مواجهة الموازنة تهز فرنسا... والأسواق تترقب السيناريو الأسوأ

تراجع السندات والأسهم بأكبر وتيرة خلال 3 أشهر

الجزء الخارجي من الجمعية الوطنية الفرنسية في باريس (رويترز)
الجزء الخارجي من الجمعية الوطنية الفرنسية في باريس (رويترز)
TT

مواجهة الموازنة تهز فرنسا... والأسواق تترقب السيناريو الأسوأ

الجزء الخارجي من الجمعية الوطنية الفرنسية في باريس (رويترز)
الجزء الخارجي من الجمعية الوطنية الفرنسية في باريس (رويترز)

سجَّلت السندات والأسهم الفرنسية أكبر انخفاض في أكثر من 3 أشهر، يوم الأربعاء، مع تنامي مخاوف المستثمرين من أن الخلافات بشأن موازنة التقشف قد تؤدي إلى إسقاط حكومة رئيس الوزراء ميشال بارنييه.

وتسبب هبوط السوق في توسيع الفارق بين تكاليف الاقتراض الفرنسية لأجل 10 سنوات والألمانية، إلى 0.9 نقطة مئوية، وهو أعلى مستوى منذ أزمة منطقة اليورو في عام 2012، قبل أن يتعافى إلى 0.86 نقطة، وفق صحيفة «فاينانشيال تايمز».

وانخفض مؤشر «كاك 40» بنسبة 0.7 في المائة، مسجلاً أسوأ أداء بين الأسواق الأوروبية الكبرى، بعد أن هبط في وقت سابق بأكثر من 1 في المائة.

وقال كبير الاستراتيجيين الأوروبيين في «جيفريز»، موهيت كومار، إن الانخفاض يرجع إلى «القلق من أن الحكومة الحالية قد لا تكون قادرة على تمرير الموازنة».

ويسعى بارنييه إلى تمرير موازنة تتضمَّن خفض الإنفاق، وزيادات الضرائب بقيمة 60 مليار يورو (63.31 مليار دولار) على الرغم من عدم وجود أغلبية فعالة في البرلمان.

وقال إنه سيضطر إلى استخدام أداة دستورية للتغلب على معارضة أعضاء البرلمان، وهي الخطوة التي قد تعرِّضه للتصويت بحجب الثقة، الأمر الذي قد يؤدي إلى انهيار حكومته وموازنته.

كما برزت زعيمة اليمين المتطرف، مارين لوبان، بوصفها لاعباً رئيساً في الأزمة، حيث يعدّ حزبها «التجمع الوطني» الأكبر في مجلس النواب، وستكون أصواته ضروريةً لإقرار اقتراح اللوم. وبعد لقائها بارنييه (الاثنين)، حذَّرت لوبان من أن رئيس الوزراء لا يستمع إلى مطالبها بحماية المواطنين الفرنسيين من زيادات الضرائب، وجدَّدت تهديدها بسحب الثقة من الحكومة.

وفي مقابلة مع قناة «تي إف 1» الفرنسية التلفزيونية، (الثلاثاء)، دعا بارنييه أحزاب المعارضة إلى الموافقة على الموازنة، محذِّراً من أنه إذا لم يتم تمريرها، فإن «عاصفة كبيرة واضطرابات كبيرة» ستضرب الأسواق المالية.

وفي خضم هذه الاضطرابات السياسية، دفعت عمليات بيع السندات الحكومية الفرنسية العائد على السندات لأجل 10 سنوات إلى أكثر من 3 في المائة، مع ازدياد قلق المستثمرين بشأن استدامة عبء الديون في باريس. وأصبحت العائدات الآن أقرب إلى تلك الموجودة في اليونان، البلد الذي عانى من أزمة ديون سيادية منذ أكثر من عقد من الزمان.

ومن المتوقع أن يتجاوز العجز في الموازنة الفرنسية 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، وهو أكثر من ضعف هدف الاتحاد الأوروبي، البالغ 3 في المائة. وفرضت بروكسل على فرنسا «مراقبة مفرطة للعجز» لدفعها إلى خفض العجز على مدى 5 سنوات.

ووعد بارنييه بخفض العجز إلى 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية عام 2025، وهو الهدف الذي يرى كثير من خبراء الاقتصاد الآن أنه غير قابل للتحقيق، حيث من المقرر أن تعود البلاد إلى حدود الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2029.

وقال مارك داودينغ، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة «آر بي سي بلوباي» لإدارة الأصول: «من الصعب أن نكون متفائلين بشأن المسار الاقتصادي لفرنسا». وأضاف: «هناك خطر يتمثل في أن السندات الحكومية قد تتعرَّض لضغوط بيع أخرى إذا استمرّ الوضع السياسي في التدهور».


مقالات ذات صلة

وسط مخاوف من سقوط الحكومة... فرنسا مستعدة لتقديم تنازلات بشأن الموازنة

الاقتصاد وزيرا المالية أنطوان أرماند والموازنة لوران سان مارتن خلال مؤتمر صحافي لتقديم مشروع الموازنة بوزارة المالية في بيرسي (رويترز)

وسط مخاوف من سقوط الحكومة... فرنسا مستعدة لتقديم تنازلات بشأن الموازنة

أعلن وزير المالية الفرنسي أنطوان أرمان، يوم الخميس، أن الحكومة الفرنسية، التي تفتقر إلى الشعبية، مستعدة لتقديم تنازلات بشأن موازنة العام المقبل.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد منظر عام للعاصمة المنامة (رويترز)

صندوق النقد الدولي يشيد بمرونة الاقتصاد البحريني رغم التحديات المالية

شهد الاقتصاد البحريني نمواً ملحوظاً؛ حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي الفعلي بنسبة 3 في المائة عام 2023.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد قوات الأمن العراقية تفرض حظراً للتجوال لتقييد حركة المواطنين خلال فترة التعداد السكاني (د.ب.أ)

«فيتش» تؤكد تصنيف العراق عند «بي -» مع نظرة مستقبلية «مستقرة»

أكدت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني تصنيف العراق عند «بي –» مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، ما يعكس اعتماده الكبير على السلع الأساسية وضعف الحوكمة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد وزير الاتصالات وتقنية المعلومات السعودي عبد الله السواحه خلال كلمته في المؤتمر (الشرق الأوسط)

تشديد على «مرونة وقوة» الاقتصاد السعودي

شدد وزراء سعوديون على مرونة الاقتصاد السعودي وقوته وقدرته على مواجهة التحديات بفضل «رؤية 2030»، وأشاروا إلى الدور الكبير للسياسات المالية في تحقيق النمو.

مساعد الزياني (الرياض)
الاقتصاد وزيرا المالية والاقتصاد والتخطيط في أولى الجلسات الحوارية في «ملتقى الميزانية لعام 2025» (واس) play-circle 00:28

وزراء في «ملتقى الميزانية» يؤكدون على مرونة الاقتصاد السعودي

شدَّد وزراء سعوديون على استمرارية النجاح في تنفيذ «رؤية 2030»، وقدرة الاقتصاد السعودي على مواجهة التحديات وتحقيق التنوع، مؤكدين على المرونة التي يتمتع بها.

مساعد الزياني (الرياض)

دي غالو من «المركزي الأوروبي»: يجب إبقاء خيارات خفض الفائدة أكبر في ديسمبر

مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
TT

دي غالو من «المركزي الأوروبي»: يجب إبقاء خيارات خفض الفائدة أكبر في ديسمبر

مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

أكد عضو البنك المركزي الأوروبي، فرانسوا فيليروي دي غالو، اليوم (الخميس)، أن البنك يجب أن يبقي خياراته مفتوحة لخفض أكبر لأسعار الفائدة في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، مشيراً إلى أن الفائدة قد تنخفض إلى مستويات تحفز النمو الاقتصادي مرة أخرى.

وتشير التوقعات في الأسواق المالية إلى أن المستثمرين يتوقعون أن يقوم البنك المركزي بخفض تكاليف الاقتراض بمقدار ربع نقطة مئوية إضافية في اجتماعه المقبل في 12 ديسمبر. ويتوقع بعض المشاركين في السوق خفضاً أكبر استناداً إلى النشاط الأخير في أسواق المراهنات، وفق «رويترز».

وقال فيليروي في كلمة ألقاها في بنك فرنسا الذي يرأسه أيضاً: «في رأينا الحالي، هناك أسباب قوية لخفض أسعار الفائدة في الثاني عشر من ديسمبر، ويجب أن تظل الخيارات مفتوحة فيما يتعلق بحجم الخفض، استناداً إلى البيانات الاقتصادية الواردة، والتوقعات المستقبلية وتقييم المخاطر».

وأضاف فيليروي أن البنك المركزي الأوروبي لا ينبغي أن يستبعد إمكانية خفض أسعار الفائدة في الاجتماعات المستقبلية.

وبعد ديسمبر، يتوقع المستثمرون أن يواصل «المركزي الأوروبي» خفض أسعار الفائدة في اجتماعاته المستقبلية على الأقل حتى يونيو (حزيران) 2025، وهو ما قد يخفض سعر الفائدة على الودائع من 3.25 في المائة حالياً إلى 1.75 في المائة بحلول نهاية عام 2025.

ومع استقرار التضخم عند هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة وتباطؤ آفاق النمو، قال فيليروي إن أسعار الفائدة يجب أن تتحرك نحو مستوى لا يعيق النمو ولا يحفزه، والذي حدده بأنه يتراوح بين 2 و2.5 في المائة.

وأضاف فيليروي: «هل ينبغي لنا أن نذهب إلى أبعد من ذلك؟ لا أستبعد ذلك في المستقبل إذا استمر تباطؤ النمو، وكان هناك خطر انخفاض التضخم إلى ما دون الهدف».

من جانبه، قال رئيس البنك المركزي الهولندي، كلّاس نوت، إن «المركزي الأوروبي» يجب أن يُميز بشكل أكثر وضوحاً بين الأدوات المستخدمة في توجيه السياسة النقدية لمكافحة التضخم، وتلك التي تهدف إلى استقرار الأسواق المالية.

وقد أدت سلسلة الأزمات التي اجتاحت العالم في العقد الماضي، بدءاً من التضخم المنخفض للغاية، مروراً بجائحة كورونا، وصولاً إلى الارتفاع الحاد في التضخم، إلى إجبار «المركزي الأوروبي» على ابتكار أدوات جديدة، مما أثر على مبدأ فصل الأدوات السياسية عن تلك المستخدمة في ضمان الاستقرار المالي.

وفي خطاب ألقاه في باريس، قال نوت، الذي يعد أطول أعضاء المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي خدمة: «من الآن فصاعداً، قد يكون من المناسب الفصل بين الأدوات التي توجه السياسة النقدية وتلك التي تدعم انتقال السيولة»، وأضاف: «فصل السياسة النقدية عن ضمان انتقال السيولة بشكل متسق أمر منطقي، لأن هذه العمليات قد تتطلب تطبيقاً في اتجاهات متعارضة».

وفي النسخة الحديثة من مبدأ «الفصل»، يجب أن يُحدد غرض الأداة بناءً على وظيفتها: «توجيه السياسة النقدية مقابل ضمان انتقال موحد، بدلاً من تعريفها ببساطة على أنها (إنشاء السيولة)»، وفقاً لما ذكره نوت.

وتشهد المناقشات حول كيفية استخدام البنك المركزي الأوروبي بعض أدواته تصاعداً، في الوقت الذي يستعد فيه البنك لمراجعة استراتيجيته العام المقبل، بهدف استخلاص الدروس من التجربة الحالية للتضخم.

ومن القضايا الأساسية التي ستثار في هذا السياق هي كيفية استخدام مشتريات السندات، الأداة الرئيسية التي اعتمد عليها «المركزي الأوروبي» في معظم فترات العقد الماضي. وعلى الرغم من أن شراء السندات يمكن أن يسهم سريعاً في استقرار الأسواق، فإن تلك الديون تظل في ميزانية البنك لفترة طويلة، بينما لا يزال «المركزي الأوروبي» الذي واجه صعوبة في كبح التضخم في الآونة الأخيرة، محتفظاً بتريليونات من اليورو من السندات التي تم شراؤها عندما كان التضخم منخفضاً.

ويشير بعض الاقتصاديين، مثل عضو مجلس إدارة «المركزي الأوروبي»، إيزابيل شنايبيل، إلى أن مشتريات السندات قصيرة الأجل والمؤقتة يجب أن تظل في إطار الاستخدام، لكن ينبغي توخي الحذر عند الاعتماد على عمليات الشراء الممتدة، المعروفة بالتيسير الكمي، نظراً لتأثيراتها طويلة الأمد.

وأكد نوت أن «أداة حماية النقل» التي قد تُستخدم للحد من الزيادات غير المنضبطة وغير المبررة في تكاليف الاقتراض، تمثل مثالاً جيداً لفصل الأدوات، حيث إن وجود هذه الأداة بمفردها قد ساعد في تهدئة الأسواق، مما مكّن «المركزي الأوروبي» من رفع أسعار الفائدة.