الرياض وموسكو... شراكة استراتيجية تتجاوز النفط وتُرسخ استقرار أسواق الطاقة

محللون لـ«الشرق الأوسط»: المنتدى عزز التعاون بين البلدين وسط نمو قياسي للتبادل التجاري

الأمير عبد العزيز بن سلمان ونوفاك خلال ترؤسهما اجتماع اللجنة الوزارية المشتركة (إكس)
الأمير عبد العزيز بن سلمان ونوفاك خلال ترؤسهما اجتماع اللجنة الوزارية المشتركة (إكس)
TT

الرياض وموسكو... شراكة استراتيجية تتجاوز النفط وتُرسخ استقرار أسواق الطاقة

الأمير عبد العزيز بن سلمان ونوفاك خلال ترؤسهما اجتماع اللجنة الوزارية المشتركة (إكس)
الأمير عبد العزيز بن سلمان ونوفاك خلال ترؤسهما اجتماع اللجنة الوزارية المشتركة (إكس)

اختتمت في الرياض فاعليات منتدى الاستثمار والأعمال السعودي - الروسي، مُسدلةً الستار على يوم مكثف من الحوار الاستراتيجي رفيع المستوى الذي يُرسخ الشراكة الثنائية لتتجاوز حدود التنسيق النفطي.

وجاء انعقاد المنتدى، على هامش الاجتماع التاسع للجنة الوزارية المشتركة؛ ليؤكد على الإرادة المشتركة لتعميق التعاون الاقتصادي والاستثماري، مدفوعاً بنمو هائل في التبادل التجاري بين البلدين.

وكان وزير الطاقة، رئيس الجانب السعودي في اللجنة السعودية - الروسية، الأمير عبد العزيز بن سلمان، ونائب رئيس الوزراء الروسي، رئيس الجانب الروسي في اللجنة، ألكسندر نوفاك، افتتحا المنتدى في الرياض بحضور وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان. وشارك في المنتدى عددٌ من كبار المسؤولين والخبراء والمستثمرين من البلدين؛ بهدف تعزيز التعاون الاقتصادي بين السعودية وروسيا.

وزير الطاقة يتحدث خلال انطلاق منتدى الاستثمار والأعمال السعودي - الروسي (إكس)

وخلال المنتدى الذي نظمته وزارتا الطاقة والاستثمار، وصف عبد العزيز بن سلمان الآلية الجديدة التي اعتمدها تحالف «أوبك بلس» لتقييم الطاقة الإنتاجية القصوى للدول الأعضاء، بأنها تمثّل «نقطة تحول»، مؤكداً أنها «عادلة وشفافة»، وستساعد في نهاية المطاف على استقرار الأسواق، وتُعدّ مكافأة إلى أولئك الذين يستثمرون في الإنتاج.

كما ترأس الأمير عبد العزيز ونوفاك اجتماع اللجنة الوزارية المشتركة، التي ناقشت موضوعات مُدرجة على جدول أعمالها، والتي تهدف إلى تنمية التعاون وتعزيزه، بين المملكة وروسيا، في عددٍ من المجالات الحيوية، التي من أهمها مجالات الطاقة، والتجارة والاقتصاد والاستثمار، والفضاء، والصناعة والثروة المعدنية، والصحة، والتعليم، والإعلام، والثقافة، والرياضة، والسياحة، والنقل، والإسكان، والزراعة، وغيرها.

وأعرب الجانبان عن تقديرهما للتطور المستمر في التعاون بين البلدين في جميع المجالات ذات الاهتمام المشترك، ورحّبا برغبة البلدين في تعزيز شراكتهما بما يسهم في تنمية الاقتصاد في البلدين، مشيرين خصوصاً إلى نجاح منتدى الأعمال السعودي - الروسي واجتماع مجلس الأعمال السعودي - الروسي على هامش أعمال اللجنة.

نوفاك خلال مشاركته في اجتماع اللجنة الوزارية المشتركة (نوفوستي)

وفي تعليق على أهمية هذا الاجتماع، أكد رئيس اتحاد الغرف السعودية، حسن بن معجب الحويزي، أن العلاقات الاقتصادية بين المملكة وروسيا تُعدّ «ركيزة مهمة في دعم الاستقرار والنمو في أسواق الطاقة العالمية». وأشار إلى أن مسار الشراكة الاستراتيجية شهد توسعاً كبيراً في السنوات الأخيرة ليشمل قطاعات حيوية، مثل التعدين، والصناعة، والزراعة، والتقنيات الحديثة؛ ما يعكس تكامل القدرات الاقتصادية.

وسلّط الحويزي الضوء على النمو الملموس في التعاون، حيث تجاوز حجم التبادل التجاري بين المملكة وروسيا 3.8 مليار دولار، بزيادة قدرها 60 في المائة؛ ما يدل على ثقة القطاع الخاص المتزايدة في البلدين.

من الطاقة إلى التنوع الاقتصادي

من جانبه، أشار عضو مجلس الشورى السعودي، فضل بن سعد البوعينين، إلى أن إقامة أعمال المنتدى تُعدّ «من أدوات تعميق العلاقات الثنائية والشراكة الاقتصادية بين البلدين»، موضحاً أنه يهدف إلى تعزيز الشراكة الاقتصادية ومعالجة التحديات التي تواجه تحقيق مستهدفاتها.

وشدد البوعينين على أهمية «التنسيق الدائم في مجال النفط بين السعودية وروسيا، وتعزيز دور (أوبك بلس) والذي انعكس إيجاباً على استقرار أسواق الطاقة وحمايتها من المتغيرات الحادة». كما لفت إلى أن هناك عملاً منهجياً لتعزيز الشراكة الاقتصادية، مؤكداً وجود إمكانات كبيرة لتعميق التعاون المشترك تؤكدها النتائج الملموسة، مثل اتفاقية الإعفاء المتبادل من تأشيرات الدخول وتدشين الرحلات الجوية المباشرة.

تعزز مخرجات المنتدى ما أكده نائب رئيس الوزراء الروسي في حوار مع «الشرق الأوسط»، حيث أشار إلى أن الشراكة مع المملكة في إطار «أوبك بلس» لا تقتصر على سوق النفط فحسب، بل تمثل «مكاناً موثوقاً للتعاون الإقليمي والدولي يضمن استدامة استقرار السوق العالمية على المدى الطويل»، مؤكداً أن التعاون الثنائي يشمل مشاريع استثمارية ضخمة تتجاوز الطاقة.

مشاركون في أعمال منتدى الاستثمار والأعمال السعودي - الروسي (إكس)

مذكرات تفاهم واتفاقيات

يذكر أنه خلال فعاليات منتدى الاستثمار والأعمال السعودي - الروسي، وقّع وزير الطاقة ونوفاك مذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال تغيّر المناخ والتنمية منخفضة الانبعاثات للغازات المسببة للاحتباس الحراري، بين وزارة الطاقة السعودية ووزارة التنمية الاقتصادية في روسيا. وتهدف المذكرة لوضع إطار شامل للتعاون بين البلدين، في مجال التغيَّر المناخي، والسعي لتحقيق أهداف ومبادئ اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيَّر المناخ واتفاقية باريس، بما يحقق مصالحهما المشتركة ويعزز الشراكة بينهما. وتشمل المذكرة مجالات التقنيات والحلول ذات الصلة بالتخفيف من آثار تغير المناخ، من خلال استكشاف الفرص المشتركة في أنشطة خفض وتخفيف وإزالة انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وتحسين كفاءة الطاقة.

وعلى هامش المنتدى، جرى توقيع اتفاقية الإعفاء المتبادل من تأشيرات الدخول لمواطني البلدين، التي وقّعها من الجانب السعودي الأمير فيصل بن فرحان، ونوفاك من الجانب الروسي.

كما شهد وزير الطاقة توقيع اتفاقية بين دارة الملك عبد العزيز في السعودية ووكالة الأرشيف الفيدرالي في روسيا، للتعاون في مجالات اختصاص كلٍ منهما، من خلال تبادل المعلومات، وإقامة الندوات والمنتديات والمعارض، وتبادل المطبوعات والنشرات ذات العلاقة، وتبادل الخبرات والزيارات، وقد وقّع المذكرة عن الدارة رئيسها التنفيذي تركي بن محمد الشويعر، وعن وكالة الأرشيف الفيدرالي في روسيا وزير الدولة نائب الرئيس أندري يوراسوف.

وفي السياق نفسه، أعلن أنطون برلين، نائب الرئيس ورئيس قسم المبيعات في التعدين الروسية «نوريلسك نيكل» - وهي أكبر منتج عالمي للبلاديوم والنيكل - أن الشركة تدرس إمكانية المشاركة في مشاريع تعدين في السعودية، إلى جانب مشاريع في دول أخرى، وفق ما ذكرت وكالة «نوفوستي» الروسية. وأشار إلى أن الشركة تدرس مشاريع محتملة نظراً لوجود أربعة تجمعات صناعية في السعودية.

وتابع برلين: «تتميز هذه التجمعات بمعاملة ضريبية تفضيلية، وتمتلك البنية التحتية اللازمة: الطاقة والغاز وإمدادات المياه ومعالجة مياه الصرف الصحي ومحطة وقود، وكل ما يلزم للإنتاج. باختصار، كل ما يحتاج إليه المستثمر هو بناء مرافق إنتاجه الخاصة».


مقالات ذات صلة

ارتفاع الصادرات غير النفطية السعودية 32.3 % في أكتوبر

الاقتصاد ميناء الملك عبد العزيز بالدمام (واس)

ارتفاع الصادرات غير النفطية السعودية 32.3 % في أكتوبر

سجّلت الصادرات غير النفطية في السعودية (شاملة إعادة التصدير) ارتفاعاً بنسبة 32.3 في المائة خلال شهر أكتوبر 2025 مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2024.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مقر شركة «أكوا باور» السعودية في العاصمة الرياض (الشرق الأوسط)

«أكوا باور» ترفع ملكيتها في «الشعيبة للمياه والكهرباء» إلى 62 %

وقّعت «أكوا باور» اتفاقية للاستحواذ على كامل حصة «بديل» في شركة الشعيبة للمياه والكهرباء.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تحليل إخباري الرئيس الأميركي دونالد ترمب مرحبا بالأمير محمد بن سلمان في البيت الأبيض (أ.ف.ب) play-circle

تحليل إخباري من الطاقة إلى الرقاقة: تحالف سعودي - أميركي نحو عصر تقني جديد

تحالف سعودي - أميركي ينتقل من النفط إلى الرقائق والذكاء الاصطناعي، مستفيداً من الطاقة منخفضة التكلفة لنقل التقنية وتوطين الحوسبة وبناء اقتصاد المستقبل.

د. يوسف القوس
وزير السياحة خلال جولته بحصاة النصلة (صخرة عنترة) في عيون الجواء بالقصيم (الشرق الأوسط)

إنفاق السياح يلامس 10 مليارات دولار في وسط السعودية منذ بداية العام

انطلقت رحلة «حيّ الشتاء» برئاسة وزير السياحة أحمد الخطيب في تجربة شتوية ضمن «مسار الشمال» تبدأ من مدينة الرياض وتمر بمنطقة القصيم وصولاً إلى حائل بالشمال

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من عمليات إنجاز السفر للمسافرين إلى موسكو من مطار الملك عبدالعزيز في جدة غرب السعودية.(الشرق الأوسط)

مطار الملك عبد العزيز يدشّن أولى رحلاته المباشرة إلى موسكو

أعلن مطار الملك عبدالعزيز الدولي في جدة (غرب السعودية) تدشين أولى الرحلات المباشرة إلى العاصمة الروسية موسكو.

«الشرق الأوسط» (جدة)

انفتاح الأسواق الأميركية... عهد جديد للأصول البديلة في 2026

أشخاص يغادرون مقر هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية في واشنطن (رويترز)
أشخاص يغادرون مقر هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية في واشنطن (رويترز)
TT

انفتاح الأسواق الأميركية... عهد جديد للأصول البديلة في 2026

أشخاص يغادرون مقر هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية في واشنطن (رويترز)
أشخاص يغادرون مقر هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية في واشنطن (رويترز)

تشهد الأسواق المالية في الولايات المتحدة مرحلة من التحول، والتطور، مع اتساع نطاق الخيارات الاستثمارية المتاحة للمستثمرين الأفراد. وفي هذا السياق، يبرز التحدي في موازنة الاستفادة من الفرص الجديدة مع إدارة المخاطر المحتملة، لا سيما لأولئك الذين يفتقرون إلى الخبرة، أو الدعم الاستشاري المستمر. ومع اقتراب هذه الأدوات المعقدة من متناول الجميع، يطرح السؤال المحوري: هل تمثل هذه الخيارات فرصة حقيقية لتعزيز العوائد، أم إنها تحمل مخاطر لم يعتد عليها المستثمر العادي في خططه التقاعدية التقليدية؟

وفي هذا الإطار، قد يُتاح قريباً للمستثمرين الأميركيين الوصول إلى مجموعة أوسع من المنتجات المرتبطة بفئات الأصول، مثل الائتمان الخاص، والعملات الرقمية، في إطار جهود إدارة الرئيس ترمب، وهيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية لفتح الأسواق. ويرى بعض مستشاري الاستثمار أن هذا التوسع قد يضع عبئاً إضافياً على الأفراد لتحمل مسؤولية حماية أنفسهم مالياً.

واعتمد كل من البيت الأبيض وهيئة الأوراق المالية والبورصات، برئاسة بول أتكينز، منح المستثمرين خيارات أوسع للاستفادة من بعض فئات الأصول التي قد تحقق عوائد مرتفعة. ومع ذلك، يحذر بعض المستشارين الماليين عملاءهم المعتادين على الاستثمار في الأسهم والسندات من أنهم قد لا يكونون مستعدين تماماً لتدفق هذه العروض الجديدة، التي يتوقع محللو السوق ازديادها في 2026، وفق «رويترز».

يقول مارك ستانكاتو، مؤسس شركة «في آي بي ويلث آدفايزرس» في ديكاتور، جورجيا: «سيحدث شيء سلبي، وسيقول الناس: لحظة، لم أدرك المخاطر التي كنت أتعرض لها». ويضيف أن المستثمرين قد يجدون صعوبة في اتخاذ قرارات مدروسة، لا سيما عند تقييم أصولهم التقاعدية.

وأكدت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، والبيت الأبيض استمرار تركيزهما على حماية المستثمرين. وقالت تايلور روجرز، المتحدثة باسم البيت الأبيض: «يلتزم رئيس الهيئة، أتكينز، بضمان أسواق عادلة، ومنظمة، وفعّالة، مع حماية المستثمرين الأفراد». وأضافت أن الولايات المتحدة تظل «المكان الأفضل، والأكثر أماناً للاستثمار».

وأشار متحدث باسم الهيئة إلى أن تركيزها ينصب على ضمان حصول المستثمرين على «معلومات موثوقة لاتخاذ قرارات مدروسة» بشأن جميع المنتجات الجديدة. وكان أتكينز قد صرّح في سبتمبر (أيلول) بأن إتاحة الوصول إلى الأصول الخاصة تستلزم وضع ضوابط مناسبة. كما قالت وزارة العمل إنها ستضع قواعد وإرشادات لأفضل الممارسات عند تقديم الأصول الخاصة، وغيرها من البدائل لمستثمري التقاعد.

ويُثار التساؤل حول ما إذا كانت هذه الخطوات توفر مزيداً من العوائد للمستثمرين، أو تزيد المخاطر على صغار المستثمرين. فقد أعلنت إدارة ترمب في أغسطس (آب) عن خطط لتسهيل وصول المستثمرين الأفراد إلى أصول مثل الائتمان الخاص، والأسهم الخاصة، وطلب من وزير العمل، المسؤول عن خطط التقاعد، التشاور مع جهات أخرى، بما فيها هيئة الأوراق المالية والبورصات، خلال ستة أشهر. وكان أتكينز قد صرّح في نوفمبر (تشرين الثاني) بأن أدوات التقاعد التقليدية، مثل صناديق التاريخ المستهدف، تتجنب الاستثمار في هذه الأصول، ما يضر بالمستثمرين.

حالياً، تتيح خطط التقاعد، مثل 401(k)، الاستثمار في الأصول المتداولة علناً، كالأسهم، والسندات، عبر صناديق الاستثمار المشتركة، أو صناديق المؤشرات المتداولة. وفتح الاستثمار في الأسهم الخاصة، أو الائتمان الخاص قد يوفر فوائد من حيث التنويع، لكنه يثير تساؤلات حول كيفية تقييم هذه الأصول، وسيولتها، وجودة الخيارات المتاحة للمستثمرين الأفراد.

كما تعمل هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية على تسهيل وصول المستثمرين إلى العملات المشفرة من خلال تسريع إطلاق صناديق المؤشرات المتداولة الجديدة، عبر اعتماد معايير الإدراج العامة في سبتمبر، ما أزال عقبة أمام إطلاق صناديق المؤشرات المتداولة الفورية المرتبطة بالعملات المشفرة.

وقال روبرت بيرسيكيت، المخطط المالي في شركة «ديلاجيف فايناشال» بارفادا، كولورادو إن العروض الجديدة قد تزيد المخاطر على المستثمرين الأفراد، الذين يعتبرهم الأكثر عرضة للخطر، والأقل خبرة في تقييم مخاطر المنتجات الجديدة، أو المعقدة، مضيفاً: «المستثمر العادي... لا يملك فريقاً من المستشارين لدعمه».

ومنذ تطبيق معايير الإدراج العامة في سبتمبر، شهدت صناديق المؤشرات المتداولة للعملات المشفرة نمواً ملحوظاً، وفقاً لبيانات «مورنينغ ستار»، فيما توقعت شركة «بايتوايز» لإدارة الأصول ظهور نحو مائة صندوق أخرى خلال عام 2026. كما ازداد الاهتمام بصناديق الفترات، وهي صناديق مغلقة تستثمر في الأصول الخاصة، نتيجة استفادتها من توسيع نطاق خطط التقاعد.

وقال برايان أرمور، المحلل في «مورنينغ ستار»: «أتوقع تدفقاً كبيراً للصناديق التي تستثمر في الأصول الخاصة في عام 2026».


كيف تواجه أسواق الخليج الديون المتعثرة دون صدمات؟

العاصمة السعودية الرياض (واس)
العاصمة السعودية الرياض (واس)
TT

كيف تواجه أسواق الخليج الديون المتعثرة دون صدمات؟

العاصمة السعودية الرياض (واس)
العاصمة السعودية الرياض (واس)

في وقتٍ تحافظ فيه اقتصادات الخليج على مستويات مرتفعة من السيولة والقدرة على امتصاص الصدمات، يبرز ملف الديون المتعثرة وإعادة الهيكلة بوصفه أحد المؤشرات الدقيقة على متانة النظام المالي من جهة، وقدرته على التكيّف مع المتغيرات العالمية من جهة أخرى. فبينما لا تزال نسب التعثر عند مستويات محدودة تاريخياً، تفرض بيئة أسعار الفائدة المرتفعة، وضغوط تنفيذ المشاريع الكبرى، وتحديات رأس المال العامل، واقعاً جديداً يدفع الشركات والمقرضين إلى البحث عن حلول أكثر مرونة وانتقائية.

وفي هذا السياق، ترصد «الشرق الأوسط» ملامح المشهد الراهن والمستقبلي لإدارة الديون المتعثرة في منطقة الخليج، ولا سيما في السعودية، من خلال لقاء خاص مع خبراء شركة «ألفاريز آند مارسال» العالمية.

وفرة السيولة

ويرى المدير الإداري ورئيس قسم استشارات الديون لدى «ألفاريز آند مارسال» الشرق الأوسط، كيرت ديفيس، أن الوضع المالي المتعثر في منطقة الخليج العربي لا يزال دون المستويات الحادة، مشيراً إلى أن وفرة السيولة في الأسواق تتيح حلولاً بديلة للعديد من التحديات، من خلال إعادة التمويل، ودعم المساهمين، وبيع الأصول، بدلاً من اللجوء إلى إجراءات إعادة الهيكلة الرسمية. ويوضح أن هذا الواقع أسهم في احتواء الضغوط ومنع انتقالها إلى موجات تعثر واسعة النطاق.

وعلى مستوى السعودية، يشير ديفيس إلى ظهور بعض مؤشرات التعثر، لا سيما في قطاعات العقارات والإنشاءات، إضافة إلى الشركات المتوسطة ذات المديونية المرتفعة. ويعزو ذلك إلى أسباب ثانوية تتعلق بضعف الطلب في بعض الأنشطة، وأسباب جوهرية تتمثل في ارتفاع أسعار الفائدة، ومخاطر تنفيذ المشاريع، والصعوبات التي تواجه رأس المال العامل في تغطية الالتزامات التشغيلية.

وبالنظر إلى المرحلة المقبلة، يتوقع ديفيس استمرار اللجوء إلى حلول مرنة لإدارة الضغوط المالية، تشمل تعديل شروط القروض، وتمديد مواعيد استحقاقها، وزيادة عمليات تحويل الأصول إلى سيولة، إلى جانب الاعتماد على حلول ثنائية خاصة بين الأطراف المعنية. ويؤكد أن إجراءات إعادة الهيكلة تحت إشراف القضاء ستبقى ضمن نطاق ضيق، ومحصورة بالحالات التي تستدعي ذلك.

إعادة الهيكلة

أما عن تطور نهج الجهات المقرضة في دول الخليج خلال العامين الماضيين، فيشير ديفيس إلى أن التعامل مع الديون المتعثرة بات أكثر انتقائية وتنظيماً، مع توقع استمرار عمليات إعادة الهيكلة والإجراءات الخاصة خلال عام 2026، ولكن ضمن إطار محدود. ويرتبط هذا التوجه، حسب قوله، بعدة عوامل رئيسية، أبرزها استمرار ارتفاع أسعار الفائدة لفترات أطول، واقتراب مواعيد استحقاق جزء كبير من الديون، إضافة إلى مخاطر تنفيذ المشاريع في القطاعات كثيفة الاستثمار.

وأشار ديفيس إلى الدور المحوري الذي تلعبه آليات الدعم المقدمة من الحكومات والبنوك والجهات الراعية في ضبط وتيرة هذه الأنشطة، إلى جانب تأثير معدلات تحويل الأصول إلى سيولة، سواء عبر بيع الأصول غير الأساسية، أو حتى الأساسية، أو من خلال الطروحات العامة الأولية. ويرجّح أن تظل عمليات إعادة الهيكلة محصورة في حالات التعثر الخاصة بكل شركة، وغير الناتجة عن انكماش اقتصادي واسع النطاق.

وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجه الشركات عند الدخول في مسارات إعادة الهيكلة، يوضح ديفيس أن الشركات تواجه نقص السيولة، وندرة خيارات إعادة التمويل، وتعقيد المفاوضات مع أطراف متعددة، تشمل البنوك والدائنين والجهات المعنية. وتزداد هذه التحديات عند وجود ثغرات في البيانات، أو عدم جاهزية أنظمة الحوكمة، أو الحاجة إلى إصلاحات تشغيلية حقيقية تتجاوز الحلول المالية البحتة.

كما يشدد على أن إدارة المخاطر المرتبطة بسمعة الشركة، والحفاظ على ثقة الموردين والعملاء، تمثل عاملاً حاسماً في نجاح أي عملية إعادة هيكلة. ويؤكد أن طبيعة التحديات تختلف باختلاف القطاعات؛ ففي قطاعي الإنشاءات والمقاولات، تبرز مخاطر الالتزامات المرتبطة بالمشاريع وضبط توقيت التدفقات النقدية، بينما يخضع القطاع العقاري لتقلبات الأسعار ودورات السوق. أما قطاعا التجزئة والصناعة، فيواجهان ضغوطاً أكبر على رأس المال العامل وارتفاع التكاليف التشغيلية.

البنية التشغيلية

من جانبه، يؤكد رئيس قسم إعادة الهيكلة والرئيس المشارك لدى «ألفاريز آند مارسال» الشرق الأوسط، بول غيلبرت، أن السوق تضم عدداً كبيراً من الشركات المثقلة بالديون التي تحتاج إلى عمليات إعادة هيكلة مالية، مرجحاً استمرار هذا الوضع خلال الفترة المقبلة. ويوضح أن الشركات قد تُجبر على اتخاذ خطوات عملية لمعالجة أوضاعها المالية نتيجة أحداث طارئة في السيولة، أو عوامل خارجية تؤثر على الإيرادات أو ترفع التكاليف.

ويضيف غيلبرت أن الحاجة لا تقتصر على إعادة الهيكلة المالية فحسب، بل تمتد إلى إعادة النظر في البنية التشغيلية للشركات، مؤكداً أن هذا المسار يجب أن يُنظر إليه بوصفه فرصةً لتعزيز الأداء وتحسين الكفاءة. ويرى أن هذا النهج ينطبق على الشركات المزدهرة، كما على تلك التي تواجه تحديات مالية أو ديوناً متعثرة.

وبينما تمضي اقتصادات الخليج في تنفيذ برامج تنموية واستثمارية طموحة، يبقى ملف إعادة الهيكلة مؤشراً مهماً على قدرة الشركات على التكيّف مع التحولات، وعلى نضج الأطر التنظيمية والتمويلية في المنطقة.


ارتفاع الصادرات غير النفطية السعودية 32.3 % في أكتوبر

ميناء الملك عبد العزيز بالدمام (واس)
ميناء الملك عبد العزيز بالدمام (واس)
TT

ارتفاع الصادرات غير النفطية السعودية 32.3 % في أكتوبر

ميناء الملك عبد العزيز بالدمام (واس)
ميناء الملك عبد العزيز بالدمام (واس)

سجّلت الصادرات غير النفطية في السعودية (شاملة إعادة التصدير) ارتفاعاً بنسبة 32.3 في المائة خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2025، مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2024، فيما ارتفعت الصادرات الوطنية غير النفطية بنسبة 2.4 في المائة، والصادرات السلعية الإجمالية بنسبة 11.8 في المائة، ما أسهم في زيادة الفائض في الميزان التجاري بنسبة 47.4 في المائة على أساس سنوي، وفق بيانات الهيئة العامة للإحصاء.

وفي المقابل، ارتفعت الواردات بنسبة 4.3 في المائة خلال شهر أكتوبر 2025، كما ارتفعت نسبة الصادرات غير النفطية إلى الواردات لتصل إلى 42.3 في المائة، مقابل 33.4 في المائة في الفترة نفسها من العام السابق.

وتصدّرت الآلات والأجهزة والمعدات الكهربائية وأجزاؤها قائمة الصادرات غير النفطية، مستحوذة على 23.6 في المائة من إجمالي الصادرات غير النفطية، تلتها منتجات الصناعات الكيماوية بنسبة 19.4 في المائة.

وعلى صعيد الواردات، جاءت الآلات والأجهزة والمعدات الكهربائية وأجزاؤها في المرتبة الأولى بنسبة 30.2 في المائة من إجمالي الواردات، مسجلة ارتفاعاً بنسبة 26.3 في المائة مقارنةً بأكتوبر 2024، تلتها معدات النقل وأجزاؤها التي شكّلت 12.1 في المائة من إجمالي الواردات، مع انخفاضها بنسبة 22.9 في المائة على أساس سنوي.

وحافظت الصين على موقعها بصفتها الشريك التجاري الأول للمملكة في الصادرات والواردات، إذ شكّلت 14.1 في المائة من إجمالي الصادرات، و24.8 في المائة من إجمالي الواردات، فيما استحوذ أهم عشرة شركاء تجاريين للمملكة على 70.4 في المائة من إجمالي الصادرات، و67.7 في المائة من إجمالي الواردات.

وعلى مستوى المنافذ الجمركية، جاء ميناء الملك عبد العزيز بالدمام في الصدارة، مستحوذاً على 25.7 في المائة من إجمالي الواردات.