تتجه السعودية إلى تعزيز قطاع جديد يُعتمد عليه بوصفه ركيزة أساسية في اقتصادها الوطني، وتدعم تحول البلاد إلى اقتصاد أزرق مستدام، بما يحقق التنوع الاقتصادي ويتماشى مع مستهدفات «رؤية 2030»، وذلك بعد إطلاق ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، الاستراتيجية الوطنية لاستدامة البحر الأحمر، الهادفة إلى حماية النظام البيئي، وتعزيز أطر التعاون لاستدامته.
وتعمل الاستراتيجية على تمكين المستثمرين في بناء مراكز السياحة البيئية والصناعات الخضراء والتحول نحو الاقتصاد الأزرق، حيث تسهم في بناء الأنظمة البيئية المستدامة في تحقيق مستهدفات الاقتصاد المزدهر.
سمو #ولي_العهد يطلق الاستراتيجية الوطنية لـ #استدامة_البحر_الأحمر التي تهدف إلى حماية النظام البيئي للبحر الأحمر، وتطلق العنان للإمكانات الاقتصادية الهائلة للمنطقة، وتضمن ازدهارًا مستمرًا من خلال التحول نحو الاقتصاد الأزرق.https://t.co/a8vOjZKLdz#واس pic.twitter.com/UGm6tYHeXx
— واس الأخبار الملكية (@spagov) December 4, 2024
وقال ولي العهد إن المملكة تستمر في إطلاق العنان لإمكاناتها الاقتصادية والجغرافية والثقافية، وجهودها الرائدة في مجالات الاستدامة والحفاظ على البيئة، مبيناً أنه من خلال هذه الاستراتيجية تعزز البلاد مكانة الاقتصاد الأزرق بوصفه ركيزة أساسية لاقتصادها، وتطمح لأن تصبح منطقة البحر الأحمر مرجعاً لأفضل ممارسات الاقتصاد الأزرق، وأن تصبح السعودية رائداً عالمياً في مجال البحث والتطوير والابتكار في الاقتصاد الأزرق.
وأضاف ولي العهد: «الاستراتيجية تؤكد التزام المملكة بمستقبل مستدام للبحر الأحمر، ونتطلع من الجميع التعاون لحماية سواحلنا والطبيعة والمجتمعات المعتمدة عليه».
والاقتصاد الأزرق هو مفهوم اقتصادي يركز على الاستغلال المستدام للموارد البحرية والمائية لدعم النمو الاقتصادي وتحسين سبل العيش والحفاظ على صحة الأنظمة البيئية البحرية. ويتضمن مجموعة متنوعة من الأنشطة مثل مصايد الأسماك المستدامة، وتربية الأحياء المائية، والسياحة البحرية، وتوليد الطاقة المتجددة من البحار مثل طاقة الرياح والأمواج، والنقل البحري. ويهدف هذا النهج إلى المحافظة على المحيطات والبحار والموارد المائية مصدراً للرزق والنمو الاقتصادي، مع الأخذ في الاعتبار التحديات البيئية والاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات المرتبطة بها.
بدوره، علّق وزير المالية محمد الجدعان، على هذه الخطوة قائلًا إن إطلاق ولي العهد الاستراتيجية الوطنية لاستدامة البحر الأحمر يؤكد اهتمام المملكة الخاص بالنظام البيئي والمحافظة عليه، وحرصها على تعزيز مكانة الاقتصاد الأزرق في مستقبل التنمية المستدامة، بما يسهم في صنع تأثير إيجابي للأجيال القادمة.
إطلاق سمو #ولي_العهد الاستراتيجية الوطنية لــ #استدامة_البحر_الأحمر يؤكد اهتمام المملكة الخاص بالنظام البيئي والمحافظة عليه، وحرصها على تعزيز مكانة #الاقتصاد_الأزرق مستقبل التنمية المستدامة، بما يسهم في صنع تأثير إيجابي للأجيال القادمة. https://t.co/bMguo0Y2Y4
— محمد عبدالله عبدالعزيز الجدعان | Mohammed Aljadaan (@MAAljadaan) December 4, 2024
جذب الاستثمارات
وأكد مختصون لـ«الشرق الأوسط» أن الاستراتيجية الجديدة تمثل تجربة نوعية تطلق من خلالها السعودية الإمكانات كافة لتنمية وازدهار الاقتصاد الأزرق، موضحين أن الخطوة تخلق قطاعاً نوعياً جديداً جاذباً للشركات المحلية والدولية والدخول في مشاريع مستدامة للسياحة الساحلية المتجددة.
وقال المختص في الاقتصاد أحمد الجبير لـ«الشرق الأوسط»، إن الاستراتيجية الوطنية لاستدامة البحر الأحمر، ستخلق مزيداً من الاستثمارات في السوق السعودية بالتوازن مع الحفاظ البيئي، مفيداً بأن الوجهات البحرية والسياحة الساحلية تعدان طفرة كبيرة تشهدها المملكة في الوقت الراهن، مستفيدةً من الطبيعة البكر والإقبال على الاستثمارات في تلك المناطق.
وأضاف أن المملكة تبني قطاعاً سياحياً ساحلياً مزدهراً من خلال تبني مفهوم الاستدامة وجذب الاستثمارات، وترويج التجارب السياحية في البحر الأحمر لتشجيع الزوار على اكتشاف الطبيعة والاستمتاع بالفعاليات المتنوعة.
البحث والتطوير
من ناحيته، أفاد المختص في الاقتصاد والمعرفة، فهد بن نايف لـ«الشرق الأوسط»، بأن الاستراتيجية الوطنية لاستدامة البحر الأحمر، ستمكّن المملكة في مجال البحث والتطوير والابتكار في الاقتصاد الأزرق، وخلق فرص جديدة متنوعة عبر جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية وتوليد مزيد من الوظائف للمواطنين.
وتابع أن الاستراتيجية تُعزِّز مكانة الاقتصاد الأزرق ليكون ركيزة أساسية في الاقتصاد الوطني، وتعكس رؤية طموحة لحماية البيئة البحرية وتعظيم فوائدها من جميع النواحي.
وحسب فهد بن نايف، فإن الاستراتيجية تعد خطوة ذكية لربط الحفاظ على الموارد الطبيعية بتنويع الاقتصاد وخلق فرص جديدة، وبالتالي تصبح منطقة البحر الأحمر منطقة نموذجية عالمية للاقتصاد الأزرق.
الشعاب المرجانية
ويعد البحر الأحمر إحدى أكثر مناطق المملكة تميزاً وتنوعاً بيولوجياً، فهو منطقة طبيعية تبلغ مساحتها 186 ألف كيلومتر مربع، وخط ساحلي بطول 1800 كيلومتر، ورابع أكبر نظام للشعاب المرجانية في العالم، وموطن لـ6.2 في المائة من الشعاب المرجانية في العالم، وأرخبيل يحتضن مئات الجزر.
وتضع الاستراتيجية إطاراً وطنياً شاملاً يوضح كيفية الحفاظ على الكنوز الطبيعية في البحر الأحمر وإعادة إحيائها، بما يضمن استمتاع المواطنين والمقيمين والزوار بها واستدامتها لأجيال قادمة.
وتوضح الاستراتيجية إسهام حماية البيئة الطبيعية في إطلاق الإمكانات الاقتصادية للمنطقة والبدء في التحول إلى الاقتصاد الأزرق، مما يوجد فرصاً استثمارية للشركات المبتكرة في مختلف القطاعات البحرية، بما في ذلك السياحة البيئية ومصايد الأسماك والطاقة المتجددة، وتحلية المياه، والشحن البحري، والصناعة.
الطاقة المتجددة
ولدعم الاقتصاد الوطني، تستهدف الاستراتيجية زيادة تغطية المناطق المحمية البحرية والساحلية من 3 إلى 30 في المائة بحلول عام 2030، ودعم وصول مساهمة الطاقة المتجددة إلى 50 في المائة من مزيج الطاقة المستهدف، وتوفير آلاف الفرص الوظيفية المتعلقة بأنشطة الاقتصاد الأزرق، وحماية استثمارات المملكة في المشاريع السياحية في المناطق الساحلية مما يسهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي.
وتستند الاستراتيجية إلى 5 أهداف، هي: الاستدامة البيئية، والتنمية الاقتصادية، والتنمية الاجتماعية، والسلامة والأمن، والحوكمة والتعاون، وتضم 48 مبادرة نوعية جرى تطويرها لتحقيق طموحات المملكة في الاقتصاد الأزرق والأنشطة المتعلقة به.
ويوضح إعلان الاستراتيجية الدور المحوري الذي تقوم به المملكة في حماية الموارد الطبيعية في ظل التحديات البيئية والمناخية التي يعيشها العالم اليوم، وترسم مساراً جديداً يجمع بين النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية.