«تسونامي» من الصادرات الصينية يهدد المصانع العالمية مع تصاعد حرب الرسوم

صورة جوية تُظهر حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ في الصين (رويترز)
صورة جوية تُظهر حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ في الصين (رويترز)
TT

«تسونامي» من الصادرات الصينية يهدد المصانع العالمية مع تصاعد حرب الرسوم

صورة جوية تُظهر حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ في الصين (رويترز)
صورة جوية تُظهر حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ في الصين (رويترز)

على مدى عقود، احتفظ مجمّع «فولكسفاغن» في مدينة وولفسبورغ الألمانية بلقب أكبر مصنع سيارات في العالم. إلا أن شركة «بي واي دي» الصينية، الرائدة في صناعة السيارات الكهربائية، بصدد تغيير هذه المعادلة؛ إذ تبني حالياً مصنعين عملاقين في الصين، يتمتع كل منهما بطاقة إنتاجية تفوق ضعفي القدرة الإنتاجية لمجمع وولفسبورغ التاريخي.

وتظهر البيانات الحديثة من بنك الصين المركزي أن البنوك المملوكة للدولة قد قدمت قروضاً إضافية بقيمة 1.9 تريليون دولار للمقترضين الصناعيين خلال السنوات الأربع الماضية. وعلى أطراف المدن في جميع أنحاء الصين، يتم بناء مصانع جديدة ليلاً ونهاراً، بينما يتم تحديث المصانع الحالية باستخدام الروبوتات والأتمتة، وفق صحيفة «نيويورك تايمز».

وتؤدي استثمارات الصين وتقدمها في مجال التصنيع إلى موجة من الصادرات التي تهدد بإغلاق المصانع وتسريح العمال، ليس فقط في الولايات المتحدة ولكن أيضاً في جميع أنحاء العالم.

وقالت كاثرين تاي، التي كانت ممثلة التجارة الأميركية في عهد الرئيس السابق جو بايدن: «تسونامي قادم للجميع».

وكانت الرسوم الجمركية المرتفعة التي أعلن عنها الرئيس ترمب يوم الأربعاء، والتي تسببت في تراجع الأسهم في آسيا وأماكن أخرى، هي الاستجابة الأكثر تطرفاً حتى الآن لدفع الصين للتصدير. ومن البرازيل وإندونيسيا إلى تايلاند والاتحاد الأوروبي، قامت العديد من البلدان بتحريك رسوم جمركية بشكل أكثر هدوءاً أيضاً.

وأعرب القادة الصينيون عن غضبهم إزاء الانتشار الأخير للحواجز التجارية، وخاصة التعريفات الجمركية الأخيرة التي فرضها ترمب. وهم يفخرون بمعدلات الادخار المرتفعة في الصين، وساعات العمل الطويلة، ووفرة المهندسين ومبرمجي البرمجيات، فضلاً عن قوتها العاملة من الكهربائيين، واللحامين، والميكانيكيين، وعمال البناء، وغيرهم من الحرفيين المهرة.

وفي ليلة السبت، قرأ مذيع على شاشة التلفزيون الحكومي بياناً حكومياً يدين الولايات المتحدة: «إنها تستخدم الرسوم الجمركية لتقويض النظام الاقتصادي والتجاري الدولي القائم» من أجل «خدمة المصالح الهيمنية للولايات المتحدة».

وقبل خمس سنوات، وقبل انفجار فقاعة الإسكان، كانت الرافعات التي تقوم ببناء الأبراج السكنية تملأ تقريباً كل مدينة في الصين. اليوم، اختفت العديد من تلك الرافعات وأصبح التي تبقى منها نادراً ما يتحرك. وبإيعاز من بكين، حولت البنوك سريعاً إقراضها من العقارات إلى الصناعة.

وتستخدم الصين عدداً أكبر من الروبوتات الصناعية مقارنة ببقية العالم مجتمعة، ومعظم هذه الروبوتات تُصنَع في الصين بواسطة شركات صينية، على الرغم من أن بعض المكونات لا تزال مستوردة. وبعد عدة سنوات من النمو السريع، زادت عمليات تركيب المعدات الصناعية الجديدة هذا العام بنسبة 18 في المائة إضافية.

وعندما افتتحت شركة «زيكر»، وهي شركة صينية لتصنيع السيارات الكهربائية، مصنعها في نينغبو، وهي مدينة تقع على بعد ساعتين بالسيارة جنوب شنغهاي، قبل أربع سنوات، كان المصنع يضم 500 روبوت. والآن ارتفع العدد إلى 820، مع وجود المزيد في طور الإعداد.

ومع بدء تشغيل المصانع الجديدة، تتسارع صادرات الصين بشكل سريع. فقد ارتفعت بنسبة 13.3 في المائة في عام 2023، ثم زادت بنسبة 17.3 في المائة في العام الماضي.

كما أن القروض التي تقدمها البنوك المملوكة للدولة تمول ازدهاراً في البحث والتطوير في الشركات. فقد افتتحت شركة «هواوي»، وهي مجموعة صناعية تصنع منتجات متنوعة مثل الهواتف الذكية وقطع غيار السيارات، مركزاً للأبحاث في شنغهاي يضم 35 ألف مهندس، ويحتوي على عشرة أضعاف المساحة المخصصة للمكاتب والمختبرات مقارنة بمقر شركة «غوغل» في مدينة ماونتن فيو بولاية كاليفورنيا.

ويواجه القادة في جميع أنحاء العالم صعوبة في تحديد ما إذا كانوا سيرتفعون بالرسوم الجمركية لحماية ما تبقى من قطاعاتهم الصناعية.

وكانت الصين قد وسعت بسرعة حصتها في التصنيع العالمي على مدى عقود. وجاء هذا النمو أساساً على حساب الولايات المتحدة والدول الصناعية القديمة الأخرى، ولكن أيضاً على حساب الدول النامية. وقد زادت حصتها إلى 32 في المائة وتستمر في الارتفاع، مقارنة بـ 6 في المائة في عام 2000.

ويعد الناتج الصناعي للصين أكبر من الناتج المشترك للولايات المتحدة وألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية وبريطانيا.

وحتى قبل فوز ترمب بفترة رئاسية ثانية، حذر مسؤولو إدارة بايدن خلال عامهم الأخير في الحكم من تجاوز الطاقة الإنتاجية الصناعية في الصين. وقد تم رفع بعض الرسوم الجمركية، خصوصاً على السيارات الكهربائية.

ولكن خلال السنوات الثلاث الأولى من ولايته، ركز مسؤولو إدارة بايدن بشكل أساسي على تشديد القيود على تصدير تقنيات مثل الرقائق الإلكترونية المتقدمة، مستشهدين بمخاوف الأمن القومي. بينما أبقوا الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب والتي تراوحت بين 7.5 في المائة و25 في المائة على نصف صادرات الصين إلى الولايات المتحدة خلال فترة ولايته الأولى.

ومن غير المؤكد كيف ستسير الأمور مع نهج الرئيس الأكثر تشدداً هذه المرة. فقد تباطأت الصادرات الصينية في بعض الأحيان بسبب الرسوم الجمركية، ولكنها لم تتوقف. بينما تتأهب دول أخرى لاحتمال أن يتم تحويل الصادرات الصينية إلى أماكن أخرى، مما يهدد اقتصادات الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة مثل الاتحاد الأوروبي وكوريا الجنوبية.

وكانت شركات السيارات الصينية تستعد لدخول سوق السيارات الأميركية في عام 2017، عندما تولى ترمب منصبه لأول مرة. وقامت شركة «جي إيه سي موتور» في مدينة قوانغتشو الصينية بإحضار العشرات من وكلاء السيارات الأميركيين إلى معرض السيارات في المدينة في نوفمبر (تشرين الثاني) من ذلك العام. وأعلنت الشركة عن خطط لبيع سيارات الدفع الرباعي والشاحنات الصغيرة التي تعمل بالبنزين في الولايات المتحدة بحلول نهاية عام 2019.

لكن شركة «جي إيه سي موتور» وغيرها من الشركات الصينية ألغت خططها بعد أن شمل ترمب السيارات في رسومه الجمركية الأولية التي بلغت 25 في المائة بعد عدة أشهر.

ولا تزال الشركات الصينية لا تبيع أي سيارات تقريبا في الولايات المتحدة، ومن غير المرجح أن يتغير هذا: فمع التحركات الأخيرة التي اتخذها ترمب، تواجه الشركات الصينية الآن رسوما جمركية تصل إلى 181 في المائة.

وبعد أن تم حظرها في الولايات المتحدة، واصلت شركات السيارات الصينية بناء المصانع وركزت حملاتها التصديرية في أماكن أخرى. وقد شهدت مبيعاتها قفزات كبيرة في أستراليا وجنوب شرق آسيا، حيث استحوذت على حصة سوقية من العلامات التجارية اليابانية والأميركية. وفي المكسيك، كانت حصة الشركات الصينية 0.3 في المائة فقط في عام 2017؛ ولكن بحلول العام الماضي، ارتفعت إلى أكثر من 20 في المائة.

كما دفعت الزيادة السريعة في المبيعات داخل الاتحاد الأوروبي والأدلة على تقديم الحكومة الصينية دعماً مالياً لهذه الشركات، المسؤولين في الاتحاد الأوروبي إلى فرض رسوم جمركية تصل إلى 45 في المائة على السيارات الكهربائية من الصين في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ولا تبني الصين مصانع سيارات فحسب، بل قامت أيضاً ببناء طاقة تكرير بتروكيماوي في السنوات الخمس الماضية أكثر من أوروبا واليابان وكوريا الجنوبية مجتمعة منذ الحرب العالمية الثانية. ومن المتوقع أن تبني الصين هذه المصافي بشكل أسرع هذا العام. ثم يتم تحويل البتروكيماويات إلى بلاستيك وبوليستر وفينيل وإطارات.

وقال روبرت إي. لايتهايزر، الذي كان الممثل التجاري للولايات المتحدة في فترة ترمب الأولى، إن الرسوم الجمركية الأميركية الأخيرة «هي علاج متأخر للغاية - السبب الجذري هو عقود من السياسات الصناعية الصينية التي خلقت فائضاً مذهلاً في الطاقة الإنتاجية وعدم توازن عالمياً».

جزء من السبب وراء صادرات الصين الضخمة هو أن شعبها يستهلك قليلاً جداً. فقد قضت أزمة سوق العقارات منذ عام 2021 على جزء كبير من مدخرات الطبقة الوسطى ودمرت العديد من الأسر الثرية.

وتشهد الإيرادات الضريبية في الصين تراجعاً ملحوظاً، في وقت يتسارع فيه الإنفاق العسكري بوتيرة متزايدة. هذا التباين دفع الحكومة إلى توخي الحذر في إطلاق حزم تحفيزية لدعم الاستهلاك المحلي. وبدلاً من ذلك، لجأت بكين إلى تعزيز صادراتها كوسيلة للتعويض عن الركود في قطاع الإسكان، ما أسفر عن خلق ملايين الوظائف المرتبطة ببناء المصانع وتجهيزها وتشغيلها، مما أبقى عجلة الاقتصاد دائرة رغم التحديات الداخلية.

وقد انضم بعض الاقتصاديين الصينيين مؤخراً إلى نظرائهم الغربيين في اقتراح ضرورة تقوية شبكة الأمان الاجتماعي الهزيلة في البلاد. وفي بداية هذا العام، كان الحد الأدنى من المعاش الحكومي لكبار السن لا يتجاوز 17 دولاراً شهرياً. وهذا يكاد لا يكفي لشراء المواد الغذائية، حتى في الريف الصيني.

وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، دعا أستاذ الاقتصاد الشهير في جامعة تسينغهوا، لي داوكوي، علناً إلى رفع المعاش الشهري الأدنى عدة أضعاف ليصل إلى 110 دولارات. وادعى أن الحكومة الصينية قادرة على تحمل هذه التكلفة، وأن الإنفاق الإضافي من قبل كبار السن سيحفز الاقتصاد بالكامل.

لكن المسؤولين الصينيين رفضوا نصيحته. عندما تم إصدار الموازنة في الخامس من مارس (آذار)، تضمنت زيادة في المعاشات التقاعدية الشهرية ــ ولكن بمقدار 3 دولارات فقط، ليصل الإجمالي إلى 20 دولاراً شهرياً.

وخصصت الموازنة ذاتها 100 مليار دولار للاستثمارات، بما في ذلك الموانئ والبنية الأساسية الأخرى الداعمة للمصدرين. وكان هناك أيضاً برنامج جديد لتحديث تكنولوجيا التصنيع في 20 مدينة صينية.


مقالات ذات صلة

ترمب ينقلب على معايير «الكفاءة الخضراء»

الاقتصاد الرئيس دونالد ترمب محاطاً بعدد من كبار تنفيذيي صناعة السيارات الأميركية في المكتب البيضاوي يوم 3 ديسمبر الحالي (أ.ف.ب)

ترمب ينقلب على معايير «الكفاءة الخضراء»

في خطوة تُعدّ انقلاباً مباشراً على إرث إدارة جو بايدن، أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، عن خطة شاملة لخفض معايير الكفاءة في استهلاك الوقود للسيارات والشاحنات.

إيلي يوسف (واشنطن)
العالم الرئيس الروسي خلال اجتماع في الكرملين (أ.ف.ب)

روسيا تسمح بدخول المواطنين الصينيين من دون تأشيرة

وقّع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يوم الاثنين، أمراً تنفيذياً يقضي بالإعفاء المؤقت للمواطنين الصينيين من متطلبات التأشيرة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد عمال ينتجون أقمشة الجاكار لطلبيات التصدير لمصنع في نانتونغ بمقاطعة جيانغسو شرق الصين (أ.ف.ب)

النشاط الصناعي الصيني يواصل الانكماش للمرة الثامنة... والخدمات تتباطأ

أظهرت البيانات الرسمية الصادرة عن الصين استمرار تباطؤ النشاط الاقتصادي في نوفمبر (تشرين الثاني)، حيث سجلت المصانع انكماشاً للشهر الثامن على التوالي.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد تماثيل ألعاب صغيرة وعملة الـ«بتكوين» أمام صورة العَلم الصيني في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)

المركزي الصيني يجدد تشدده ضد العملات الافتراضية ويتعهد بملاحقة «المستقرة»

جدَّد البنك المركزي الصيني موقفه الصارم والحازم تجاه العملات الافتراضية، متعهداً بمكافحة جميع الأنشطة غير القانونية المتعلقة بها.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد ترمب يتحدث إلى وسائل الإعلام على متن طائرة الرئاسة الأميركية في طريقها إلى فلوريدا (أ.ف.ب)

ترمب: الرئيس الصيني «وافق تقريباً» على تسريع مشتريات السلع الأميركية

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يوم الثلاثاء، إنه ضغط على الرئيس الصيني شي جينبينغ لتسريع وزيادة مشتريات بكين من السلع الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
TT

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)

أظهرت البيانات الأولية الصادرة يوم الجمعة ارتفاع مؤشر ثقة المستهلك لجامعة ميشيغان إلى 53.3 نقطة في بداية ديسمبر (كانون الأول)، مقارنةً بقراءة نهائية بلغت 51 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزاً توقعات الاقتصاديين عند 52 نقطة، لكنه لا يزال منخفضاً بشكل كبير مقارنة بمستوى 71.7 نقطة في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وشهد تقييم المستهلكين للظروف الاقتصادية الحالية انخفاضاً طفيفاً، بينما تحسّنت توقعاتهم المستقبلية إلى حد ما. كما تراجعت توقعات التضخم للعام المقبل إلى 4.1 في المائة مقابل 4.5 في المائة في الشهر السابق، مسجلة أدنى مستوى منذ يناير، مع استمرار الضغوط على الأسعار بسبب الرسوم الجمركية على الواردات، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وقالت جوان هسو، مديرة المسوحات الاقتصادية في ميشيغان: «الاتجاه العام للآراء يبقى قاتماً، حيث يواصل المستهلكون الإشارة إلى عبء ارتفاع الأسعار». على الرغم من تراجع التضخم عن أعلى مستوياته منتصف 2022، إلا أنه يظل أعلى من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة بثبات.


مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
TT

مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)

تباطأ مؤشر التضخم المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي» قليلاً في سبتمبر (أيلول)، مما يمهّد الطريق على الأرجح لخفض أسعار الفائدة المتوقع على نطاق واسع من قِبل البنك المركزي الأسبوع المقبل.

وأعلنت وزارة التجارة، يوم الجمعة، أن الأسعار ارتفعت بنسبة 0.3 في المائة في سبتمبر مقارنة بأغسطس (آب)، وهي نسبة الشهر السابق نفسها. وباستثناء فئات الغذاء والطاقة المتقلبة، ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 0.2 في المائة، وهو معدل مماثل للشهر السابق، ويقارب هدف «الاحتياطي الفيدرالي» للتضخم البالغ 2 في المائة إذا استمر على مدار عام كامل، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وعلى أساس سنوي، ارتفعت الأسعار الإجمالية بنسبة 2.8 في المائة، بزيادة طفيفة عن 2.7 في المائة في أغسطس، في حين ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 2.8 في المائة مقارنة بالعام السابق، بانخفاض طفيف عن 2.9 في المائة المسجلة في الشهر السابق. وأظهرت البيانات التي تأخرت خمسة أسابيع بسبب إغلاق الحكومة، أن التضخم كان منخفضاً في سبتمبر، مما يعزز مبررات خفض سعر الفائدة الرئيسي لمجلس «الاحتياطي الفيدرالي» في اجتماعه المقبل يومَي 9 و10 ديسمبر (كانون الأول).

رغم ذلك، لا يزال التضخم أعلى من هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة، جزئياً بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب، لكن العديد من مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» يرون أن ضعف التوظيف، والنمو الاقتصادي المتواضع، وتباطؤ مكاسب الأجور؛ سيؤدي إلى انخفاض مطرد في مكاسب الأسعار خلال الأشهر المقبلة.

ويواجه «الاحتياطي الفيدرالي» قراراً صعباً الأسبوع المقبل: الحفاظ على أسعار الفائدة مرتفعة لمكافحة التضخم، مقابل خفضها لتحفيز الاقتراض ودعم الاقتصاد، وسط تباطؤ التوظيف وارتفاع البطالة ببطء.


«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)

اقتربت الأسهم الأميركية، يوم الجمعة، من مستوياتها القياسية، مع توجه «وول ستريت» نحو نهاية أسبوع اتسم بالهدوء النسبي.

وارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.3 في المائة، ليصبح على بُعد 0.2 في المائة فقط من أعلى مستوى له على الإطلاق، فيما صعد مؤشر «داو جونز» الصناعي بـ46 نقطة (0.1 في المائة). أما مؤشر «ناسداك» المركّب فزاد بنحو 0.4 في المائة، في حين تراجع مؤشر «راسل 2000» لأسهم الشركات الصغيرة بنسبة 0.2 في المائة بعدما لامس مستوى قياسياً في الجلسة السابقة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وفي قطاع الشركات، سجّل سهم «نتفليكس» انخفاضاً بنسبة 2.1 في المائة، بعد إعلانها خططاً لشراء «وارنر براذرز» إثر انفصالها عن «ديسكفري غلوبال»، في صفقة تبلغ 72 مليار دولار نقداً وأسهماً. وارتفع سهم «ديسكفري» التابعة للشركة بنسبة 2.6 في المائة.

وقفز سهم «ألتا بيوتي» بنسبة 11 في المائة بعد إعلان نتائج فصلية فاقت توقعات المحللين من حيث الأرباح والإيرادات، مع إشارتها إلى تحسّن ملحوظ في التجارة الإلكترونية، مما دفعها إلى رفع توقعاتها للإيرادات السنوية.

كما حققت «فيكتوريا سيكريت» أداءً قوياً، إذ سجّلت خسارة أقل من المتوقع ورفعت توقعاتها لمبيعات العام، ليرتفع سهمها بنسبة 14.4 في المائة.

أما سهم «هيوليت باكارد إنتربرايز» فانخفض 3.9 في المائة رغم تحقيق أرباح أعلى من التوقعات، نتيجة إعلان الشركة إيرادات دون المستوى المأمول.

وجاء هذا الأداء في أسبوع هادئ نسبياً بالنسبة إلى السوق الأميركية، بعد أسابيع شهدت تقلبات حادة بفعل مخاوف مرتبطة بتدفقات كبيرة على قطاع الذكاء الاصطناعي وتوقعات تحركات مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

بعد فترة من التردد، يتوقع المستثمرون الآن بالإجماع تقريباً أن يخفّض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي الأسبوع المقبل لدعم سوق العمل البطيئة. وسيكون ذلك الخفض الثالث هذا العام إن حدث.

وتحظى أسعار الفائدة المنخفضة بدعم المستثمرين، لأنها تعزّز تقييمات الأصول وتحفّز النمو الاقتصادي، لكنها قد تزيد الضغوط التضخمية التي لا تزال أعلى من هدف «الفيدرالي» البالغ 2 في المائة.

ويدعم توقع خفض الفائدة عودة مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى مشارف مستوياته القياسية المسجلة في أكتوبر (تشرين الأول)، في حين يترقب المستثمرون إشارات جديدة من اجتماع «الفيدرالي» حول مسار الفائدة العام المقبل.

وفي أسواق السندات، استقرت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات عند 4.11 في المائة، في حين ارتفع العائد على السندات لأجل عامَين إلى 3.54 في المائة من 3.52 في المائة.

وعالمياً، ارتفعت المؤشرات في معظم أوروبا وآسيا؛ فقد صعد مؤشر «داكس» الألماني بنسبة 0.9 في المائة، وقفز مؤشر «كوسبي» الكوري الجنوبي بنسبة 1.8 في المائة.

في المقابل، تراجع مؤشر «نيكي 225» في طوكيو بنسبة 1.1 في المائة بعد بيانات أظهرت انخفاض إنفاق الأسر اليابانية بنسبة 3 في المائة في أكتوبر على أساس سنوي، وهو أكبر تراجع منذ يناير (كانون الثاني) 2024، وسط تقلبات أثارها احتمال رفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة.