فوز ترمب يعزز «البتكوين»... فهل نشهد «عصراً ذهبياً» للعملة المشفرة؟

اقتربت من 80 ألف دولار للمرة الأولى... وتوقعات بالمزيد مع تخفيف القيود التنظيمية

ترمب متحدثاً في مؤتمر «بتكوين 2024» بولاية تينيسي (رويترز)
ترمب متحدثاً في مؤتمر «بتكوين 2024» بولاية تينيسي (رويترز)
TT

فوز ترمب يعزز «البتكوين»... فهل نشهد «عصراً ذهبياً» للعملة المشفرة؟

ترمب متحدثاً في مؤتمر «بتكوين 2024» بولاية تينيسي (رويترز)
ترمب متحدثاً في مؤتمر «بتكوين 2024» بولاية تينيسي (رويترز)

اقتربت عملة البتكوين من عتبة الـ80 ألف دولار للمرة الأولى، وذلك بفضل التفاؤل بشأن فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية الأميركية.

وقد دفع فوز ترمب سعر البتكوين للارتفاع بنحو 10 في المائة ليصل إلى مستوى قياسي يتجاوز 76 ألف دولار يوم الجمعة، مع توقعات بدعم سياسات تُخفف القيود التنظيمية.

ترمب، الذي أصبح داعماً للبتكوين، تعهد بإجراء تغييرات كبيرة تشمل رئيس لجنة الأوراق المالية غاري غينسلر، مما أثار تفاؤلاً بشأن «ثورة رقمية» في الولايات المتحدة. وأشاد الرئيس التنفيذي لشركة «باينانس»، ريتشارد تنغ، بفوز ترمب بوصفه بداية «العصر الذهبي» للعملات المشفرة، كما يعد «فوزاً كبيراً» للقطاع.

170 مليون دولار في انتخابات 2024

شهدت الانتخابات دعماً كبيراً من أنصار العملات المشفرة للمرشح الجمهوري دونالد ترمب على حساب منافسته الديمقراطية كامالا هاريس. وعلى الرغم من تحفظاته السابقة، أثنى ترمب في مؤتمر البتكوين في ناشفيل في يوليو (تموز) على إنشاء «احتياطي فيدرالي» من البتكوين، كما شدّد على أهمية جلب عمليات تعدين هذه العملة إلى الأراضي الأميركية، وتعهد بجعل أميركا «عاصمة العملات المشفرة في العالم». كذلك أطلق مشروعاً جديداً باسم «وورلد ليبرتي فاينانشيال»، بالتعاون مع أفراد من عائلته لتداول العملات المشفرة.

وجمعت صناعة العملات المشفرة 170 مليون دولار لدعم الحملات السياسية، وحققت نجاحات كبيرة بفوز ترمب على منافسه، بالإضافة إلى فوز الجمهوري بيرني مورينو بمقعد مجلس الشيوخ في ولاية أوهايو على حساب الديمقراطي شيرود براون الذي يعارض هذه العملات.

مسار تصاعدي مع الانتخابات

رغم تقلباتها الحادة، لوحظ ارتباط صعود البتكوين بالانتخابات الرئاسية الأميركية، بغض النظر عن هوية الفائز أو الحزب الحاكم. فقد ارتفع سعرها بشكل قياسي بعد فوز ترمب في 2016 من نحو 715 دولاراً لتبلغ ذروتها عند أكثر من 18 ألف دولار بحلول ديسمبر (كانون الأول) 2017، وفي انتخابات 2020، وفي ظل الأزمة الاقتصادية التي خلفتها جائحة «كوفيد - 19»، قفز سعر البتكوين مجدداً، محققاً زيادة تفوق 450 في المائة خلال العام التالي ليصل إلى أعلى مستوياته قرب 69 ألف دولار بنهاية 2021.

وبعد فوز ترمب في ولاية ثانية، سجلت البتكوين ارتفاعاً قياسياً تجاوز 76 ألف دولار، مع مكاسب ملحوظة في أسهم الشركات المرتبطة بالعملات المشفرة، مثل «مايكرو استراتيجي» التي ارتفعت بنسبة 14 في المائة، و«كوينبيس» بنسبة 13 في المائة. كما تدفق نحو 1.4 مليار دولار في صناديق الاستثمار المتداولة في بتكوين بالولايات المتحدة. وعلق الرئيس التنفيذي لبورصة «كوينباس»، براين أرمسترونغ، قائلاً: «أميركا ستسير نحو الحرية الاقتصادية».

تفاؤل رغم الشكوك

يواجه ترمب تحديات قانونية في إقالة غينسلر، الذي تنتهي ولايته في 2026، كون الهيئة وكالة مستقلة. رغم ذلك، يأمل بيل هيوز من «كونسينسيس» في «تجميد القضايا المعلقة»، مشيراً إلى أن الهيئة يجب أن تصحح أخطاء سابقة في الأصول المشفرة. ويسعى القطاع إلى إصلاح قواعد المحاسبة على الأصول الرقمية التي فرضتها الهيئة في 2022، ويأمل التنفيذيون في إلغاء القاعدة بمساعدة الجمهوريين، مما يتيح للبنوك الكبرى المشاركة. ويرى نوفوغراندز أن دخول شركات كبرى سيفتح الباب لمشاركة مؤسسية واسعة. ورغم الشكوك في بعض الوعود، يبقى مؤسس شركة الاستشارات الاستثمارية «تو برايم»، أليكس بلوم متفائلاً بإمكانية تحقيقها، مشيراً إلى أن «المرشحين يقدمون وعوداً كبيرة، آملاً أن يفي ترمب بها».

ووفقاً لمجموعة الضغط «كوينباس ستاند ويذ كريبتو»، أصبح هناك 284 سياسياً مؤيداً لهذه العملات في الكونغرس مقابل 132 ضدها.

البتكوين في صورة توضيحية ملتقطة في باريس (رويترز)

فوز ترمب يعزز ثقة المستثمرين

قال الرئيس التنفيذي لشركة «كابيتال دوت كوم» في الشرق الأوسط، طارق شبيب، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «من المتوقع أن يكون لفوز ترمب تأثير إيجابي كبير على سوق العملات المشفرة. بصفته رئيس الولايات المتحدة، من المرجح أن يعمل على خلق بيئة سياسية أكثر دعماً للعملات المشفرة من خلال تخفيف القيود التنظيمية المفروضة على هذا القطاع». وأشار إلى أن هذا التوجه قد يُحفز الابتكار في مجال التكنولوجيا المالية، ويجذب مزيداً من الاستثمارات المؤسسية، مما يسهم في تعزيز قبول العملات المشفرة على الصعيد العالمي.

وأضاف: «في (كابيتال دوت كوم)، نؤمن أن التكنولوجيا المالية قادرة على دمقرطة الوصول إلى المال، وتحطيم الحواجز التقليدية، وبالتالي فإن أي خطوات تتماشى مع هذا الهدف مرحب بها. وقد تسهم سياسة أكثر ودية للعملات المشفرة في الولايات المتحدة في زيادة الشفافية وتوسيع الوصول إلى الخدمات المالية على مستوى العالم».

شخص يحمل تمثيلاً مرئياً لعملة بتكوين (أ.ف.ب)

وعن تأثير ترمب على سوق العملات المشفرة، قال: «بعد فوزه شهدت أسواق العملات المشفرة، وخاصة البتكوين، ارتفاعاً، مما يشير إلى تجدد الثقة من المستثمرين. ومن المحتمل أن تزداد الاستثمارات وحجم التداولات مع تراجع حالة عدم اليقين التنظيمي. وقد شهدت منصة (كابيتال دوت كوم) مؤخراً اتجاهاً زائداً من العملاء الذين ينوعون محافظهم الاستثمارية، وقد يساعد وضوح القوانين في الولايات المتحدة على تعزيز هذا الزخم».

ولناحية الابتكارات أو التطورات المتوقعة في قطاع العملات المشفرة في منطقة الشرق الأوسط نتيجة لهذه التغيرات السياسية، قال شبيب: «مع احتمالية تبني الولايات المتحدة لسياسات أكثر ودية للعملات المشفرة، قد تُكثف منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً الإمارات، مبادراتها للحفاظ على تنافسيتها. نتوقع مزيداً من التقدم التنظيمي وتوسيع الشراكات، حيث تواصل الإمارات تعزيز مكانتها بصفتها مركزاً عالمياً للعملات المشفرة، مع إمكانات كبيرة لتقنيات التكنولوجيا المالية (fintechs) لدعم هذا التحول».

وختم قائلاً: «تزامن فوز ترمب مع زيادة ملحوظة في تداول العملات المشفرة، حيث شهدت منصات مثل (كوينباس) و(روبينهود) نشاطاً تداولياً كبيراً. ورغم أن البيانات المتعلقة بحجم التداول من السعودية ما زالت محدودة، فإن الاهتمام العام في منطقة الشرق الأوسط بالعملات المشفرة يبقى كبيراً ويزداد قوة».

متعاملان في بورصة نيويورك للأوراق المالية يرتديان قبعتين لـ«إس آند بي 600» (أ.ب)

مستقبل البتكوين

يتوقع خبراء بنك «جيه بي مورغان» استمرار ارتفاع سعر البتكوين خلال الأسابيع الثمانية المقبلة، وتشير التوقعات إلى أن البتكوين سيظل ملاذاً آمناً في ظل تدهور العملات والاضطرابات الجيوسياسية، مما يعزز «تجارة تدهور العملة»، حيث يتجه المتداولون للاستثمار في الأصول الآمنة. من جهتها، توقعت مؤسسة «ستاندرد تشارترد» أن يصل سعر البتكوين إلى 125 ألف دولار بنهاية العام إذا تم تنفيذ سياسات ترمب الاقتصادية، وقد يصل إلى 150 ألف دولار إذا تبنت الإدارة الجديدة سياسات تدعم اعتماد العملات المشفرة في النظام المالي الأميركي.


مقالات ذات صلة

انطلاقة متعثرة لمنصة ترمب للعملات المشفَّرة

الاقتصاد دونالد ترمب يلوح بيده في حدث لـ«البتكوين» بولاية تينيسي الأميركية (رويترز)

انطلاقة متعثرة لمنصة ترمب للعملات المشفَّرة

شهدت منصة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب للعملات المشفَّرة انطلاقة متعثرة، إذ لم يشترِ غير عدد قليل جداً من المستثمرين وحدات عملته الرقمية التي أتيحت للبيع.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد دونالد ترمب الرئيس الأميركي السابق (رويترز)

ترمب يطلق منصة جديدة للعملات المشفّرة

أطلق الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب مع أبنائه ورجال أعمال، منصّة للعملات المشفّرة، لكن من دون الكشف عن كثير من التفاصيل.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد يشمل المشروع المعروف باسم «أجورا» سبعة بنوك مركزية (الموقع الإلكتروني لصندوق النقد الدولي)

40 بنكاً دولياً يشارك في مشروع إنشاء منصة عملة رقمية جديدة

انضم أربعون بنكاً من البنوك التجارية الدولية إلى مشروع تجريبي تتصدره مجموعة السبع مع بنوك مركزية لمشروع إنشاء منصة عملة رقمية جديدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
عالم الاعمال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ف.ب)

ترمب يعتزم إطلاق منصة للعملات الرقمية

أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب عزمه على إطلاق منصة للعملات الرقمية، مقدماً إياها كبديل للبنوك والمؤسسات المالية الكبرى.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد تمثيل للعملة الافتراضية «الإيثريوم» أمام رسم بياني للأسهم (رويترز)

107 ملايين دولار جمعتها صناديق «الإيثريوم» بأول يوم تداول

سجلت أول صناديق أميركية متداولة تستثمر مباشرة في عملة «الإيثريوم» المشفّرة تدفقاً صافياً للاستثمار بإجمالي 107 ملايين دولار بعد انطلاقها يوم الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

4 مليارات دولار صفقات اليوم الثاني لـ«سيتي سكيب العالمي» في الرياض

خلال توقيع أمانة القصيم العقود الاستثمارية في معرض "سيتي سكيب" (واس)
خلال توقيع أمانة القصيم العقود الاستثمارية في معرض "سيتي سكيب" (واس)
TT

4 مليارات دولار صفقات اليوم الثاني لـ«سيتي سكيب العالمي» في الرياض

خلال توقيع أمانة القصيم العقود الاستثمارية في معرض "سيتي سكيب" (واس)
خلال توقيع أمانة القصيم العقود الاستثمارية في معرض "سيتي سكيب" (واس)

شهدت فعاليات اليوم الثاني لمعرض «سيتي سكيب العالمي 2024» توقيع اتفاقيات وإطلاقات لمشاريع استثمارية تبلغ قيمتها الإجمالية نحو 15 مليار ريال (4 مليارات دولار)، يستهدف بعضها تعزيز التنمية الاقتصادية، وتوفير خدمات متكاملة للمواطنين والمقيمين، في حين يُتوقع أن تسهّل الأخرى على المطورين والمستثمرين والمستخدمين النهائيين الوصول إلى خدمات متنوعة تلبي احتياجات السوق المتنامية.

وأعلن أمين المنطقة الشرقية المهندس فهد الجبير، عن إطلاق مجموعة من المشاريع الاستثمارية النوعية بإجمالي استثمارات تبلغ 8 مليارات ريال (2.13 مليار دولار)، مبيّناً أنها ستمثل قفزة نوعية في دعم عناصر جودة الحياة.

ومن أهمها مشروع «مدينة الاستدامة» الذي يمتد على مساحة 1.6 مليون متر مربع. وفق الجبير الذي قال إنه سيتم بالتعاون مع الشركة السعودية الاستثمارية لإعادة التدوير (سرك)، المملوكة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، بإجمالي تكلفة 7 ملايين ريال (1.87 مليون دولار)، لتوفير حلول بيئية شاملة لتدوير أنواع النفايات كافة، ويساهم في تحقيق أهداف المملكة في خفض الانبعاث الكربوني للوصول إلى الحياد الصفري.

في حين، وقّع أمين منطقة القصيم، المهندس محمد المجلي، أربعة عقود استثمارية، بمبلغ إجمالي تجاوز 180 مليون ريال (48 مليون دولار).

وأكد المتحدث الرسمي لأمانة القصيم، نايف النفيعي، أن هذه المشاريع تستهدف تعزيز التنمية الاقتصادية وتوفير خدمات متكاملة للمواطنين والمقيمين؛ مما يسهم في تحسين جودة الحياة في المنطقة، وتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الاستثمار في القطاعين العام والخاص.

وكيل وزارة البلديات والإسكان متحدثاً في اليوم الثاني لمعرض «سيتي سكيب» (منصة «إكس»)

أما وكيل وزارة البلديات والإسكان السعودي طلال الخنيني، فقد كشف خلال اليوم الثاني من المعرض عن أن الوزارة ستوفر ملكية 16 ألف وحدة سكنية جديدة بقيمة 4.8 مليار ريال (1.28 مليار دولار).

وأوضح الخنيني أن ذلك بالشراكة مع الذراع غير الربحية مؤسسة الإسكان التنموي (سكن)، وعبر شراكة استراتيجية تؤكد عزم الوزارة على التكامل مع القطاع غير الربحي والقطاع الخاص لتقديم حلول سكنية ورفع نسب تملك المواطنين.

وقال إن هذا الحدث يمثل منصة عالمية تجمع أهم صانعي التطوير العقاري ومختلف القطاعات المرتبطة به، ويعدّ فرصة فريدة لتعزيز التعاون والابتكار في خلق مجتمعات ومنتجات سكنية تواكب أحدث التوجهات العقارية العالمية، وتتيح للجميع اكتشاف المشروعات الضخمة للمملكة، عبر منظومة الإسكان ومن مختلف دول العالم.

وفي السياق ذاته، وقّعت «الشركة الوطنية للإسكان» السعودية التي تُعدّ الذراع الاستثمارية لمبادرات وبرامج وزارة البلديات والإسكان، اتفاقية مبدئية للتفاهم مع شركة «نيفر كلاود» الكورية، حول تأسيس شراكة استثمارية لمحفظة من الأعمال يُتوقع أن تتجاوز قيمتها ملياري ريال (532.4 مليون دولار).

وتهدف الاتفاقية إلى تعزيز جهود «الوطنية للإسكان» و«نيفر كلاود» في السوق السعودية في مجال الابتكار وتطوير حلول ذكية تخدم القطاعَيْن العقاري والتقني، والاستفادة من الخبرات العالمية المتقدمة للشركة الكورية في مجالات التكنولوجيا الذكية والبنية التحتية الرقمية، وتطوير خدمات مبتكرة وحلول تقنية تعزّز من مستوى الكفاءة والشفافية في القطاعين العقاري والبلدي خصوصاً، والتقني عموماً.

ويُتوقع أن تُسهم الاتفاقية في تقديم حلول متكاملة تسهّل على المطورين والمستثمرين والمستخدمين النهائيين الوصول إلى خدمات متنوعة تلبي احتياجات السوق السعودية المتنامية.

من جانب آخر، أبرم السجل العقاري 7 مذكرات تعاون واتفاقيات، خلال مشاركته في معرض «سيتي سكيب العالمي»، وذلك في إطار جهوده الرامية إلى تعزيز العلاقة والتواصل مع القطاعين العام والخاص، وعقد شراكات استراتيجية مع الجهات الفاعلة في منظومة العقار، وتمكين شركات التقنية العقارية من الوصول إلى بيانات السجل العقاري.