

وفي هذا السياق، قال مايكل بيرس، نائب كبير الاقتصاديين الأميركيين في «أوكسفورد إيكونوميكس»: «منذ أن بدأت إدارة ترمب فرض الرسوم الجمركية، تراجع الدولار، مما قد يؤدي إلى انتقال أكبر لأثر الرسوم إلى أسعار المستهلك».

وأضاف: «ضعف الدولار يزيد من احتمالية أن تتحمل الشركات جزءاً أكبر من تكاليف الرسوم الجمركية، ما يدفعها لتمرير هذه الأعباء إلى المستهلكين».