الدولار يرتفع وعائدات سندات الخزانة الأميركية تسجل تراجعاً ملحوظاً

مع تأجيل ترمب فرض الرسوم الجمركية في أول يوم له

ورقة نقدية من فئة 5 دولارات مع خلفية العلم الأميركي (رويترز)
ورقة نقدية من فئة 5 دولارات مع خلفية العلم الأميركي (رويترز)
TT

الدولار يرتفع وعائدات سندات الخزانة الأميركية تسجل تراجعاً ملحوظاً

ورقة نقدية من فئة 5 دولارات مع خلفية العلم الأميركي (رويترز)
ورقة نقدية من فئة 5 دولارات مع خلفية العلم الأميركي (رويترز)

شهد الدولار الأميركي ارتفاعاً حاداً يوم الثلاثاء بعد تراجع مؤقت في وقت سابق من اليوم. وفي المقابل، هبطت عائدات سندات الخزانة الأميركية إلى أدنى مستوياتها في أسبوعين، بعد أن امتنع الرئيس دونالد ترمب عن فرض رسوم جمركية في أول يوم له بمنصبه؛ لكنه أشار إلى أنه يدرس تنفيذها في المستقبل، مما أثار مخاوف بشأن التضخم، وأبقى المستثمرين في حالة ترقب بشأن السياسة التجارية المقبلة.

وشهدت العقود الآجلة للأسهم الأميركية ارتفاعاً، بعد تعافيها من خسائر يوم الاثنين؛ حيث استوعب المتداولون تصريحات ترمب حول السياسة الاقتصادية والرسوم التجارية، بينما حققت الأسهم الأوروبية مكاسب محدودة، وفق «رويترز».

وفي المقابل، شهد كل من البيزو المكسيكي والدولار الكندي تراجعاً مساء الاثنين، بعد أن أعلن ترمب عن نيته فرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على الدول المجاورة، بدءاً من 1 فبراير (شباط)، مما أدى إلى انخفاض البيزو المكسيكي بنسبة 1.3 في المائة مقابل الدولار الأميركي، بينما سجل الدولار الكندي أدنى مستوى له في 5 سنوات عند 0.689 دولار.

وشهد الدولار انخفاضاً في وقت سابق بعد نشر مذكرة رئاسية نقلتها صحيفة «وول ستريت جورنال» التي أشارت إلى أن الإدارة الأميركية ستبدأ التحقيق في قضايا التجارة؛ لكنها ستتجنب فرض رسوم جمركية في اليوم الأول.

وارتفع مؤشر الدولار بنسبة 0.64 في المائة إلى 108.69، رغم أنه لم يتمكن من استعادة 1.2 في المائة التي فقدها يوم الاثنين، في أكبر انخفاض يومي له منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. وقال تشارو تشانانا، كبير استراتيجيي الاستثمار في «ساكسو»: «أكدت الساعات الأولى من إدارة ترمب أن بيئة السياسة ستكون ديناميكية مرة أخرى، مما يعني أن الأسواق يجب أن تستعد للتقلبات». وأضاف أن الأسواق احتفلت مبكراً مع غياب تهديدات التعريفات الجمركية في خطاب تنصيب ترمب.

من ناحية أخرى، انخفض اليورو بنسبة 0.62 في المائة إلى 1.2248 دولار، بعد أن شهد ارتفاعاً بنسبة 1.4 في المائة يوم الاثنين، نتيجة ارتياح المستثمرين بسبب تأجيل فرض التعريفات الجمركية. كما تراجع الجنيه الإسترليني بنسبة 0.67 في المائة بعد قفزته السابقة بنسبة 1.3 في المائة.

كما صرح ترمب بأنه يسعى لتقليص العجز التجاري الأميركي مع الاتحاد الأوروبي، سواء عبر فرض رسوم جمركية أو زيادة صادرات الطاقة. وارتفع مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بنسبة 0.16 في المائة، بينما انخفض مؤشر «داكس» الألماني بنسبة 0.1 في المائة. وزادت العقود الآجلة للأسهم الأميركية بعد تقلبات في التعاملات المبكرة، مع ارتفاع العقود الآجلة لمؤشر «ناسداك» بنسبة 0.56 في المائة، والعقود الآجلة لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.49 في المائة.

في المقابل، تراجعت أسهم شركات صناعة السيارات الأوروبية بنسبة 0.4 في المائة، بعد أن ألغى ترمب أمراً تنفيذياً أصدره سلفه في 2021، كان يهدف إلى ضمان أن نصف المركبات الجديدة المبيعة في الولايات المتحدة بحلول عام 2030 ستكون كهربائية.

وبالنسبة للعملات، ارتفع الدولار بنحو 5 في المائة منذ فوز ترمب في انتخابات نوفمبر الماضي، ويرجع ذلك جزئياً إلى استمرار قوة الاقتصاد الأميركي، واستعداد المستثمرين لفرض رسوم جمركية واسعة من المتوقع أن تضر بشركاء أميركا التجاريين. ورغم توقع كثير من المستثمرين اتخاذ إجراءات سريعة بشأن التعريفات الجمركية، أحدثت المذكرة الرئاسية التي تشير إلى عدم اتخاذ إجراء فوري تقلبات كبيرة في السوق.

وفي أسواق السندات، تراجع العائد على سندات الخزانة الأميركية القياسية لأجل 10 سنوات بمقدار 4 نقاط أساس إلى 4.5723 في المائة، بعد أن لامس أدنى مستوى له في أكثر من أسبوعين عند 4.53 في المائة. كما انخفض العائد على السندات لأجل 30 عاماً بمقدار 4 نقاط أساس، ليصل إلى 4.8019 في المائة. أما العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين الذي يتحرك عادة بالتوازي مع توقعات أسعار الفائدة، فقد انخفض بمقدار أقل من نقطة أساس إلى 4.2635 في المائة.

وحذَّر المحللون من أن حتى النهج المدروس في التعامل مع التعريفات الجمركية قد يؤدي إلى تفاقم مخاوف التضخم، مما قد يدفع أسعار الفائدة الأميركية للبقاء مرتفعة لفترة أطول.

أما بالنسبة للأسواق الصينية، فقد شهدت تقلبات كبيرة؛ لكنها أغلقت على ارتفاع بعد أن تجنب ترمب بشكل كبير تهديدات مباشرة ضد صادرات الصين، مع ارتفاع مؤشر «سي إس آي 300» بنسبة 0.1 في المائة. كما حذر ترمب من أنه قد يفرض رسوماً جمركية على الصين إذا فشلت بكين في الموافقة على صفقة أميركية لشراء نصف تطبيق الفيديو الشهير «تيك توك».

وقال خون جو، رئيس أبحاث آسيا في بنك «إيه إن زد»: «نحن على يقين تام من أن ترمب سيبدأ في التحرك بشأن التعريفات الجمركية في مرحلة ما»، مضيفاً: «إن حقيقة أنه لم يذكر ذلك في اليوم الأول لا تعني أنه خارج جدول الأعمال؛ بل هو بالتأكيد على جدول الأعمال، ولكن علينا أن ننتظر ونرى الشكل أو الصيغة التي سيتخذها».


مقالات ذات صلة

انخفاض الأسهم الأميركية في «وول ستريت» وسط تداولات هادئة

الاقتصاد لافتة «وول ستريت» معلقة أمام علم الولايات المتحدة خارج «بورصة نيويورك»... (رويترز)

انخفاض الأسهم الأميركية في «وول ستريت» وسط تداولات هادئة

انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية، الأربعاء، في «وول ستريت»، فقد شهدت تداولات هادئة نسبياً. وتراجع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.2 في المائة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (الشرق الأوسط)

«الفيدرالي» يتبنّى سياسة المراقبة بعد 3 تخفيضات في الفائدة

بعد ثلاثة تخفيضات في سعر الفائدة الرئيسي العام الماضي، أشار مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي»، بقيادة رئيسه جيروم باول، إلى أنهم دخلوا في مرحلة جديدة من المراقبة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد دونالد ترمب يحمل أمراً تنفيذياً بشأن الرسوم الجمركية على الألمنيوم في المكتب البيضاوي (رويترز)

الرسوم الجمركية في عهد ترمب... أداة تفاوض أم ضرورة لتمويل العجز؟

في خضم دوامة إعلانات الرسوم الجمركية التي يطلقها دونالد ترمب يتشبث المحللون السياسيون بأمل واحد وهو أن هذه الرسوم ليست سوى تهديد يستخدمه الرئيس الأميركي

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مركبات جديدة في موقف سيارات بميناء ريتشموند بخليج سان فرنسيسكو بكاليفورنيا (رويترز)

رسوم ترمب الجمركية تثير القلق في قطاع السيارات الأميركي وتضغط على التكاليف

أثارت سلسلة من الإعلانات الرئاسية المتعلقة بالتجارة توتراً في شركات صناعة السيارات الأميركية منذ عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض الشهر الماضي

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (وكالة حماية البيئة)

الأسواق الأميركية مستقرة وسط تقارير أرباح قوية

ظلت الأسهم الأميركية مستقرة نسبياً يوم الخميس، قبل الإعلان المتوقع عن التعريفات الجمركية من الرئيس دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مباحثات تركية مكثفة مع بغداد وأربيل لاستئناف تصدير النفط عبر ميناء جيهان

جانب من مباحثات رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني مع نائبة وزير خارجية تركيا في أربيل الأربعاء (الخارجية التركية)
جانب من مباحثات رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني مع نائبة وزير خارجية تركيا في أربيل الأربعاء (الخارجية التركية)
TT

مباحثات تركية مكثفة مع بغداد وأربيل لاستئناف تصدير النفط عبر ميناء جيهان

جانب من مباحثات رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني مع نائبة وزير خارجية تركيا في أربيل الأربعاء (الخارجية التركية)
جانب من مباحثات رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني مع نائبة وزير خارجية تركيا في أربيل الأربعاء (الخارجية التركية)

تجري تركيا مباحثات مكثفة مع بغداد وأربيل حول استئناف تصدير النفط العراقي من خط كركوك - جيهان.

فقد عقدت نائبة وزير الخارجية التركي، عائشة بيريس أكينجي، على مدى يومين لقاءات مع المسؤولين في الحكومة العراقية وحكومة إقليم كردستان، حيث التقت، الأربعاء، وزير النفط العراقي حيان عبد الغني في بغداد، ورئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني في أربيل.

وجاء ذلك بعد لقاء أكينجي، في أربيل الثلاثاء، رئيس حكومة إقليم كردستان، مسرور بارزاني.

وزير النفط العراقي حيان عبد الغني خلال لقائه نائبة وزير الخارجية التركي في بغداد الأربعاء (الخارجية التركية)

وبحسب وزارة الخارجية التركية، جرى خلال اللقاءات بحث فرص تطوير التعاون بين تركيا والعراق وإقليم كردستان في مجال النفط.

كما عقدت أكينجي، في بغداد الأربعاء، لقاء مع ممثلي الشركات التركية والعالمية العاملة في قطاع الطاقة في العراق.

كان وزير النفط العراقي، حيان عبد الغني، أعلن الاثنين، أن شحنات النفط من خط الأنابيب الممتد من كركوك إلى ميناء جيهان في أضنة جنوب تركيا، والتي توقفت قبل عامين ستستأنف خلال أسبوع، وأن حكومة بغداد ستتلقى 300 ألف برميل يوميا من حكومة إقليم كردستان العراق.

وقال وزير الموارد الطبيعية في كردستان العراق، كمال محمد، إن صادرات النفط قد تستأنف قبل مارس (آذار) لأن كل الإجراءات القانونية اكتملت، وذلك بعدما وافق البرلمان العراقي على تعديل للموازنة لدعم شركات النفط العالمية العاملة في كردستان على تحمل تكاليف الإنتاج بهدف فتح تصدير النفط الإقليم.

لكن وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، ألب أرسلان بيرقدار، قال، خلال تصريحات على هامش مشاركته في اجتماع اللجنة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية الحاكم الأربعاء، إن تركيا لم تتلق أي إخطار بشأن هذه القضية، عقب إعلان وزير النفط العراقي أن صادرات النفط ستبدأ في غضون أسبوع.

جانب من لقاء رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني ونائبة وزير الخارجية التركي عائشة بيريس أكينجي في أربيل الثلاثاء (الخارجية التركية)

وتوقفت تدفقات النفط العراقي إلى ميناء جيهان، وهو منفذ النقل الذي يصل من خلاله نفط العراق إلى الأسواق العالمية، في أعقاب قرار محكمة التحكيم الدولية في باريس، في دعوى يعود تاريخها إلى عام 2014، تتعلق بانتهاك تركيا للاتفاقية الموقعة مع العراق بشأن تصدير النفط عبر خط الأنابيب إلى ميناء جيهان التركي.

وأوقفت تركيا تدفقات النفط في مارس (آذار) 2023 بعد أن أمرتها غرفة التجارة الدولية بدفع تعويضات لبغداد بقيمة 1.5 مليار دولار عن تصدير حكومة إقليم كردستان النفط بشكل غير مصرح به عبر خط الأنابيب في الفترة من عام 2014 إلى عام 2018، لكن تركيا أكدت عدم مخالفة الاتفاقية وأن لها تعويضات مستحقة على العراق بمبلغ 1.4 مليار دولار.

وقالت تركيا إن خط الأنابيب أصبح جاهزا منذ أواخر عام 2023 لاستئناف التدفقات، بعد إصلاح بعض الأعطال.

وكان خط الأنابيب، الذي توقف تدفقه في عام 2023، يوفر إمدادات يومية تبلغ 450 ألف برميل من النفط، وتشير التقديرات إلى أن توقف صادرات النفط إلى تركيا تسبب في خسائر اقتصادية للعراق تزيد على 23 مليار دولار.

نائبة وزير الخارجية التركي خلال لقاء مع ممثلي شركات النفط التركية والأجنبية في العراق (الخارجية التركية)

وسيخفف استئناف تدفق النفط من الضغوط الاقتصادية في إقليم كردستان بعد أن أدى التوقف إلى تأخير صرف رواتب العاملين في القطاع العام وتقليص الخدمات الأساسية.

وتظهر بيانات منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) أن العراق، ثاني أكبر منتج للنفط في المنظمة بعد السعودية، يضخ حاليا نحو 4 ملايين برميل يوميا بما يتوافق مع هدف الإنتاج المتفق عليه مع تحالف «أوبك+» الأوسع.

ومن غير الواضح، حتى الآن، كيف سيزيد العراق صادراته من الشمال ويظل ملتزما بتخفيضات «أوبك+» وما إذا كان سيقلص الصادرات من البصرة، في المقابل.