القطاع الخاص اللبناني يسجل أدنى مستوى له في 44 شهراً

نتيجة لتوسُّع نطاق الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»

صورة عامة لمنطقة وسط بيروت (رويترز)
صورة عامة لمنطقة وسط بيروت (رويترز)
TT

القطاع الخاص اللبناني يسجل أدنى مستوى له في 44 شهراً

صورة عامة لمنطقة وسط بيروت (رويترز)
صورة عامة لمنطقة وسط بيروت (رويترز)

شهد أداء القطاع الخاص اللبناني في أكتوبر (تشرين الأول) 2024 أسوأ أداء له منذ أكثر من 3 سنوات ونصف؛ حيث أظهر مؤشر مديري المشتريات الرئيسي تدهوراً حاداً في نشاط القطاع. ويعود هذا التراجع إلى ازدياد الضغوط الناتجة عن الحرب المستمرة بين إسرائيل و«حزب الله» التي ألقت بظلالها على مختلف جوانب الاقتصاد.

فقد أشار مؤشر مديري المشتريات الرئيسي الصادر عن بنك «لبنان والمهجر» التابع لـ«ستاندرد آند بورز» إلى تدهور النشاط الاقتصادي في القطاع الخاص اللبناني، بأسرع وتيرة له في أكثر من 3 سنوات ونصف خلال شهر أكتوبر 2024. وسجلت مؤشرات الإنتاج والطلبيات الجديدة -وخصوصاً الأعمال الواردة من العملاء الدوليين- تراجعاً حاداً، نتيجة لتوسّع نطاق الحرب بين إسرائيل و«حزب الله» في مختلف أنحاء لبنان. كما أثّر انقطاع سلاسل التوريد سلباً على الأنشطة الشرائية ومخزونات الشركات، مما أدى إلى تراجع ملحوظ في ثقة الشركات، بسبب المخاوف من استمرار المواجهات العسكرية أو تصاعد حدتها.

وأظهرت بيانات المسح الأخيرة زيادة في الضغوط التضخمية على الأسعار نتيجة لتصاعد الصراع؛ حيث أفادت التقارير بأن الموردين قد رفعوا أتعابهم، ما دفع شركات القطاع الخاص اللبناني إلى رفع أسعار السلع والخدمات بشكل ملحوظ.

وانخفض مؤشر مديري المشتريات بمقدار نقطتين من 47 نقطة في سبتمبر (أيلول) 2024 إلى 45 نقطة في أكتوبر 2024، وهي أدنى قراءة منذ أكثر من 3 سنوات. ويُعزى هذا الانخفاض الكبير إلى تراجع مستوى الطلب بشكل رئيسي من العملاء الدوليين؛ حيث شهدت الطلبيات الجديدة للتصدير انخفاضاً ملحوظاً خلال الشهر الماضي. وأشار المشاركون في الاستطلاع إلى أن العملاء الدوليين تراجعوا عن تقديم طلبيات جديدة؛ ليس فقط بسبب الحرب في لبنان؛ بل نتيجة للصراع في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام. وكان هذا الانخفاض في مبيعات التصدير هو الأكثر وضوحاً منذ مايو (أيار) 2020.

على صعيد التوظيف، شهد القطاع الخاص اللبناني انخفاضاً في أعداد الموظفين بسبب انكماش الأعمال الجديدة الواردة؛ لكن هذا الانخفاض كان طفيفاً نسبياً بشكل عام. ومع ذلك، استُنفدت الأعمال غير المنجزة بأعلى معدل لها في أكثر من عامين ونصف، نتيجة للضعف الملحوظ في مستوى الطلب.

من جهة العرض، أظهرت بيانات المسح لشهر أكتوبر أن الحرب بين إسرائيل و«حزب الله» قد تسببت في انقطاع سلاسل التوريد، مما أدى إلى تأخير مواعيد تسليم الموردين بأعلى معدل منذ مارس (آذار) 2023. وسبَّب هذا التأخير في حركة السلع -وخصوصاً عبر وسائل النقل البري- إعاقة كبيرة في تدفق الإمدادات. كما خفضت الشركات اللبنانية أنشطتها الشرائية بأعلى معدل منذ يوليو (تموز) 2021 بسبب المخاوف الأمنية، مما أسفر عن تراجع مخزون المشتريات بأعلى معدل في أكثر من 4 أعوام. ولجأت بعض الشركات إلى استخدام المخزونات المتاحة لتعويض نقص المواد في السوق.

وأفاد المشاركون في الاستطلاع أيضاً بارتفاع أسعار المشتريات التي تتحملها الشركات اللبنانية، نتيجة لزيادة أتعاب الموردين بسبب الحرب؛ حيث سجل معدل التضخم العام لأسعار مستلزمات الإنتاج أعلى مستوى له في 19 شهراً. وفي ظل هذه الظروف، رفعت شركات القطاع الخاص اللبناني أسعار السلع والخدمات بأعلى معدل في أكثر من عام ونصف.

وأخيراً، تراجعت ثقة الشركات إلى أدنى مستوى لها في 16 شهراً، بسبب المخاوف من تأثير استمرار الحرب بين إسرائيل و«حزب الله» على توقعات الإنتاج المستقبلي.

وتعليقاً على نتائج مؤشر مديري المشتريات لشهر أكتوبر 2024، قال المدير العام لبنك «لبنان والمهجر»، الدكتور فادي عسيران: «من المؤلم أن نظرة شركات القطاع الخاص اللبناني تظل تشاؤمية بشأن توقعات النشاط التجاري خلال العام المقبل؛ حيث يتوقع 84 في المائة من المشاركين في الاستطلاع تراجعاً في مستوى النشاط التجاري خلال الاثني عشر شهراً القادمة».


مقالات ذات صلة

الاتحاد الأوروبي يجدد الدعوة لوقف إطلاق نار فوري في لبنان والالتزام بالقرار «1701»

المشرق العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت حياً في الضاحية الجنوبية لبيروت - 22 نوفمبر 2024 وسط الحرب المستمرة بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي يجدد الدعوة لوقف إطلاق نار فوري في لبنان والالتزام بالقرار «1701»

دعت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى لبنان، اليوم (الجمعة)، مجدداً إلى التوصل لوقف فوري لإطلاق النار والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن «1701» بشكل كامل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها، الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع...

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق مؤسِّسة المبادرة مع فريقها المُساعد للنازحين الصمّ (نائلة الحارس)

«مساعدة الصمّ»... مبادرة تُثلج قلب مجتمع منسيّ في لبنان

إهمال الدولة اللبنانية لمجتمع الصمّ يبرز في محطّات عدّة. إن توجّهوا إلى مستشفى مثلاً، فليس هناك من يستطيع مساعدتهم...

فيفيان حداد (بيروت)
المشرق العربي تصاعد الدخان بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)

الجيش الإسرائيلي يجدد الغارات على ضاحية بيروت بعد إنذارات بالإخلاء

تجدَّدت الغارات الإسرائيلية، صباح الجمعة، على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات وجَّهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء 3 مواقع.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية هوكستين خلال اجتماعه مع وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس ورئيس أركان الجيش هرتسي هليفي (وزارة الدفاع)

هوكستين «المتفائل» في تل أبيب يحتاج إلى جولات إضافية لإحكام الاتفاق مع لبنان

أجرى هوكستين في تل أبيب محادثات مع وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هليفي، في وزارة الدفاع، وذلك غداة وصوله من لبنان.

نظير مجلي (تل أبيب)

الاقتصاد الألماني يتباطأ مجدداً... نمو أقل من المتوقع

تظهر سحب داكنة فوق مبنى الرايخستاغ مقر البرلمان الألماني في برلين (رويترز)
تظهر سحب داكنة فوق مبنى الرايخستاغ مقر البرلمان الألماني في برلين (رويترز)
TT

الاقتصاد الألماني يتباطأ مجدداً... نمو أقل من المتوقع

تظهر سحب داكنة فوق مبنى الرايخستاغ مقر البرلمان الألماني في برلين (رويترز)
تظهر سحب داكنة فوق مبنى الرايخستاغ مقر البرلمان الألماني في برلين (رويترز)

نما الاقتصاد الألماني بوتيرة أقل من التقديرات السابقة في الربع الثالث، بحسب ما أعلن مكتب الإحصاء يوم الجمعة، مما يزيد من تفاقم الأخبار السلبية حول دولة يُتوقع أن تكون الأسوأ أداءً بين دول مجموعة السبع الكبرى هذا العام.

وأظهرت البيانات أن الناتج المحلي الإجمالي نما بنسبة 0.1 في المائة في الربع الثالث من عام 2024 مقارنة بالربع السابق، مسجلاً انخفاضاً عن التقدير الأولي الذي كان يشير إلى نمو بنسبة 0.2 في المائة، وفق «رويترز».

وقال كبير خبراء الاقتصاد في منطقة اليورو لدى «بانثيون ماكروإيكونوميكس»، كلاوس فيستيسن: «الاقتصاد الألماني لم يحقق تقدماً يذكر في الربع الثالث، وهو ما يواصل اتجاهاً لا يظهر أي نمو تقريباً في أكبر اقتصاد في منطقة اليورو».

وقد تخلفت ألمانيا عن متوسط النمو في الاتحاد الأوروبي منذ عام 2021، ومن المتوقع أن ينكمش اقتصادها للعام الثاني على التوالي في 2024.

ويُعرّف الركود عادةً بأنه انكماش اقتصادي لمدة ربعين متتاليين، وقد أثارت البيانات الخاصة بالربع الثاني المخاوف من حدوث ركود بعد تسجيل انكماش بنسبة 0.3 في المائة.

وقال رئيس قسم الاقتصاد الكلي العالمي في بنك «آي إن جي»، كارستن برزيسكي: «حتى لو تجنب الاقتصاد الألماني الركود في الصيف، فإن الركود في الشتاء يلوح في الأفق».

وارتفعت الاستهلاكات الأسرية بنسبة 0.3 في المائة على أساس ربع سنوي، بينما سجل الإنفاق الحكومي زيادة بنسبة 0.4 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت الاستثمارات في الآلات والمعدات بنسبة 0.2 في المائة، وكذلك في قطاع البناء بنسبة 0.3 في المائة.

وفي ما يتعلق بالتوقعات المستقبلية، أشار فيستيسن إلى أن هناك إمكانات لنمو الإنفاق الاستهلاكي، بالنظر إلى النمو القوي في الدخل الحقيقي ومعدل التوفير المرتفع.

وانخفضت صادرات السلع والخدمات بنسبة 1.9 في المائة مقارنة بالربع الثاني، حيث تراجعت صادرات السلع بشكل ملحوظ بنسبة 2.4 في المائة، وفقاً لما ذكره مكتب الإحصاء.

وقال برزيسكي: «بالنظر إلى ما بعد الشتاء، ستعتمد آفاق النمو في ألمانيا بشكل كبير على قدرة الحكومة الجديدة على تعزيز الاقتصاد المحلي في ظل احتمالات نشوب حرب تجارية وتبني سياسات صناعية أقوى في الولايات المتحدة».