تباطؤ نمو قطاع الخدمات الأميركي لأدنى مستوى في 9 أشهر

وسط ضبابية الرسوم الجمركية

لافتة «مطلوب موظفين الآن» معروضة على نافذة مطعم «إن آند أوت» للوجبات السريعة في إنسينيتاس بكاليفورنيا (رويترز)
لافتة «مطلوب موظفين الآن» معروضة على نافذة مطعم «إن آند أوت» للوجبات السريعة في إنسينيتاس بكاليفورنيا (رويترز)
TT
20

تباطؤ نمو قطاع الخدمات الأميركي لأدنى مستوى في 9 أشهر

لافتة «مطلوب موظفين الآن» معروضة على نافذة مطعم «إن آند أوت» للوجبات السريعة في إنسينيتاس بكاليفورنيا (رويترز)
لافتة «مطلوب موظفين الآن» معروضة على نافذة مطعم «إن آند أوت» للوجبات السريعة في إنسينيتاس بكاليفورنيا (رويترز)

تراجع نمو قطاع الخدمات بالولايات المتحدة إلى أدنى مستوى له في تسعة أشهر خلال مارس (آذار)، مما يعزز التوقعات بأن الاقتصاد الأميركي قد تباطأ بشكل حاد في الربع الأول من العام وسط حالة من عدم اليقين الناجمة عن الرسوم الجمركية المفروضة على الواردات.

وكشف معهد إدارة التوريد (ISM)، الخميس، أن مؤشره لمديري المشتريات غير الصناعي (PMI) انخفض إلى 50.8 نقطة الشهر الماضي، وهو أدنى مستوى منذ يونيو (حزيران) 2024 مقارنة بـ53.5 نقطة في فبراير (شباط). وكانت توقعات الاقتصاديين الذين استطلعت «رويترز» آراءهم تشير إلى انخفاض المؤشر إلى 53 نقطة فقط.

وتظهر أي قراءة فوق 50 نقطة نمواً في قطاع الخدمات، الذي يُشكل أكثر من ثلثي الاقتصاد الأميركي. كما يرتبط تسجيل المؤشر قراءة فوق 49 نقطة لفترة زمنية ممتدة بنمو الاقتصاد الأميركي ككل.

وجاء هذا التراجع إلى جانب سلسلة من الاستطلاعات المتشائمة حول ثقة المستهلكين والشركات، إضافة إلى بيانات اقتصادية «صلبة»، مثل ضعف الإنفاق الاستهلاكي وارتفاع التضخم، ما زاد المخاوف من دخول الاقتصاد في حالة من «الركود التضخمي». كما ارتفعت احتمالات حدوث ركود اقتصادي خلال الـ12 شهراً المقبلة.

ترمب والرسوم الجمركية يهددان النمو

منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني)، شنّ الرئيس دونالد ترمب حملة من الرسوم الجمركية الصارمة، مما أثر سلباً على ثقة الشركات والمستهلكين، وألقى بظلال قاتمة على الاقتصاد الأميركي الذي كان يتمتع بمرونة كبيرة سابقاً.

وتشير التقديرات إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول قد ينمو بأقل من 0.5 في المائة بمعدل سنوي، مع ارتفاع احتمالات الانكماش الاقتصادي. وكان الاقتصاد الأميركي قد سجل نمواً بنسبة 2.4 في المائة في الربع الأخير من عام 2024. في الوقت نفسه، تسارع التضخم، حيث أُرجع السبب إلى الرسوم الجمركية المفروضة والمقررة مستقبلاً.

وأعلن ترمب، الأربعاء، عن فرض رسوم جمركية بحد أدنى 10 في المائة على جميع الواردات، مع فرض معدلات أعلى على بعض الشركاء التجاريين الرئيسين للولايات المتحدة. ووفقاً لتصنيفات «فيتش»، فإن هذه الرسوم ستكون الأعلى منذ أكثر من قرن.

ويرى ترمب أن الرسوم الجمركية وسيلة لتعزيز الإيرادات لتعويض التخفيضات الضريبية التي وعد بها، إلى جانب دعم قطاع التصنيع الأميركي المتراجع منذ فترة طويلة، لكنّ الاقتصاديين يحذرون من تأثيرها السلبي، إذ يُنظر إليها على أنها عبء على الاقتصاد بدلاً من أن تكون محفزاً للنمو.

تراجع الطلب وضعف الطلبيات الجديدة

انخفض مؤشر الطلبيات الجديدة في مسح معهد إدارة التوريد إلى 50.4 نقطة الشهر الماضي، مقارنة بـ52.2 نقطة في فبراير. وعلى الرغم من زيادة الإنتاج، فإن ذلك يرجع على الأرجح إلى محاولة الشركات إكمال الأعمال غير المنجزة قبل دخول الرسوم الجمركية الجديدة حيز التنفيذ. كما انخفض مؤشر الطلبات المتراكمة إلى 47.4 نقطة من 51.7 نقطة في الشهر السابق.

ومع تباطؤ النمو، تراجع مؤشر أسعار المدخلات للخدمات إلى 60.9 نقطة، منخفضاً من 62.6 نقطة في فبراير، لكنه لا يزال يشير إلى ارتفاع كبير في التكاليف. ومن شأن ضعف الطلب على الخدمات أن يحدّ من قدرة الشركات على تمرير الزيادات في الأسعار إلى المستهلكين.

لكن أسعار السلع قد تستمر في الارتفاع بسبب تعطل سلاسل التوريد نتيجة الرسوم الجمركية. وكشف مسح معهد إدارة التوريد للصناعات التحويلية، الثلاثاء، أن أسعار المدخلات في المصانع ارتفعت إلى أعلى مستوى فيما يقرب من ثلاث سنوات خلال مارس.

وتحسنت أداء سلاسل التوريد بشكل طفيف، حيث انخفض مؤشر أداء الموردين في المسح إلى 50.6 نقطة مقارنة بـ53.4 نقطة في فبراير. وتُشير أي قراءة فوق 50 نقطة إلى تباطؤ في عمليات التسليم.

تراجع التوظيف في قطاع الخدمات

سجّل مؤشر التوظيف في قطاع الخدمات انخفاضاً حاداً إلى 46.2 نقطة، وهو أدنى مستوى منذ ديسمبر (كانون الأول) 2023، بعد أن كان عند 53.9 نقطة في فبراير. وعلى الرغم من أن هذا المؤشر لم يكن دائماً مؤشراً دقيقاً للوظائف في بيانات التوظيف الحكومية، فإن الاتجاه العام يشير إلى تراجع تدريجي في سوق العمل.

ووفقاً لبيانات الحكومة، كان هناك 1.07 فرصة عمل لكل عاطل عن العمل في فبراير، مقارنة بـ1.13 فرصة عمل في يناير، مما يشير إلى تراجع في الطلب على العمالة.

من المتوقع أن تُظهر بيانات وزارة العمل، المقرر صدورها يوم الجمعة، أن الوظائف غير الزراعية ارتفعت بمقدار 135 ألف وظيفة في مارس، مقارنة بـ151 ألف وظيفة في فبراير، وفقاً لاستطلاع أجرته «رويترز». ومن المتوقع أن يبقى معدل البطالة عند 4.1 في المائة دون تغيير.

التوقعات الاقتصادية ومستقبل الأسواق

تزداد المخاوف من أن يؤدي الجمع بين تباطؤ النمو الاقتصادي، وارتفاع التضخم إلى ركود تضخمي يصعب على الاحتياطي الفيدرالي التعامل معه. وفي ظل هذه التطورات، قد يجد بنك الاحتياطي الفيدرالي نفسه أمام معضلة صعبة، حيث إن خفض أسعار الفائدة لدعم النمو قد يزيد التضخم، في حين أن إبقاء الفائدة مرتفعة قد يضغط أكثر على الاقتصاد.

ومع استمرار هذه التحديات، يترقب المستثمرون بحذر تطورات السياسة التجارية والإجراءات النقدية المقبلة، والتي ستحدد ملامح المرحلة القادمة للأسواق المالية والاقتصاد الأميركي.


مقالات ذات صلة

ماسك: الحملة لخفض الإنفاق الحكومي لم تلبِّ طموحاتي

الولايات المتحدة​ الرئيس التنفيذي لشركة «تسلا» إيلون ماسك يحيي الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال فعالية في فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا الأميركية 22 مارس 2025 (رويترز)

ماسك: الحملة لخفض الإنفاق الحكومي لم تلبِّ طموحاتي

قال إيلون ماسك إن نتائج حملته الضخمة لخفض الإنفاق الحكومي الأميركي لم تُلبِّ طموحاته الأصلية بعد مواجهة معارضة، بما في ذلك من داخل إدارة الرئيس الأميركي ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم واشنطن وكييف توقعان اتفاقاً لاستغلال المعادن والنفط والغاز في أوكرانيا (أ.ف.ب)

ماذا نعرف عن اتفاق المعادن بين واشنطن وكييف؟

وقّعت واشنطن وكييف الأربعاء اتفاقاً لاستغلال المعادن والنفط والغاز في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد الروبوتات المستقلة تجمّع سيارة من طراز «إكس» في منشأة تصنيع «بي إم دبليو» بولاية كارولينا الجنوبية (رويترز)

انكماش متزايد بقطاع التصنيع الأميركي خلال أبريل

انكمش قطاع التصنيع الأميركي بشكل أكبر في أبريل (نيسان) الماضي، مع استمرار تأثير الرسوم الجمركية على السلع المستوردة، مما فاقم الضغوط على سلاسل التوريد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد أشخاص يصطفون أمام مركز التوظيف في كنتاكي للحصول على إعانات البطالة (أرشيفية - رويترز)

ارتفاع طلبات إعانة البطالة الأميركية أكثر من المتوقع

ارتفع عدد الأميركيين المتقدمين بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة أكثر من المتوقع خلال الأسبوع الماضي، في إشارة محتملة إلى تصاعد عمليات تسريح العمال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد عمال يُسوّون خليطاً مصبوباً في مصنع «آيس ستون» لأسطح الزجاج المعاد تدويره بنيويورك (رويترز)

تباطؤ في تسريح العمالة بأميركا خلال أبريل

تراجعت عمليات تسريح العمالة المُعلنة من قبل أصحاب العمل الأميركيين خلال أبريل إلا أن الشركات واصلت ترددها في تعزيز التوظيف وسط غموض يكتنف التوقعات

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«السيادي» السعودي يجمع 1.25 مليار دولار من صكوك دولية


مركز الملك عبد الله المالي في الرياض (رويترز)
مركز الملك عبد الله المالي في الرياض (رويترز)
TT
20

«السيادي» السعودي يجمع 1.25 مليار دولار من صكوك دولية


مركز الملك عبد الله المالي في الرياض (رويترز)
مركز الملك عبد الله المالي في الرياض (رويترز)

أعلن «صندوق الاستثمارات العامة» إتمام تسعير طرحه لصكوك بقيمة 1.25 مليار دولار (ما يعادل 4.7 مليار ريال تقريباً)، وسيتم توجيه عائدات الطرح المقوّم بالدولار لأغراض الصندوق العامة.

ووفق بيان صادر عن «السيادي» السعودي، تجاوزت نسبة التغطية 6.5 ضعف إجمالي الإصدار، في حين وصل المجموع الكلي لطلبات الاكتتاب إلى أكثر من 9 مليارات دولار (ما يعادل 33.7 مليار ريال تقريباً).

ويبلغ أجل الصكوك في هذا الطرح سبع سنوات، وستُدرج في سوق الأوراق المالية الدولية في بورصة لندن ضمن برنامج الصكوك الدولية لـ«صندوق الاستثمارات العامة».

وذكرت «رويترز» أن «صندوق الاستثمارات العامة» تمكن من خفض توجيه السعر إلى 110 نقاط أساس فوق سندات الخزانة الأميركية من 140 نقطة أساس.

وقال مدير الأسواق العامة في الإدارة العامة للتمويل الاستثماري العالمي في الصندوق، أحمد الربيعان، إن «هذا الطلب المرتفع من قبل المستثمرين الدوليين على طرح الصكوك الجديد، يعكس قوة التصنيف الائتماني لـ(صندوق الاستثمارات العامة)، ودوره الأساسي كمحرك للتحول الاقتصادي في المملكة. يشكّل الطرح استمراراً لاستراتيجية الصندوق التمويلية القوية والمتنوعة التي تحظى بدعم كبير من المستثمرين الدوليين».

وتشمل استراتيجية «صندوق الاستثمارات العامة» التمويلية طويلة الأجل مجموعة متنوعة من الأدوات التمويلية، بما في ذلك برنامجا الصكوك والسندات، إلى جانب تمويل بهيكلية المرابحة وتسهيلات ائتمانية دوّارة.

وكانت آخر مرة استغل فيها «صندوق الاستثمارات العامة» أسواق الديون في يناير (كانون الثاني) الماضي، حيث جمع 4 مليارات دولار من صفقة مكونة من شريحتين.

ويحمل الصندوق تصنيفاً ائتمانياً عند الفئة «إيه إيه 3» مع نظرة مستقبلية «مستقرة» من وكالة التصنيف الائتماني العالمية «موديز»، كما يحمل تصنيفاً من فئة «إيه +» من وكالة «فيتش» مع نظرة «مستقرة».