ما الأسباب التي دفعت عملة «بتكوين» إلى تخطي عتبة الـ100 ألف دولار؟

TT

ما الأسباب التي دفعت عملة «بتكوين» إلى تخطي عتبة الـ100 ألف دولار؟

تظهر صورة لترمب وهو يحمل عملة «بتكوين» خارج متجر لتداول العملات المشفرة بعد ارتفاع سعرها إلى أكثر من 100 ألف دولار في هونغ كونغ (رويترز)
تظهر صورة لترمب وهو يحمل عملة «بتكوين» خارج متجر لتداول العملات المشفرة بعد ارتفاع سعرها إلى أكثر من 100 ألف دولار في هونغ كونغ (رويترز)

ارتفعت عملة «بتكوين» فوق 100 ألف دولار للمرة الأولى، لتواصل ارتفاعها الكبير مع رهان المستثمرين على دعم سياسي وتنظيمي أكبر من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب. منذ فوز ترمب، ارتفع سعر أكبر عملة مشفرة في العالم بأكثر من 40 في المائة لتسجل ارتفاعاً منذ بداية العام بواقع 130 في المائة. ويتفوق أداؤها بشكل كبير على مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» الذي ارتفع بنسبة 28 في المائة خلال الفترة نفسها.

أميركا قوة عظمى لـ«بتكوين» في العالم

وفي وقت سابق، تعهد ترمب بجعل الولايات المتحدة «القوة العظمى للبتكوين في العالم». ففي يوليو (تموز)، ترأس ترمب أكبر مؤتمر للعملات المشفرة في ناشفيل، حيث تعهد بإنشاء «مخزون استراتيجي وطني من البتكوين» والاحتفاظ بالبتكوين التي تستولي عليها الحكومة من المجرمين بدلاً من بيعها بالمزاد العلني، وهو المتبع حالياً.

وقال ترمب حينها: «إذا كانت العملات المشفرة ستحدد المستقبل، فأنا أريد أن يتم تعدينها وسكها وصنعها في الولايات المتحدة».

ثم في سبتمبر (أيلول)، أطلق ترمب شركته الخاصة للعملات المشفرة التي أطلق عليها اسم «وورلد ليبرتي فاينانشيال».

وفي ذلك الشهر، اشترى أيضاً «بيرغر» من أحد الحانات في مانهاتن يرتادها عشاق العملات المشفرة الذين يستخدمون «بتكوين»، معلناً أن «التاريخ في طور الصنع».

بالإضافة إلى ذلك، ورد أن شركة ترمب الإعلامية، التي تمتلك شركة «تروث سوشيال»، تجري محادثات لشراء منتدى تداول العملات المشفرة Bakkt، وفقاً لصحيفة «فاينانشيال تايمز».

وألقت صناعة العملات المشفرة بثقلها خلف ترمب والحزب الجمهوري خلال دورة الانتخابات، حيث تبرعت لجان العمل السياسي الرائدة بنحو 131 مليون دولار لانتخاب المرشحين المؤيدين للعملات المشفرة في السباقات الانتخابية للكونغرس.

 

ولكن ما الأسباب التي دفعت إلى هذا الارتفاع التاريخي؟

يوم الأربعاء، رشح ترمب المدافع عن العملات المشفرة بول أتكينز لرئاسة لجنة الأوراق المالية والبورصة، وهي الجهة التنظيمية الرئيسية للسوق، ما أثار الآمال في مناخ تنظيمي أكثر ملاءمة للصناعة.

ومن المتوقع أن ينظم أتكينز العملات المشفرة بأسلوب أكثر مرونة من غاري غينسلر، الذي يرأس الهيئة في عهد إدارة بايدن. ومن المقرر أن يستقيل غينسلر، الذي حارب بقوة توسع الصناعة في الولايات المتحدة، في يوم التنصيب. كما رشح ترمب العديد من المتحمسين للعملات المشفرة لأدوار عليا، بمَن فيهم هوارد لوتنيك لإدارة وزارة التجارة وإيلون ماسك لرئاسة جهود خفض التكاليف التي أطلق عليها «وزارة كفاءة الحكومة».

يشير اختصار «Doge» إلى رمز العملة المشفرة «dogecoin»، الذي روّج له ماسك عبر الإنترنت وارتفع بنحو 150 في المائة منذ يوم الانتخابات. وقد أضاف ترشيح أتكينز زخماً إضافياً إلى الارتفاع الذي أشعله إطلاق أول صناديق سوق الأوراق المالية التي تستثمر في «بتكوين» في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وكتب كريس مارساليك، الرئيس التنفيذي لبورصة «كريبتو دوت كوم» على منصة «إكس»: «يعد وصول بتكوين إلى 100 ألف دولار إنجازاً لا يصدق لحركتنا. لم نشك قط. لم نتردد قط. ولن نتوقف أبداً عن البناء».

المرشح لرئاسة لجنة الأوراق المالية والبورصة بول أتكينز (رويترز)

تغيير جذري

يُمثل ارتفاع العملة الرقمية إلى ما يزيد على 100 ألف دولار تغييراً جذرياً في ثروة القطاع عما كانت عليه قبل عامين، عندما أدى انهيار «إف تي إكس» في أواخر عام 2022 إلى حدوث أزمة في السوق وتراجع سعر «بتكوين» إلى 16 ألف دولار. وقد تم تغريم «باينانس»، أكبر بورصة عملات رقمية في العالم، بمبلغ 4.3 مليار دولار العام الماضي لفشلها في منع غسل الأموال، بينما تم سجن رئيس «إف تي إكس» سام بانكمان-فريد لمدة 25 عاماً في مارس (آذار) بتهمة الاحتيال على العملاء. وفي عهد رئيسها الحالي، غاري غينسلر، أطلقت لجنة الأوراق المالية والبورصات سلسلة من الدعاوى القضائية ضد العديد من أكبر الأسماء في مجال العملات الرقمية بما في ذلك بورصات «كوين بايس» و«كراكن» و«كريبتو دوت كوم»، ومزود المدفوعات «ريبل» وشركة برمجيات البلوكتشين «كونسانسيس». وقالت اللجنة في نوفمبر إن 18في المائة من النصائح والشكاوى والإحالات التي تلقتها هيئة الأوراق المالية والبورصات تحت قيادة غينسلر كانت متعلقة بالعملات الرقمية، «على الرغم من أن أسواق العملات الرقمية تشكل أقل من 1 في المائة» من أسواق رأس المال الأميركية. ويتوقع المديرون التنفيذيون والمتداولون في مجال العملات الرقمية الآن «عصراً ذهبياً» للصناعة خلال إدارة ترمب، ويراهنون على أن اللوائح الجديدة المواتية ستطلق العنان لطوفان من الأموال من مديري الأصول الكبيرة في هذا القطاع. وقال جيف كندريك، الرئيس العالمي لأبحاث الأصول الرقمية في «ستاندرد تشارترد»: «لا يمكن إيقاف الاهتمام (بالعملات الرقمية) إلى حد كبير»، وفق «فاينانشيال تايمز».

الصناديق المتداولة في البورصة

كما أن ارتفاع «بتكوين» كان مدفوعاً أيضاً بطوفان من الأموال المؤسسية. فقد اجتذبت الصناديق المتداولة في البورصة التي تستثمر في العملة المشفرة التي يديرها مديرو الأصول الرئيسية، بما في ذلك «بلاك روك» و«فيديليتي»، المليارات منذ حصولها على موافقة الجهات التنظيمية في يناير. وقد تسارعت التدفقات منذ فوز ترمب الكاسح، حيث تدفقت 4.4 مليار دولار منذ بداية شهر نوفمبر. ويمتلك صندوق «بلاك روك للبتكوين» المتداول في البورصة الآن أصولاً بقيمة 45 مليار دولار. كما أن مجموعة «مايكرو ستراتيجي»، وهي مجموعة البرمجيات التي تحولت إلى مستثمر في «بتكوين» بقيادة مايكل سايلور، قد انضمت أيضاً إلى هذا الارتفاع. وهي تخطط لجمع 42 مليار دولار من مبيعات الأسهم في السنوات المقبلة لشراء «بتكوين». وقد جمعت بالفعل أكثر من 7 مليارات دولار منذ الانتخابات من مبيعات الأسهم والسندات.

 

 


مقالات ذات صلة

«البتكوين» في مصر... تداول غير رسمي وملاحقات «أمنية ودينية»

شمال افريقيا التمثيلات المادية للعملة المشفّرة البتكوين (رويترز)

«البتكوين» في مصر... تداول غير رسمي وملاحقات «أمنية ودينية»

تطفو تحذيرات في مصر بين فترة وأخرى من تداول العملات الرقمية المشفرة «البتكوين»، المجرّمة قانوناً، آخرها لمسؤول بدار الإفتاء المصرية، حذر من التعامل بها.

رحاب عليوة (القاهرة)
الاقتصاد شعار «البتكوين» معروض على هاتف ذكي بجوار شاشة تعرض مخطط التداول في بروكسل (أ.ف.ب)

روسيا تبدأ استخدام «البتكوين» والعملات الرقمية في المدفوعات الدولية

قال وزير المالية الروسي، أنطون سيلوانوف، يوم الأربعاء، إن الشركات الروسية بدأت في استخدام «البتكوين» والعملات الرقمية الأخرى في المدفوعات الدولية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد تمثيل لعملة «البتكوين» أمام صورة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (وكالة حماية البيئة)

صناعة العملات المشفرة تدعو ترمب لتنفيذ إصلاحات فورية بمجرد توليه منصبه

حثت صناعة العملات المشفرة فريق الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، على بدء تنفيذ الإصلاحات التي وعد بها في حملته الانتخابية بشأن السياسة المتعلقة بالتشفير.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد نموذج البتكوين أمام علامة 100 ألف (وكالة حماية البيئة)

هل ستكون العملات المشفرة احتياطياً استراتيجياً مضارِباً في 2025؟

مع اقتراب نهاية عام 2024، تبرز سوق العملات المشفرة كإحدى أكثر الأسواق المالية ديناميكية، حيث شهدت تحولاً جذرياً من شتاء قاسٍ في عامي 2022 و2023 إلى ازدهار ملحوظ

هدى علاء الدين (بيروت)
الاقتصاد شرارات تضرب تمثيلاً للبتكوين في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)

«البتكوين» تنخفض 5 % بعد تصريحات باول برفض «الفيدرالي» تخزينها

قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، الأربعاء، إن البنك المركزي الأميركي يرغب في المشاركة بأي مسعى حكومي لتخزين كميات كبيرة من «البتكوين».

«الشرق الأوسط» (واشنطن )

«المركزي الصيني» يعلق شراء السندات مع معاناة اليوان

مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
TT

«المركزي الصيني» يعلق شراء السندات مع معاناة اليوان

مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)

علَّق البنك المركزي الصيني شراء سندات الخزانة يوم الجمعة، مما رفع العائدات لفترة وجيزة وأثار تكهنات بأنه يكثف دفاعه عن عملة اليوان التي تتراجع منذ انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة.

وتقطع هذه الخطوة خمسة أشهر من الشراء، وتتزامن مع موجة بيع شرسة في أسواق السندات العالمية، مما يشير إلى أن بنك الشعب الصيني يحاول أيضاً ضمان ارتفاع العائدات في الداخل بالتوازي، أو على الأقل وقف الانخفاض، كما يقول المحللون.

وعقب الإعلان عن الخطوة، ارتفعت العائدات التي تتحرك عكسياً مع أسعار السندات، رغم أن أسعار الفائدة القياسية لأجل عشر سنوات كانت أقل قليلاً بحلول المساء.

ويشير التحول في السياسة واستجابة السوق الحذرة، إلى محاولة بنك الشعب الصيني إحياء النمو الاقتصادي من خلال الحفاظ على ظروف نقدية ميسرة في حين يحاول أيضاً إخماد ارتفاع السندات الجامح، وفي الوقت نفسه استقرار العملة وسط حالة من عدم اليقين السياسي والاقتصادي.

وقال محللون في «كومرتس بنك» في مذكرة: «لقد أشار البنك إلى استعداده لتخفيف السياسة بشكل أكبر... ومع ذلك، فإن ضعف اليوان بسبب الدولار القوي واتساع الفارق مع أسعار الفائدة الأميركية من شأنه أن يعقد موقف بنك الشعب الصيني».

واستشهد بنك الشعب الصيني بنقص السندات في السوق كسبب لوقف عمليات الشراء، والتي كانت جزءاً من عملياته لتخفيف الأوضاع النقدية وتعزيز النشاط الاقتصادي.

وكان عائد سندات الخزانة الصينية لأجل عشر سنوات قد ارتفع في البداية أربع نقاط أساس، لكنه انخفض في أحدث تداولات بأكثر من نصف نقطة أساس إلى 1.619 في المائة. وارتفع اليوان قليلاً رغم أنه كان يتداول عند مستوى ثابت حول 7.3326 يوان مقابل الدولار، وهو أدنى مستوى له في 16 شهراً.

وقال كين تشيونغ، كبير استراتيجيي النقد الأجنبي الآسيوي في بنك «ميزوهو»: «أحد الأسباب الرئيسية لانخفاض قيمة اليوان هو اتساع فجوة العائد بين الصين والولايات المتحدة، لذا فإن البنك المركزي يرسل إشارة إلى السوق بأن معدل العائد من غير المرجح أن ينخفض ​​أكثر».

وقال البنك المركزي الصيني في بيان إنه سيستأنف شراء السندات عبر عمليات السوق المفتوحة «في الوقت المناسب حسب العرض والطلب في سوق السندات الحكومية».

وكانت أسعار السندات في الصين في ارتفاع مستمر منذ عقد من الزمان - وهو الارتفاع الذي بدأ في الزيادة منذ ما يقرب من عامين حيث تسببت مشكلات قطاع العقارات وضعف سوق الأسهم في تدفق الأموال إلى الودائع المصرفية وسوق الديون.

وهذا الأسبوع شهدت السوق موجة بيع عالمية، والتي زادت بفضل الطلب الذي لا يقاوم على الأصول الآمنة ومراهنات المستثمرين على المزيد من خفض أسعار الفائدة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وحذر بنك الشعب الصيني لشهور من مخاطر الفقاعة مع انخفاض العائدات طويلة الأجل إلى مستويات قياسية متتالية، على الرغم من أن السلطات في الوقت نفسه توقعت المزيد من التيسير. وهبطت العملة بنحو 5 في المائة منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، ويرجع ذلك إلى حدٍ كبير إلى المخاوف من أن تهديدات ترمب بفرض تعريفات تجارية جديدة ستزيد من الضغوط على الاقتصاد الصيني المتعثر.

وقال هوانغ شيويفينغ، مدير الأبحاث في شركة «شنغهاي أنفانغ برايفت فاند كو» في شنغهاي، إنه يتوقع استمرار الاتجاه الهبوطي في عائدات السندات مع «استمرار السوق في التعامل مع وضع التكالب على الأصول»، حيث يوجد نقص في فرص الاستثمار الجيدة... ويوم الجمعة، نقلت «فاينانشيال نيوز»، وهي مطبوعة تابعة لبنك الشعب الصيني، عن أحد خبراء الاقتصاد قوله إن السوق يجب أن تتجنب التوقعات المفرطة بشأن تخفيف السياسة النقدية.

وفي الأسواق، أنهت أسهم الصين وهونغ كونغ الأسبوع على انخفاض مع امتناع المتداولين عن زيادة استثماراتهم في السوق وانتظار تدابير تحفيزية جديدة من بكين.

وأغلق مؤشر «سي إس آي 300» الصيني ومؤشر «شنغهاي المركب» على انخفاض بنحو 1.3 في المائة يوم الجمعة. وانخفض مؤشر هانغ سنغ القياسي في هونغ كونغ 0.9 في المائة. وعلى مستوى الأسبوع، انخفض مؤشر «سي إس آي 300» بنسبة 1.1 في المائة، بينما انخفض مؤشر هانغ سنغ بنسبة 3.5 في المائة.

وقال محللون بقيادة لاري هو، من مؤسسة «ماكواري» في مذكرة: «السؤال الرئيسي في عام 2025 هو مقدار التحفيز الذي سيقدمه صناع السياسات. سيعتمد ذلك إلى حد كبير على تأثير التعريفات الجمركية، حيث سيفعل صناع السياسات ما يكفي فقط لتحقيق هدف نمو الناتج المحلي الإجمالي. ويشعر عدد قليل من المستثمرين أن السوق صاعدة، حيث تظل أرباح الشركات ضعيفة وسط ضعف الطلب المحلي. والرأي السائد هو أن السيولة ستصبح أكثر مرونة في عام 2025 ولكن النمو الاسمي سيظل بطيئاً».