«سوق الكربون الطوعي» السعودية تعمل لسد فجوة تمويل المناخ عالمياً

ريهام الجيزي لـ«الشرق الأوسط»: نهج جديد يُمكّن التمويل الإسلامي من الحصول على أرصدة الكربون

انبعاثات كربونية تخرج من أحد المصانع في الصين (رويترز)
انبعاثات كربونية تخرج من أحد المصانع في الصين (رويترز)
TT

«سوق الكربون الطوعي» السعودية تعمل لسد فجوة تمويل المناخ عالمياً

انبعاثات كربونية تخرج من أحد المصانع في الصين (رويترز)
انبعاثات كربونية تخرج من أحد المصانع في الصين (رويترز)

في وقت تزداد فيه فجوة تمويل المناخ في الدول النامية مع زيادة المخاطر البيئية وتخلي الدول الكبرى عن مسؤوليتها في هذا الشأن، تسعى شركة «سوق الكربون الطوعي» الإقليمية السعودية إلى لعب دور في سد فجوة تمويل المناخ، من خلال خطط وبرامج تقلل من حجم الانبعاثات من ناحية، وتعوض عن أضرارها من ناحية أخرى.

ترى الرئيسة التنفيذية لشركة «سوق الكربون الطوعي» الإقليمية السعودية، ريهام الجيزي، أنه «إذا تمكنت أسواق الكربون الطوعية من أن تصبح سوقاً بقيمة 100 مليار دولار بحلول عام 2030، كما هو متوقع، فيمكننا القول إننا قد لعبنا دوراً في سد فجوة تمويل المناخ».

وأشارت في تصريحات صحافية على هامش مشاركتها في مؤتمر القمة العالمية للمناخ (كوب 29)، في باكو عاصمة أذربيجان، إلى حجم التمويل المطلوب للأسواق الناشئة والبلدان النامية لسد فجوة التمويل، ولتحقيق أهداف صافي الانبعاثات الصفرية الذي يقدر بنحو 2.4 تريليون دولار من الاستثمارات في العمل المناخي سنوياً بحلول عام 2030، «في حين تم تخصيص 18 مليار دولار فقط منهم، أي أقل من 2 في المائة من التمويل المطلوب لدول الجنوب العالمي في عام 2022... لذا لن تتحقق أهداف صافي الانبعاثات الصفرية إذا لم نسد هذه الفجوة».

الرئيسة التنفيذية لشركة «سوق الكربون الطوعي» الإقليمية السعودية ريهام الجيزي

وأكدت ريهام الجيزي في ردها على أسئلة «الشرق الأوسط» عبر الرسائل البريدية، أن شركة «سوق الكربون الطوعي» تركز على توجيه التمويل إلى الجنوب العالمي، مشيرة هنا إلى أن «أكثر من ثلاثة أرباع سلة الاعتمادات المباعة في المزاد الأخير على منصة التبادل الجديدة (RVCMC) تأتي من الجنوب العالمي»، بما في ذلك بنغلاديش والبرازيل وإثيوبيا وماليزيا وباكستان وفيتنام.

وأطلقت شركة «سوق الكربون الطوعي» الإقليمية، في أول أيام مؤتمر المناخ في باكو، منصة تداول أرصدة الكربون الطوعية، حيث انضمت إليها 22 شركة سعودية ودولية في أول يوم تداول لها، وباعت بالمزاد أكثر من 2.5 مليون طن من أرصدة الكربون عالية الجودة.

ولكي تحقق أسواق الكربون الطوعية إمكاناتها؛ «يتعين على منظومة أسواق الكربون الطوعية بأكملها أن تتكاتف وتتعاون مع الحكومات وهيئات النزاهة والشركات من كل القطاعات، بما في ذلك القطاعات التي يصعب الحد من انبعاثاتها... وتشكل شركتنا جزءاً من هذه المنظومة...»، وفق ريهام.

وسوق الكربون الطوعية تمثل سوقاً لتداول شهادات تعادل كل منها طناً من الكربون، والبائعون في السوق هم مطورو المشاريع «الخضراء»، ويحصل الربح من خلال إصدار شهادات الكربون، بينما يمثل المشتري الشركات التي لديها التزامات مناخية لتقليل الانبعاثات.

التمويل الإسلامي

أكدت ريهام الجيزي على دخول التمويل الإسلامي في هذا المجال، الذي من شأنه أن يسهم في الحد من الانبعاثات الكربونية، قائلة: «نعمل مع البنوك المالية الإسلامية، في تجربة ونهج جديد تماماً تمكّن التمويل الإسلامي من الحصول على أرصدة الكربون، وهو ما من شأنه أن يفتح الباب لمزيد من التمويل...».

وأوضحت أنه «منذ أكثر من عام، حصلنا على أول فتوى على الإطلاق لتداول أرصدة الكربون بوصفها سلعة تمكينية، مما قد يستحوذ على جزء من سوق التمويل الإسلامي المتنامية التي تزيد قيمتها على 2 تريليون دولار... يفتح التمويل الإسلامي عدداً من الأبواب للاستثمار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويقود تغييراً في نهجه الثقافي تجاه التمويل وتغير المناخ».

وأضافت: «وبوصفنا أول سوق طوعية للكربون في المنطقة تتعاون مع التمويل الإسلامي، فقد عملنا مع المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة لتصميم مسار تمويل جديد لدعم الحفاظ على الموارد الطبيعية الثمينة وتنميتها في المنطقة، مثل أشجار المانغروف والأعشاب البحرية».

وتابعت ريهام الجيزي: «كما نتعاون مع البنوك لتطوير حالات استخدام أرصدة الكربون في التمويل الإسلامي... تخبرنا المبادئ الأساسية للتمويل الإسلامي أن الاستثمارات يجب أن تحقق فوائد اجتماعية وإنسانية... وهذا بالضبط ما نحاول القيام به بوصفه سوقاً، حيث نقوم بتمويل العمل المناخي الحقيقي مع تحسين سبل العيش في جميع أنحاء الجنوب العالمي».

القطاعات المشاركة

أكدت ريهام الجيزي على أهمية مشاركة كل القطاعات الاقتصادية والشركات في الحد من الانبعاثات، «أولاً وقبل كل شيء، يجب على الشركات في كل قطاع إعطاء الأولوية لإزالة الكربون، ولكن بالنسبة لعدد من القطاعات، وخصوصاً تلك التي يصعب تخفيف انبعاثاتها، فإن إزالة الكربون ستستغرق وقتاً... لذلك، يتطلع عدد من الشركات التي يصعب تخفيف انبعاثاتها إلى استكمال جهودها في إزالة الكربون، من خلال تعويض بعض النسب من انبعاثاتها».

وأشارت إلى قطاع الطاقة وحرص الشركات العاملة فيه على المشاركة في أسواق الكربون والمزادات المعلنة من الشركة، قائلة: «في قطاع الطاقة على سبيل المثال: (أرامكو) السعودية، و(سوكار) الأذربيجانية، وفي قطاع الأسمنت: شركة (أسمنت المنطقة الشرقية)، و(أسمنت اليمامة)، و(أسمنت ينبع)، وفي قطاع الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة مثل التعدين: (معادن)، وفي تصنيع البلاستيك: شركة (البلاستيك السعودية)، والتصنيع الكيماوي: (سابك)، وبالطبع شركات الطيران، إذ شاركت (طيران ناس) و(ألفا ستار) في مزاد هذا العام، كما شاركت الخطوط الجوية السعودية».

حجم المعاملات

وعن حجم المعاملات المالية في أسواق الكربون في المنطقة العربية، قالت ريهام الجيزي، إنه في الوقت الحالي تظل المعاملات في أسواق الكربون في جميع أنحاء المنطقة العربية محدودة، حيث تتصدر شركة «سوق الكربون الطوعي» الطريق.

لكنها أوضحت أنه «بناءً على نشاط التداول في الشركة، فإن القيمة السنوية المقدرة للمعاملات لعامي 2023 و2024 تبلغ نحو 100 مليون ريال سعودي (26.6 مليون دولار)».

وبالنظر إلى رؤية الشركة المستقبلية، قالت ريهام الجيزي: «هدفنا هو رؤية نطاق وتأثير أكبر مع استمرار ارتفاع الطلب حتى عام 2025 وما بعده».


مقالات ذات صلة

من هو مرشح ترمب لمنصب وزير الطاقة كريس رايت؟

الاقتصاد رايت مشاركاً في أحد المؤتمرات الدولية مؤخراً (منصة إكس)

من هو مرشح ترمب لمنصب وزير الطاقة كريس رايت؟

من هو مرشح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لتولي منصب وزير الطاقة في الحكومة المقبلة؟

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مزرعة رياح بحرية لتوليد الطاقة (رويترز)

الصين الأولى عالمياً في طاقة الرياح البحرية المتصلة بشبكة الكهرباء

قامت الصين ببناء وتوصيل 39.1 مليون كيلوواط من طاقة الرياح البحرية بشبكة الكهرباء بحلول الربع الثالث من عام 2024، لتحصل على المرتبة الأولى عالمياً.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد الشمس أثناء الغروب خلف أعمدة خطوط الكهرباء ذات الجهد العالي (رويترز)

الربط الكهربائي بين مصر والسعودية يحسّن إمدادات التيار في المنطقة ويقلل الانقطاعات

ترى الشركة المنفذة لأعمال الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، أن الربط الكهربائي بين البلدين سيحسّن إمدادات التيار في المنطقة ويقلل من انقطاعات الكهرباء.

صبري ناجح (القاهرة)
الاقتصاد سيارات تنتظر بإشارة المرور في شنغهاي (رويترز)

منتدى الطاقة الدولي: نمو قطاع النقل يعقد مسار التنمية المستدامة

من المتوقع أن تساهم الاتجاهات الديموغرافية العالمية المتسارعة في دفع الطلب على الطاقة في قطاع النقل والتنقل خلال العقود المقبلة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد صورة جوية لمصفاة النفط التابعة لشركة «إكسون موبيل» في تكساس (رويترز)

قطاع الطاقة الأميركي يعد قائمة أمنيات لإدارة ترمب الجديدة

مع اقتراب تولّي الرئيس المنتخب دونالد ترمب منصبه بعد شهرين، أصبح بمقدوره تنفيذ وعوده الانتخابية. في حين يعمل التنفيذيون في قطاع الطاقة على صياغة مقترحات جديدة.

«الشرق الأوسط» (هيوستن (الولايات المتحدة))

مصر: «شيفرون» تحفر آباراً جديدة بغرب المتوسط و«إكسون موبيل» تبدأ الشهر المقبل

وزير البترول المصري كريم بدوي (وزارة البترول المصرية)
وزير البترول المصري كريم بدوي (وزارة البترول المصرية)
TT

مصر: «شيفرون» تحفر آباراً جديدة بغرب المتوسط و«إكسون موبيل» تبدأ الشهر المقبل

وزير البترول المصري كريم بدوي (وزارة البترول المصرية)
وزير البترول المصري كريم بدوي (وزارة البترول المصرية)

قال وزير البترول المصري كريم بدوي إن شركات أجنبية بدأت عمليات استكشاف وإنتاج النفط والغاز في البلاد بوتيرة أسرع، خلال الأشهر الأخيرة، منها «بدء حفر آبار جديدة لاستكشاف الغاز في غرب البحر المتوسط من خلال شركة شيفرون العالمية في المنطقة العربية، وكذلك خطة شركة إكسون موبيل لبدء الحفر، الشهر المقبل».

وأضاف بدوي، خلال احتفالية العيد القومي التاسع والأربعين للبترول المصري، أن شركة بريتش بتروليوم العالمية تنفذ برنامجاً طموحاً للحفر، علاوة على بدء المسح السيزمي الاستكشافي في غرب المتوسط؛ للتعرف على الفرص الموجودة، مؤكداً «بدء دوران عجلة الاستكشاف والإنتاج للبترول والغاز، خلال الأشهر الأخيرة، بوتيرة أسرع والاستفادة من الحُزم التحفيزية التي قدمها قطاع البترول للاستثمار في هذا المجال».

وأشار الوزير، في بيان صحافي، صدر اليوم الأحد من وزارة البترول، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إلى أن هذه المجهودات تأتي وفق استراتيجية عمل الوزارة الجاري تنفيذها، لافتاً إلى أهمية الاستفادة بقدرات البنية التحتية لقطاع تكرير البترول والبتروكيماويات التي جرى تشييدها على مدار عقود في هذه المرحلة المهمة، وتشغيل هذه البنية التحتية بأعلى طاقة إنتاجية من أجل تحقيق قيمة مضافة وعوائد أكبر للاقتصاد المصري.

وأشار الوزير إلى أن هناك 57 شركة إنتاج أجنبية تعمل في مصر حالياً، منوهاً بتطلع بلاده لرفع نسبة مساهمة محور تنمية ثروات مصر المعدنية في الناتج القومي من 1 في المائة حالياً إلى ما يتراوح بين 5 و6 في المائة.