«المركزي التركي» يعدل من توقعاته للتضخم في ظل تفاؤل باستمرار التراجع

تحذيرات من السياسة المرتبطة بخفض الفائدة

أتراك يتجولون بين المقاهي على كوبري عالاطا في إسطنبول مطلع العام الجديد (د.ب.أ)
أتراك يتجولون بين المقاهي على كوبري عالاطا في إسطنبول مطلع العام الجديد (د.ب.أ)
TT

«المركزي التركي» يعدل من توقعاته للتضخم في ظل تفاؤل باستمرار التراجع

أتراك يتجولون بين المقاهي على كوبري عالاطا في إسطنبول مطلع العام الجديد (د.ب.أ)
أتراك يتجولون بين المقاهي على كوبري عالاطا في إسطنبول مطلع العام الجديد (د.ب.أ)

عدل البنك المركزي التركي من توقعاته للتضخم وأسعار الفائدة والصرف ومعدل النمو بنهاية العام الحالي، وسط تحذيرات من تداعيات السياسات الاقتصادية «الخاطئة» وأزمة التضخم وزيادة الضرائب التي دفعت الأفراد إلى سلوكيات استهلاكية مفرطة.

وحسب «استطلاع يناير (كانون الثاني) 2025 للمشاركين في السوق»، الذي تم إجراؤه بمشاركة 68 ممثلاً من القطاعات المختلفة، ونشره البنك المركزي، بلغ متوسط توقعات التضخم السنوي، حتى نهاية العام، 27.05 في المائة.

وتراجعت توقعات التضخم للأشهر الـ12 المقبلة، بدءاً من يناير الحالي، إلى 25.38 في المائة من 27.07 في المائة في الاستطلاع السابق، ما اعتبر إشارة إلى تحسن نسبي في التوقعات قصيرة الأجل مقارنة بالعام بأكمله.

متسوقة تعاين الأسعار في سوبر ماركت بإسطنبول (إعلام تركي)

كما تراجعت توقعات سعر الفائدة لشهر يناير الحالي إلى 45 في المائة، مقابل 48.59 في المائة في الاستطلاع السابق، ما يعكس تفاؤلاً بالاستمرار في الانخفاض التدريجي في أسعار الفائدة.

وبالنسبة لسعر الصرف توقع المشاركون في الاستطلاع أن يرتفع سعر صرف الدولار إلى 43.03 ليرة تركية في نهاية العام الحالي، وأن يرتفع خلال الأشهر الـ12 المقبلة إلى 43.81 ليرة من 43.23 ليرة في الاستطلاع السابق، ما يعزز القلق بشأن استمرار ضعف العملة التركي.

وبالنسبة لتوقعات النمو، ظلت ثابتة دون تغيير عند معدل 3.1 في المائة كما في الاستطلاع السابق، بينما ارتفعت التوقعات لعام 2026 إلى 3.9 في المائة.

وزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك (إكس)

وفي تقييمه لنتائج استطلاع المشاركين في السوق لشهر يناير، قال وزير الخزانة والمالية التركي، محمد شيمشك، إنه من المتوقع أن يشهد التضخم السنوي تراجعاً كبيراً خلال العامين المقبلين؛ إذ يتوقع أن ينخفض بمقدار 17 نقطة ليصل إلى 27.1 في المائة بنهاية العام الحالي.

وأضاف شيمشك أن التوقعات الخاصة بالتضخم السنوي تتحسن مع تقدم جهود مكافحة التضخم، وقد انخفضت على مدار 15 شهراً متتالياً، وفي عام 2024، شهدنا انخفاضاً بمقدار 20 نقطة في التضخم السنوي.

وأكد شيمشك أن الحكومة ستتخذ خطوات جديدة في مجالات الغذاء والإسكان والطاقة بهدف دعم جهود مكافحة التضخم، لافتاً إلى أهمية استمرار تحسن التوقعات.

وأضاف: «نخطط لتنفيذ سياسات عرضية لدعم هذه المجالات الحيوية إلى جانب السياسات التي تركز على الطلب».

في السياق ذاته حذر الخبير الاقتصادي الأكاديمي التركي، مهفي إيغيلماز، من «تداعيات السياسات الاقتصادية الخاطئة»، موضحاً أن أزمة التضخم وزيادة الضرائب دفعت الأفراد إلى سلوكيات استهلاكية مفرطة، وصفها بمصطلح «المنفق الهالك».

ولفت، عبر حسابه في «إكس» إلى أن السياسات الحالية المرتبطة بخفض أسعار الفائدة تسببت في تعقيد الوضع الاقتصادي، موضحاً أن المقصود بمصطلح «المنفق الهالك» هو الشخص الذي يفتقر إلى الأمل في المستقبل ويختار الإنفاق الفوري بدلاً من الادخار، وهو ما يعكس تأثيرات السياسات الاقتصادية غير المدروسة في السنوات الأخيرة.

وذكر إيغيلماز أن خفض الفائدة في عام 2021 أدى إلى قفزات كبيرة في معدلات التضخم، مؤكداً أن خفض الفائدة لمحاربة التضخم كان خطأ فادحاً، ما حول التضخم المرتفع إلى تضخم مفرط».

وأضاف أن رفع الفائدة كان هو الحل الأنسب للخروج من هذه الأزمة، وأن السياسات المالية خلال عام 2022 شجعت على زيادة الاستهلاك بشكل كبير، حيث دفعت الفائدة السلبية الحقيقية المواطنين إلى الاقتراض والإنفاق بدلاً من الادخار، ما أدى إلى اعتماد الكثيرين على القروض لتلبية احتياجاتهم الأساسية.

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (الرئاسة التركية)

وأصر الرئيس التركي على مدى سنوات على خفض الفائدة معتبراً أن الفائدة المرتفعة هي السبب في زيادة التضخم، مخالفاً في ذلك النظريات الاقتصادية الراسخة.

وعزل إردوغان 5 رؤساء للبنك المركزي التركي في 3 سنوات، لإصراره على المضي في خفض الفائدة، إلى أن عاد وتقبل السياسة العقلانية التي أعادها وزير الخزانة والمالية محمد شيمشك، عقب تعيينه في منصبه، في يونيو (حزيران) 2023، عقب الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي أجريت في مايو (أيار) من ذلك العام.

وأكد إردوغان، مراراً خلال الأسابيع الأخيرة، أن الحكومة ستواصل عملها على خفض التضخم، مطالباً المواطنين بالمزيد من الصبر.

وحذر إيغيلماز من أن استمرار السياسات الخاطئة سيؤدي إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية. ودعا إلى مراجعة عاجلة للسياسات النقدية لتحقيق استقرار اقتصادي طويل الأمد.


مقالات ذات صلة

تحديات قديمة لحاكم مصرف لبنان الجديد

خاص مصرف لبنان المركزي في منطقة الحمرا (الشرق الأوسط)

تحديات قديمة لحاكم مصرف لبنان الجديد

يواجه الحاكم الجديد لمصرف لبنان المركزي كريم سعيد، لائحة طويلة من الاستحقاقات التي يؤدي تنفيذها إلى إعادة الحياة لاقتصاد لبنان.

هلا صغبيني (الرياض)
الاقتصاد نائب رئيس الوزراء الصيني لدى كلمته الرئيسة خلال قمة للأعمال والسياسة في مقاطعة هاينان الصينية (إ.ب.أ)

الصين تتعهد بمزيد من الدعم وتؤكد انطلاقة قوية للاقتصاد في 2025

تعهد نائب رئيس الوزراء الصيني بتقديم دعم أقوى لثاني أكبر اقتصاد بالعالم مؤكداً أن الاقتصاد بدأ عام 2025 بشكل جيد وفي طريقه لتحقيق هدف النمو لهذا العام.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد مقر البنك المركزي التركي في أنقرة (رويترز)

«المركزي التركي» يتعهد بالتدخل لضمان استقرار الأسواق

أعلن البنك المركزي التركي، يوم الخميس، استعداده لاتخاذ إجراءات إضافية عند الحاجة، لضمان استقرار الأسواق المالية.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
المشرق العربي حاكمة مصرف سوريا ميساء صابرين في مكتبها بدمشق 12 يناير 2025 (رويترز)

حاكمة مصرف سوريا المركزي تُقدّم استقالتها

قالت ميساء صابرين، حاكمة مصرف سوريا المركزي، إنها قدّمت استقالتها، بعد أقل من ثلاثة أشهر على توليها المنصب على نحو مؤقت.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الاقتصاد سيارات معدة للتصدير في ميناء يانتاي الصيني (أ.ف.ب)

الصين: لا رابح في حرب تجارية

قالت الصين الخميس إنه «لا رابح في حرب تجارية» بعدما أعلن الرئيس دونالد ترمب فرض رسوم جمركية بنسبة 25 % على السيارات المصنعة خارج الولايات المتحدة

«الشرق الأوسط» (بكين)

صندوق النقد الدولي يقيّم خطط ترمب للرسوم الجمركية

تمثال جوشوا جيبسون خارج حديقة ناشيونالز بينما تتفتح أشجار الكرز (أ.ب)
تمثال جوشوا جيبسون خارج حديقة ناشيونالز بينما تتفتح أشجار الكرز (أ.ب)
TT

صندوق النقد الدولي يقيّم خطط ترمب للرسوم الجمركية

تمثال جوشوا جيبسون خارج حديقة ناشيونالز بينما تتفتح أشجار الكرز (أ.ب)
تمثال جوشوا جيبسون خارج حديقة ناشيونالز بينما تتفتح أشجار الكرز (أ.ب)

قالت المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي، جولي كوزاك، يوم الخميس، إن الصندوق يُواصل تقييم تأثير خطط الرئيس دونالد ترمب للرسوم الجمركية، بما في ذلك الرسوم الجمركية الجديدة على السيارات بنسبة 25 في المائة، إلا أن التوقعات الأساسية للصندوق لا تُشير إلى ركود اقتصادي في الولايات المتحدة.

ورداً على سؤال حول خطط ترمب للرسوم الجمركية، خلال مؤتمر صحافي دوري لصندوق النقد الدولي، قالت كوزاك إن الرسوم الجمركية المفروضة على السلع من كندا والمكسيك، في حال استمرارها، سيكون لها «تأثير سلبي كبير» على التوقعات الاقتصادية لهاتين الدولتين، لكنها امتنعت عن تقديم تفاصيل مُحددة.

وأضافت أن صندوق النقد الدولي يُواصل تقييم آثار إعلانات ترمب المختلفة بشأن الرسوم الجمركية على مناطق أخرى. سيجري دمج عدد من هذه التقييمات في توقعات صندوق النقد الدولي لآفاق الاقتصاد العالمي المقبلة، والمقرر إصدارها أواخر أبريل (نيسان) المقبل.

وقالت كوزاك إن التقرير سيوضح الإجراءات المشمولة في تقييمات النمو الاقتصادي والتضخم. وقد يتأخر تطبيق بعض رسوم ترمب الجمركية إلى وقت لاحق، بما في ذلك رسوم قطع غيار السيارات التي قد يستغرق تفعيلها حتى 3 مايو (أيار) المقبل.

وأوضحت أن الاقتصاد الأميركي استمر في التفوق على التوقعات، وقت إصدار صندوق النقد الدولي تقرير آفاق الاقتصاد العالمي لشهر يناير (كانون الثاني)، وظلّ «قوياً بشكل ملحوظ»، طوال دورة تشديد السياسة النقدية التي انتهت العام الماضي.

وقبل ثلاثة أيام من تولّي ترامب منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي، رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد الأميركي لعام 2025 إلى 2.7 في المائة، من 2.2 في المائة المتوقعة في أكتوبر (تشرين الأول)، استناداً إلى سوق عمل قوية وتسارع الاستثمار.

وقالت كوزاك: «منذ ذلك الحين، بالطبع، حدث عدد من التطورات، أُعلن عن تحولات كبيرة في السياسات. وتشير البيانات الواردة إلى تباطؤ في النشاط الاقتصادي من وتيرة قوية للغاية خلال عام 2024... الركود ليس جزءاً من خط الأساس لدينا» للولايات المتحدة.

مكافحة التضخم برشاقة

لم تتطرق كوزاك إلى الأسئلة المتعلقة بالتأثير التضخمي لرسوم ترمب الجمركية، لكنها قالت إن صندوق النقد الدولي لاحظ استمراراً في التضخم يفوق المتوقع، مما سيؤثر على توقعات النمو والتضخم، في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي. وأضافت: «ما يعنيه هذا للبنك المركزي وصانعي السياسات، بالطبع، هو أن سياسة نقدية رشيقة واستباقية ستكون ضرورية لضمان استقرار توقعات التضخم».

وفيما يتعلق بتوقعات التضخم في روسيا، قالت كوزاك إنه على الرغم من توقعات يناير بانخفاض التضخم الروسي، لكنه لا يزال مرتفعاً وأعلى بكثير من هدف البنك المركزي الروسي البالغ 4 في المائة، مما يعكس سوق عمل متماسكة ونمواً قوياً للأجور. وأضافت: «حالياً، لا نرى أي مؤشرات على تراجع التضخم» في روسيا.