زيادة في طلبات المصانع الصينية وسط محاولة لاستباق «حرب التعريفات»

الأسهم تتراجع مع زيادة المخاطر وترقب الاجتماعات البرلمانية

عمال في أحد المتاجر بسوق للصلب في مدينة تشونغقينغ جنوب غربي الصين (أ.ف.ب)
عمال في أحد المتاجر بسوق للصلب في مدينة تشونغقينغ جنوب غربي الصين (أ.ف.ب)
TT

زيادة في طلبات المصانع الصينية وسط محاولة لاستباق «حرب التعريفات»

عمال في أحد المتاجر بسوق للصلب في مدينة تشونغقينغ جنوب غربي الصين (أ.ف.ب)
عمال في أحد المتاجر بسوق للصلب في مدينة تشونغقينغ جنوب غربي الصين (أ.ف.ب)

أفاد المصنعون الصينيون بارتفاع في الطلبات خلال شهر فبراير (شباط) الماضي، حيث سارع المستوردون لتنفيذ عمليات التوريد استباقا للتعريفات الجمركية الأميركية المرتفعة التي فرضها الرئيس دونالد ترمب.

وجاءت هذه البيانات الأقوى من المتوقع بالتزامن مع اجتماع القادة الصينيين في بكين لعقد الجلسة السنوية للمجلس الوطني لنواب الشعب. ومن المتوقع أن يوافق المشرعون، كالمعتاد، على السياسات والأولويات التي حددها الحزب الشيوعي الحاكم، والتي قد تشمل بعض الدعم الجديد للاقتصاد مع تباطؤ النمو إلى مستويات أقل من 5 في المائة، وفقاً لتوقعات الاقتصاديين.

وكان ترمب قد فرض في وقت سابق تعريفة جمركية بنسبة 10 في المائة على الواردات من الصين، ومن المقرر أن ترتفع هذه النسبة إلى 20 في المائة اعتباراً من يوم الثلاثاء. كما أنهى ترمب ما يُعرف بـ«ثغرة الحد الأدنى» التي أعفت الواردات التي تقل قيمتها عن 800 دولار من الرسوم الجمركية، ما شكل ضربة للشركات التي تعتمد على المبيعات المباشرة عبر الإنترنت للمستهلكين والتي شهدت نمواً كبيراً في السنوات الأخيرة.

ورداً على هذه التعريفات الجديدة التي ستدخل حيز التنفيذ يوم الثلاثاء، تستعد الصين لاتخاذ تدابير مضادة، حيث أفادت صحيفة «غلوبال تايمز» المدعومة من الدولة بأن الصادرات الزراعية الأميركية قد تكون مستهدفة.

وأظهرت استطلاعات رأي مديري المصانع ارتفاع مؤشر مديري المشتريات الرسمي في الصين إلى 50.2 نقطة في فبراير، بعد أن كان 49 نقطة في يناير (كانون الثاني)، وهو ما يضعه بالكاد فوق مستوى 50 الذي يفصل بين الانكماش والتوسع. كما ارتفع مؤشر الطلبات الجديدة إلى 51.1 نقطة.

وتشير مستويات الإنتاج الصناعي المستقرة إلى أن الإنفاق الحكومي و«الاستباق» لتجنب الرسوم الجمركية الأعلى قد دعما النشاط التجاري القوي في الشهر الماضي، وفقاً لتقرير صادر عن زيشون هوانغ من «كابيتال إيكونوميكس».

لكن هوانغ أوضح أن «النمو لا يزال مهدداً بالتباطؤ خلال هذا الربع، مما قد يعكس جزئياً الارتفاع الذي شهدناه في الربع الرابع (أكتوبر/تشرين الأول-ديسمبر/كانون الأول). وهذا قبل أن نشعر بتأثير الرسوم الجمركية بشكل كامل».

وأظهر استطلاع آخر، نشر يوم الاثنين، حول مؤشر «كايشين» لمديري المشتريات في قطاع التصنيع تحسناً مشابهاً. وعادةً ما يعكس هذا المؤشر الاتجاهات في الشركات الصغيرة والمُصدِّرة، وفقاً لكبيرة المحللين في «آي إن جي إيكونوميكس» لين سونغ، والتي قالت: «قد يكون هذا مؤشراً هاماً على تأثير التعريفات الجديدة على قطاع التصنيع. ومع تطبيق تعريفة إضافية بنسبة 10 في المائة يوم الثلاثاء، يبدو هذا متوقعاً».

وأدت الزيادات المفاجئة في التعريفات الجمركية وعوامل أخرى إلى زيادة حالة عدم اليقين بشأن مستقبل ثاني أكبر اقتصاد في العالم، والذي نما بنسبة 5 في المائة العام الماضي، ما يحقق بالكاد الهدف الرسمي لبكين.

ومن المتوقع أن يقدم رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ تقرير العمل السنوي لمجلس النواب عند افتتاحه يوم الأربعاء، والذي يتضمن عادةً هدف النمو السنوي لهذا العام، إلى جانب السياسات والتحديثات الاقتصادية الأخرى.

ويعد عام 2025 هو العام الأخير لخطة «صنع في الصين 2025» التي أطلقها الرئيس شي جينبينغ، والتي تهدف إلى ترقية الصناعات الصينية لتصبح رائدة عالمياً في التكنولوجيا المتقدمة. كما يمثل هذا العام نهاية الخطة الخمسية الرابعة عشرة للصين، وهي الوثيقة التقليدية التي تحدد سياسات الحزب متوسطة الأجل.

ومن المرجح أن تكون إحدى الأولويات الرئيسية هي وضع طرق لتعزيز إنفاق المستهلكين الصينيين، وهو إحدى نقاط الضعف في الاقتصاد الذي تهيمن عليه الدولة بعد الاضطرابات التي سببها وباء «كوفيد-19».

وقد اتخذت الحكومة خطوات لدعم القطاع الخاص في الأشهر الأخيرة ضمن هذه الجهود. كما ساعدت الصادرات وزيادات الإنفاق المستهدفة في دعم الاقتصاد.

وفي الأسواق، تراجعت الأسهم الصينية يوم الاثنين في تداولات متقلبة مع استعداد كل من الصين والولايات المتحدة لفرض مزيد من الرسوم التجارية العقابية على بعضهما، بينما يترقب المستثمرون الجلسات البرلمانية السنوية القادمة لمعرفة توجهات السياسة في بكين.

وتخلت الأسهم المحلية عن مكاسبها خلال الجلسة الصباحية لتغلق على انخفاض، حيث تراجع مؤشر شنغهاي المركب بنسبة 0.1 في المائة، في حين أغلق مؤشر «سي إس آي300» للأسهم القيادية دون تغيير. وكان كلا المؤشرين قد خسر حوالي 2 في المائة يوم الجمعة.

أما في هونغ كونغ، فقد أضاف مؤشر «هانغ سنغ» الرئيسي 0.3 في المائة بعد تأرجحه بين المكاسب والخسائر، معوضاً أكبر انخفاض له خلال أربعة أشهر يوم الجمعة. في المقابل، تراجع مؤشر «هانغ سنغ» للتكنولوجيا بنسبة 0.6 في المائة.

وخلال الساعات الماضية، كان المستثمرون يترقبون الإجراءات المحتملة لدعم الطلب المحلي خلال اجتماع المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني هذا الأسبوع. ويميل المستثمرون الصينيون إلى توقع نتائج محدودة من الاجتماعات البرلمانية، حيث عبر البعض عن مخاوفهم بشأن عدم كفاية الحوافز الاقتصادية، وفقاً لمذكرة صادرة عن «غولدمان ساكس»، والتي استندت إلى اجتماعات حديثة مع العملاء.

ومن المتوقع أن تحافظ بكين على هدف النمو الاقتصادي عند نحو 5 في المائة، مع إعلان عجز في الميزانية يبلغ 4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

وقال محللون في «باركليز» في مذكرة: «من المرجح أن تلتزم الولايات المتحدة بتهديدها بفرض تعريفة إضافية بنسبة 10 في المائة، ونعتقد أن اجتماع المجلس الوطني الصيني في مارس (آذار) قد يخيب آمال المشاركين في الأسواق الخارجية فيما يتعلق بالحوافز الاقتصادية».


مقالات ذات صلة

تراجع ثقة المستهلك الأميركي إلى أدنى مستوى منذ يوليو 2022

الاقتصاد امرأة تمر بجوار متجر «دولتشي آند غابانا» في الجادة الخامسة بمدينة نيويورك (رويترز)

تراجع ثقة المستهلك الأميركي إلى أدنى مستوى منذ يوليو 2022

شهد مؤشر ثقة المستهلك الأميركي تراجعاً طفيفاً في مايو للشهر الخامس على التوالي، مع تصاعد مخاوف الأميركيين من الحرب التجارية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد أوراق نقدية أوكرانية فئة 500 هريفنيا إلى جانب ورقة نقدية أميركية من فئة 100 دولار (رويترز)

أوكرانيا لا تستعجل إعادة هيكلة ديونها المرتبطة بالناتج المحلي

أبلغ كبير مفاوضي الديون الأوكرانيين المستثمرين في لندن هذا الأسبوع بأن كييف لا تستعجل إعادة هيكلة ديونها المرتبطة بالناتج المحلي الإجمالي.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الاقتصاد آن دوك جيون يتحدث خلال مؤتمر صحافي لوزراء التجارة في منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (رويترز)

كوريا الجنوبية تتطلّع إلى اتفاق جمركي مع واشنطن قبل يوليو

أعلن وزير التجارة والصناعة الكوري الجنوبي، آن دوك جيون، أَن سيول تسعى للتوصل إلى اتفاق مع واشنطن بشأن الرسوم الجمركية قبل الموعد النهائي المحدد في يوليو.

«الشرق الأوسط» (سيول)
الاقتصاد طائرة شحن تابعة لشركة «كاثي باسيفيك» تستعد للهبوط في مطار هونغ كونغ (رويترز)

الشحن الجوي بين الصين وأميركا يتراجع بحدة مع تعليق «إعفاءات السلع الصغيرة»

أظهرت بيانات قطاع الشحن الجوي أن الطاقة الاستيعابية بين الصين وأميركا تراجعت بنسبة تقارب الثلث بعد إلغاء الإعفاءات الجمركية للسلع منخفضة القيمة القادمة من الصين

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد حاملة نفطية في ميناء بمقاطعة بريتش كولومبيا في كندا (رويترز)

مكاسب أسبوعية للنفط رغم ضغوط توقعات زيادة المعروض

ارتفعت أسعار النفط بشكل طفيف يوم الجمعة، متجهة نحو تحقيق مكاسب أسبوعية للأسبوع الثاني على التوالي

«الشرق الأوسط» (لندن)

«المركزي الأميركي» سيستغني عن 10 في المائة من موظفيه

رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول (أ.ف.ب)
رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول (أ.ف.ب)
TT

«المركزي الأميركي» سيستغني عن 10 في المائة من موظفيه

رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول (أ.ف.ب)
رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول (أ.ف.ب)

قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي (المصرف المركزي الأميركي)، جيروم باول، إن الهيئة ستخفّض عدد موظفيها بنحو 10 في المائة «في السنوات القليلة المقبلة»، وفق مذّكرة اطّلعت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية».

يأتي ذلك في موازاة جهود يبذلها الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتقليص عدد الموظفين في الحكومة الفيدرالية، في خطوة تقودها هيئة الكفاءة الحكومية التي يرأسها إيلون ماسك.

وجاء في منشور سابق لماسك أن «عدد موظفي الاحتياطي الفيدرالي أكبر من اللازم على نحو غير معقول».

والاحتياطي الفيدرالي هو وكالة مستقلة لا تعتمد على الكونغرس في تمويلها، بل تكسب المال من فوائد الأوراق المالية والرسوم التي تتقاضاها من المصارف التي تشرف عليها.

وقال باول في المذكرة التي كانت وكالة «بلومبرغ» أول من أوردها: «تشير تجارب هنا وفي أماكن أخرى إلى أنه من المفيد لأي منظمة أن تجري على نحو دوري مراجعة لعدد موظفيها ولمواردها».

وأشار إلى أن الخطط ستتضمن برنامج استقالات «طوعية» لاحقة لموظفين مؤهلين للاستفادة منه في مجلس الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن.

وفي عام 2023، بلغ عدد موظّفي الاحتياطي الفيدرالي 23 ألفاً و950 شخصاً في مختلف أنحاء البلاد، وفقاً لأحدث تقرير سنوي له، بما في ذلك ثلاثة آلاف موظف في المجلس، وأكثر من 20 ألف موظف في 12 فرعاً للاحتياطي الفيدرالي في البلاد.

واستناداً إلى هذه الأرقام، سيترجم التخفيض بنسبة 10 في المائة تقليصاً لعدد الموظفين بنحو 2400 شخص.

وقال باول إنه أعطى توجيهات لقيادة الاحتياطي الفيدرالي «للعثور على طرق تدريجية لدمج وظائف حيثما أمكن، وتحديث بعض الممارسات التجارية، والحرص على أن يكون عددنا بالحجم الصحيح وعلى أن نكون قادرين على أداء مهمتنا القانونية».

ولفت إلى أن برنامج الاستقالات الطوعية اللاحقة «سيوفر فرصاً جديدة للنمو المهني لموظفينا وسيساعدنا على أن نظل مستعدين على نحو جيد للاضطلاع بمسؤولياتنا المهمة في السنوات المقبلة».