لبنان ينضم «رسمياً» إلى القائمة الرمادية العالمية لغسل الأموال

حاكم «المركزي» نجح بتحييد قنوات المعاملات المالية الخارجية

تصاعد الدخان من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت في 26 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
تصاعد الدخان من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت في 26 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

لبنان ينضم «رسمياً» إلى القائمة الرمادية العالمية لغسل الأموال

تصاعد الدخان من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت في 26 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
تصاعد الدخان من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت في 26 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

​لم يكن مفاجئاً إقدام مجموعة العمل الدولي في ختام اجتماعاتها الدورية في باريس، الجمعة، على إدراج لبنان ضمن لائحة الدول غير المتعاونة كفاية في مكافحة غسل (تبييض الأموال) وتمويل الإرهاب (القائمة الرمادية)، بعدما استنفد المهل الزمنية المتتالية على مدى نحو 18 شهراً من دون تحقيق أي تقدم جوهري أو اتخاذ ما يلزم من تعديلات قانونية وتدابير تنفيذية وإجرائية لتحقيق الاستجابة المكتملة لمتطلبات محددة تفضي إلى معالجة أوجه القصور المحددة من قبل مجموعتي «فاتف» الإقليمية والدولية.

الاجتماع الأول لمجموعة العمل المالي خلال رئاسة المكسيك للمجموعة (موقع فاتف)

فقد أُبلغت السلطة النقدية الممثلة بحاكمية البنك المركزي وهيئة التحقيق الخاصة، قبل أشهر، بتعذر منح لبنان فترة سماح جديدة، ما دامت المجموعة لم تلمس، عبر فرق التقييم المتبادل، اتخاذ خطوات جدية ولا مخططات واضحة من جانب السلطات السيادية غير المالية للموجبات المحددة وفي مقدمها التصدي للفساد المستشري في مؤسسات القطاع العام وسد الثغرات المتعددة التي تتيح مرور عمليات مشبوهة تقع تحت تصنيف الجرائم المالية وفق المعايير الدولية.

ويستعيد لبنان، على الرغم من تبدل الظروف والوقائع، هذه التجربة المريرة بعد نحو 22 عاماً من خروجه الناجح من القائمة عينها في عام 2002، عبر استحداث منظومة قانونية وإجرائية متكاملة لقيت تأييد وثقة مجموعة العمل الدولية حينها لتتخذ القرار بشطب تصنيفه ضمن لائحة الدول غير المتعاونة. ثم حفزه للمساهمة في تأسيس مجموعة «فاتف» الإقليمية واختيار ممثله (الدكتور محمد بعاصيري) لمنصب أول رئيس دوري لمجموعة العمل المالي الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي انطلقت أواخر عام 2004، وتتخذ من البحرين مقراً رئيسياً لها.

وبالفعل، استدعت التحذيرات الدولية المبكرة مبادرة حاكم البنك المركزي بالإنابة، الدكتور وسيم منصوري، للقيام بجولات اتصالات مباشرة في مراكز القرار المالي العالمي، ولا سيما في واشنطن ولندن ولاحقاً في باريس، بهدف احتواء التداعيات التلقائية للقرار المرير، وحقق نجاحاً مشهوداً في تحييد القطاع المالي عن التبعات الفورية عبر إثبات التزاماته بالمعايير المتشددة لمكافحة غسل الأموال، وبالتالي عزل أي تأثيرات على تعاملاته وتحويلاته مع شبكة البنوك المراسلة.

حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري (أ.ب)

ويؤكد مرجع كبير في السلطة النقدية لـ«الشرق الأوسط»، أن الحراك الاستباقي من قبل الحاكم واستثمار رصيد الثقة التاريخي لدى البنوك العالمية بكفاءة القطاع المالي المحلي وصرامته في تطبيق المعايير الدولية في منع مرور أي عمليات مشبوهة، ساهما بفاعلية في تأمين أرضية لهبوط القرار بشكل «سلس» نسبياً على الجهاز المصرفي وشركات تحويل الأموال، ولا سيما بعد تلقي إشعارات خارجية مطمئنة باستمرار عمليات التحويل وفتح الاعتمادات وفق نسقها وكلفتها السارية ما قبل التصنيف المستجد.

مع ذلك، يؤكد مسؤول مصرفي معني أن إدراج لبنان على اللائحة الرمادية يعني عملياً وضع النظام المالي تحت مراقبة شديدة، مما سيزيد من تعقيدات التعاملات المالية، وسيكون لذلك تأثيرات سلبية لاحقة على التعاملات المصرفية مع الخارج إذا استمر تلكؤ السلطات المسؤولة في استكمال الاستجابة للمتطلبات الدولية. علماً بأن الإدراج سيفاقم حكماً من أزمة الثقة التي يعاني منها الاقتصاد اللبناني، وبما سيؤثر حكماً على إمكانية استقطاب الأموال من الخارج في المستقبل.

وبالتوازي، لم تغفل هيئة التحقيق الخاصة التي يرأسها منصوري، وبصفتها المنسق الوطني لعملية التقييم، عن المبادرة سريعاً إلى إطلاع رئاسة مجلس النواب ورئاسة مجلس الوزراء على خلاصات التقارير التي تلقتها من مجموعتي «فاتف». بل هي حثت السلطات المعنية، ومن دون تحقيق نتائج تذكر، على التواصل مع الجهات الداخلية ذات الاختصاص في شأن الإجراءات التصحيحية المطلوبة بغية تعزيز فعالية منظومة مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب المحلية، وباعتبار أنه يتوجب على لبنان إرسال تقارير متابعة بالتقدم الحاصل خلال العام الحالي.

ووفق تحليلات مصرفية للمآخذ الدولية وأوجه القصور التي يعانيها لبنان في مكافحة غسل الأموال، تفاقمت سلبياً بفعل توسع الاقتصاد النقدي جراء انفجار الأزمات المالية والنقدية بعد خريف العام، وبما يصل إلى نحو 10 مليارات دولار، وفق تحديد البنك الدولي 2019، أصبح يمثل مصدر قلق رئيسي لمنظمتي «فاتف» الإقليمية والدولية؛ حيث يسهم في صعوبة تتبع الأموال ومكافحة النشاطات غير المشروعة. وهذا الوضع يفاقم التحديات ويضع جزءاً كبيراً من التعاملات المالية خارج نطاق رقابة مصرف لبنان والمصارف.

ويعمل مصرف لبنان منذ فترة على تطبيق إجراءات لتعزيز استخدام وسائل الدفع الإلكترونية؛ بهدف تقليل الاعتماد على النقد في السوق اللبنانية. تتماشى هذه المبادرات مع المعايير الدولية، لا سيما تلك التي تهدف إلى مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

ولهذه الغاية، أصدر التعميم 165 الذي أتاح فتح حسابات جديدة بالأموال النقدية بالدولار والليرة اللبنانية لاستعمالها لتسوية التحاويل المصرفية الإلكترونية الخاصة بالأموال النقدية وتسوية مقاصة الشيكات التي يتم تداولها أيضاً بالأموال النقدية، مما يحد من محاولات تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ويحجم الاقتصاد النقدي.

تعديلات على نظام مراقبة العمليات المالية والمصرفية

وفي سبيل تمتين حصانة القطاع المالي، أدخل البنك المركزي تعديلات مهمة على نظام مراقبة العمليات المالية والمصرفية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وهي تركز بشكل رئيسي على تعزيز إجراءات البنوك لمكافحة الفساد والرشوة من خلال إلزامها بإنشاء مصلحتين ضمن «وحدة التحقق»، الأولى تشرف على المركز الرئيسي وفروع المصرف للتأكد من التزامها بإجراءات مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.

أما الإدارة الثانية فتُعنى بمكافحة جرائم الفساد والرشوة من خلال تنفيذ إجراءات العناية الواجبة المعززة للعملاء المعرضين لمخاطر مرتفعة في الفساد والرشوة، وتدريب الموظفين على تحسين مهارات تحديد الأنشطة المشبوهة والإبلاغ عنها، وتطوير سياسات وإجراءات شاملة لمنع واكتشاف الفساد والرشوة، وإجراء تقييمات دورية للمخاطر لتحديد وتخفيف مخاطر الفساد، وإبلاغ هيئة التحقيق الخاصة عن أي حالات مشبوهة.

مبنى مصرف لبنان بمنطقة الحمراء في بيروت (أ.ف.ب)

وفي سياق متصل، تم التأكيد في تقارير دولية متتالية، على أن الفساد في المؤسسات الحكومية يشكل تحدياً كبيراً أمام تنفيذ الإصلاحات المطلوبة. كذلك بشأن الملفات العالقة في النظام القضائي اللبناني؛ حيث تمت الإشارة إلى أن التأخير في معالجة هذه القضايا يُضعف الجهود المبذولة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. مع التنويه المستمر بأهمية استقلالية القضاء وتسريع البت في القضايا الحساسة لضمان تنفيذ الإصلاحات المطلوبة بشكل فعال.

نتائج مقبولة في الالتزام الفني

ووفق خلاصات الوثائق التي تلقتها هيئة التحقيق، واطلعت عليها «الشرق الأوسط»، يتبيّن أن لبنان لا يزال يحرز نتائج مقبولة في الالتزام الفني؛ حيث حصل على درجة «ملتزم» أو «ملتزم إلى حدّ كبير» في 34 توصية من أصل 40 مطلوبة، بينما تلحظ وجوب إجراء تحسينات في 6 توصيات حصل فيها على درجة «ملتزم جزئياً»، مما يتطلب بعض التعديلات في القوانين والتشريعات.

وبالتحديد، تشير الملاحظات إلى أن القانون رقم 44 لعام 2015، لم يستوفِ متطلبات تجريم غسل (تبييض) الأموال على أساس اتفاقيتي فيينا وباليرمو. كما لم تغطِّ المادة 2 منه بعض الفئات المحددة للجرائم الأصلية كالاتجار غير المشروع في السلع المسروقة وغيرها من السلع وإحداث جروح بدنية جسيمة، ولم يتمّ على مستوى التجريم اشتراط إذا ما كانت الأموال تمثل بصورة مباشرة أو غير مباشرة متحصلات ناتجة عن جريمة ما.

أما العقوبات المنصوص عليها لجرم تبييض الأموال فهي لا ترقى وفقاً لأحكام المادة (3) من القانون إلى أن تكون عقوبة جنائية، وإنما عقوبة جنحوية، ما يجعلها غير متناسبة ورادعة للأشخاص الطبيعيين في حالة الإدانة بجريمة غسل أموال. بينما تم استثناء «الارتباط والتآمر» في تحديد الجرائم التبعية المناسبة لجريمة غسل الأموال.

كذلك الأمر بالنسبة للعقود الائتمانية في لبنان؛ حيث ينحصر دور الوصي فيها على المصرف، ومن ثم فهي تخضع للموجبات المفروضة على العملاء من قبل المصارف وتشمل الحصول على والاحتفاظ بمعلومات وافية ودقيقة وحديثة عن هوية الموصي والمستفيد والمستفيدين الحقيقيين، ولكن لا توجد لديهم نصوص للمصارف بالاحتفاظ بالمعلومات الأساسية بشأن الوكلاء الآخرين الخاضعين للتنظيم، بما في ذلك مستشارو الاستثمار أو المديرون والمحاسبون ومستشارو الضرائب.

غياب تدابير التحقق

وبالمثل، تم التنبيه على غياب تدابير التحقق من حالة إدراج كتاب العدل والمحامين والمحاسبين المجازين على قوائم الإرهاب الأممية وللتأكد من ذلك بشكل دوري، ولمنع اعتماد شركاء المجرمين مهنياً. وأيضاً لا توجد تدابير للأهلية والكفاءة ولمنع المجرمين وشركائهم من ممارسة مهن تجار المعادن النفيسة والأحجار الكريمة ووكلاء العقار، وللتأكد من حالة إدراجهم على قوائم الإرهاب الأممية. وحتى عند تسجيل هؤلاء كشركات لا توجد ضوابط للتأكد من خلفية المستفيدين الحقيقيين والمسيطرين بطرق غير مباشرة، ولمنع المجرمين وشركائهم من شغل مناصب الإدارة في هذه الشركات أو من يوكل إليهم حق التفويض بالتوقيع.

أيضاً، لا توجد تدابير للأهلية والكفاءة ولمنع المجرمين وشركائهم من حيازة حصص مسيطرة أو أن يصبحوا مستفيدين حقيقيين أو يتولوا وظائف الإدارة. كما لا توجد إجراءات محددة للإشراف على كتاب العدل والمحامين والمحاسبين المهنيين لمراعاة العناصر التي تتطلبها هذه التوصية عند تقييم المخاطر وتحديد دورية وكثافة الرقابة.

ويفتقر لبنان، وفق التوصيات الدولية، إلى إجراءات للاستجابة لطلبات الدول الأجنبية بشأن تحديد، أو تجميد، أو حجز، أو مصادرة الوسائط التي اتجهت النية إلى استخدامها في جميع الجرائم الأصلية والممتلكات ذات القيمة المكافئة لعائدات الجرائم الأصلية. كذلك يفتقر إلى آليات نافذة بشأن إدارة الممتلكات المجمدة أو المضبوطة أو المصادرة، والتصرف فيها عند اللزوم. ولا يوجد أساس قانوني يغطي مطالب تسليم المجرمين فيما يتعلق بتمويل الإرهاب، ولا نظام لدى النيابة العامة التمييزية لإدارة الحالات المتعلقة بطلبات تسليم المجرمين.


مقالات ذات صلة

ألمانيا تُقرّ قانون المعاشات المثير للجدل وسط تحذيرات من تفاقم الدين

الاقتصاد ميرتس يلقي بيانه بعد إقرار مشروع قانون المعاشات التقاعدية (أ.ف.ب)

ألمانيا تُقرّ قانون المعاشات المثير للجدل وسط تحذيرات من تفاقم الدين

تفادى المستشار الألماني فريدريش ميرتس أزمة سياسية حادة بعد تمكنه بصعوبة من الحصول على الأغلبية المطلقة لتمرير مشروع قانون المعاشات التقاعدية في البرلمان.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد طفل يلعب في حقل للشعير بمدينة صنعاء اليمنية (إ.ب.أ)

أسعار الغذاء العالمية تنخفض للشهر الثالث في نوفمبر

انخفضت أسعار السلع الغذائية الأساسية العالمية للشهر الثالث على التوالي في نوفمبر، مع تراجع أسعار السلع الرئيسية باستثناء الحبوب.

«الشرق الأوسط» (روما)
الاقتصاد علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)

دراسة: شركات سويسرية تخطط لنقل عملياتها إلى الخارج لمواجهة الرسوم

أظهرت دراسة أجرتها جمعية الأعمال «إيكونومي سويس» أن الشركات السويسرية تخطط لنقل جزء من عملياتها وإنتاجها إلى الخارج لمواجهة تأثير الرسوم الجمركية الأميركية.

«الشرق الأوسط» (زيورخ)
الاقتصاد زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)

حكومة اليابان تترقب مستقبل الفائدة وتحركات الين

أكّد وزراء في الحكومة اليابانية، يوم الجمعة، أن تحديد أدوات السياسة النقدية يظل من اختصاص بنك اليابان بالكامل.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد إشعال الشعلة الأولمبية في معبد البارثينيون بجبل أكروبوليس في اليونان (أ.ف.ب)

الاقتصاد اليوناني يواصل تعافيه في الربع الثالث

يواصل الاقتصاد اليوناني مسار التعافي بثبات، بعدما سجل نمواً بنسبة 0.6 في المائة في الربع الثالث من 2025 مقارنة بالربع السابق.

«الشرق الأوسط» (أثينا)

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
TT

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)

أظهرت البيانات الأولية الصادرة يوم الجمعة ارتفاع مؤشر ثقة المستهلك لجامعة ميشيغان إلى 53.3 نقطة في بداية ديسمبر (كانون الأول)، مقارنةً بقراءة نهائية بلغت 51 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزاً توقعات الاقتصاديين عند 52 نقطة، لكنه لا يزال منخفضاً بشكل كبير مقارنة بمستوى 71.7 نقطة في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وشهد تقييم المستهلكين للظروف الاقتصادية الحالية انخفاضاً طفيفاً، بينما تحسّنت توقعاتهم المستقبلية إلى حد ما. كما تراجعت توقعات التضخم للعام المقبل إلى 4.1 في المائة مقابل 4.5 في المائة في الشهر السابق، مسجلة أدنى مستوى منذ يناير، مع استمرار الضغوط على الأسعار بسبب الرسوم الجمركية على الواردات، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وقالت جوان هسو، مديرة المسوحات الاقتصادية في ميشيغان: «الاتجاه العام للآراء يبقى قاتماً، حيث يواصل المستهلكون الإشارة إلى عبء ارتفاع الأسعار». على الرغم من تراجع التضخم عن أعلى مستوياته منتصف 2022، إلا أنه يظل أعلى من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة بثبات.


مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
TT

مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)

تباطأ مؤشر التضخم المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي» قليلاً في سبتمبر (أيلول)، مما يمهّد الطريق على الأرجح لخفض أسعار الفائدة المتوقع على نطاق واسع من قِبل البنك المركزي الأسبوع المقبل.

وأعلنت وزارة التجارة، يوم الجمعة، أن الأسعار ارتفعت بنسبة 0.3 في المائة في سبتمبر مقارنة بأغسطس (آب)، وهي نسبة الشهر السابق نفسها. وباستثناء فئات الغذاء والطاقة المتقلبة، ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 0.2 في المائة، وهو معدل مماثل للشهر السابق، ويقارب هدف «الاحتياطي الفيدرالي» للتضخم البالغ 2 في المائة إذا استمر على مدار عام كامل، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وعلى أساس سنوي، ارتفعت الأسعار الإجمالية بنسبة 2.8 في المائة، بزيادة طفيفة عن 2.7 في المائة في أغسطس، في حين ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 2.8 في المائة مقارنة بالعام السابق، بانخفاض طفيف عن 2.9 في المائة المسجلة في الشهر السابق. وأظهرت البيانات التي تأخرت خمسة أسابيع بسبب إغلاق الحكومة، أن التضخم كان منخفضاً في سبتمبر، مما يعزز مبررات خفض سعر الفائدة الرئيسي لمجلس «الاحتياطي الفيدرالي» في اجتماعه المقبل يومَي 9 و10 ديسمبر (كانون الأول).

رغم ذلك، لا يزال التضخم أعلى من هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة، جزئياً بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب، لكن العديد من مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» يرون أن ضعف التوظيف، والنمو الاقتصادي المتواضع، وتباطؤ مكاسب الأجور؛ سيؤدي إلى انخفاض مطرد في مكاسب الأسعار خلال الأشهر المقبلة.

ويواجه «الاحتياطي الفيدرالي» قراراً صعباً الأسبوع المقبل: الحفاظ على أسعار الفائدة مرتفعة لمكافحة التضخم، مقابل خفضها لتحفيز الاقتراض ودعم الاقتصاد، وسط تباطؤ التوظيف وارتفاع البطالة ببطء.


«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)

اقتربت الأسهم الأميركية، يوم الجمعة، من مستوياتها القياسية، مع توجه «وول ستريت» نحو نهاية أسبوع اتسم بالهدوء النسبي.

وارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.3 في المائة، ليصبح على بُعد 0.2 في المائة فقط من أعلى مستوى له على الإطلاق، فيما صعد مؤشر «داو جونز» الصناعي بـ46 نقطة (0.1 في المائة). أما مؤشر «ناسداك» المركّب فزاد بنحو 0.4 في المائة، في حين تراجع مؤشر «راسل 2000» لأسهم الشركات الصغيرة بنسبة 0.2 في المائة بعدما لامس مستوى قياسياً في الجلسة السابقة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وفي قطاع الشركات، سجّل سهم «نتفليكس» انخفاضاً بنسبة 2.1 في المائة، بعد إعلانها خططاً لشراء «وارنر براذرز» إثر انفصالها عن «ديسكفري غلوبال»، في صفقة تبلغ 72 مليار دولار نقداً وأسهماً. وارتفع سهم «ديسكفري» التابعة للشركة بنسبة 2.6 في المائة.

وقفز سهم «ألتا بيوتي» بنسبة 11 في المائة بعد إعلان نتائج فصلية فاقت توقعات المحللين من حيث الأرباح والإيرادات، مع إشارتها إلى تحسّن ملحوظ في التجارة الإلكترونية، مما دفعها إلى رفع توقعاتها للإيرادات السنوية.

كما حققت «فيكتوريا سيكريت» أداءً قوياً، إذ سجّلت خسارة أقل من المتوقع ورفعت توقعاتها لمبيعات العام، ليرتفع سهمها بنسبة 14.4 في المائة.

أما سهم «هيوليت باكارد إنتربرايز» فانخفض 3.9 في المائة رغم تحقيق أرباح أعلى من التوقعات، نتيجة إعلان الشركة إيرادات دون المستوى المأمول.

وجاء هذا الأداء في أسبوع هادئ نسبياً بالنسبة إلى السوق الأميركية، بعد أسابيع شهدت تقلبات حادة بفعل مخاوف مرتبطة بتدفقات كبيرة على قطاع الذكاء الاصطناعي وتوقعات تحركات مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

بعد فترة من التردد، يتوقع المستثمرون الآن بالإجماع تقريباً أن يخفّض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي الأسبوع المقبل لدعم سوق العمل البطيئة. وسيكون ذلك الخفض الثالث هذا العام إن حدث.

وتحظى أسعار الفائدة المنخفضة بدعم المستثمرين، لأنها تعزّز تقييمات الأصول وتحفّز النمو الاقتصادي، لكنها قد تزيد الضغوط التضخمية التي لا تزال أعلى من هدف «الفيدرالي» البالغ 2 في المائة.

ويدعم توقع خفض الفائدة عودة مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى مشارف مستوياته القياسية المسجلة في أكتوبر (تشرين الأول)، في حين يترقب المستثمرون إشارات جديدة من اجتماع «الفيدرالي» حول مسار الفائدة العام المقبل.

وفي أسواق السندات، استقرت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات عند 4.11 في المائة، في حين ارتفع العائد على السندات لأجل عامَين إلى 3.54 في المائة من 3.52 في المائة.

وعالمياً، ارتفعت المؤشرات في معظم أوروبا وآسيا؛ فقد صعد مؤشر «داكس» الألماني بنسبة 0.9 في المائة، وقفز مؤشر «كوسبي» الكوري الجنوبي بنسبة 1.8 في المائة.

في المقابل، تراجع مؤشر «نيكي 225» في طوكيو بنسبة 1.1 في المائة بعد بيانات أظهرت انخفاض إنفاق الأسر اليابانية بنسبة 3 في المائة في أكتوبر على أساس سنوي، وهو أكبر تراجع منذ يناير (كانون الثاني) 2024، وسط تقلبات أثارها احتمال رفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة.