الروبل الروسي يتراجع بعد محادثة ترمب-بوتين حول أوكرانيا

موظفة تعدّ أوراقاً نقدية بقيمة 1000 روبل في فرع أحد البنوك بموسكو (رويترز)
موظفة تعدّ أوراقاً نقدية بقيمة 1000 روبل في فرع أحد البنوك بموسكو (رويترز)
TT
20

الروبل الروسي يتراجع بعد محادثة ترمب-بوتين حول أوكرانيا

موظفة تعدّ أوراقاً نقدية بقيمة 1000 روبل في فرع أحد البنوك بموسكو (رويترز)
موظفة تعدّ أوراقاً نقدية بقيمة 1000 روبل في فرع أحد البنوك بموسكو (رويترز)

توقف الروبل الروسي عن مواصلة ارتفاعه وتراجع مقابل الدولار الأميركي واليوان الصيني يوم الأربعاء، وذلك بعد محادثة هاتفية بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، التي تركزت على الحرب في أوكرانيا.

وفي المكالمة، وافق بوتين على وقف مؤقت للهجمات على المنشآت الطاقية الأوكرانية، ولكنه رفض تأييد وقف إطلاق نار كامل لمدة 30 يوماً، الذي كان ترمب يأمل أن يشكّل خطوة أولى نحو اتفاق سلام دائم، وفق «رويترز».

بحلول الساعة 08:40 (بتوقيت غرينتش)، انخفض الروبل بنسبة 1.3 في المائة، ليصل إلى 82.80 مقابل الدولار في سوق التعاملات خارج البورصة. كما تراجع الروبل بنسبة 1.2 في المائة مقابل اليوان الصيني، ليصل إلى 11.36 في بورصة موسكو للأوراق المالية.

وقد سجّلت العملة الروسية أعلى مستوياتها مقابل الدولار واليوان منذ يونيو (حزيران) 2024 هذا الأسبوع. وارتفع الروبل بنسبة 27 في المائة مقابل الدولار حتى الآن هذا العام، مدعوماً بتوقعات لتخفيف حدة التوترات بين روسيا والولايات المتحدة.

وصرّح نائب رئيس الوزراء الروسي، ألكسندر نوفاك، يوم الثلاثاء، بأن عودة المستثمرين الأجانب إلى السوق الروسية وما صاحبها من تدفقات رأسمالية قد لعبت دوراً في ارتفاع قيمة الروبل.

ونقلت وسائل الإعلام الروسية عن نوفاك قوله: «نلاحظ أيضاً تدفقاً لرأس المال الأجنبي إلى السوق المحلية، مع مراعاة الوضع الجيوسياسي».

ويساعد الروبل القوي البنك المركزي في محاربة التضخم الذي يُعد من أولوياته الرئيسية. ومع ذلك، يشكّل هذا أيضاً ضغوطاً على الشركات المُصدرة، وكذلك على إيرادات الموازنة العامة للدولة التي تعتمد بشكل كبير على صادرات النفط والغاز المُتداولة بالدولار.

وأشار دينيس بوبوف، من بنك «بي إس بي»، إلى أن بيان نوفاك كان أول تأكيد رسمي لتدفقات رأس المال، حيث بدأ المستثمرون الدوليون في التركيز مرة أخرى على الأصول الروسية، مما قد يعزّز الروبل بشكل أكبر. وقال بوبوف: «بالنظر إلى أن نهاية شهر مارس (آذار) ستشهد زيادة في مبيعات العملات الأجنبية من قِبل المصدرين، فإن مخاطر تعزيز قيمة الروبل بشكل أكبر تظل مرتفعة للغاية».


مقالات ذات صلة

تباين أداء الأسهم الآسيوية وسط تراجع «وول ستريت» ومخاوف الأسواق

الاقتصاد متداول عملات بالقرب من شاشة تعرض مؤشر «كوسبي» بمقر بنك هانا في سيول (أ.ب)

تباين أداء الأسهم الآسيوية وسط تراجع «وول ستريت» ومخاوف الأسواق

شهدت الأسهم الآسيوية تبايناً في أدائها، الجمعة، متأثرةً بتراجع «وول ستريت» واستمرار حالة عدم اليقين التي أحدثها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (هونغ كونغ )
الاقتصاد أوراق من الدولار الأميركي (رويترز)

الدولار قرب أدنى مستوياته في 5 أشهر وترقب لقرارات الفائدة عالمياً

استقر الدولار الأميركي بالقرب من أدنى مستوى له في خمسة أشهر يوم الخميس، بعدما أشار «الاحتياطي الفيدرالي» إلى احتمال خفض أسعار الفائدة لاحقاً هذا العام.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد السلطات التركية أغلقت شارعاً أمام حركة المشاة والمركبات في إسطنبول (د.ب.أ)

الليرة التركية تهبط أكثر من 2 % إلى أدنى مستوى لها بعد اعتقال منافس إردوغان

انخفضت الليرة التركية بأكثر من 2 في المائة، مسجلةً أدنى مستوى لها على الإطلاق عند 37.5 ليرة للدولار، يوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
الاقتصاد من داحل بورصة طوكيو (رويترز)

تباين في الأسواق الآسيوية ترقباً لقرار «الفيدرالي»

شهدت الأسهم الآسيوية تبايناً، يوم الأربعاء، في ظل ترقّب المستثمرين قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بشأن أسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد يتم عرض أسعار الأسهم على شاشة في بورصة جاكرتا (إ.ب.أ)

الأسهم الإندونيسية تسجّل أدنى مستوى منذ 2021

انخفضت الأسهم الإندونيسية بنسبة 7 في المائة، وتراجعت الروبية إلى أدنى مستوياتها في أسبوعَيْن، تحت وطأة المخاوف المتعلقة بالاستراتيجية المالية للحكومة.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)

هل يطيح ترمب التاج عن الدولار؟

أوراق نقدية بالدولار واليورو (رويترز)
أوراق نقدية بالدولار واليورو (رويترز)
TT
20

هل يطيح ترمب التاج عن الدولار؟

أوراق نقدية بالدولار واليورو (رويترز)
أوراق نقدية بالدولار واليورو (رويترز)

أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترمب تحدياً غير مسبوق لنظام جيوسياسي ساد لعقود. ومن بين الضحايا المحتملين: الدولار الأميركي.

يوم الجمعة، أوردت وكالة «بلومبرغ» خبراً مفاده أن المضاربين في سوق العملات التي تبلغ قيمتها 7.5 تريليون دولار يومياً تحوّلوا إلى النظرة الهبوطية للدولار الأميركي للمرة الأولى منذ فوز ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية العام الماضي، وأن صناديق التحوط ومديري الأصول والتجار الآخرين جمعوا رهانات بقيمة 932 مليون دولار على أن الدولار سوف يضعف، بحسب بيانات لجنة تداول السلع الآجلة للأسبوع المنتهي في 18 مارس (آذار).

هذا الأمر يمثل تراجعاً حاداً عن منتصف يناير (كانون الثاني)، عندما راهن المتداولون على ارتفاع الدولار بقيمة 34 مليار دولار. كما يُمثل أحدث مؤشر على أن سياسات ترمب وتساؤلاته حول الاقتصاد الأميركي تُضعف - بدلاً من أن تُعزز - آفاق العملة الاحتياطية العالمية.

لقد كان العديد من المتعاملين في «وول ستريت» دخلوا عام 2025 وهم يتوقعون ارتفاع قيمة الدولار بفضل توقعات انعكاسات سياسات ترمب وتوقعات عدد محدود من تخفيضات أسعار الفائدة من جانب «الاحتياطي الفيدرالي».

لكن في غضون أسابيع قليلة، تبدلت الصورة مع تنامي الحديث عن ركود اقتصادي محتمل في الولايات المتحدة.

في تصريح له بداية الشهر الحالي، أكد وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت مجدداً أن ترمب لم يُغيّر سياسة «الدولار القوي» الأميركية الراسخة. لكنه انتقد في الوقت نفسه الدول التي سعت إلى هندسة إضعاف ثنائي لعملاتها مقابل الولايات المتحدة. وعن الانخفاضات الأخيرة في قيمة الدولار، وصف بيسنت هذه التحركات بأنها تعديل «طبيعي».

رغم محاولات مسؤولي الإدارة الأميركية طمأنة المستثمرين، فإنهم لا يزالون في حيرة من أمرهم بشأن أهداف ترمب المتعلقة بالعملة. فقبل فوزه في الانتخابات، قال إنه يعتقد أن قوة الدولار مقابل الين الياباني واليوان الصيني كانت «عبئاً هائلاً» على الصناعة الأميركية وعائقاً أمام تحول أميركا إلى «اقتصاد إنتاجي».

لوحة إلكترونية تُظهر علامة الدولار في مكتب لصرافة العملات بموسكو (رويترز)
لوحة إلكترونية تُظهر علامة الدولار في مكتب لصرافة العملات بموسكو (رويترز)

في الأشهر التي تلت الانتخابات، بلغ الدولار أعلى مستوى له منذ عام 2022، مقابل سلة من العملات المتداولة، بما في ذلك اليورو والجنيه الإسترليني، وهو أعلى مستوى له منذ عقود. وهي مكاسب تحققت في جزء منها نتيجة لتوقعات بأن الرسوم الجمركية التي يقوم ترمب بفرضها ستؤدي إلى تفاقم التضخم، وتصعّب بالتالي مهمة «الاحتياطي الفيدرالي» في خفض معدلات الفائدة وتترك مستويات الدولار مرتفعة. إلا أن حساب الحقل لم يكن كحساب البيدر، حيث إن المخاوف من ركود محتمل قلبت بعض هذه التوقعات وأضعفت العملة، حيث وضع المستثمرون في الحسبان المزيد من التراجع.

بين «مار-أ-لاغو» و«بلازا»

رغم عدم إشهار ترمب نيته صراحة خفض الدولار، فإن الصحافة المالية نشرت أكثر من مرة معلومات خلال الأسابيع الأخيرة مفادها أن واشنطن ربما تعمل وفق مخطط لإعادة هيكلة النظام التجاري العالمي وإبرام صفقة تجارية ضخمة متعددة الجنسيات من شأنها إضعاف الدولار عمداً، مما يساعد المصدّرين الأميركيين على منافسة منافسين مثل الصين واليابان. فترمب الذي وعد بتحقيق عصر ذهبي يشمل نهضة في قطاعي التصنيع والصادرات الأميركية، لديه مخاوف راسخة من حجم العجز الأميركي الذي بلغ رقماً قياسياً هو 1.2 تريليون دولار في عام 2024، واصفاً إياه بأنه تحويل للثروة إلى الخارج.

رجل يتصل بهاتفه الذكي وهو يقف بجوار لوحة لصرف العملات تُظهر الليرة التركية مقابل الدولار (أ.ف.ب)
رجل يتصل بهاتفه الذكي وهو يقف بجوار لوحة لصرف العملات تُظهر الليرة التركية مقابل الدولار (أ.ف.ب)

من هنا، وفق المعلومات التي يتم تداولها، فإن جزءاً كبيراً من الخطة يتمثل في فرض رسوم جمركية على الشركاء التجاريين، ثم تقديم حوافز بخفض الرسوم الجمركية إذا شاركوا في «اتفاقية مار-أ-لاغو» - منتجع الرئيس الذي يحمل الاسم ذاته في فلوريدا - لخفض قيمة الدولار الأميركي.

من أين يأتي الحديث عن اتفاقية «مار-أ-لاغو»؟

تستمد الفكرة اسمها من اتفاقية «بلازا»، التي وُقّعت عام 1985 في فندق نيويورك الذي امتلكه ترمب لاحقاً، للمساعدة في إعادة الدولار إلى وضعه الطبيعي.

ففي ذلك العام، اتفقت مجموعة من الحكومات على اتفاقية «بلازا» - التي سُميت تيمناً بفندق نيويورك الذي التقى فيه المسؤولون - في ظل ظروف مماثلة: ارتفاع التضخم، وارتفاع أسعار الفائدة، وقوة الدولار. وتم التوصل إلى اتفاق بين الولايات المتحدة وفرنسا واليابان والمملكة المتحدة وألمانيا الغربية (آنذاك) لإضعاف الدولار مقابل عملاتها. وُضع الاتفاق على أساس أن الارتفاع الهائل للدولار يُلحق الضرر بالاقتصاد العالمي. وقد حفزت السياسة النقدية الأكثر تشدداً التي انتهجها رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» بول فولكر لخفض التضخم، بالإضافة إلى السياسة المالية التوسعية للرئيس رونالد ريغان بخفض الضرائب وزيادة الإنفاق. في ذلك الوقت، كانت اليابان تُهيمن على الصادرات، ما أثار رد فعل عنيفا من المشرّعين الأميركيين، تماماً كما هو الحال مع الصين اليوم. وبينما نجح الاتفاق في خفض قيمة الدولار، فإنه أُلقي عليه اللوم لاحقاً في تقوية الين بشكل مفرط، وفق «بلومبرغ». وتبع اتفاقية «بلازا» عام 1987 اتفاقية «اللوفر»، التي سعت إلى وضع حدّ لتراجع الدولار وكبح مكاسب الين. وفي اليابان، أُلقي باللوم على هذه الاتفاقيات لدورها في انزلاق البلاد إلى الركود الاقتصادي في التسعينيات - وهي فترة تُعرف بـ«العقد الضائع» - وهو درس لن يغيب عن الصين في ظلّ مواجهتها لضغوط انكماشية، وأزمة عقارية، وفائض في الطاقة الإنتاجية الصناعية.

وروّج لهذه الاتفاقية في ورقة بحثية ستيفن ميران، رئيس مجلس مستشاري ترمب الاقتصاديين، في نوفمبر (تشرين الثاني). وهو ليس الوحيد في فلك ترمب الذي يفكر بهذه الطريقة. فقبل اختياره وزيراً للخزانة، توقع بيسنت في يونيو (حزيران) الماضي حدوث «نوع من إعادة هيكلة اقتصادية شاملة» في السنوات المقبلة.

لقد اقترح ميران في ورقته جعل البنوك المركزية الأجنبية تحتفظ بسندات أميركية مدتها 100 عام من دون قسائم بدلا من سندات الخزانة التي تحتفظ بها الآن. وتشمل الأحكام البديلة - أو الإضافية - فرض «رسوم استخدام» على البنوك المركزية الأجنبية التي تحتفظ بالديون الأميركية وفرض ضريبة عامة على الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة.

كيف سيُفعّل اتفاق «مار-أ-لاغو»؟

تقول مجموعة «آي إن جي» البحثية هنا إنه «نظراً لطبيعة التجارة العالمية وتدفقات النقد الأجنبي، بالإضافة إلى احتياطيات النقد الأجنبي، تُعتبر منطقة اليورو والصين واليابان الدول الرئيسية التي ستحتاج إلى الانضمام إلى الاتفاق، وإن الاتفاقية ستضمن بيع هذه الدول للدولار وسندات الخزانة الأميركية من احتياطياتها من النقد الأجنبي. وللتخفيف من العواقب المالية غير المرغوب فيها لارتفاع أسعار الفائدة الأميركية، سيتم تشجيع هذه الدول على التخلص من حيازاتها المتبقية من سندات الخزانة الأميركية. ومرة ​​أخرى، ستكون الاتفاقية قائمة على الحوافز، حيث يمكن للدول الاستفادة من معدلات تعريفة جمركية أقل إذا وافقت».

يذكر أن بيانات صندوق النقد الدولي تشير إلى أن احتياطيات النقد الأجنبي العالمية تبلغ حالياً حوالي 12.7 تريليون دولار، منها أقل بقليل من 60 في المائة بالدولار الأميركي. وفيما يتعلق بسوق سندات الخزانة الأميركية، تُظهر أحدث البيانات أن الأجانب (من القطاعين العام والخاص) يمتلكون حوالي 8.5 تريليون دولار من سندات الخزانة الأميركية، منها 3.8 تريليون دولار مملوكة لمؤسسات رسمية أجنبية. كما تجدر الإشارة إلى أن الأجانب يمتلكون حوالي ربع ديون الحكومة الأميركية القائمة والبالغة 36 تريليون دولار.

ختاماً، هل ستتمكن إدارة ترمب من إقناع الصين ومنطقة اليورو بالموافقة على مثل هذا الأمر؟ وكيف يمكنها إقناع المصارف المركزية وغيرها من المستثمرين في العالم بقبول سندات مدتها 100 عام بلا فائدة لمدة قرن من الزمن؟ ولماذا سيقبلون برسوم وضرائب جديدة على حيازاتهم أو استثماراتهم في الديون الأميركية؟ الجواب في الأيام المقبلة.