مبيعات التجزئة الصينية تنتعش وسط ضغوط الرسوم الأميركية

البطالة ارتفعت وإنتاج المصانع انخفض... وبكين تصر على مستهدف نمو 5%

سيدة على دراجة في أحد شوارع الضاحية المالية بالعاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)
سيدة على دراجة في أحد شوارع الضاحية المالية بالعاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)
TT
20

مبيعات التجزئة الصينية تنتعش وسط ضغوط الرسوم الأميركية

سيدة على دراجة في أحد شوارع الضاحية المالية بالعاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)
سيدة على دراجة في أحد شوارع الضاحية المالية بالعاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)

تسارع نمو مبيعات التجزئة في الصين خلال شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط)، في إشارة مُرحب بها لجهود صانعي السياسات لتعزيز الاستهلاك المحلي، حتى مع ارتفاع معدلات البطالة وتراجع إنتاج المصانع، مما يُبرز الضغوط على الاقتصاد الذي يواجه ضغوطاً تجارية أميركية جديدة.

ووضع صانعو السياسات توسيع الطلب المحلي أولوية قصوى هذا العام، في محاولتهم لتخفيف تأثير الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب على محرك التصدير الرئيس. وحافظ كبار القادة الصينيين على هدف نمو اقتصادي يبلغ «نحو 5 في المائة» لعام 2025، لكن المحللين يقولون إن هذا قد يكون صعب المنال نظراً للضغوط على الصادرات، وضعف طلب الأسر، وأزمة العقارات المطولة.

وجاءت هذه البيانات في أعقاب بيانات أضعف من المتوقع للصادرات ومؤشرات التضخم في وقت سابق من هذا الشهر، مما يُبرز الحاجة إلى مزيد من الدعم السياسي لتعزيز انتعاش اقتصادي مستدام.

وصرح تشيوي تشانغ، كبير الاقتصاديين في شركة ««بينبوينت» لإدارة الأصول: «يكمن الخطر على الاقتصاد في الضرر الناجم عن زيادة الرسوم الجمركية الأميركية على صادرات الصين، والذي من المرجح أن يظهر في بيانات التجارة خلال الأشهر القليلة المقبلة».

وأضاف: «أعتقد أن بكين ستواصل سياستها الحالية. لا توجد حاجة ملحة لتخفيف السياسة النقدية من خلال خفض نسبة الاحتياطي الإلزامي أو سعر الفائدة في هذه المرحلة»، مُضيفاً أن صانعي السياسات قد يختارون الانتظار لبضعة أشهر قبل خفض أسعار الفائدة نظراً لعدم اليقين التجاري. أظهرت البيانات الصادرة عن المكتب الوطني للإحصاء يوم الاثنين ارتفاع مبيعات التجزئة، وهي مقياس للاستهلاك، بنسبة 4.0 في المائة خلال شهري يناير وفبراير، متجاوزةً بذلك ارتفاعها بنسبة 3.7 في المائة في ديسمبر (كانون الأول)، مسجلةً بذلك أسرع معدل نمو منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2024. وكان المحللون قد توقعوا نمو مبيعات التجزئة بنسبة 4.0 في المائة.

وانتعش إنفاق الأسر خلال عطلة رأس السنة القمرية الجديدة التي استمرت ثمانية أيام، حيث حقق فيلم الرسوم المتحركة «نزهة 2» إيرادات قياسية في شباك التذاكر الصيني.

وفي الاجتماع السنوي للبرلمان الذي عُقد في وقت سابق من هذا الشهر، تعهد قادة الصين بتقديم دعم مالي ونقدي أقوى للاقتصاد، مع التركيز بشكل خاص على تحفيز الاستهلاك المحلي.

ومن بين التدابير الأخرى، خصصت بكين 300 مليار يوان (41.5 مليار دولار) لبرنامج مقايضة السلع الاستهلاكية الذي تم توسيعه مؤخراً، والذي يشمل السيارات الكهربائية والأجهزة المنزلية وغيرها من السلع. قال تيانشن شو، كبير الاقتصاديين في «إيكونوميست إنتيلجينس»: «كان نمو مبيعات التجزئة جيداً، مما يعكس الدور الحيوي للدعم في دعم مبيعات الأجهزة المنزلية والهواتف الجوالة». وأضاف أن تأثير البرنامج قد «يتلاشى مع مرور الوقت»، حيث انخفضت مبيعات السيارات بالفعل في الشهرين الأولين.

وأظهرت بيانات المكتب الوطني للإحصاء نمو مبيعات الأجهزة المنزلية والأجهزة السمعية والبصرية بنسبة 10.9 في المائة، مقارنة بارتفاع قدره 39.3 في المائة في ديسمبر. في المقابل، ارتفعت إيرادات المطاعم بنسبة 4.3 في المائة مدعومة بارتفاع مبيعات المهرجانات، وهي أسرع من الزيادة البالغة 2.7 في المائة في ديسمبر. ويوم الأحد، كشفت الصين عن «خطة عمل خاصة» لتعزيز الاستهلاك المحلي، تتضمن تدابير تشمل زيادة دخل السكان وإنشاء برنامج لدعم رعاية الأطفال.

وفي مؤتمر صحافي عُقد بعد الظهر، أقر مسؤول من أعلى جهة تخطيط اقتصادي في البلاد بضعف ثقة المستهلك، بينما تعهد بنك الشعب الصيني بالحفاظ على وفرة السيولة من خلال تدابير مثل خفض نسبة الاحتياطي الإلزامي.

وأغلق مؤشر شنغهاي المركب الصيني على ارتفاع بنسبة 0.2 في المائة، بينما استقر اليوان الصيني مقابل الدولار، حيث استقبلت الأسواق البيانات الاقتصادية المتباينة بصدر رحب.

وفيما يُبرز الضغط الذي تواجهه الأسر، ارتفع معدل البطالة في المناطق الحضرية، استناداً إلى استطلاعات الرأي، في فبراير إلى 5.4 في المائة، وهو أعلى مستوى له في عامين.

وفرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسوماً جمركية إضافية بنسبة 20 في المائة على جميع السلع الصينية، ويهدد باتخاذ المزيد من الإجراءات. وكانت الصادرات إحدى النقاط المضيئة الوحيدة للاقتصاد الصيني العام الماضي.

ومع إغلاق المصانع مؤقتاً خلال عطلة رأس السنة القمرية الجديدة، نما الناتج الصناعي الصيني بنسبة 5.9 في المائة على أساس سنوي في الشهرين الأولين، متباطئاً من توسع بنسبة 6.2 في المائة في ديسمبر. ومع ذلك، فقد تجاوز النمو التوقعات بارتفاع بنسبة 5.3 في المائة.

وتنشر الصين بيانات الشهرين في بيان مشترك لتخفيف تأثير عطلة رأس السنة القمرية الجديدة، التي تقع في أي من الشهرين.

ونما استثمار الأصول الثابتة، الذي يشمل الاستثمار في العقارات والبنية التحتية، بنسبة 4.1 في المائة خلال الفترة من يناير إلى فبراير على أساس سنوي، متجاوزاً التوقعات بارتفاع قدره 3.6 في المائة. وحقق نمواً بنسبة 3.2 في المائة في عام 2024. ورغم أن قطاع العقارات أظهر بعض التحسن، فإنه ظل ضعيفاً. وانخفض الاستثمار العقاري بنسبة 9.8 في المائة في أول شهرين من عام 2025 على أساس سنوي، بعد انخفاضه بنسبة 10.6 في المائة في عام 2024. وصرح متحدث باسم المكتب الوطني للإحصاء بأن سوق الإسكان في البلاد يواجه تحديات.


مقالات ذات صلة

السوداني يزور تركيا لبحث «طريق التنمية» العراقي

المشرق العربي إردوغان مستقبلاً السوداني خلال زيارته لتركيا 2024 (الرئاسة التركية)

السوداني يزور تركيا لبحث «طريق التنمية» العراقي

يزور رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني تركيا قريباً لبحث التفاصيل النهائية لمشروع «طريق التنمية»، بحسب ما أعلن مسؤولون أتراك وعراقيون.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني في حفل جوائز «ماجستير فن الطهي الإيطالي» بروما (رويترز)

ميلوني: رسوم ترمب ستضر بالمنتجين الإيطاليين

قالت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، في روما، اليوم (الأربعاء)، إن فرض رسوم جمركية أميركية جديدة سيؤثر سلباً على المنتجين الإيطاليين.

«الشرق الأوسط» (روما)
الاقتصاد عمال في مصنع سيارات «نيو» الكهربائية بمدينة هيفي الصينية (رويترز)

خلاف حكومي حول «حقوق التنظيم» لأكبر معرض سيارات صيني

نشبت خلافات بين الداعمين الحكوميين لأكبر معرض سيارات في الصين حول من يملك حقوق تنظيمه، مما أثار البلبلة بين شركات صناعة السيارات والزوار.

«الشرق الأوسط» (شنغهاي)
يوميات الشرق ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار 4 درجات مئوية قد يزيد من فقر الأشخاص بنسبة 40 % (إ.ب.أ)

ارتفاع درجة حرارة الأرض قد يؤثر سلباً على دخلك وثروتك

توصلت دراسة جديدة إلى أن ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار 4 درجات مئوية قد يزيد من فقر الأشخاص بنسبة 40 في المائة

«الشرق الأوسط» (سيدني)
الاقتصاد عامل توصيل أمام أحد المتاجر في العاصمة الصينية بكين (إ.ب.أ)

الصين تُمدد تحقيق المشروبات الأوروبية وتُؤجل العقوبات النهائية

أعلنت وزارة التجارة الصينية يوم الأربعاء أن الصين ستمدد تحقيقها لمكافحة الإغراق في براندي الاتحاد الأوروبي لمدة 3 أشهر

«الشرق الأوسط» (بكين)

هولزمان من «المركزي» الأوروبي: لا مبرر لخفض الفائدة

مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
TT
20

هولزمان من «المركزي» الأوروبي: لا مبرر لخفض الفائدة

مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

قال روبرت هولزمان، صانع السياسات في البنك المركزي الأوروبي، إنه لا يوجد مبرر لخفض أسعار الفائدة بشكل إضافي، حيث لم تعد أسعار الفائدة تشكل عائقاً أمام النمو الاقتصادي في منطقة اليورو، مشيراً إلى أن التضخم استمر في الانخفاض كما كان متوقعاً.

وفي مقابلة مع «رويترز»، رحب هولزمان بالبيانات التي تم نشرها يوم الثلاثاء، والتي أظهرت تراجع التضخم في منطقة اليورو، بما في ذلك في قطاع الخدمات الذي يحظى بمتابعة دقيقة، خلال الشهر الماضي.

وقد عززت هذه البيانات التوقعات في الأسواق بخفض سعر الفائدة للمرة السادسة على التوالي، في الاجتماع المقبل للبنك المركزي الأوروبي في 16 أبريل (نيسان)، ما سيؤدي إلى خفض سعر الفائدة على الودائع المصرفية من 2.5 في المائة إلى 2.25 في المائة.

ومع ذلك، أبدى هولزمان، الذي كان المعارض الوحيد لآخر خفض لسعر الفائدة من قبل البنك المركزي الأوروبي في مارس (آذار)، حذراً، مُؤكداً أن الاقتصاد لا يحتاج إلى مزيد من التحفيز.

وقال محافظ البنك المركزي النمساوي: «كنا نتوقع أن ينخفض التضخم». وأضاف: «نحن نواصل التزامنا بالسياسة المحايدة، وبما أن التضخم يقترب من هدفنا، فلا يوجد سبب لاتباع سياسة تيسيرية».

ويقدر البنك المركزي الأوروبي أن المعدل المحايد للفائدة، الذي لا يعيق النمو الاقتصادي ولا يحفزه، يتراوح بين 1.75 في المائة و2.25 في المائة، إلا أن هناك غموضاً كبيراً حول دقة تقدير هذا المعدل في الوقت الحالي.

وقد انخفض نمو أسعار المستهلك في الدول العشرين الأعضاء بمنطقة اليورو إلى 2.2 في المائة في مارس، وهو أقل بقليل من هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2 في المائة، مقارنة بـ2.3 في المائة في فبراير (شباط)، وذلك بفضل التراجع الكبير في تكاليف الطاقة وتباطؤ تضخم قطاع الخدمات.