«بنك إنجلترا» يبقي الفائدة ثابتة وسط عدم يقين اقتصادي عالمي

مبنى بنك إنجلترا في لندن (رويترز)
مبنى بنك إنجلترا في لندن (رويترز)
TT
20

«بنك إنجلترا» يبقي الفائدة ثابتة وسط عدم يقين اقتصادي عالمي

مبنى بنك إنجلترا في لندن (رويترز)
مبنى بنك إنجلترا في لندن (رويترز)

أبقى بنك إنجلترا أسعار الفائدة عند 4.5 في المائة، محذراً من الافتراضات المتعلقة بخفضها خلال الاجتماعات المقبلة، في ظل حالة من عدم اليقين العميق التي تؤثر على كل من الاقتصادين البريطاني والعالمي.

ونظراً لتصاعد التوترات التجارية العالمية التي أثارتها الولايات المتحدة، صوتت لجنة السياسة النقدية بأغلبية 8 أصوات مقابل صوت واحد على إبقاء أسعار الفائدة دون تغيير، بينما كانت العضوة الخارجية سواتي دينغرا هي الوحيدة التي صوتت لصالح خفض الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، وفق «رويترز».

وتوقع معظم الاقتصاديين الذين استطلعت «رويترز» آراءهم تصويتاً بأغلبية 7 أصوات مقابل صوتين على إبقاء أسعار الفائدة كما هي.

وفي بيان له، قال المحافظ أندرو بيلي: «هناك الكثير من عدم اليقين الاقتصادي في الوقت الحالي»، مشيراً إلى أن بنك إنجلترا لا يزال يرى أن أسعار الفائدة ستسلك مساراً تنازلياً تدريجياً، لكنه سيواصل مراقبة تطور الاقتصادات المحلية والعالمية في كل اجتماع من اجتماعاته التي تُعقد كل ستة أسابيع لتحديد السياسة النقدية.

وأضافت لجنة السياسة النقدية أنها تتوقع استمرار تراجع ضغوط التضخم، لكنها أوضحت أنه «لا يوجد افتراض بأن السياسة النقدية تسير في مسار محدد مسبقاً خلال الاجتماعات القليلة المقبلة».

وتوقع جميع الاقتصاديين الذين استطلعت «رويترز» آراءهم إبقاء البنك على سعر الفائدة دون تغيير عند 4.5 في المائة في اجتماع مارس (آذار)، مع احتمالية إجراء التخفيض التالي في مايو (أيار)، مع تخفيضات أخرى محتملة في أغسطس (آب) ونوفمبر (تشرين الثاني).

وقد كررت اللجنة توجيهاتها من فبراير (شباط)، مشيرة إلى أنها ستتبع «نهجاً تدريجياً وحذراً» تجاه المزيد من تخفيضات أسعار الفائدة.

وأشارت اللجنة إلى تفاقم حالة عدم اليقين بشأن السياسة التجارية العالمية بعد إعلان الولايات المتحدة عن مجموعة من الرسوم الجمركية على الواردات، مما أثار ردود فعل انتقامية من بعض الدول الأخرى.

في الوقت نفسه، خفض مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي من توقعاته للنمو الاقتصادي لهذا العام ورفع توقعاته للتضخم، مؤكداً أن حالة عدم اليقين التي تحيط بالاقتصاد قد ازدادت مع إبقاء تكاليف الاقتراض ثابتة.

وأضاف بنك إنجلترا أن «عوامل عدم اليقين الجيوسياسية الأخرى قد ازدادت أيضاً»، مشيراً إلى الخطط الضخمة التي وضعها الاقتصاد الألماني لزيادة الاقتراض.

وفي الشأن الداخلي، أشارت اللجنة إلى أن الزيادة الضريبية المرتقبة التي ستفرضها الحكومة البريطانية على أصحاب العمل قد تؤدي إلى زيادة الأسعار في قطاع الخدمات، كما أظهرت استطلاعات الرأي ضعف نوايا التوظيف من قبل الشركات.

وقد رفع بنك إنجلترا توقعاته لتضخم هذا العام، حيث يتوقع أن يصل إلى ذروته في 3.75 في المائة خلال الربع الثالث، بزيادة طفيفة عن تقديراته السابقة التي كانت 3.7 في المائة.

وعلى الرغم من أن معدل التضخم في المملكة المتحدة لا يزال يتجاوز هدفه البالغ 2 في المائة (وارتفع إلى 3 في المائة في يناير)، فإن بنك إنجلترا خفض تكاليف الاقتراض بنسبة أقل من البنك المركزي الأوروبي وبنك الاحتياطي الفيدرالي منذ الصيف الماضي، مما ساهم في تباطؤ النمو الاقتصادي في البلاد.

كما رفع البنك المركزي تقديراته للنمو الاقتصادي في بريطانيا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2025 إلى 0.25 في المائة، مقارنة بتوقعاته السابقة التي كانت 0.1 في المائة.

وفي سياق متصل، تتابع لجنة السياسة النقدية خطاب وزيرة المالية، راشيل ريفز، حول تحديث الموازنة المتوقع يوم الأربعاء المقبل، الذي من المتوقع أن يتضمن إعلاناً عن تخفيضات في خطط الإنفاق العام، وهو عنصر رئيسي في توقعات النمو الاقتصادي البريطاني.


مقالات ذات صلة

الروبية قرب أدنى مستوياتها منذ 1998... و«المركزي الإندونيسي» يتأهب لدعمها

الاقتصاد موظف بمكتب صرافة يُسلّم أوراقاً نقدية إندونيسية لعميل في جاكرتا (أرشيفية-رويترز)

الروبية قرب أدنى مستوياتها منذ 1998... و«المركزي الإندونيسي» يتأهب لدعمها

أعلن البنك المركزي الإندونيسي استعداده للتدخل لدعم الروبية، التي استقرت، يوم الأربعاء، قرب أدنى مستوياتها منذ عام 1998.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا )
الاقتصاد مصرف لبنان المركزي في منطقة الحمرا (الشرق الأوسط)

لبنان: تعيين حاكم جديد للمصرف المركزي الخميس

أعلن وزير العمل اللبناني محمد حيدر، أن «جلسة مجلس الوزراء المقررة غداً، ستُصدر تعيينات إدارية إلى جانب تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد استمرار الاحتجاجات على اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (رويترز)

«المركزي التركي» يطرح مناقصة لسندات سيولة بقيمة 50 مليار ليرة

يواصل البنك المركزي التركي اتخاذ إجراءات لإنقاذ العملة من الانهيار على خلفية التطورات الأخيرة التي أعقبت اعتقال رئيس بلدية إسطنبول المعارض أكرم إمام أوغلو.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد طلاب جامعيون يرتدون قناع الرجل العنكبوت يلتقطون صورة سيلفي خلال مسيرة احتجاجية بعد اعتقال رئيس بلدية إسطنبول (د.ب.أ)

محافظ «المركزي» التركي: سنستخدم كل الأدوات للحفاظ على الاستقرار

أبلغ محافظ البنك المركزي التركي المصرفيين يوم الأحد بأن البنك سيستخدم جميع الأدوات المتاحة في حدود قواعد السوق بفاعلية وحزم للحفاظ على الاستقرار.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
الاقتصاد مقر المصرف المركزي التركي (رويترز)

«المركزي» التركي يلتقي بمسؤولي البنوك التجارية لمناقشة أزمة السوق

يلتقي مسؤولو البنك المركزي التركي بالمسؤولين التنفيذيين للبنوك التجارية اليوم (الأحد)، في ظل تقلب السوق بعد القبض على سياسي معارض بارز.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)

عيد الفطر في الرياض... فرحة تملأ القلوب وحركة تجارية لا تهدأ

متسوقون يتزاحمون على شراء الحلويات في أحد المراكز التجارية بالرياض (الشرق الأوسط)
متسوقون يتزاحمون على شراء الحلويات في أحد المراكز التجارية بالرياض (الشرق الأوسط)
TT
20

عيد الفطر في الرياض... فرحة تملأ القلوب وحركة تجارية لا تهدأ

متسوقون يتزاحمون على شراء الحلويات في أحد المراكز التجارية بالرياض (الشرق الأوسط)
متسوقون يتزاحمون على شراء الحلويات في أحد المراكز التجارية بالرياض (الشرق الأوسط)

في الليالي العشر الأواخر من رمضان، ومع اقتراب عيد الفطر، تتحول مدينة الرياض إلى خلية نحل لا تهدأ؛ حيث يزداد الإقبال على المتاجر، وتغص الشوارع بالحركة، في مشهد يعكس استعداد العائلات لاستقبال هذه المناسبة بفرحة وترقب.

فمع اقتراب عيد الفطر المبارك، تتسابق الأسر إلى المتاجر لشراء الملابس الجديدة، وأدوات الزينة، والهدايا، وكل ما يضفي أجواء الفرح والبهجة.

وفي مشهد مألوف، تمتد ساعات العمل في كثير من المحلات إلى 24 ساعة يومياً لتلبية الإقبال المتزايد من المتسوقين، في موسم يعده التجار فرصة ذهبية لزيادة المبيعات، خصوصاً في قطاعات الأقمشة والأحذية، والأجهزة المنزلية والحلويات.

هذه الحركة التجارية النشطة لا تعود بالنفع على المتاجر فقط، بل تسهم أيضاً في دعم الاقتصاد الوطني.

من جانب آخر، يشهد قطاع النقل والمواصلات حركة نشطة، إذ يحرص كثير من العائلات على السفر إلى مسقط رأسها لبدء التجهيزات. كما تزداد حجوزات الفنادق والاستراحات، خصوصاً مع الإقبال على قضاء إجازة العيد في هذه الأجواء الجميلة.

تجهيز المنازل

رصدت «الشرق الأوسط» في أحد المراكز التجارية في الرياض إقبالاً كبيراً من المتسوقين الذين توافدوا بشكل كثيف على شراء مستلزماتهم استعداداً للعيد.

كانت المحلات مملوءة بالزوار الذين يبحثون عن ملابس جديدة، وأدوات تجميل والعطور، بالإضافة إلى المجوهرات، لا سيما محلات الحلويات، التي شهدت ازدحاماً ملحوظاً لتوفيرها تشكيلة واسعة بأسعار متنوعة.

امرأة تختار مجوهرات تزامناً مع اقتراب عيد الفطر (الشرق الأوسط)
امرأة تختار مجوهرات تزامناً مع اقتراب عيد الفطر (الشرق الأوسط)

ولا يقتصر الاستعداد للعيد على التسوق فحسب، بل يشمل أيضاً تجهيز المنازل لاستقبال الضيوف، وتحضير الأطباق التقليدية التي تميز كل بيت.

فالعيد في المملكة ليس مجرد مناسبة دينية، بل هو فرصة لتعزيز الروابط الأسرية وصِلة الرحم، حيث يجتمع الأهل والأصدقاء لتبادل التهاني والفرحة.

جذب المستهلكين

وفي هذا الإطار تقول المحللة الاقتصادية روان بن ربيعان، لـ«الشرق الأوسط» إن أسواق الرياض تشهد موسماً استهلاكياً استثنائياً مع اقتراب عيد الفطر، حيث يرتفع الإقبال على الكثير من القطاعات وأبرزها الأزياء والموضة، والمواد الغذائية والحلويات. كما تستفيد قطاعات الضيافة والمطاعم والترفيه والسياحة الداخلية من هذه الطفرة، فضلاً عن النقل وخدمات التوصيل التي تشهد انتعاشاً كبيراً نتيجة الطلب المتزايد.

وذكرت أن العروض الترويجية تعد عاملاً أساسياً في تحفيز المبيعات، حيث تعتمد المتاجر على الخصومات والهدايا المجانية لجذب المتسوقين خلال موسم العيد.

داخل أحد المحلات التجارية (واس)
داخل أحد المحلات التجارية (واس)

وأوضحت أن التجار يتسابقون لاستغلال هذه الفترة عبر حملات تسويقية مكثفة وعروض مغرية لجذب المستهلكين. وهذا الزخم يخلق ازدحاماً كبيراً في الأسواق التقليدية والمولات، مصحوباً بارتفاع حجم المعاملات المالية مقارنةً بفترات الركود النسبي خلال بقية الأشهر.

وأشارت إلى أن تطور البنية التحتية، مثل توسعة الطرق وتحسين مواقف السيارات حول المراكز التجارية، أسهم في تسهيل وصول المتسوقين إلى الأسواق، مما زاد من حركة الشراء ورفع معدلات الإقبال على المتاجر.

المنتجات الموسمية

لا يقتصر تأثير موسم العيد على المتاجر فقط، بل يشكل دفعة قوية للاقتصاد المحلي، إذ يسهم في تحفيز قطاع التجزئة، ورفع معدلات التوظيف المؤقت، حسب المحللة الاقتصادية التي قالت إن هذه الحركة تدفع نحو زيادة الإنفاق المحلي، مما يدعم نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة، خصوصاً تلك التي تركز على المنتجات الموسمية. كما أكدت أن هذه الطفرة الشرائية تدعم الاقتصاد من خلال ضخ سيولة إضافية وتعزيز الإنتاجية.

ومع ازدياد الازدحام في المتاجر، أعادت التجارة الإلكترونية رسم معادلة السوق، إذ بات كثير من المستهلكين يفضلون شراء احتياجات العيد عبر الإنترنت.

وبيّنت روان بن ربيعان أن هذا التوجه أسهم في انتعاش منصات البيع الإلكتروني، كما زاد من الطلب على خدمات التوصيل السريع.

وأفادت بأن العادات والتقاليد تلعب دوراً محورياً في تشكيل أنماط الشراء خلال فترة العيد، حيث يرتبط الاحتفال بهذه المناسبة بثقافة الكرم والضيافة، مما يدفع الأسر إلى الإنفاق بسخاء على مستلزمات هذه المناسبة الدينية.

توافد أعداد كبيرة من المواطنين والمقيمين إلى الأسواق في إحدى مناطق المملكة (واس)
توافد أعداد كبيرة من المواطنين والمقيمين إلى الأسواق في إحدى مناطق المملكة (واس)

انتعاش الأسواق

بدوره، أبان المختص الاقتصادي والأكاديمي في جامعة الملك عبد العزيز، الدكتور سالم باعجاجة، لـ«الشرق الأوسط»، أن مدينة الرياض تشهد خلال العشر الأواخر من رمضان نشاطاً تجارياً واسع النطاق، مما ينعكس على انتعاش الأسواق بشكل ملحوظ.

وتابع باعجاجة أنه باعتبار الرياض المدينة الأكثر سكاناً في المملكة، يشهد الطلب على السلع ارتفاعاً كبيراً، مما يدفع المتاجر إلى العمل على مدار الساعة، مستفيدةً من الإقبال المستمر. وقد انعكس هذا النشاط إيجابياً على الإيرادات التجارية، مما يسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني.

ختاماً، إن عيد الفطر ليس مجرد ختام لشهر الصيام، بل هو موسم يزدهر فيه الفرح وتتجدد فيه الروابط الأسرية وسط أجواء من المحبة والتكافل. تكتسي الشوارع بالزينة، وتضاء المنازل، وتمتلئ الحدائق بالعائلات، بينما تضفي الفعاليات الترفيهية والعروض الاحتفالية لمسة خاصة من البهجة، لتكتمل فرحة العيد بروح تجمع الجميع في أجواء من الألفة والسعادة.