الدولار قرب أدنى مستوياته في 5 أشهر وترقب لقرارات الفائدة عالمياً

أوراق من الدولار الأميركي (رويترز)
أوراق من الدولار الأميركي (رويترز)
TT
20

الدولار قرب أدنى مستوياته في 5 أشهر وترقب لقرارات الفائدة عالمياً

أوراق من الدولار الأميركي (رويترز)
أوراق من الدولار الأميركي (رويترز)

استقر الدولار الأميركي بالقرب من أدنى مستوى له في خمسة أشهر يوم الخميس، بعدما أشار «الاحتياطي الفيدرالي» إلى احتمال خفض أسعار الفائدة لاحقاً هذا العام، رغم حالة عدم اليقين المرتبطة بالرسوم الجمركية الأميركية. في المقابل، سجل الجنيه الإسترليني أعلى مستوى له في أربعة أشهر، ترقباً لقرار بنك إنجلترا بشأن السياسة النقدية.

وتوقع صانعو السياسات الأميركيون خفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية مرتين خلال العام الحالي، وهو نفس متوسط التوقعات قبل ثلاثة أشهر، رغم تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع التضخم. وأبقى «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة القياسي لليلة واحدة ثابتاً عند نطاق 4.25 في المائة - 4.50 في المائة، حيث أكد رئيسه، جيروم باول، أن «الاحتياطي الفيدرالي لن يتعجل في اتخاذ أي قرار»، مشيراً إلى أن «الموقف الحالي ملائم للتعامل مع المخاطر والشكوك، ومن الحكمة التريث حتى تتضح الصورة الاقتصادية بشكل أكبر»، وفق «رويترز».

وتُبرز تصريحات باول، إلى جانب بيان «الاحتياطي الفيدرالي»، التحديات التي تواجه صانعي السياسات في التعامل مع خطط الرئيس دونالد ترمب لفرض رسوم جمركية جديدة وتأثيرها المحتمل على الاقتصاد.

وعلق كيري كريغ، استراتيجي الأسواق العالمية لدى «جيه بي مورغان»، قائلاً: «الاحتياطي الفيدرالي لا يملك جميع الإجابات، لكنه يواجه العديد من التساؤلات حول كيفية تقييمه للتحولات في الاقتصاد الأميركي وتداعيات السياسات الجديدة».

وأظهرت بيانات بورصة لندن أن الأسواق تحتسب حالياً خفضاً بمقدار 66 نقطة أساس في أسعار الفائدة هذا العام، أي ما يعادل خفضين بمقدار 25 نقطة أساس لكل منهما، مع احتمال بدء التخفيضات في يوليو (تموز). وأدى إغلاق الأسواق اليابانية بسبب عطلة رسمية إلى جلسة هادئة في أسواق العملات الآسيوية.

وارتفع مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل ست عملات رئيسية، بنسبة 0.1 في المائة ليصل إلى 103.51، لكنه ظل قريباً من أدنى مستوياته في خمسة أشهر. في المقابل، استقر اليورو عند 1.0894 دولار، بينما بلغ الجنيه الإسترليني 1.3015 دولار في بداية التعاملات الآسيوية، قبل أن يتراجع إلى 1.2992 دولار بحلول الساعة 06:00 (بتوقيت غرينتش)، مع ترقب قرار بنك إنجلترا المتوقع أن يُبقي على أسعار الفائدة دون تغيير.

ومع استمرار التضخم في المملكة المتحدة فوق الهدف البالغ 2 في المائة، خفض بنك إنجلترا تكاليف الاقتراض بوتيرة أبطأ من نظيريه، البنك المركزي الأوروبي والاحتياطي الفيدرالي، مما أدى إلى تباطؤ النمو الاقتصادي. وعلى صعيد آخر، ارتفع الين الياباني إلى 148.46 مقابل الدولار، بعد أن قرر بنك اليابان الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، محذراً من ازدياد حالة عدم اليقين الاقتصادي العالمي، مما يعني أن توقيت أي زيادات مستقبلية في الفائدة سيعتمد على تداعيات الرسوم الجمركية الأميركية.

وحقق الين مكاسب بنحو 6 في المائة هذا العام، مدفوعاً برهانات المستثمرين على احتمال رفع بنك اليابان لأسعار الفائدة، إلى جانب تزايد الطلب عليه كملاذ آمن وسط التوترات الجيوسياسية. ومع ذلك، أشار جوي تشيو، رئيس أبحاث العملات الآسيوية في بنك «إتش إس بي سي»، في تقرير إلى أن «الين قد لا يكون قادراً على تحقيق إمكاناته الكاملة كملاذ آمن في الأمد القريب، نظراً لأن الاقتصاد الياباني يتأثر أيضاً بمخاطر الرسوم الجمركية الأميركية».

وفي أسواق أخرى، استقرت الليرة التركية عند 37.99 للدولار بعد أن انخفضت إلى مستوى قياسي بلغ 42 للدولار يوم الأربعاء، عقب احتجاز السلطات للمنافس السياسي الرئيسي للرئيس رجب طيب إردوغان.

أما الدولار الأسترالي، فقد تراجع بنسبة 0.31 في المائة إلى 0.6338 دولار أميركي، بعدما أظهرت بيانات التوظيف لشهر فبراير (شباط) انخفاضاً غير متوقع، مما أضعف سلسلة المكاسب القوية التي حققها سوق العمل مؤخراً. وعلى الرغم من أن بنك الاحتياطي الأسترالي خفض أسعار الفائدة الشهر الماضي لأول مرة منذ أربع سنوات، فإنه حذر من أن المزيد من التيسير النقدي ليس مضموناً، نظراً لاستمرار قوة سوق العمل، التي قد تؤدي إلى ارتفاع التضخم.

وفي نيوزيلندا، تراجع الدولار النيوزيلندي بنسبة 0.5 في المائة إلى 0.5786 دولار أميركي، رغم البيانات التي أظهرت أن الاقتصاد خرج من الركود ونما بوتيرة أسرع من المتوقع، مسجلاً نمواً بنسبة 0.7 في المائة في الربع الأخير.


مقالات ذات صلة

ارتفاع صافي الأصول الأجنبية في مصر خلال فبراير

الاقتصاد فنادق وبنوك ومكاتب على نهر النيل في القاهرة (رويترز)

ارتفاع صافي الأصول الأجنبية في مصر خلال فبراير

أظهرت بيانات البنك المركزي المصري أن صافي الأصول الأجنبية في البلاد ارتفع 1.48 مليار دولار في فبراير، وهي الزيادة الثانية هذا العام.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد طلاب جامعيون رفعوا لافتة كتب عليها «الشيء الوحيد الذي يتمتع بالحرية في هذا البلد هو التضخم» خلال الاحتجاجات على اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (أ.ف.ب)

تضخم تركيا ينكمش بأعلى من التوقعات في مارس ويهبط إلى 38.1 %

واصل التضخم السنوي في إسطنبول تراجعه خلال مارس للشهر العاشر على التوالي مع توقعات بانعكاس سلبي في أبريل على خلفية اعتقال أكرم إمام أوغلو.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد أوراق نقدية توضيحية من الجنيه الإسترليني واليورو (رويترز)

مع تخلي المتداولين عن الدولار... الجنيه الإسترليني في أعلى مستوى بـ6 أشهر

ارتفع الجنيه الإسترليني إلى أعلى مستوى له في ستة أشهر مقابل الدولار يوم الخميس حيث تخلى المتداولون عن العملة الأميركية

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد شخص يمر أمام مكتب صرافة العملات في بوينس آيرس بالأرجنتين (إ.ب.أ)

ارتفاع الدولار مع ترقب المتداولين رسوم ترمب... واستمرار المخاوف بشأن الاقتصاد الأميركي

ارتفع الدولار قليلاً، بينما استقرت العملات الأخرى في نطاقات ضيقة يوم الأربعاء، مع ترقب المتداولين بقلق تفاصيل خطط الرئيس الأميركي دونالد ترمب للرسوم الجمركية.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد أتراك يتجولون في شارع تجاري بمنطقة أمينونو وسط إسطنبول وتبدو غالبية المحال مغلقة خلال عطلة العيد (رويترز)

تضخم إسطنبول يؤشر إلى قفزة على مستوى تركيا بعد اعتقال إمام أوغلو

أعطت بيانات التضخم في إسطنبول مؤشراً على ارتفاع جديد للتضخم بتركيا، في ظل توتر حاد على خلفية اعتقال رئيس بلدية إسطنبول المعارض أكرم إمام أوغلو.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

رسوم ترمب الجمركية تمنح الصين فرصاً اقتصادية

مشاة في شارع تجاري مزدحم بوسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مشاة في شارع تجاري مزدحم بوسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
TT
20

رسوم ترمب الجمركية تمنح الصين فرصاً اقتصادية

مشاة في شارع تجاري مزدحم بوسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مشاة في شارع تجاري مزدحم بوسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)

بفرضه رسوما جمركية عالمية، تعهد الرئيس الأميركي دونالد ترمب إعادة تشكيل أسس العالم بما يخدم مصالح العمال الأميركيين، وقد تكون الصين، الدولة التي يعتبرها الخصم الرئيسي، أحد المستفيدين من ذلك.

سارعت الصين، أكبر اقتصاد في آسيا، إلى فرض رسوم جمركية مماثلة على الولايات المتحدة، وأعلنت عزمها فرض ضوابط على تصدير العناصر الأرضية النادرة الضرورية في تكنولوجيا الاستهلاك والطب.

لكن على عكس ولايته الأولى، لا يستهدف ترمب هذه المرة الصين فحسب، بل العالم أجمع، بمن فيهم حلفاء الولايات المتحدة الذين انضموا بشكل متزايد إلى موقف واشنطن الحازم تجاه بكين.

وقبل أيام قليلة من إعلان ترمب عن الرسوم في ما سماه «يوم التحرير»، تحركت الصين لإحياء محادثات التجارة الحرة المتعثرة مع اليابان وكوريا الجنوبية، وهما حليفتان للولايات المتحدة ملتزمتان بمعاهدات لكنهما تشككان بشدة في بكين.

وقالت الباحثة في الاقتصاد الصيني في مركز تحليل الصين التابع لمعهد سياسات جمعية آسيا ليزي لي: «إذا استمرت سياسة ترمب الأحادية أتوقع أن تتودد بكين إلى هذه العواصم بقوة أكبر لتصور نفسها مرتكزا اقتصاديا أكثر استقرارا في المنطقة». وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأضافت: «دعونا لا ننس الصورة العامة. تُصوّر الصين رسوم ترمب الجمركية كدليل على تراجع الولايات المتحدة من خلال اللجوء إلى الحمائية والاستقواء على الحلفاء والتراجع عن المعايير العالمية».

وقالت يون صن الزميلة البارزة في مركز ستيمسون، إنها توقعت أن تكون الصين «أكثر هدوءا» في ردها على رسوم ترمب الجمركية، لكنها أضافت أن بكين لم تبدُ قلقة كما في ولايته الأولى. وتابعت: «أعتقد أن الصينيين يرون في هذا فرصة ويعتقدون أن الولايات المتحدة تُقوّض نفسها».

وأضافت: «هناك عدد من الأطراف المتضررة التي كانت حليفة قوية ومخلصة للولايات المتحدة. أما الآن فإن ثقتهم في النهج الذي تتبعه الولايات المتحدة حول العالم قد أصبحت أقله موضع شك، ولا أقول تبددت».

التخلي عن الانفتاح الأميركي

من المؤكد أن الصين ستعاني على الأرجح من ضرر حقيقي جراء الرسوم الجمركية الأميركية. فقد شحنت بضائع بقيمة تزيد على 500 مليار دولار إلى الولايات المتحدة العام الماضي، وكان الميزان التجاري لصالحها بفارق كبير.

وأشاد منتقدو الصين بما اعتبروه ناقوس خطر ينذر بنهاية شبه إجماع سابق في واشنطن حول أهمية دمج هذه القوة الآسيوية في الاقتصاد العالمي.

وقال النائب الجمهوري كريس سميث الذي انتقد لعقود قرار بيل كلينتون عام 1994 فصل الامتيازات التجارية للصين عن حقوق الإنسان إن «فكرة أن تكون الصين الشيوعية عضوا مسؤولا في نظام تجاري دولي، منظمة التجارة العالمية، يقوم على أساس التجارة المتساوية والعادلة، مهزلة».

ورأى سميث أنه «على عكس الرؤساء السابقين، يدرك الرئيس ترمب تماما طبيعة المشكلة ونطاقها والتهديد الوجودي الذي تشكله الصين وما يجب فعله».

وأشار الزميل البارز في مركز الأمن الأميركي الجديد جيكوب ستوكس إلى أنه لا يزال لدى الصين عدد من المشكلات مع دول أخرى، بدءا بنزاعات إقليمية مع اليابان والهند وجنوب شرق آسيا، وصولا إلى مخاوف أوروبية من احتضان الصين لروسيا في حرب أوكرانيا.

وقال ستوكس إن «الصين برعت في تقويض مواقفها وخصوصا مع جيرانها، من خلال الحزم وحتى العدوان».

تحول الاهتمام عن الصين

لكن ستوكس رأى أن الرئيس السابق جو بايدن كان فعالا في تشكيل تحالفات مع دول أخرى للضغط على الصين، في قضايا تراوح بين الوصول إلى شبكات الإنترنت من الجيل الخامس والأمن.

وقال ستوكس: «إلى الحد الذي شعرت فيه بكين ببعض العزلة في نهاية إدارة بايدن، أعتقد أن الكثير من هذا الضغط قد زال إذ أصبحت واشنطن الآن بوضوح مصدر الاضطراب».

وبينما اعتبر أصحاب القرار في كل من إدارة ترمب وبايدن الصين منافسا رئيسيا للولايات المتحدة، قال لي من معهد سياسات جمعية آسيا، إن ترمب كان ينظر إلى الرئيس شي جينبينغ في جوهره «ليس كشرير، بل كنظير، كرجل قوي آخر».

وأضاف لي: «بالنسبة إلى ترمب، لا تتعلق الحرب الاقتصادية بالاقتصاد أو حتى بأسواق الأسهم، إنما بمظهر الهيمنة والقوة». وتابع: «وهذا يترك مجالا كافيا لتغيير المسار، إذا قدّم شي نوع الانتصار الذي يمكن لترمب أن يروج له».