من المرجح أن يظل التضخم الأميركي مرتفعاً في يناير (كانون الثاني)، مما يشير إلى أن تباطؤ نمو أسعار المستهلك قد توقف بعد تراجعه طوال معظم العام الماضي. ومن المتوقع أن تعلن وزارة العمل، يوم الأربعاء، أن مؤشر أسعار المستهلك في الشهر الماضي ارتفع بنسبة 2.9 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، وفقاً لتقديرات خبراء الاقتصاد الذين استطلعت شركة «فاكتست» آراءهم. وإذا تأكد هذا الرقم فسيظل دون تغيير عن مستوى ديسمبر (كانون الأول)، لكنه يبقى مرتفعاً مقارنة بأدنى مستوى له في ثلاث سنوات ونصف السنة، الذي بلغ 2.4 في المائة في سبتمبر (أيلول)، وفق وكالة «أسوشييتد برس».
ويحظى تقرير التضخم المنتظر يوم الأربعاء بمتابعة دقيقة لتحديد ما إذا كان الاتجاه الأخير الذي أقلق صانعي السياسة في بنك الاحتياطي الفيدرالي، سيستمر. ففي يناير 2024، سجلت الأسعار ارتفاعاً حاداً جزئياً بسبب رفع الكثير من الشركات أسعارها مع بداية العام. ومع استمرار الضغوط التضخمية، جاءت بعض هذه الزيادات أكبر من المعتاد.
ويتوقع معظم خبراء الاقتصاد أن يكون تأثير هذه الزيادات أقل حدة هذه المرة، نظراً إلى أن المستهلكين أصبحوا أكثر حساسية للأسعار مقارنة بالعام الماضي. ومع ذلك، إذا استمرت هذه الزيادات فقد يشهد التضخم مزيداً من الارتفاع.
ويُعزى الارتفاع الأخير في التضخم إلى توقف بنك الاحتياطي الفيدرالي عن خفض أسعار الفائدة، بعدما أجرى ثلاثة تخفيضات العام الماضي. وفي هذا السياق، صرّح رئيس «الفيدرالي»، جيروم باول، يوم الثلاثاء، خلال شهادته أمام لجنة البنوك في مجلس الشيوخ، قائلاً: «لا نحتاج إلى التسرع» في تنفيذ مزيد من التخفيضات.
حالياً، يبلغ سعر الفائدة القياسي لبنك الاحتياطي الفيدرالي نحو 4.3 في المائة، منخفضاً عن أعلى مستوى له في عقدَيْن، الذي بلغ 5.3 في المائة في أغسطس (آب).
وباستثناء فئتي الغذاء والطاقة اللتَيْن تتسمان بالتقلب، فمن المتوقع أن ترتفع أسعار المستهلك الأساسية بنسبة 3.2 في المائة على أساس سنوي، وفقاً لتقديرات «فاكتست»، وهو المعدل ذاته المسجّل في الشهر السابق. ويراقب بنك الاحتياطي الفيدرالي هذه الأسعار من كثب، إذ تُعد مؤشراً أكثر دقة للاتجاه العام للتضخم.
ويتوقع الخبراء أن تكون تكلفة السيارات الجديدة والمستعملة، إلى جانب أسعار الملابس، قد سجلت انخفاضاً الشهر الماضي، مما قد يُسهم في تهدئة التضخم. ومع ذلك، يُتوقع أن ترتفع أسعار المواد الغذائية التي تمثّل عبئاً على الكثير من الأسر، مدفوعة بزيادة جديدة في أسعار البيض. فقد أدى تفشي إنفلونزا الطيور إلى إجبار مربي الدواجن على إعدام قطعانهم؛ مما تسبّب في نقص المعروض. كما فرضت بعض المتاجر قيوداً على عمليات الشراء، في حين لجأت بعض المطاعم إلى إضافة رسوم إضافية على أطباق البيض.
ويرجح معظم مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي والاقتصاديين في القطاع الخاص أن يستأنف التضخم مساره التراجعي خلال الأشهر المقبلة، مع تباطؤ نمو إيجارات الشقق، في حين من المتوقع أن تتباطأ وتيرة ارتفاع أسعار تأمين السيارات، التي كانت أحد محركات التضخم مؤخراً.
ومع ذلك، قد تؤدي السياسة التجارية لإدارة ترمب إلى رفع الأسعار في الأشهر المقبلة. فقد فرض ترمب، يوم الاثنين، تعريفات جمركية بنسبة 25 في المائة على واردات الصلب والألمنيوم، متوعداً بفرض مزيد من الرسوم. ووفقاً لخبراء الاقتصاد في «غولدمان ساكس»، فإن التضخم الأساسي السنوي قد ينخفض بنحو نقطة مئوية كاملة ليصل إلى 2.3 في المائة بحلول نهاية العام، في حال عدم فرض رسوم جديدة. لكن إذا تمّ تنفيذ المزيد من التعريفات، فقد يرتفع التضخم إلى 2.7 في المائة.
وفي شهادته يوم الثلاثاء، أقر رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، بأن الرسوم الجمركية قد تؤدي إلى ارتفاع التضخم، مما قد يحدّ من قدرة البنك المركزي على خفض أسعار الفائدة، واصفاً ذلك بأنه «احتمال قائم». لكنه أشار إلى أن التأثير الفعلي سيعتمد على حجم الواردات المشمولة بهذه الرسوم ومدى استمرارها.
وقال باول: «في بعض الحالات، لا تؤثر الرسوم الجمركية بشكل كبير على المستهلك، في حين هناك حالات أخرى يكون تأثيرها واضحاً. الأمر يعتمد على معطيات لم تتضح بعد».