تصريحات باول تُربك المستثمرين... لا مؤشرات على تدخل قريب لدعم السوق

متداول في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)
متداول في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)
TT

تصريحات باول تُربك المستثمرين... لا مؤشرات على تدخل قريب لدعم السوق

متداول في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)
متداول في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)

تلقّى المستثمرون، الذين كانوا يأملون أن يتدخل «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي لدعم الأسواق المتأثرة بالرسوم الجمركية، رسالةً غير مطمئنة من رئيس «البنك المركزي»، جيروم باول، يوم الأربعاء.

هل «الفيدرالي» في مأزق؟

أعلن باول أن «البنك المركزي الأميركي» سيترقّب مزيداً من البيانات عن اتجاه الاقتصاد قبل اتخاذ أي قرار بشأن أسعار الفائدة. وخلال كلمة ألقاها أمام «النادي الاقتصادي» في شيكاغو، لمح إلى احتمال وقوع «الفيدرالي» في وضع معقّد، فتصاعد الرسوم الجمركية يؤدي إلى ارتفاع التضخم، في وقت يُظهر فيه النمو الاقتصادي والتوظيف علامات على التباطؤ، وفق «رويترز».

ويخشى المستثمرون من أن استمرار ارتفاع التضخم سيقيد قدرة «الفيدرالي» على خفض أسعار الفائدة لدعم الاقتصاد، نظراً إلى ما قد يُسببه ذلك من تفاقم الضغوط التضخمية. وعُدّت تعليقات باول أكثر تشدداً من المتوقع، في وقت تشهد فيه الأسواق موجة تراجع حادة منذ إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، عن حزمة رسوم جمركية واسعة النطاق أثارت مخاوف من تباطؤ اقتصادي وشيك.

وقال مايكل آرون، كبير استراتيجيي الاستثمار في «ستيت ستريت غلوبال أدفايزرز»: «كانت السوق تأمل في لهجة أكثر تيسيراً من قبل (الفيدرالي) تُشير إلى اقترابه من خفض أسعار الفائدة، لكنه لم يُقدّم ذلك».

ومنذ إعلان ترمب عن الرسوم الجمركية في 2 أبريل (نيسان) الحالي، شهدت الأسواق إحدى أشد فتراتها تقلباً منذ جائحة «كوفيد19» قبل 5 سنوات، حيث يكافح المستثمرون والشركات لتقييم التداعيات المحتملة وسط تغيّر مستمر في السياسات التجارية، بما في ذلك تعليق بعض الرسوم الجمركية المرتفعة في مقابل تصاعد النزاع مع الصين.

ويوم الأربعاء، أغلق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» منخفضاً بنسبة 2.2 في المائة، ليصل إجمالي التراجع من أعلى مستوياته في فبراير (شباط) الماضي إلى 14 في المائة، بينما تراجع «ناسداك المركب»، ذو الثقل التكنولوجي، بنسبة 3.1 في المائة.

وصرّح مارك مالك، كبير مسؤولي الاستثمار في «سيبرت فاينانشيال»، بأن «الفيدرالي» يواجه وضعاً بالغ الصعوبة نتيجة التزامه المزدوج تحقيق أقصى توظيف واستقرار الأسعار. وقال: «أقرّ باول أخيراً بأن الرسوم الجمركية ستؤدي إلى ضغوط تضخمية هذا العام، وقد تتسبب في تراجع الاستثمار وزيادة البطالة». وأضاف: «كلا الهدفين يتحرك في الاتجاه الخطأ الآن؛ مما يجعل مهمة (الفيدرالي) أكبر تعقيداً».

ترمب يطالب بخفض الفائدة

ويوم الخميس، جدّد ترمب دعوته إلى خفض أسعار الفائدة، مشيراً إلى أن إنهاء ولاية باول «لا يمكن أن يأتي بالسرعة الكافية».

ورغم ذلك، فإن المتداولين استمروا يوم الأربعاء في الرهان على أن «الفيدرالي» سيُقدِم على تخفيض أسعار الفائدة هذا العام، بما في ذلك احتمال استئناف الخفض في يونيو (حزيران) المقبل، مع توقعات بأن ينخفض معدل الفائدة الرئيسي، المتراوح حالياً بين 4.25 و4.50 في المائة، بنحو نقطة مئوية واحدة بحلول نهاية العام.

وفي سياق متصل، تطرق باول إلى ما يُعرف بـ«خيار البيع الفيدرالي»، أي تدخل «الفيدرالي» لحماية الأسواق من الانهيار. وعند سؤاله عن طرح مثل هذا الخيار، نفى باول ذلك، مؤكداً أن الأسواق، رغم معاناتها من تقلبات وعدم يقين، ما زالت تعمل بشكل منظم.

وقال سام ستوفال، كبير استراتيجيي الاستثمار في «سي إف آر إيه» للأبحاث: «تعليقات باول يمكن أن تُفسر على أنها تنفي ضمنياً وجود شبكة أمان تُعرف بـ(خيار البيع الفيدرالي)»، وأضاف: «ربما كانت تلك إشارة مقلقة للمستثمرين: نحن بمفردنا الآن».

وكانت الأسواق بالفعل ضعيفة قبل تصريحات باول، لكنها تراجعت بشكل أكبر بعدها، مدفوعة بهبوط أسهم التكنولوجيا، لا سيما بعد تحذير شركة «إنفيديا» من خسائر محتملة بسبب القيود الأميركية الجديدة على صادرات الرقائق إلى الصين.

ويرى بعض المستثمرين أن باول لم يُقدّم جديداً بقدر ما أكد على المخاوف القائمة بشأن تباطؤ الاقتصاد بالتزامن مع تصاعد الضغوط التضخمية.

وقال ريك ميكلر، وهو شريك في شركة «تشيري لين إنفستمنتس»: «لقد أشار إلى أن الأوضاع الاقتصادية ستكون صعبة إذا استمرت الرسوم الجمركية بهذه الوتيرة»، وتابع: «أعتقد أن المستثمرين كانوا يدركون ذلك مسبقاً، لكنه سلط الضوء عليه بشكل مباشر».


مقالات ذات صلة

وسط مخاوف الرسوم... تباطؤ إنتاج المصانع الأميركية في أبريل

الاقتصاد عمال على خط تجميع مركبات بولاريس الثلجية في مصنع روزو بمينيسوتا (أرشيفية - رويترز)

وسط مخاوف الرسوم... تباطؤ إنتاج المصانع الأميركية في أبريل

أعلن مجلس الاحتياطي الفيدرالي يوم الخميس تراجع إنتاج المصانع بنسبة 0.4 في المائة في أبريل (نيسان).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

تراجع «وول ستريت» و«ستاندرد آند بورز 500» يقترب من أول خسارة أسبوعية

شهدت الأسهم الأميركية تراجعاً حاداً يوم الخميس، عقب صدور سلسلة تقارير متباينة لم توضح بجلاء كيفية تعامل الاقتصاد الأميركي مع الحرب التجارية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
الاقتصاد عمال بمصنع شركة «إيمرسون إلكتريك» في مارشالتاون ولاية أيوا (رويترز)

رغم الرسوم المشددة... انخفاض غير متوقع في أسعار المنتجين الأميركيين

سجّلت أسعار الجملة في الولايات المتحدة تراجعاً غير متوقع في أبريل (نيسان)، لأول مرة منذ أكثر من عام، رغم الرسوم الجمركية المرتفعة التي فرضها دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد أشخاص يصطفون أمام مركز توظيف أعيد افتتاحه في لويزفيل بكنتاكي (أرشيفية - رويترز)

استقرار طلبات إعانة البطالة الأسبوعية في أميركا

استقر عدد الأميركيين المتقدمين بطلبات إعانة البطالة الجديدة الأسبوع الماضي، لكن فرص العمل تضاءلت للعاطلين مع تردد الشركات في تعزيز التوظيف.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد جيروم باول قُبيل إلقاء كلمته الافتتاحية في مؤتمر توماس لاوباخ البحثي بواشنطن 15 مايو 2025 (إ.ب.أ)

رئيس «الفيدرالي»: هناك ضرورة لمراجعة شاملة لاستراتيجيات التضخم وسوق العمل

أعلن رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول الخميس عن حاجة مسؤولي المجلس إلى إعادة تقييم الجوانب الأساسية المتعلقة بكل من سوق العمل والتضخم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )

وسط مخاوف الرسوم... تباطؤ إنتاج المصانع الأميركية في أبريل

عمال على خط تجميع مركبات بولاريس الثلجية في مصنع روزو بمينيسوتا (أرشيفية - رويترز)
عمال على خط تجميع مركبات بولاريس الثلجية في مصنع روزو بمينيسوتا (أرشيفية - رويترز)
TT

وسط مخاوف الرسوم... تباطؤ إنتاج المصانع الأميركية في أبريل

عمال على خط تجميع مركبات بولاريس الثلجية في مصنع روزو بمينيسوتا (أرشيفية - رويترز)
عمال على خط تجميع مركبات بولاريس الثلجية في مصنع روزو بمينيسوتا (أرشيفية - رويترز)

أعلن مجلس الاحتياطي الفيدرالي، يوم الخميس، تراجع إنتاج المصانع بنسبة 0.4 في المائة في أبريل (نيسان)، بعد أن سجل ارتفاعاً معدّلاً بالرفع بنسبة 0.4 في المائة في مارس (آذار).

وكان اقتصاديون استطلعت «رويترز» آراءهم توقعوا انخفاض الإنتاج بنسبة 0.2 في المائة، عقب زيادة سابقة بلغت 0.3 في المائة. وارتفع إنتاج المصانع بنسبة 1.2 في المائة على أساس سنوي في أبريل. ويُعدّ قطاع التصنيع، الذي يمثل 10.2 في المائة من الاقتصاد الأميركي ويعتمد بشكل كبير على المواد الخام المستوردة، مُعرّضاً لتأثيرات سياسات الرسوم الجمركية التي يفرضها الرئيس دونالد ترمب.

ورغم تخفيض إدارة ترمب للرسوم الجمركية على الواردات الصينية من 145 في المائة إلى 30 في المائة في نهاية الأسبوع الماضي، لا تزال رسوم بنسبة 10 في المائة مفروضة على غالبية الواردات، بالإضافة إلى ضريبة 25 في المائة على الصلب والألمنيوم، علاوة على رسوم على السيارات وقطع الغيار. ويدافع ترمب عن هذه الرسوم بعدّها ضرورية لإحياء القاعدة الصناعية الأميركية التي تراجعت لفترة طويلة، فيما يرى خبراء الاقتصاد صعوبة في إعادة المصانع المنتقلة للخارج إلى البلاد، مشيرين إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج والعمالة كعوامل معيقة.

ونما قطاع التصنيع بمعدل 4.8 في المائة في الربع الأول بعد فترة ركود طويلة تزامنت مع ارتفاع أسعار الفائدة.

وانخفض إنتاج السيارات وقطع الغيار بنسبة 1.9 في المائة في أبريل، بعد ارتفاع خلال الشهرين السابقين، ويُرجح أن يعود ذلك إلى محاولة شركات صناعة السيارات استباق الرسوم الجمركية، مع تحذيرات من تأثيرها الكبير على أرباح العام الحالي.

كما تراجع إنتاج الصناعات التحويلية المعمرة بنسبة 0.2 في المائة، بينما انخفض إنتاج الصناعات التحويلية غير المعمرة بنسبة 0.6 في المائة، مع تسجيل معظم القطاعات انخفاضات.

وانخفض إنتاج التعدين بنسبة 0.3 في المائة بعد مكاسب قوية في الشهرين السابقين، في حين ارتفع إنتاج المرافق بنسبة 3.3 في المائة عقب انخفاضين متتاليين.

وبقي الإنتاج الصناعي الإجمالي دون تغيير في أبريل، بعد تراجع بنسبة 0.3 في المائة في مارس، وارتفع بنسبة 1.5 في المائة على أساس سنوي. كما انخفض معدل استغلال الطاقة الإنتاجية في القطاع الصناعي إلى 77.7 في المائة من 77.8 في المائة في مارس، وهو أدنى بنسبة 1.9 نقطة مئوية عن متوسطه للفترة من 1972 حتى 2024. كما تراجع معدل التشغيل في قطاع الصناعات التحويلية بمقدار 0.4 نقطة مئوية إلى 76.8 في المائة، أي أقل بنسبة 1.4 نقطة مئوية عن المتوسط الطويل الأمد.

في المقابل، ارتفعت مخزونات الشركات الأميركية بأقل من المتوقع خلال مارس، في ظل نمو قوي لمبيعات التجزئة أدى إلى استنزاف المخزونات المتاحة.

وأفاد مكتب الإحصاء التابع لوزارة التجارة، يوم الخميس، بأن المخزونات ارتفعت بنسبة 0.1 في المائة فقط خلال مارس، بعد زيادة بنسبة 0.2 في المائة في فبراير (شباط). وكان اقتصاديون استطلعت «رويترز» آراءهم قد توقعوا ارتفاعاً بنسبة 0.2 في المائة، في حين تُعد المخزونات أحد المكونات الرئيسية للناتج المحلي الإجمالي، وأكثرها تقلباً.

وعلى أساس سنوي، ارتفعت المخزونات بنسبة 2.5 في المائة في مارس. وقد لجأت الشركات خلال الربع الأول إلى تكثيف وارداتها تحسباً للرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها ترمب على السلع الأجنبية، مما أسفر عن عجز تجاري واسع، حيث انتهى المطاف بمعظم هذه الواردات مخزوناتٍ لدى تجار الجملة.

وأظهرت التقديرات المسبقة للناتج المحلي الإجمالي للربع الأول، التي نُشرت الشهر الماضي، أن المخزونات ارتفعت بمعدل سنوي بلغ 140.1 مليار دولار، مقارنة بزيادة قدرها 8.9 مليار دولار فقط خلال الربع الأخير من عام 2024. وساهمت المخزونات في تعزيز الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 2.25 نقطة مئوية، وهي أكبر مساهمة منذ الربع الرابع من عام 2021. ومع ذلك، فقد طغى عليها تأثير سلبي لانخفاض قياسي في صافي الصادرات، بلغ 4.83 نقطة مئوية، مما أدى إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.3 في المائة، وهو أول انكماش فصلي منذ ثلاث سنوات.

وأُعيد تقدير انخفاض مخزونات التجزئة إلى 0.2 في المائة في مارس، مقارنة بالتقدير السابق البالغ 0.1 في المائة، بعدما تراجعت بنسبة 0.1 في المائة في فبراير. كما تراجعت مخزونات السيارات بنسبة 1.3 في المائة بدلاً من 1.1 في المائة حسب التقديرات السابقة، بعد انخفاض بنسبة 0.6 في المائة في فبراير.

في المقابل، ارتفعت مخزونات التجزئة باستثناء السيارات – وهي المكون الذي يدخل في احتساب الناتج المحلي الإجمالي – بنسبة 0.4 في المائة. كما زادت مخزونات الجملة بنسبة 0.4 في المائة، ومخزونات المصانع بنسبة 0.1 في المائة.

وعلى صعيد المبيعات، ارتفعت مبيعات الشركات بنسبة 0.7 في المائة في مارس، بعد صعود بنسبة 1.0 في المائة في فبراير، فيما قفزت مبيعات التجزئة بنسبة 1.5 في المائة.

وبوتيرة المبيعات الحالية لشهر مارس، يُتوقع أن تستغرق الشركات نحو 1.34 شهر لتفريغ مخزوناتها، مقارنة بـ1.35 شهر في فبراير.