قوة الطلب تدفع التصنيع الصيني لأعلى مستوى في 12 شهراً

توقعات بتأثير الرسوم الجمركية على الأداء في بقية العام

عامل يستريح في موقع إنشاءات بالعاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)
عامل يستريح في موقع إنشاءات بالعاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)
TT
20

قوة الطلب تدفع التصنيع الصيني لأعلى مستوى في 12 شهراً

عامل يستريح في موقع إنشاءات بالعاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)
عامل يستريح في موقع إنشاءات بالعاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)

أظهر مسحٌ للمصانع، نُشر يوم الاثنين، أن نشاط التصنيع في الصين توسَّع بأسرع وتيرة له خلال عام في مارس (آذار) الحالي، حيث عززت الطلبات الجديدة الإنتاج، مما منح ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعض الراحة، في ظل تعامله مع الحرب التجارية الأميركية المتصاعدة.

ومِن شأن هذه القراءة أن تُطمئن المسؤولين بأن الدعم المالي الأخير يُعزز الاقتصاد الذي تبلغ قيمته 18 تريليون دولار، والذي يستفيد أيضاً من قيام المشترين الأجانب بضخّ مشترياتهم مسبقاً؛ تحسباً لمزيد من القيود التجارية الأميركية.

ومع ذلك، من المتوقع أن يكون هذا الإعفاء قصير الأجل، إذ من المقرر أن يعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسوماً جمركية «متبادلة» جديدة، يوم الأربعاء؛ لمعالجة الاختلالات التجارية المتصورة، مما قد يضيف مزيداً من الرسوم على السلع الصينية.

وفرض ترمب بالفعل رسوماً جمركية تراكمية بنسبة 20 في المائة على جميع الواردات الصينية، منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني) الماضي، متهماً بكين بالتقصير في الحد من تدفق المواد الكيميائية المستخدمة في صنع عقَّار الفنتانيل القاتل، إلى الولايات المتحدة.

وارتفع مؤشر مديري المشتريات الرسمي إلى 50.5 نقطة في مارس، من 50.2 في الشهر السابق، وفقاً للمكتب الوطني للإحصاء، وهو أعلى مستوى له منذ مارس 2024، ومطابق لتوقعات المحللين، في استطلاعٍ أجرته «رويترز».

وتسارَع مؤشر مديري المشتريات غير الصناعي، الذي يشمل قطاعي الخدمات والبناء، إلى 50.8 من 50.4 نقطة. وقال جوليان إيفانز بريتشارد، رئيس قسم الاقتصاد الصيني في «كابيتال إيكونوميكس»: «تشير مؤشرات مديري المشتريات الرسمية إلى أن الإنفاق على البنية التحتية يزداد مجدداً، وأن الصادرات حافظت، حتى الآن، على صمودها في مواجهة الرسوم الجمركية الأميركية... لكن المُسوحات لا تزال متسقة مع تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول، وسط ضعف في قطاع الخدمات».

وأبقت الصين على هدفها الاقتصادي، لهذا العام، دون تغيير عند «نحو 5 في المائة»، على الرغم من تهديدات ترمب بفرض رسوم جمركية، والتي قد تُنهي الانتعاش الاقتصادي القائم إلى حد كبير على الصادرات، والذي بدأ منذ نهاية جائحة «كوفيد-19» في أواخر عام 2022.

وتعهدت الحكومة بمزيد من التحفيز المالي، وزيادة إصدار الديون، وتيسير السياسة النقدية، والتركيز بشكل أكبر على تعزيز الطلب المحلي، لتخفيف آثار الحرب التجارية.

وفي إشارة إلى تحسن الطلب المحلي، ارتفع المؤشر الفرعي للطلبات الجديدة إلى 51.8 نقطة في مارس، وهو أعلى مستوى له في 12 شهراً، بينما تباطأ انخفاض طلبات التصدير الجديدة، ليقترب بفارق ضئيل من مستوى 50 الذي يفصل بين النمو والانكماش. وقال تشاو تشينغ هي، كبير الإحصائيين في المكتب الوطني للإحصاء، في مذكرة، إن مؤشرات مديري المشتريات للشركات الصغيرة والمتوسطة تحسنت، الشهر الماضي، لكن الشركات الكبيرة ذكرت أنها واجهت صعوبة، هذا الشهر، مقارنةً بشهر فبراير (شباط).

وقال شو تيانشن، كبير الاقتصاديين في وحدة «إيكونوميكس إنتيلجينس»: «الوضع جيد، لكنه ليس جيداً بما يكفي. أشعر بقلق بالغ بشأن أسعار الإنتاج، التي انخفضت على الرغم من زيادة الطلبات الجديدة». وأضاف: «الوضع أضعف قليلاً من توقعاتنا، حيث لا يزال قطاع العقارات يُشكل عائقاً».

وشهد الاقتصاد الصيني بداية متعثرة، هذا العام، حيث قابلت الضغوط الانكماشية المستمرة وارتفاع معدلات البطالة تحسناً طفيفاً في مبيعات التجزئة.

وفي محاولةٍ لتهدئة مخاوف الشركات الأجنبية بشأن الاقتصاد الصيني، في ظل تهديدات ترمب بفرض رسوم جمركية، جمع الرئيس الصيني شي جينبينغ مجموعة من الرؤساء التنفيذيين للشركات متعددة الجنسيات، الأسبوع الماضي، وحثّهم على حماية الصناعة العالمية وسلاسل التوريد. وتُعزز بكين أيضاً برنامجها لاستبدال «النقد مقابل السيارات القديمة» بالسلع الاستهلاكية القديمة؛ لتشجيع الأُسر على الإنفاق.

وتوقَّع محللون، استطلعت «رويترز» آراءهم، ارتفاع مؤشر مديري المشتريات للقطاع الخاص «كايكسين» إلى 51.1 نقطة. وستُنشَر البيانات في الأول من أبريل (نيسان) المقبل... لكن الاقتصاديين لا يتوقعون استمرار هذه الظروف. وقال إيفانز-بريتشارد، من «كابيتال إيكونوميكس»: «نشكُّ في أن يكون بقية العام أفضل بكثير». وأضاف: «الميزانية تسمح بزيادة الدعم المالي، خلال الأشهر المقبلة. لكن الرسوم الجمركية الأميركية، التي يبدو أنها ستتصاعد، هذا الأسبوع، ستبدأ التأثير على الصادرات قريباً».


مقالات ذات صلة

أداء مؤشرات «رؤية 2030» يُسرّع من نمو الاقتصاد السعودي

الاقتصاد صورة جوية للعاصمة السعودية الرياض (واس)

أداء مؤشرات «رؤية 2030» يُسرّع من نمو الاقتصاد السعودي

أسهم انعكاس أداء المؤشرات الرئيسية والفرعية في تعزيز النمو الاقتصادي السعودي، مع اقتراب «رؤية المملكة 2030» من اختتام مرحلتها الثانية الممتدة من (2021 - 2025).

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)

«المركزي الروسي» يبقي الفائدة عند 21% مع تراجع التضخم

أبقى البنك المركزي الروسي سعر الفائدة الرئيسي عند 21 في المائة يوم الجمعة، في وقت بدأ فيه التضخم في التراجع.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد صورة لظل الرئيس الأميركي دونالد ترمب وفي الخلفية العلم الصيني (رويترز)

ترمب يؤكد الحديث مع الرئيس الصيني حول الرسوم الجمركية

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنّه تحدّث مع نظيره الصيني شي جينبينغ بشأن الرسوم الجمركية، وفقا لمقابلة نشرتها مجلة «تايم» الجمعة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن - بكين: «الشرق الأوسط»)
الاقتصاد وزير المالية السعودي محمد الجدعان يتحدث مع أليكسي موروزوف المدير التنفيذي المناوب لمجموعة البنك الدولي خلال إحدى جلسات اجتماعات الربيع السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في العاصمة الأميركية واشنطن (رويترز)

السعودية وصندوق النقد والبنك الدولي يؤكدون دعمهم لتعافي سوريا الاقتصادي

أصدر وزير المالية السعودي محمد الجدعان بياناً مشتركاً مع كريستالينا غورغييفا وأجاي بانغا تناول فيه نتائج اجتماع الطاولة المستديرة رفيعة المستوى بشأن سوريا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد عمال في خط إنتاج بمصنع «نيسان» في مدينة كامينوكوا شمال العاصمة اليابانية (أ.ف.ب)

اليابان تُعدّ حزمة اقتصادية طارئة لتخفيف ضغوط الرسوم الجمركية

صرّح رئيس الوزراء الياباني بأن الحكومة أعدّت حزمة اقتصادية طارئة لتخفيف أي تأثير على الصناعات والأسر نتيجة الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

بكين تنفي محادثات تجارية مع واشنطن رغم مزاعم ترمب

ترمب يحمل أمراً تنفيذياً موقعاً بشأن الرسوم الجمركية في حديقة البيت الأبيض (رويترز)
ترمب يحمل أمراً تنفيذياً موقعاً بشأن الرسوم الجمركية في حديقة البيت الأبيض (رويترز)
TT
20

بكين تنفي محادثات تجارية مع واشنطن رغم مزاعم ترمب

ترمب يحمل أمراً تنفيذياً موقعاً بشأن الرسوم الجمركية في حديقة البيت الأبيض (رويترز)
ترمب يحمل أمراً تنفيذياً موقعاً بشأن الرسوم الجمركية في حديقة البيت الأبيض (رويترز)

قالت الصين، السبت، إنها لم تُجرِ أي محادثات مع الولايات المتحدة بشأن القضايا التجارية، على الرغم من ادعاء الرئيس دونالد ترمب تلقيه اتصالاً هاتفياً من الرئيس الصيني شي جينبينغ.

وفي مقابلة أُجريت في 22 أبريل (نيسان) مع مجلة «تايم» ونُشرت مساء الجمعة، لم يحدِّد ترمب موعد المكالمة مع الزعيم الصيني، أو ما دار فيها من نقاش. وقال: «لقد اتصل بي، ولا أعتقد أن ذلك يشير إلى ضعف منه».

ونفت وزارة التجارة الصينية إجراء بكين وواشنطن مفاوضات اقتصادية أو تجارية.

وفي بيان نُشر السبت على «وي شات»، كرَّرت سفارة بكين في العاصمة الأميركية هذا الموقف. وقالت: «لم تُجرَ أي مشاورات أو مفاوضات بين الصين والولايات المتحدة بشأن قضايا الرسوم الجمركية، ناهيك عن أي اتفاق».

ولم يذكر البيان ترمب أو شي بالاسم، ولم يُشر مباشرةً إلى ادعاء ترمب بإجراء مكالمة هاتفية، لكنه قال إن تصريحات الولايات المتحدة حول استمرار الحوار بشأن الرسوم الجمركية «مضللة».

وأكد البيان: «هذه الحرب التجارية بدأها الجانب الأميركي... وفي حال أرادت الولايات المتحدة حقاً حل المشكلة من خلال الحوار، فعليها أولاً تصحيح أخطائها، والتوقف عن تهديد الآخرين والضغط عليهم، والإلغاء الكامل لجميع إجراءات الرسوم الجمركية الأحادية الجانب ضد الصين».

ويخوض أكبر اقتصادين في العالم معركةً تجاريةً متصاعدةً، على خلفية الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترمب على السلع الصينية، ووصلت إلى 145 في المائة على كثير من المنتجات.