ستارمر يدفع من الرياض بالاستثمارات إلى المدن والمناطق في المملكة المتحدة

خلق آلاف الوظائف البريطانية من خلال التعاون الوثيق بين المملكتين

ترحيب برئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خلال مراسم استقبال لمناسبة وصوله إلى مطار الملك خالد الدولي في الرياض (أ.ف.ب)
ترحيب برئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خلال مراسم استقبال لمناسبة وصوله إلى مطار الملك خالد الدولي في الرياض (أ.ف.ب)
TT

ستارمر يدفع من الرياض بالاستثمارات إلى المدن والمناطق في المملكة المتحدة

ترحيب برئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خلال مراسم استقبال لمناسبة وصوله إلى مطار الملك خالد الدولي في الرياض (أ.ف.ب)
ترحيب برئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خلال مراسم استقبال لمناسبة وصوله إلى مطار الملك خالد الدولي في الرياض (أ.ف.ب)

بالتقاطع مع الزيارة الرسمية لرئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، للسعودية، كشف مكتبه عن أن إطلاق أول مشروع جديد لمصنع ألياف الكربون المخصب بالغرافين في السعودية، سيعزز الوظائف في شمال إنجلترا.

يأتي ذلك في وقت تحقق فيه مشاريع الطاقة الخضراء الكبرى مكاسب للمملكتين، مما يخلق أكثر من 4 آلاف فرصة عمل ويحقق خطة رئيس الوزراء للتغيير، وفقاً للسفارة البريطانية.

وشدد مكتب رئيس الوزراء البريطاني في إدلاء صحافي أرسلته «السفارة البريطانية» إلى «الشرق الأوسط»، على أنه في إطار تنفيذ خطة ستارمر للتغيير، فإنه سيستخدم رحلته الحالية إلى الخليج، باتجاه دفع الاستثمار إلى المدن والمناطق في جميع أنحاء المملكة المتحدة، في ظل السعي الدؤوب لتوثيق العلاقات مع السعودية، لزيادة الاستثمار وتعميق العلاقات الدفاعية والأمنية وتعزيز النمو والفرص الجديدة في الداخل والخارج.

كانت زيارة ولي العهد للمملكة المتحدة في عام 2018، قد أسهمت في توسيع نطاق التعاون وتنمية العلاقات بين البلدين، إذ أُطلق خلالها مجلس الشراكة الاستراتيجية السعودي - البريطاني. وأثمرت هذه الشراكة الاستراتيجية في نمو التجارة البينية بين البلدين بأكثر من 30 في المائة منذ 2018م حتى 2023، محققةً 103 مليارات دولار.

كما يسعى البلدان إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بينهما عبر مجموعة من الاستراتيجيات الاستثمارية والفعاليات، من بينها «منتدى الشراكة والأعمال السعودي - البريطاني» الذي يهدف إلى تحفيز التواصل والزيارات المتبادلة بين رجال الأعمال في البلدين، وتذليل العقبات أمام القطاع الخاص، للتوسع في المشاريع القائمة وضخ استثمارات جديدة، حيث تعد المملكة المتحدة ثاني أكبر مستثمر أجنبي في السوق السعودية بنحو 16 مليار دولار، ويعمل في المملكة أكثر من 1139 مستثمراً بريطانياً، كما افتتحت 52 شركة بريطانية مقرات إقليمية لها في الرياض.

شمال إنجلترا

وسيجني شمال إنجلترا، وفق مكتب رئيس الوزراء البريطاني، الفوائد المباشرة من التعاون الوثيق، بناءً على العلاقات الوثيقة بين نيوكاسل والسعودية، في وقت تعلن فيه شركة Graphene Innovation Manchester -ومقرها مانشستر- عن إطلاق أول إنتاج تجاري في العالم لألياف الكربون المخصبة بالغرافين، مع مشروع «نيوم جيغا» في السعودية بوصفه خطوة متقدمة في مجال المواد المتقدمة المستدامة بيئياً.

ويهدف المشروع إلى توليد استثمارات بقيمة 250 مليون جنيه إسترليني في مركز للبحث والابتكار في مانشستر الكبرى، مع توقعات بأن يخلق أكثر من ألف فرصة عمل للمهارات في المنطقة.

وقال ستارمر: «يجب أن تشعر كل منطقة ودولة في المملكة المتحدة بتأثير خطتنا للتغيير، ولهذا السبب أنا في الخليج لإقامة علاقات أوثق وتعزيز العلاقات التي تدعم مهمة النمو لدينا في كل ركن من أركان البلاد».

وأضاف: «عازمون على ضمان أن تؤدي الدبلوماسية الدولية إلى تحقيق نتائج محلية، سواء كان ذلك بمناقشة كيف يمكننا دعم التجديد في المملكة المتحدة أو دعم الصفقات التجارية التي تخلق فرص العمل -أجندتي الدولية تبدأ في الداخل».

ولتعزيز علاقة الطاقة الخضراء بين المملكتين، يدعم صندوق الأسهم الخاصة (HYCAP) ومقره أكسفورد، والخطط السعودية للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2060 من خلال استثمار 785 مليون جنيه إسترليني لتطوير مجموعات التنقل الهيدروجيني في آيرلندا الشمالية وعبر المملكة المتحدة، وخلق أكثر من ألف فرصة عمل.

وسيعمل المشروع على توفير حافلات وشاحنات ومكونات حيوية تعمل بالهيدروجين وعناصر أخرى لإنتاج وتوزيع الهيدروجين، مع إزالة أكثر من 25 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون المرتبط بالنقل على مدار عمر المشروع.

وتعمل المملكتان معاً لإنشاء معهد دولي مشترك جديد للهيدروجين النظيف، مع دعم المعهد من مجموعة من الجامعات السعودية والبريطانية، بما في ذلك الدور الرائد لجامعة نيوكاسل، وتطوير أحدث الخبرات والمهارات في مجال الطاقة النظيفة.

وسيؤدي التعاون البحثي المشترك في مجال الطاقة النظيفة بين المملكتين إلى تعزيز سمعة منطقة الشمال الشرقي بوصفها قوة هندسية أكاديمية.

وسينضم عمدة شمال شرقي البلاد، كيم ماكغينيس، إلى رئيس الوزراء في السعودية لإحراز تقدم في المحادثات حول مزيد من الاستثمار في الطاقة الخضراء والفرص بين المملكة العربية السعودية والشمال الشرقي.

ومن المقرر أن يسافر وفد من الجامعات إلى السعودية خلال الأشهر المقبلة لتطوير المشروع.

ويمكن للطاقة النظيفة أن تكون مصدر وظائف المستقبل، وستوفر هذه الاستثمارات والشراكات الجديدة وظائف جديدة في صناعات جديدة، مما يعزز استقلال بلادنا في مجال الطاقة، ونمونا الاقتصادي.

وقال ستارمر: «هذه هي خطة الحكومة للتغيير في العمل، لجعلنا قوة عظمى في مجال الطاقة النظيفة وتحقيق عقد من التجديد».

وفي وقت سابق من هذا الشهر، وقَّعت شركة «كربون كلين»، المتخصصة في مجال التكنولوجيا النظيفة في المملكة المتحدة، تعاوناً مع شركة «أرامكو السعودية» للتعاون في مجال تكنولوجيا احتجاز الكربون المعيارية المبتكرة، بهدف خلق ألفي فرصة عمل في بريطانيا.

وأبرمت شركة الإسمنت المستدامة ومقرها المملكة المتحدة وشركة Next Generation SCM وشركة «إسمنت المدينة»، ومقرها السعودية، شراكة لتوريد الخرسانة المستدامة لإنتاج 2.5 مليون طن سنوياً من الإسمنت والمواد الخرسانية المستدامة.

ومن المتوقع أن يثمر ذلك عن استثمار 200 مليون جنيه إسترليني على مدى السنوات الخمس المقبلة وخلق أكثر من 200 فرصة عمل في المملكتين.

وتستفيد منطقة مانشستر الكبرى من الاستثمارات السعودية الكبيرة في مجال الإسكان، حيث ضخت «البوابة الدولية للاستثمار» مبلغ 41 مليون جنيه إسترليني في تجديد مصنع «برونزويك» في ستوكبورت. وأثمر ذلك عن إنشاء 277 شقة و24 منفذاً تجارياً، وبالتالي دعم هدف رئيس الوزراء المتمثل في بناء 1.5 مليون مسكن بحلول عام 2018.


مقالات ذات صلة

السعودية والبحرين تبحثان سبل توسيع الشراكات الاستثمارية

الاقتصاد الفالح متحدثاً للحضور في كلمته الافتتاحية لمنتدى الاستثمار السعودي - البحريني (الشرق الأوسط)

السعودية والبحرين تبحثان سبل توسيع الشراكات الاستثمارية

رأس وزير الاستثمار المهندس خالد  الفالح، الخميس، الجانب السعودي في اجتماع الدورة الثالثة للجنة الفرعية للاستثمار والبيئة والبنى التحتية.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
المشرق العربي قوات أميركية في شمال شرقي سوريا (أ.ب)

تركيا: موقف الشرع من «الوحدات الكردية» يلبي احتياجاتنا الأمنية

عدت تركيا موقف الإدارة السورية بشأن وحدات حماية الشعب الكردية التي تقود «قسد» يلبي احتياجاتها الأمنية واستبعدت مصادر دبلوماسية انسحاب القوات الأميركية

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد العاصمة السعودية (واس)

«السعودية للاستثمار الجريء» تستثمر مليار دولار في 54 صندوقاً

بلغ إجمالي استثمارات «الشركة السعودية للاستثمار الجريء» (SVC) منذ إنشائها في عام 2018، ما قيمته مليار دولار.

الاقتصاد جناح شركة «الدرعية» في منتدى قادة التجزئة العالمي 2025 (تصوير: تركي العقيلي) play-circle 01:10

استكمال 35 % من البنية التحتية لمشروع تطوير «الدرعية»

استكملت شركة «الدرعية» 35 في المائة من البنية التحتية ضمن خطة تطويرها الرئيسية، لتحويل 14 كيلومتراً مربعاً إلى واحدة من أبرز الوجهات في المنطقة.

آيات نور (الرياض)
شؤون إقليمية وزيرا الخارجية المصري بدر عبد العاطي والتركي هاكان فيدان خلال مؤتمر صحافي في ختام مباحثاتهما في أنقرة... الثلاثاء (إ.ب.أ)

مصر وتركيا تؤكدان تطابق مواقفهما بشأن قضايا المنطقة... واستمرار تعزيز علاقاتهما

أكدت مصر وتركيا اتفاقهما على تعزيز العلاقات الثنائية، والعمل بشكل وثيق ومنسق؛ لضمان استدامة وقف إطلاق النار في غزة، ووقف الاشتباكات في السودان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

السعودية تستحوذ على نصف سوق قطع غيار الطاقة في الخليج

داخل مصنع شركة «إيمنسا» في الدمام (الشرق الأوسط)
داخل مصنع شركة «إيمنسا» في الدمام (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تستحوذ على نصف سوق قطع غيار الطاقة في الخليج

داخل مصنع شركة «إيمنسا» في الدمام (الشرق الأوسط)
داخل مصنع شركة «إيمنسا» في الدمام (الشرق الأوسط)

تشهد صناعة قطع الغيار في مجال الطاقة بالسعودية تطوراً غير مسبوق، بفضل تبنّي تقنيات التصنيع الرقمي، حيث تستحوذ المملكة على أكثر من نصف هذه السوق في منطقة الخليج بنحو 10 إلى 15 مليار دولار سنوياً، في حين يُقدّر الحجم العالمي الإجمالي بنحو 90 مليار دولار سنوياً، مما يبرز أهمية التوطين، خصوصاً مع تنامي استخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد.

هذا ما ذكره المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «إيمنسا»، فهمي الشوا، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، على هامش جولة إعلامية تمّ تنظيمها إلى مصنعها في الدمام، متوقعاً أن يشهد القطاع المحلي نمواً ملحوظاً في السنوات المقبلة؛ حيث ترسم فرص التوسع المستقبلية في السوق السعودية آفاقاً واعدة.

وتُعدّ الشركة السعودية «إيمنسا» أكبر مصنع رقمي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وقامت برقمنة أكثر من 15 ألف قطعة، وتقييم ما يزيد على 2.1 مليون قطعة باستخدام الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى إنتاج ما يتجاوز 200 قطعة باستخدام «التصنيع بالإضافة»، وهي تقنية متقدمة في مجال التصنيع عن طريق إضافة طبقات متتالية من المواد، وفقاً لنموذج رقمي ثلاثي الأبعاد.

شعار شركة «إيمنسا» في الدمام (الشرق الأوسط)

التصنيع المحلي

وأشار الرئيس التنفيذي إلى أن ما يتم تصنيعه محلياً في السعودية باستخدام تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد في قطاع الطاقة يتراوح بين مليار دولار و4 مليارات دولار، الأمر الذي يفتح أمام الشركات المحلية فرصاً كبيرة لتوسيع عملياتها.

وقال الشوا إن الشركة تتطلّع إلى مضاعفة حجم نموها في عام 2025، مع تقدّم تقنيات التصنيع باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد. وكانت «إيمنسا» قد حقّقت نمواً كبيراً في العام الماضي بلغ 300 في المائة، من حيث القدرة الإنتاجية، وهو ما يعكس التحسينات الكبيرة في عمليات التصنيع.

وأكد أن «إيمنسا» تعمل على توسيع طاقتها الإنتاجية، وتقديم حلول مبتكرة تُسهم في تحسين الكفاءة؛ حيث تتيح تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد للمملكة إنتاج مكونات عالية القيمة محلياً؛ مما يعزّز من دور القطاع الصناعي الذي يشكّل نحو 12 إلى 15 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

تعزيز الوعي

التحدي الأكبر الذي يواجه القطاع هو تعزيز الوعي حول إمكانات هذه التقنية المتقدمة، حسب الشوا الذي أوضح أن التصنيع باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد ليس مجرد قطاع جديد، بل هو طريقة تصنيع مبتكرة يمكن أن تُحدث فارقاً كبيراً في الصناعات المختلفة.

وقال: «القطاعان الخاص والحكومي يواجهان تحديات في تقبّل المخاطر المرتبطة بتجربة تقنيات جديدة، مما يستدعي مزيداً من التوعية والتعليم حول الفوائد الحقيقية لهذه التقنيات».

وحول تطوير الكفاءات المحلية، أكد الشوا أن «إيمنسا» تعمل على تقديم استشارات متخصصة وبرامج تدريب، بالإضافة إلى افتتاح مصانع جديدة لدعم الابتكار الوطني. كما تواصل الشركة استثمارها في تحسين الأمن السيبراني والبنية التحتية، لتوفير بيئة آمنة ومستدامة لحماية المخزون الرقمي المحلي.

داخل مصنع شركة «إيمنسا» في الدمام (الشرق الأوسط)

ضمان الاستدامة

ولفت إلى أن السعودية تشهد توجهاً قوياً من الحكومة والقطاع شبه الحكومي نحو تبنّي الثورة الصناعية الرابعة التي أصبحت ضرورة استراتيجية وليست رفاهية، وأن الاستثمار في المخزون الرقمي المحلي والاكتفاء الذاتي يمثّل خطوة أساسية نحو ضمان الاستدامة وتفادي الاضطرابات اللوجستية التي قد تؤثر في سلاسل الإمداد العالمية. واختتم الشوا حديثه بتأكيد أن القيمة الحقيقية لشركة «إيمنسا» تكمن في قدرتها على إنشاء مخزون رقمي محلي، الأمر الذي يمكن أن يُسهم بصورة كبيرة في تقليل الاعتماد على الأسواق العالمية وفتح آفاق جديدة للابتكار في صناعة قطع الغيار في مجال الطاقة.