سوق الرهن العقاري بالسعودية... محرك رئيسي في النمو والتنويع المالي

متخصصون لـ«الشرق الأوسط»: فوائد كبيرة للتوريق على التمويل وزيادة سيولة المصارف

من معرض سيتي سكيب 2024 الأكبر عقارياً في العالم (واس)
من معرض سيتي سكيب 2024 الأكبر عقارياً في العالم (واس)
TT

سوق الرهن العقاري بالسعودية... محرك رئيسي في النمو والتنويع المالي

من معرض سيتي سكيب 2024 الأكبر عقارياً في العالم (واس)
من معرض سيتي سكيب 2024 الأكبر عقارياً في العالم (واس)

يأتي توجه السعودية نحو تطوير سوق الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري - أي التوريق - من ضمن التطورات المتسارعة التي تشهدها منظومة التمويل العقاري في السعودية، وتماشياً مع «رؤية 2030» الهادفة إلى رفع نسبة ملكية المنازل إلى 70 في المائة بحلول عام 2030، وتحسين نسبة تكلفتها. فمن خلال تطوير سوق الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري، يمكن تحسين سيولة الشقق السكنية، ودعم المطورين العقاريين في الحصول على التمويلات اللازمة، مما يساهم في تحقيق أهداف المملكة في زيادة تملك المنازل للمواطنين، وتعزيز نمو القطاع العقاري بشكل مستدام.

ولأهمية هذه العملية، وقّعت «الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري» (SRC)، إحدى شركات «صندوق الاستثمارات العامة»، منذ أيام مذكرة تفاهم مع شركة حصانة الاستثمارية (حصانة) لتطوير أسواق التوريق في المملكة، علماً بأنها كانت وقّعت في 24 أغسطس (آب) الماضي، مذكرة تفاهم مع شركة «بلاك روك»، أكبر شركة لإدارة الأصول في العالم لتطوير سوق الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري؛ لبحث تطوير برامج في سوق التمويل العقاري بالمملكة.

كما وقعّت «الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري» في نوفمبر (تشرين الثاني) مذكرة تفاهم مع شركة «كينغ ستريت»، المتخصصة في إدارة رأس المال؛ لتفعيل المبادرات التي تستهدف خلق منظومة فعالة ومستدامة لإعادة تمويل الرهن العقاري.

ما هو التوريق؟

والتوريق عملية مالية يتم من خلالها تحويل مجموعة من الأصول غير السائلة، مثل القروض أو الديون أو المستحقات، إلى أوراق مالية قابلة للتداول في الأسواق المالية، الأمر الذي يتيح للمؤسسات المالية أو الشركات جمع السيولة النقدية من خلال بيع هذه الأوراق المالية للمستثمرين. وفي هذه العملية، يتم تجميع الأصول في محفظة أو صندوق، ثم إصدار أوراق مالية مدعومة بتلك الأصول. وتُعرف هذه الأوراق المالية غالباً بـ«الأوراق المالية المدعومة بالأصول» (Asset - Backed Securities) أو «الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري» (Mortgage - Backed Securities) في حالة الرهون العقارية.

أما الغرض الأساسي من التوريق فهو تحسين السيولة وتوزيع المخاطر وتنويع مصادر التمويل وتحسين كفاءة السوق وتحفيز النمو الاقتصادي، حيث يقوم مالك الأصول الأصلية بتحويل المخاطر المرتبطة بتلك الأصول إلى حملة الأوراق المالية، بينما يحصل المستثمرون على عائد بناءً على التدفقات النقدية الناتجة عن الأصول الأساسية.

العاصمة السعودية الرياض (واس)

ما بين السندات التقليدية وسندات الرهن

يرى المختص بالأسواق المالية والاقتصاد عضو جمعية الاقتصاد السعودية، الدكتور فهد الحويماني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن إنشاء سوق ثانوية لتداول أوراق الرهن العقاري، يساهم في تنشيط عملية بيع وشراء أوراق الرهن العقاري من المستثمرين، ويعود بفوائد كبيرة على منظومة التمويل العقاري، لافتاً إلى أن مذكرات التفاهم التي وقعتها «الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري» جاءت لإيجاد منظومة متطورة لتداول أوراق وسندات الرهن العقاري التي تصدرها، وهي تختلف عن السندات والصكوك التقليدية، حيث ستعمل الشركة على إصدار هذه الأوراق بطرق فنية قياسية معينة ترفع من جاذبيتها لكافة فئات المستثمرين من الداخل والخارج.

وشرح أن سندات الرهن العقاري هي أوراق مالية صادرة من جهة متخصصة، كـ«الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري»، عقب شراء مجموعة من محافظ التمويل العقاري من المصارف، ثم تصنيفها حسب درجات مخاطرها وبيعها على أنها سندات ذات خطورة عالية أو متوسطة أو متدنية، والتي يختلف العائد في كل منها. وقال إن ذلك نوع متقدم من سندات الرهن العقاري، ويختلف عن تلك العادية التي تكتفي بتمرير التدفقات النقدية إلى المستثمرين، دون أخذ أي من المخاطر في الحسبان؛ كمخاطر تعثر العملاء أو مخاطر السداد المبكر، وغيرها.

مخاطرة أقل على المصارف

وأضاف الحويماني أن بيع المصارف عقود التمويل العقاري يمنحها سيولة كبيرة تمكّنها من تقديم قروض عقارية جديدة، وهو ما يخلق فائدة مشتركة لجميع الأطراف، حيث تحصل المصارف من جهتها على سيولة جديدة، فيما يجد المستثمرون وسيلة استثمارية تتميز بعوائد جذابة، كما تستفيد شركة إعادة التمويل من فروقات العوائد بين ما تدفعه لشراء المحافظ وما تحصل عليه من المستثمرين.

وأشار الحويماني إلى أنه يُمكن لأي مستثمر في السوق الثانوية لسندات الرهن العقاري، شراء السندات من المؤسسات المالية، وأنه قد يتم طرحها من خلال منصة «تداول» كالسندات الحكومية، إلا أن سندات الرهن العقاري تتميز بتوزيع الأرباح بشكل شهري، كما تشمل الفائدة وجزءاً من رأس المال، مما يعني أن توزيعاتها الشهرية قد تكون كبيرة نسبياً، ويمكن للعائد أن يكون أكبر بكثير منه في السندات التقليدية، بحسب جودة القروض ودرجة المخاطرة بها.

وأضاف الحويماني أن توافر سيولة دائمة للمصارف نتيجة وجود جهة مستعدة لشراء محافظها العقارية، سيؤدي إلى خفض المخاطرة على المصارف، ويجعلها قادرة على منح قروض جديدة. كما أن نشاط سوق الرهن العقاري ودخول المستثمرين الأجانب، سيرفعان من درجة المنافسة بين المصارف، وتوجيهها نحو جذب العملاء بشكل مستمر، علاوة على التأثير الإيجابي للسعر المرجعي الذي تنشره شركة إعادة التمويل في تكلفة القروض التي تمنحها المصارف.

«رؤية 2030» تهدف إلى رفع نسبة ملكية المنازل إلى 70 % بحلول عام 2030 (واس)

آفاق جديدة للنمو

من جهته، وصف المستشار الاقتصادي مؤسس مركز «جواثا» الاستشاري، الدكتور إحسان بوحليقة، في تصريحه لـ«الشرق الأوسط»، هذه الخطوة بأنها ستساهم في تنشيط سوق ثانوية للرهن العقاري، وجعل السوق العقارية السعودية أعلى كفاءةً من منظور المقترضين، كما ستتواكب مع جهود خفض أسعار الفائدة، حيث إن مصدر الأموال ليس الودائع لدى المصارف، بل السوق المالية، كما أنها ستنقل أهداف السوق من التحوط من المخاطر إلى خطةٍ مرتكزها فتح آفاق جديدة للنمو، وتعزيز السيولة في قطاع التمويل العقاري.

وأشار بوحليقة إلى أهمية الحفاظ على استقرار السوق العقارية وتحصينها، عبر إيجاد موازنة دقيقة بين العرض والطلب على العقارات، وذلك من خلال الحد من تضخم أسعار العقارات المدفوع بالسيولة الفائضة من جهة، وتوفير عدد من الحوافز لزيادة المعروض من الوحدات العقارية، وخصوصاً العقارات السكنية، من جهة أخرى.

ورأى أن ذلك يتطلب العمل على تطوير نشاط التطوير العقاري وتعزيزه بعدد من المبادرات التنفيذية المؤثرة، والتركيز على تلك المرتبطة بالتنظيم الحضري، والمصادقة على المخططات العقارية، وتوفير البنية التحتية لتلك المخططات بتكاليف منافسة. وفي المحور التنظيمي، وضع ضوابط للتأكد من قدرة المقترضين على شراء عقارات، ومن السداد دون تعثر، وكذلك من قدرة المشترين للرهون العقارية، بأنهم اشتروا بالقيمة العادلة الخالية من الجهالة.


مقالات ذات صلة

الإنتاج الصناعي في السعودية يرتفع 3.4 % في نوفمبر مدفوعاً بنمو نشاط التعدين

الاقتصاد أحد المصانع التابعة لشركة التعدين العربية السعودية (معادن) (الشرق الأوسط)

الإنتاج الصناعي في السعودية يرتفع 3.4 % في نوفمبر مدفوعاً بنمو نشاط التعدين

واصل الإنتاج الصناعي في السعودية ارتفاعه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مدعوماً بنمو أنشطة التعدين والصناعات التحويلية، وفي ظل زيادة للإنتاج النفطي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد أكبر مدينة للثروة الحيوانية في منطقة الشرق الأوسط (واس)

بـ2.4 مليار دولار... السعودية تعلن عن أكبر مدينة للثروة الحيوانية بالشرق الأوسط

أعلنت السعودية، الأربعاء، عن أكبر مدينة للثروة الحيوانية في منطقة الشرق الأوسط بقيمة 9 مليارات ريال (2.4 مليار دولار)، لتعزيز أمنها الغذائي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
«كاتريون» للتموين بالسعودية توقع عقداً مع «طيران الرياض» بـ612.7 مليون دولار

«كاتريون» للتموين بالسعودية توقع عقداً مع «طيران الرياض» بـ612.7 مليون دولار

وقّعت شركة «كاتريون» للتموين القابضة السعودية عقداً استراتيجياً مع «طيران الرياض» تقوم بموجبه بتزويد رحلات الشركة الداخلية والدولية بالوجبات الغذائية والمشروبات

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد وزير الطاقة السعودي في مؤتمر البترول العالمي في كالغاري (رويترز)

عبد العزيز بن سلمان: «نظام المواد البترولية» يضمن تنافسية عادلة للمستثمرين

قال وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، إن «نظام المواد البترولية والبتروكيماوية» يدعم جهود استقطاب الاستثمارات ويضمن بيئة تنافسية عادلة للمستثمرين

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ناطحات سحاب في مركز الملك عبد الله المالي بالعاصمة السعودية الرياض (رويترز)

السعودية تجمع 12 مليار دولار من سندات دولية وسط طلب قوي

جمعت السعودية 12 مليار دولار من أسواق الدين العالمية بأول طرح لها لسندات دولية هذا العام استقطب طلبات بنحو 37 مليار دولار وهو ما يظهر مدى شهية المستثمرين.

محمد المطيري (الرياض)

مخاوف الانكماش تتعزز في الصين مع تباطؤ التضخم الاستهلاكي بشكل أكبر

زبون يتسوّق لشراء الطماطم في قسم الخضراوات بأحد المتاجر الكبرى في بكين (رويترز)
زبون يتسوّق لشراء الطماطم في قسم الخضراوات بأحد المتاجر الكبرى في بكين (رويترز)
TT

مخاوف الانكماش تتعزز في الصين مع تباطؤ التضخم الاستهلاكي بشكل أكبر

زبون يتسوّق لشراء الطماطم في قسم الخضراوات بأحد المتاجر الكبرى في بكين (رويترز)
زبون يتسوّق لشراء الطماطم في قسم الخضراوات بأحد المتاجر الكبرى في بكين (رويترز)

تباطأ التضخم الاستهلاكي في الصين في ديسمبر (كانون الأول)، ما أدى إلى مكاسب سنوية متواضعة في الأسعار لعام 2024، بينما امتد الانكماش في المصانع إلى عام ثانٍ، وسط طلب اقتصادي متباطئ.

وقد أدى مزيج من انعدام الأمن الوظيفي وتراجع الإسكان الذي طال أمده وارتفاع الديون والتهديدات الجمركية من الإدارة القادمة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى الإضرار بالطلب، حتى مع تكثيف بكين للتحفيز لإنعاش قطاعها الاستهلاكي.

وأظهرت بيانات من المكتب الوطني للإحصاء، يوم الخميس، أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع بنسبة 0.1 في المائة الشهر الماضي على أساس سنوي، متباطئاً عن الزيادة التي سجلها في نوفمبر (تشرين الثاني) بنسبة 0.2 في المائة وهي أضعف وتيرة منذ أبريل (نيسان). وجاء ذلك متوافقاً مع التوقعات في استطلاع أجرته «رويترز» لآراء الاقتصاديين.

وكان مؤشر أسعار المستهلكين ثابتاً على أساس شهري، مقابل انخفاض بنسبة 0.6 في المائة في نوفمبر ومطابقاً للتوقعات.

وارتفع التضخم الأساسي، باستثناء أسعار المواد الغذائية والوقود المتقلبة، بنسبة 0.4 في المائة الشهر الماضي من 0.3 في المائة في نوفمبر، وهو أعلى مستوى في 5 أشهر.

وارتفع مؤشر أسعار المستهلكين لكامل العام بنسبة 0.2 في المائة، وهو ما يتماشى مع وتيرة العام السابق وأقل من الهدف الرسمي البالغ نحو 3 في المائة للعام الماضي، ما يشير إلى أن التضخم لم يحقق المستهدف السنوي للعام الثالث عشر على التوالي.

وبالإضافة إلى حرب أسعار السيارات الكهربائية التي تدخل عامها الثالث، اتسع نطاق التخفيضات في قطاع التجزئة ليشمل محلات بيع الشاي الفقاعي.

وقد اختار المستهلكون الحذرون بشكل متزايد استئجار السلع من الكاميرات إلى حقائب اليد، بدلاً من شرائها.

أما في قطاع التجزئة، فقد انخفض مؤشر أسعار المنتجين بنسبة 2.3 في المائة على أساس سنوي في ديسمبر، وهو أبطأ من الانخفاض الذي بلغ 2.5 في المائة في نوفمبر والانخفاض المتوقع بنسبة 2.4 في المائة. وانخفضت أسعار بوابة المصنع الآن لمدة 27 شهراً على التوالي.

في أواخر ديسمبر الماضي، رفع البنك الدولي توقعاته للنمو الاقتصادي في الصين في عامي 2024 و2025، لكنه حذر من أن ضعف ثقة الأسر والشركات إلى جانب الرياح المعاكسة في قطاع العقارات ستظل عائقاً.

وذكرت وكالة «رويترز» أن الصين وافقت على تأمين سندات خزانة خاصة بقيمة 411 مليار دولار؛ حيث تعمل بكين على زيادة التحفيز المالي لإنعاش الاقتصاد المتعثر.

وستزيد بكين بشكل حاد من التمويل من سندات الخزانة طويلة الأجل للغاية في عام 2025 لتحفيز الاستثمار في الأعمال التجارية ومبادرات تعزيز المستهلكين.

وقد خصصت السلطات 41 مليار دولار من الأموال من السندات الحكومية في يوليو (تموز) لتمويل تحديث المعدات واستبدال السلع الاستهلاكية بما في ذلك السيارات.