خبراء: تضخم تركيا مشكلة هيكلية لا تكفي السياسة النقدية وحدها لحلها

رغم تراجعه بأعلى من التوقعات في أبريل إلى 37.86 %

أتراك يتجولون داخل سوق في إسطنبول (أ.ف.ب)
أتراك يتجولون داخل سوق في إسطنبول (أ.ف.ب)
TT

خبراء: تضخم تركيا مشكلة هيكلية لا تكفي السياسة النقدية وحدها لحلها

أتراك يتجولون داخل سوق في إسطنبول (أ.ف.ب)
أتراك يتجولون داخل سوق في إسطنبول (أ.ف.ب)

سجل معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلك في تركيا تراجعاً إلى 37.86 في المائة خلال أبريل (نيسان) الماضي بأكثر من التوقعات السابقة التي بلغ متوسطها 38 في المائة.

ووفق بيانات التضخم لشهر أبريل الماضي، التي أعلنها «معهد الإحصاء التركي»، الاثنين، فقد بلغ معدل التضخم على أساس شهري 3 في المائة، وهو أيضاً أقل بقليل من التوقعات التي بلغ متوسطها 3.1 في المائة.

وبلغ معدل التضخم 2.46 في المائة على أساس شهري، و38.1 في المائة على أساس سنوي، في مارس (آذار) الماضي.

وأشارت البيانات إلى أن مؤشر أسعار المنتجين المحليين ارتفع بنسبة 2.76 في المائة على أساس شهري في أبريل الماضي، وسجل ارتفاعاً سنوياً بنسبة 22.5 في المائة، وهو أدنى معدل منذ عام 2021.

في المقابل، أعلنت «مجموعة أبحاث التضخم (إي إن جي إيه)»، التي تضم خبراء اقتصاديين أتراكاً مستقلين، ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك في أبريل الماضي 4.46 في المائة على أساس شهري، و73.88 في المائة على أساس سنوي.

طبيعة هيكلية

وقبل إعلان «معهد الإحصاء التركي» بيانات التضخم في أبريل، نشر «البنك المركزي» استطلاع المشاركين في السوق لشهر أبريل، الذي يعكس توقعات السوق للتضخم في نهاية العام.

وتوقع 71 مشاركاً في الاستطلاع من ممثلي القطاعين المالي والحقيقي، ارتفاع التضخم في نهاية العام الحالي مقارنة بنهاية العام الماضي، من 28.04 إلى 29.98 في المائة.

وارتفعت توقعات مؤشر أسعار المستهلك لمدة 12 شهراً من 24.55 إلى 25.55 في المائة، كما ارتفعت التوقعات لمدة 24 شهراً من 17.06 إلى 17.69 في المائة.

وزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك (حسابه على إكس)

وكان وزير الخزانة والمالية التركي، محمد شيمشك، لفت في رسالة عبر الفيديو إلى «القمة الاقتصادية الدولية»، في 18 أبريل الماضي، إلى أن التضخم انخفض لمدة 10 أشهر متتالية، وأن هذا الانخفاض سيستمر بقوة، مضيفاً: «لدينا إرادة سياسية قوية للغاية وبرنامج قوي للغاية بشأن هذه القضية».

لكن خبراء يرون أن التضخم في تركيا اكتسب، الآن، طبيعة هيكلية ومرنة، ولفت الانتباه إلى حقيقة أن السياسة النقدية وحدها لن تكون كافية.

ووفق أستاذ الاقتصاد بجامعة «قادر هاس»، أرنتش يلدان، فإن مكافحة التضخم تتطلب دخولاً عالية التكلفة لكنها موجهة نحو تحقيق أهداف محددة، وسياسات اجتماعية تتضمن توافقاً اجتماعياً، لافتاً إلى أن العودة إلى «السياسات العقلانية» كانت وعداً عندما تولى شيمشك منصبه في يونيو (حزيران) 2023، «لكن مسار الاقتصاد أوضح أن هذه الوعود لا يمكن تحقيقها».

وأوضح يلدان أن «تأخر (البنك المركزي) في اتخاذ خطواته، وفقدان الثقة، جعلا التضخم مستداماً، وفي المرحلة التي وصلنا إليها اليوم، لم يعد الاكتفاء بالسياسة النقدية كافياً، وهناك ضرورة لوضع استراتيجية شاملة للدخل والسياسة الاجتماعية».

فشل برنامج الحكومة

وتابع أنه «مر نحو عامين منذ يونيو 2023، ولم يشهد التاريخ من قبل برنامج استقرار استمر عامين، فبرامج الاستقرار تُحدث أثرها في وقت قصير، وتحقق نتائجها في بضعة أشهر. لم تعد عملية العامين استقراراً، بل استراتيجية تنمية».

ورأى أنه خلال هذه الفترة، «احتاجت تركيا إلى تنفيذ برنامج يجري التخطيط جيداً لإيراداته، مثل ضريبة الثروة، مع دعمه بآليات مساعدة اجتماعية شاملة، لكن هذه الفرصة ضاعت».

وأكد يلدان أن «مكافحة التضخم لها بُعد قائم على العدالة الاجتماعية»، ووفق الحسابات المبنية على بيانات «معهد الإحصاء التركي»، فإن «التضخم الذي يعاني منه المواطنون ذوو الدخل المنخفض أعلى بكثير من المعدل الرسمي».

سوق في إسطنبول (رويترز)

ولفت إلى أنه «عندما ننظر إلى أنماط استهلاك الفئات ذات الدخل المنخفض، مثل الطعام والإيجار والمواصلات، فإننا نجد أن معدل التضخم الذي تواجهه هذه الفئات يتراوح بين 50 و60 في المائة، وينعكس المعدل في مطبخ هذه الفئة بضعف الأرقام المعلنة، وفي ظل هذه الظروف، لا يمكن القول للناس: (لقد نجحنا في مكافحة التضخم)، ولا يمكن استعادة الثقة بزيادة الحد الأدنى للأجور مرة واحدة سنوياً، لكن المطلوب هو سياسة اجتماعية مستدامة».

وعدّ أنه في «بيئة يعاني فيها (البنك المركزي) من فقدان الثقة، فإن تصريحات شيمشك، التي تشبه (الكرة البلورية) والتي تخبرنا بأن التضخم سينخفض، غير مقنعة».

تأثير اعتقال إمام أوغلو

بدوره، رأى الأستاذ المشارك بقسم الاقتصاد في جامعتَي كوتش التركية ودورهام البريطانية، جيم تشاكماكلي، أن انعدام الثقة بالأسواق، خصوصاً مع التطورات السياسية بعد اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، في 19 مارس (آذار) الماضي، «لا يمكن القضاء عليه بأدوات السياسة النقدية فقط».

وأوضح أن «الانهيار السريع للاحتياطات، وزيادة علاوة المخاطر في تركيا، يعززان هذا الشعور بعدم الأمان»، وأن «هناك قطيعة حدثت بعد 19 مارس لن تكون مؤقتة، ففي البداية كان هناك تآكل في الاحتياطات بمقدار بين 40 و50 مليار دولار، وانخفض صافي احتياطات (البنك المركزي) الآن إلى 7 مليارات دولار، وأصبحت تركيا في وضع قد لا تُجدي فيه الثقة بالسياسة النقدية نفعاً أيضاً».

الاحتجاجات التي أعقبت اعتقال إمام أوغلو عمّقت انعدام الثقة بالسياسات الاقتصادية في تركيا (أ.ب)

ولفت إلى أن تصريحات شيمشك «بعيدة كل البعد عن الواقع، فعندما تدمر الثقة الاقتصادية، لا يمكن إنجاز هذه المهمة بإدارة التوقعات فقط، ولن تكفي حلول (البنك المركزي) المقتصرة على أسعار الفائدة لمواجهة الصدمات الداخلية، مثل أزمة 19 مارس، أو الهزات الجيوسياسية الخارجية».

ووفق تشاكماكلي، فإن «البرنامج الاقتصادي الحالي ربما يقترب الآن من نهايته؛ لأن الانقطاعات الهيكلية، وخسائر الاحتياطات، والطلب المتصاعد على النقد الأجنبي، تعرض استدامته للخطر. وإذا استمر الطلب على النقد الأجنبي، فإما ستُرفع أسعار الفائدة، وإما تُستخدم الاحتياطات السالبة، وإذا لم تتحسن البيانات الاقتصادية، فيمكن الإعلان عن برنامج جديد يركز على النمو، حيث سيُحمَّل التضخم عند مستوى أعلى».


مقالات ذات صلة

ألمانيا تُقرّ قانون المعاشات المثير للجدل وسط تحذيرات من تفاقم الدين

الاقتصاد ميرتس يلقي بيانه بعد إقرار مشروع قانون المعاشات التقاعدية (أ.ف.ب)

ألمانيا تُقرّ قانون المعاشات المثير للجدل وسط تحذيرات من تفاقم الدين

تفادى المستشار الألماني فريدريش ميرتس أزمة سياسية حادة بعد تمكنه بصعوبة من الحصول على الأغلبية المطلقة لتمرير مشروع قانون المعاشات التقاعدية في البرلمان.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد طفل يلعب في حقل للشعير بمدينة صنعاء اليمنية (إ.ب.أ)

أسعار الغذاء العالمية تنخفض للشهر الثالث في نوفمبر

انخفضت أسعار السلع الغذائية الأساسية العالمية للشهر الثالث على التوالي في نوفمبر، مع تراجع أسعار السلع الرئيسية باستثناء الحبوب.

«الشرق الأوسط» (روما)
الاقتصاد علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)

دراسة: شركات سويسرية تخطط لنقل عملياتها إلى الخارج لمواجهة الرسوم

أظهرت دراسة أجرتها جمعية الأعمال «إيكونومي سويس» أن الشركات السويسرية تخطط لنقل جزء من عملياتها وإنتاجها إلى الخارج لمواجهة تأثير الرسوم الجمركية الأميركية.

«الشرق الأوسط» (زيورخ)
الاقتصاد زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)

حكومة اليابان تترقب مستقبل الفائدة وتحركات الين

أكّد وزراء في الحكومة اليابانية، يوم الجمعة، أن تحديد أدوات السياسة النقدية يظل من اختصاص بنك اليابان بالكامل.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد إشعال الشعلة الأولمبية في معبد البارثينيون بجبل أكروبوليس في اليونان (أ.ف.ب)

الاقتصاد اليوناني يواصل تعافيه في الربع الثالث

يواصل الاقتصاد اليوناني مسار التعافي بثبات، بعدما سجل نمواً بنسبة 0.6 في المائة في الربع الثالث من 2025 مقارنة بالربع السابق.

«الشرق الأوسط» (أثينا)

ألمانيا تُقرّ قانون المعاشات المثير للجدل وسط تحذيرات من تفاقم الدين

ميرتس يلقي بيانه بعد إقرار مشروع قانون المعاشات التقاعدية (أ.ف.ب)
ميرتس يلقي بيانه بعد إقرار مشروع قانون المعاشات التقاعدية (أ.ف.ب)
TT

ألمانيا تُقرّ قانون المعاشات المثير للجدل وسط تحذيرات من تفاقم الدين

ميرتس يلقي بيانه بعد إقرار مشروع قانون المعاشات التقاعدية (أ.ف.ب)
ميرتس يلقي بيانه بعد إقرار مشروع قانون المعاشات التقاعدية (أ.ف.ب)

تفادى المستشار الألماني فريدريش ميرتس أزمة سياسية حادة بعد تمكنه بصعوبة من الحصول على الأغلبية المطلقة لتمرير مشروع قانون المعاشات التقاعدية في البرلمان يوم الجمعة، رغم التمرد الذي شهدته كتلته المحافظة، والذي ألقى الضوء على هشاشة سلطته داخل الائتلاف الحاكم.

وأُقر مشروع القانون بأغلبية 318 صوتاً في «البوندستاغ» المؤلف من 630 مقعداً، دون الحاجة إلى دعم طارئ من المعارضة اليسارية. إلا أن حالة الغموض التي رافقت التصويت حتى لحظاته الأخيرة عكست عمق الانقسامات داخل ائتلاف ميرتس المكوّن من المحافظين والحزب الاشتراكي الديمقراطي، وذلك بعد 7 أشهر فقط من تسلّمه منصبه.

ويعد مشروع القانون، الذي يرفع الإنفاق على المعاشات التقاعدية بنحو 185 مليار يورو (216 مليار دولار) خلال السنوات الـ15 المقبلة، اختباراً مهماً لقدرة الحكومة على تمرير إصلاحات ضرورية لإنعاش أكبر اقتصاد في أوروبا وتعزيز قدرات القوات المسلحة الألمانية التي تعاني منذ سنوات، وفق «رويترز».

كما أسهمت هذه الخلافات في تعزيز صعود حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف، الذي يتصدر الآن استطلاعات الرأي على مستوى البلاد، ويتجه لتحقيق مكاسب واسعة في انتخابات 5 ولايات العام المقبل.

وقال الخبير السياسي يوهانس هيلغي: «المستشار خرج منتصراً، لكنه منتصر ضعيف. النقاش كشف حدود سلطته، وجعل الحكم المستقر والمتوقع أمراً صعباً في هذه الظروف». وأضاف أن 7 من نواب المعسكر المحافظ صوّتوا ضد مشروع القانون، فيما امتنع اثنان، وهو رقم مرتفع يعكس حدة الانقسامات.

المعاشات التقاعدية... محور اشتعال سياسي في أوروبا

يثبّت مشروع القانون نسبة المعاشات التقاعدية عند 48 في المائة من متوسط الأجور حتى عام 2031، بدلاً من السماح بانخفاضها، وهو بند أساسي في اتفاق الائتلاف ويحظى بأهمية خاصة للحزب الاشتراكي الديمقراطي.

لكن الجناح الشبابي في حزب المحافظين، الذي يملك 18 صوتاً، عارض المشروع مؤكّداً أنه يرسخ نظاماً مالياً غير مستدام ويحمّل الأجيال الشابة عبئاً كبيراً. ومع أغلبية برلمانية ضئيلة لا تتجاوز 12 صوتاً، لم يكن واضحاً حتى اللحظة الأخيرة إن كان الائتلاف سيتمكن من تمرير المشروع.

وتدخل حزب اليسار في اللحظة الأخيرة عارضاً الامتناع عن التصويت لخفض عدد الأصوات المطلوبة، باعتبار أن حماية المتقاعدين أولوية.

ويحذر اقتصاديون من أن قانون المعاشات الجديد يتجاهل التحديات الديموغرافية وتصاعد الدين العام. وقال كارستن برزيسكي، كبير خبراء الاقتصاد الكلي في بنك «آي إن جي»: «الحكومة تتصرف وكأن الحاضر أبدي، متجاهلة التغيرات الديموغرافية وارتفاع الدين وقضايا الاستدامة المالية».

أخطاء سياسية تكشف هشاشة القيادة

خلال حملته الانتخابية، انتقد ميرتس الصراعات الداخلية في حكومة سلفه أولاف شولتز، ودخل المنصب بتوقعات عالية بعد إبرام صفقة تاريخية لتمويل قياسي في البنية التحتية والدفاع.

لكن ائتلافه أثبت هشاشته منذ اليوم الأول، إذ احتاج إلى جولة تصويت ثانية غير مسبوقة لضمان تنصيبه رسمياً. وفي الصيف، فشل في توحيد صفوف المحافظين خلف مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي للمحكمة الدستورية، ما أدى إلى سقوط التصويت.

وقال يان تيشو من «أوراسيا غروب»: «الصورة العامة للحكومة باعتبارها منقسمة وغير فعّالة وسوء إدارتها تتكرّس بشكل متزايد».

ورغم إشادة الخارج بموقف ميرتس القوي تجاه أوكرانيا، فإن شعبيته المحلية تراجعت إلى نحو 25 في المائة، ليصبح من أقل المستشارين شعبية في التاريخ الحديث.

وبحسب أحدث استطلاع لمؤسسة «فورسا»، تراجع الدعم المشترك للمحافظين والحزب الاشتراكي إلى 39 في المائة مقابل 44.9 في المائة في انتخابات فبراير (شباط)، بينما يواصل حزب «البديل من أجل ألمانيا» صدارته بنسبة 26 في المائة.


قلق خليجي من تبعات تشريعين أوروبيين لاستدامة الشركات

جانب من جلسة للبرلمان الأوروبي في ستراسبورغ (أ.ف.ب)
جانب من جلسة للبرلمان الأوروبي في ستراسبورغ (أ.ف.ب)
TT

قلق خليجي من تبعات تشريعين أوروبيين لاستدامة الشركات

جانب من جلسة للبرلمان الأوروبي في ستراسبورغ (أ.ف.ب)
جانب من جلسة للبرلمان الأوروبي في ستراسبورغ (أ.ف.ب)

أعربت دول مجلس التعاون الخليجي، الجمعة، عن بالغ قلقها تجاه التشريعين المعروفين بتوجيه العناية الواجبة لاستدامة الشركات، وتوجيه الإبلاغ عن استدامتها، اللذين تتعلق بهما مجموعة تعديلات رفعها البرلمان الأوروبي، مؤخراً، إلى المفاوضات الثلاثية.

وأكّدت دول المجلس في بيان، أن قلقها نابع من أن هذه التشريعات ستفضي إلى إلزام الشركات الكبرى، الأوروبية والدولية، اتباع مفهوم الاتحاد الأوروبي للاستدامة، وبتشريعات تتعلق بحقوق الإنسان والبيئة، وبتقديم خطط للتغير المناخي خارج إطار الاتفاقيات المناخية الدولية، كذلك الالتزام بتقديم تقارير عن الاستدامة حول آثار تلك الشركات، والإبلاغ عن ذلك، وفرض غرامات على التي لا تمتثل لهذا التشريع.

وأوضح البيان أنه وعلى الرغم من أن التعديلات المقدمة للإسهام في تخفيف وطأة وتأثير بعض مواد التشريع، وإلغاء البعض الآخر، فإن دول الخليج ما زالت ترى أن هذه التعديلات لا تلبي ما تتطلع إليه، ولا تزال تمثل مصدراً للضرر ومصدراً محتملاً لمخاطر واسعة على مصالح شركاتها العاملة في السوق الأوروبية، خاصةً في ظل البيئة التنظيمية الجديدة التي يفرضها التشريع والتي قد تنعكس سلباً على تنافسية تلك الشركات واستمرارية أعمالها.

وأكّدت دول الخليج أنها لا تزال تواصل جهودها بصفتهم أعضاء فاعلين في جميع المنظمات الأممية المتعلقة بحقوق الإنسان والبيئة والتغير المناخي، وواءمت جميع تشريعاتها مع مبادئ هذه المنظمات، واضعة في الحسبان حقوقها الوطنية السيادية، مبيِّنة أنها تقدم تقاريرها بكل شفافية، وبشكل دوري ومنتظم، في مختلف المنتديات والمؤتمرات الدولية، تحت مظلة الأمم المتحدة، وقد تجسّد ذلك بانضمام دول المجلس إلى اتفاقيتي «باريس» و«الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ»، واعتمادها تشريعات وطنية لحماية البيئة وتنظيم الانبعاثات، فضلاً عن مشاركتها في آليات المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان.

ونوَّه البيان بأنه على الرغم من الجهود التي تقوم بها للوفاء بالتزاماتها تجاه المجتمع الدولي بشكل عام، والاتحاد الأوروبي بشكل خاص؛ لضمان وصول إمدادات الطاقة لأوروبا بشكل يوثق به ويُعتمد عليه، إلا أن دول الخليج تتوقع أن يؤدي استمرار البحث والتفاوض، بين المؤسسات الأوروبية، حول هذا التشريع، إلى آثار سلبية على استمرار تلك الإمدادات.

وخلُصت دول المجلس إلى أن شركاتها، التي قد ينطبق عليها التشريع، وهي تعمل وفق أفضل الممارسات العالمية، ستقوم بدراسة المخاطر والآثار التي قد تتعرض لها جراء اعتماده، وهو إجراء لا يستبعد أن يؤدي إلى التخارج من السوق الأوروبية والبحث عن بديل.

وعبّر البيان عن أمل دول الخليج في أن تنظر الدول الأوروبية الصديقة في إلغاء التوجيه، أو تعديل نطاق تطبيقه ضمن نطاق الاتحاد، بحيث لا يكون تأثيره عابراً للحدود، في حال رأى الأخير ضرورة الاستمرار فيه.


أسعار الغذاء العالمية تنخفض للشهر الثالث في نوفمبر

طفل يلعب في حقل للشعير بمدينة صنعاء اليمنية (إ.ب.أ)
طفل يلعب في حقل للشعير بمدينة صنعاء اليمنية (إ.ب.أ)
TT

أسعار الغذاء العالمية تنخفض للشهر الثالث في نوفمبر

طفل يلعب في حقل للشعير بمدينة صنعاء اليمنية (إ.ب.أ)
طفل يلعب في حقل للشعير بمدينة صنعاء اليمنية (إ.ب.أ)

قالت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، الجمعة، إن أسعار السلع الغذائية الأساسية العالمية انخفضت للشهر الثالث على التوالي في نوفمبر (تشرين الثاني)، مع تراجع أسعار السلع الرئيسية باستثناء الحبوب.

وسجّل متوسط مؤشر «الفاو» لأسعار الغذاء، الذي يتتبع مجموعة من السلع الأولية الغذائية المتداولة عالمياً، 125.1 نقطة في نوفمبر، بانخفاض من قراءة معدلة لأكتوبر (تشرين الأول) بلغت 126.6 نقطة، ليسجل أدنى قراءة منذ يناير (كانون الثاني).

وذكرت «الفاو» أن المتوسط في ​​نوفمبر تراجع 2.1 في المائة عن مستواه قبل عام، وانخفض بنسبة 21.9 في المائة عن ذروة سجّلها في مارس (آذار) 2022، عقب بداية الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا.

وهبط مؤشر أسعار السكر التابع لـ«الفاو» 5.9 في المائة عن أكتوبر الماضي، ليصل إلى أدنى مستوى منذ ديسمبر (كانون الأول) 2020، متأثراً بتوقعات وفرة المعروض عالمياً، في حين تراجع مؤشر أسعار منتجات الألبان 3.1 في المائة، مواصلاً الانخفاض للشهر الخامس على التوالي، ما يعكس زيادة إنتاج الحليب وارتفاع المعروض للتصدير.

وهبط مؤشر أسعار الزيوت النباتية 2.6 في المائة ليصل إلى أدنى مستوى له في 5 أشهر، وسط تراجع معظم المنتجات، بما في ذلك زيت النخيل، الذي طغى على مكاسب زيت الصويا.

وأشارت المنظمة إلى أن أسعار اللحوم تراجعت 0.8 في المائة، وتصدرت لحوم الخنزير والدواجن هذا الانخفاض، في حين استقرت أسعار لحوم البقر على خلفية إلغاء الرسوم الجمركية الأميركية على واردات لحوم البقر الذي قلص الارتفاع في الأسعار في الآونة الأخيرة.

من ناحية أخرى، ارتفع مؤشر أسعار الحبوب التابع لمنظمة «الفاو» 1.8 في المائة على أساس شهري. وزادت أسعار القمح نتيجة الطلب المحتمل من الصين والتوتر الجيوسياسي في منطقة البحر الأسود، في حين زادت أسعار الذرة بدعم من الطلب على الصادرات البرازيلية وتقارير عن تأثير الطقس على القطاع الزراعي في أميركا الجنوبية.

وفي تقرير منفصل حول العرض والطلب على الحبوب، رفعت منظمة «الفاو» توقعاتها لإنتاج الحبوب العالمي لعام 2025 إلى مستوى قياسي بلغ 3.003 مليار طن، مقارنة مع 2.990 مليار طن في توقعات الشهر الماضي، وعزت ذلك في المقام الأول إلى زيادة تقديرات إنتاج القمح.

وأضافت «الفاو» أن توقعات مخزونات الحبوب العالمية بنهاية موسم 2025-2026 زادت أيضاً إلى مستوى قياسي بلغ 925.5 مليون طن، ما يعكس توقعات زيادة مخزونات القمح في الصين والهند.