ترمب يترك شركات السيارات في حيرة بشأن تنفيذ تهديداته الجمركية

سيارات مستوردة متوقفة في ساحة في ميناء نيوارك بنيو جيرسي (رويترز)
سيارات مستوردة متوقفة في ساحة في ميناء نيوارك بنيو جيرسي (رويترز)
TT

ترمب يترك شركات السيارات في حيرة بشأن تنفيذ تهديداته الجمركية

سيارات مستوردة متوقفة في ساحة في ميناء نيوارك بنيو جيرسي (رويترز)
سيارات مستوردة متوقفة في ساحة في ميناء نيوارك بنيو جيرسي (رويترز)

لا يزال الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، يترك بعض أكبر شركات صناعة السيارات في العالم في حالة من الحيرة بشأن ما إذا كان سينفِّذ تهديداته بفرض رسوم جمركية على المركبات وسلاسل التوريد الخاصة بها، وهو ما قد يؤدي إلى ارتفاعات كبيرة في أسعار السيارات للمستهلكين الأميركيين.

وأكد ترمب، في نهاية الأسبوع الماضي، عزمه فرض تعريفات جمركية بنسبة 25 في المائة على البضائع المقبلة من المكسيك وكندا، بما في ذلك المركبات التي تصنعها شركات مثل «جنرال موتورز»، و«فولكسفاغن». ومع ذلك، أرجأ قرار فرض هذه الرسوم لمدة شهر بعد مناقشات مع زعماء الدولتين، وفق «رويترز».

وقال سام فيوراني، نائب رئيس شركة الأبحاث «أوتوفوركاست سوليوشنز»: «ستكون لهذه التعريفات الجمركية عواقب مالية دراماتيكية وفورية على شركات صناعة السيارات الأميركية، وغيرها من الشركات التي تصنع المركبات في المكسيك وكندا وتبيعها في الولايات المتحدة».

ويترك هذا الغموض الصناعة في حالة من التردد، حيث يجد المصنعون صعوبةً في اتخاذ خطوات ملموسة للتخفيف من الأضرار المحتملة، خوفاً من أن تتغير الظروف التنظيمية مرة أخرى بناءً على منشور آخر من الرئيس عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وقال آندي بالمر، الرئيس التنفيذي لشركة «بالمر أوتوموتيف كونسلتينغ»: «هل ترغب في الاستثمار في خط إنتاج أميركي لسياسة يمكن عكسها في غضون 4 سنوات أو ربما غداً؟».

ومن غير الممكن المبالغة في تقدير المخاطر التي تواجه شركات صناعة السيارات التي تخدم السوق الأميركية. وفي الأمد القريب، قد تكلف ضرائب الاستيراد، التي يفرضها ترمب، الصناعةَ 110 ملايين دولار يومياً في تكاليف إضافية، وربما تصل إلى 40 مليار دولار للعام دون تحولات إنتاجية كبيرة، وفقاً لمحللي «بيرنشتاين».

وتعدّ شركات صناعة السيارات الكبرى مثل «ديترويت» من أكثر المتأثرين، حيث تصنع «ستيلانتيس» 39 في المائة من مركباتها في أميركا الشمالية في المكسيك وكندا، بينما تصنع «جنرال موتورز» 36 في المائة، وتصنع «فورد موتور» 18 في المائة. وغالبية هذه المركبات موجهة إلى السوق الأميركية.

وأشار بنك «باركليز» إلى أن «فولكسفاغن» تنتج نحو ثلاثة أرباع أسطولها في أميركا الشمالية في المكسيك، بما في ذلك سياراتها الشعبية مثل «غيتا»، و«تيغوان»، و«تاوس». وأضاف البنك أن المركبات المصنعة في الولايات المتحدة ولكنها تحتوي على أجزاء مكسيكية وكندية ستخضع أيضاً للضرائب.

وأوضح أن المكسيك تقدم نحو 40 في المائة من الأجزاء المستخدَمة في المركبات الأميركية، بينما توفر كندا أكثر من 20 في المائة. وبدأت بعض الشركات الموردة، مثل شركة «زد إف» الألمانية، التي لديها 13 مصنعاً في المكسيك، بالفعل في إضافة «رسوم تعريفية» إلى الفواتير تحسباً لتغييرات السياسة، قائلة إن أي شركة في سلسلة التوريد لا تستطيع تحمل الزيادة.

وفيما يخص شاحنات «بيك أب جنرال موتورز»، تكشف الدراسة الاقتصادية عن الترابط العميق بين الدول الثلاث، الذي تطوَّر على مدار عقود تحت مظلة اتفاقات التجارة الحرة، بما في ذلك اتفاقية ترمب بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك التي دخلت حيز التنفيذ في عام 2020. ويتم تصنيع شاحنات «شيفروليه سيلفرادو»، و«جي إم سي سييرا» في مصانع مختلفة، بما في ذلك في المكسيك وكندا، وتُنتِج هذه المصانع أكثر من نصف عدد الشاحنات التي تبيعها «جنرال موتورز» في الولايات المتحدة.

وتعتمد هذه الشاحنات بشكل كبير على الأجزاء المستوردة من كندا والمكسيك، مثل المحركات، وناقلات الحركة، والإطارات، وحزم الأسلاك. وأكد مسؤولون في «جنرال موتورز» أنه يمكنهم تحويل بعض الإنتاج إلى الولايات المتحدة، لكن لا يمكنهم نقل كامل الإنتاج من المكسيك وكندا نظراً لنقص القدرة الإنتاجية.

وفي السياق ذاته، قال ريتش لوتورنو، رئيس فرع النقابة في مصنع «جنرال موتورز» في إنديانا، الذي ينتج شاحنات «سيلفرادو»، و«سييرا»، إن الأعضاء في المصنع يمكنهم زيادة إنتاج الشاحنات من 50 إلى 74 شاحنة في الساعة، مع استعدادهم لتلبية أي زيادة في الطلب فور فرض الرسوم الجمركية.


مقالات ذات صلة

وظائف أميركية أقل من المتوقع في يناير مع انخفاض معدل البطالة

الاقتصاد عرض لافتة توظيف في نورثبروك بإلينوي (أ.ب)

وظائف أميركية أقل من المتوقع في يناير مع انخفاض معدل البطالة

سجّل أرباب العمل في الولايات المتحدة إضافة 143 ألف وظيفة فقط في يناير، في حين انخفض معدل البطالة إلى 4 في المائة في بداية عام 2025.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مجموعة من العملات تشمل اليورو والدولار الأميركي والين الياباني والجنيه الإسترليني واليوان الصيني (رويترز)

تقلبات العملات تكشف عن إعادة تشكيل الموقف التجاري للإدارة الأميركية

تشير التقلبات الكبيرة في استجابة العملات للتهديدات المتقطعة بشأن التعريفات الجمركية الأميركية هذا الأسبوع إلى أن هناك جهوداً مستمرة من جانب الإدارة الجديدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متداول يعمل في قاعة بورصة نيويورك (أ.ب)

صناديق الأسهم الأميركية تسجل أكبر مبيعات أسبوعية منذ ديسمبر 2024

شهدت صناديق الأسهم الأميركية رابع تدفق أسبوعي لها في خمسة أسابيع خلال الأسبوع المنتهي في 5 فبراير (شباط)، مدفوعةً بتزايد المخاطر الجيوسياسية من الرسوم الجمركية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
الاقتصاد متداول في بورصة نيويورك (أ.ب)

تراجع في «وول ستريت» وسط تقلبات أرباح الشركات الكبرى

شهدت بورصة «وول ستريت» تراجعاً يوم الخميس، رغم المكاسب التي حققتها بعض الشركات الكبرى في قطاع الأزياء والسجائر.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد عمال في موقع بناء بلوس أنجليس (رويترز)

تباطؤ الإنتاجية في الولايات المتحدة يعزز مخاوف التضخم

تباطأ نمو إنتاجية العمال في الولايات المتحدة بشكل أكبر من المتوقع في الربع الأخير مما دفع تكاليف العمالة إلى الارتفاع، وهو ما يثير القلق بشأن التوقعات التضخمية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

التضخم الأميركي وتعليقات الاحتياطي الفيدرالي في دائرة الضوء

يلتقط أحد العملاء علبة بيض لشرائها في متجر بقالة عملاق في ماكلين بولاية فيرجينيا (أ.ف.ب)
يلتقط أحد العملاء علبة بيض لشرائها في متجر بقالة عملاق في ماكلين بولاية فيرجينيا (أ.ف.ب)
TT

التضخم الأميركي وتعليقات الاحتياطي الفيدرالي في دائرة الضوء

يلتقط أحد العملاء علبة بيض لشرائها في متجر بقالة عملاق في ماكلين بولاية فيرجينيا (أ.ف.ب)
يلتقط أحد العملاء علبة بيض لشرائها في متجر بقالة عملاق في ماكلين بولاية فيرجينيا (أ.ف.ب)

قد تكون بيانات التضخم الأميركية التي ستصدر يوم الأربعاء إشارة رئيسة إلى موعد خفض أسعار الفائدة الأميركية في المرة المقبلة، هذا إذا تم خفضها أصلاً. ومن شأن الإشارات التي تشير إلى استمرار التضخم أن تزيد من التكهنات بأن أسعار الفائدة من المرجح أن تبقى دون تغيير خلال الأشهر المقبلة.

كما ستتم مراقبة شهادة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول بشأن السياسة النقدية يوم الثلاثاء أمام اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ، ويوم الأربعاء أمام لجنة الخدمات المالية بمجلس النواب، عن كثب للحصول على أدلة حول توقعات أسعار الفائدة.

وكان الاحتياطي الفيدرالي قد أبقى على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه في يناير (كانون الثاني) وأشار إلى أنه ليس في عجلة من أمره لخفض أسعار الفائدة أكثر من ذلك.

رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في مؤتمر صحافي عقب اجتماع لجنة السياسة النقدية (أ.ف.ب)

معنويات المستهلكين

وكان استطلاع للرأي نشرت نتائجه يوم الجمعة أظهر أن المستهلكين أصبحوا أكثر قلقاً بشأن التضخم في الأمد القريب مع فرض الرئيس دونالد ترمب تعريفات جمركية عدوانية ضد شركاء تجاريين رئيسين للولايات المتحدة.

وأظهر استطلاع رأي المستهلكين الذي أجرته جامعة ميشيغان لشهر فبراير (شباط) أن المشاركين يتوقعون أن يبلغ معدل التضخم بعد عام من الآن 4.3 في المائة، بزيادة قدرها نقطة مئوية واحدة عن يناير (3.3 في المائة) وأعلى مستوى منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

رغم تأجيل ترمب للرسوم الجمركية ضد كندا والمكسيك، فإن التهديد الوشيك بتمرير الأسعار إلى المستهلكين هز المشاعر. وفرضت الصين رسوماً جمركية انتقامية في أعقاب تحرك ترمب.

وتزامنت المخاوف بشأن التضخم مع انخفاض التفاؤل بشكل عام، حيث هبط المؤشر الرئيس إلى 67.8، بانخفاض شهري بنسبة 4.6 في المائة وانخفاض بنسبة 11.8 في المائة عن الشهر نفسه من العام الماضي.

وكان خبراء الاقتصاد الذين استطلعت آراؤهم من قبل «داو جونز» يتوقعون قراءة 71.3، وفق «سي إن بي سي».

هل يتحرك «الفيدرالي»؟

في ظل بيانات الوظائف الأخيرة التي تشير إلى قوة سوق العمل، من المرجح ألا يتخذ الاحتياطي الفيدرالي أي إجراء في الوقت الحالي، مع احتمال حدوث توقف طويل الأمد في دورة التيسير النقدي، حسبما قال مايكل براون، كبير الاستراتيجيين في «بيبرستون» في مذكرة، وفق صحيفة «وول ستريت جورنال».

وتقوم أسواق المال الأميركية بتسعير خفض محتمل - ولكن ليس مؤكداً - لسعر الفائدة في يوليو (تموز).

وسينصب التركيز أيضاً على أي أخبار أخرى تتعلق بسياسات الرئيس دونالد ترمب الخاصة بالتعريفات الجمركية. وقد تم تأجيل خطط فرض رسوم جمركية باهظة على كندا والمكسيك لمدة شهر واحد ولكن تم المضي قدماً في فرض رسوم جمركية على الصين. ومن المتوقع أن يتحول تركيز ترمب الآن إلى الاتحاد الأوروبي وربما دول أخرى.

ومن المحتمل أن يكون للرسوم الجمركية تأثير محتمل على السياسة النقدية بالنظر إلى أنها تعتبر تضخمية.

قد تعطي بيانات مبيعات التجزئة والإنتاج الصناعي في الولايات المتحدة لشهر يناير معلومات مهمة حول مدى قوة الاقتصاد. كما ستعطي بيانات أسعار المنتجين لشهر يناير يوم الخميس مؤشراً على الضغوط التضخمية لخطوط الأنابيب، في حين من المقرر صدور طلبات إعانة البطالة الأسبوعية يوم الخميس.

بالإضافة إلى ذلك، قد تحدد إدارة ترمب الخطوط العريضة لمقترحات إنهاء الحرب الروسية ضد أوكرانيا.