صندوق النقد الدولي: لبنان بحاجة إلى «هبات» ودعم دولي

أزعور: إعادة بناء اقتصادات المنطقة عبر التكامل الإقليمي والاستثمار بالتكنولوجيا والمناخ

رجل يسير بين أنقاض مبنى مدمر في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
رجل يسير بين أنقاض مبنى مدمر في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
TT

صندوق النقد الدولي: لبنان بحاجة إلى «هبات» ودعم دولي

رجل يسير بين أنقاض مبنى مدمر في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)
رجل يسير بين أنقاض مبنى مدمر في الضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

أكد مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور أن لبنان يحتاج إلى دعم من المجتمع الدولي للتخفيف من الصدمة الاقتصادية التي يعيشها، داعياً إلى تقديم «هبات» والدفع نحو تسوية الأوضاع.

وشدد أزعور، في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية، على أن «الأولوية تتمثل في حماية الأرواح وإنقاذ سُبل عيش الناس، فضلاً عن تقديم مساعدات إنسانية كافية للذين فقدوا كل شيء».

وعلى نطاق أوسع، دعا أزعور المجتمع الدولي إلى وضع حد للنزاع في كل من قطاع غزة ولبنان، وتوفير المساعدات اللازمة للتعامل مع الأزمة الإنسانية «الهائلة» في كلا البلدين.

وقال: «نحض المجتمع الدولي وأصدقاء لبنان على تقديم هبات لهذا البلد الذي كان يعاني وضعاً اقتصادياً صعباً حتى قبل اندلاع الحرب الحالية».

وشدد على أهمية بذل الجهود لوضع حد للنزاع والحد من معاناة السكان. وتشير تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى أن الاقتصاد اللبناني سيخسر 9.2 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي، بينما لم ينشر صندوق النقد الدولي أي توقعات للنمو في البلاد لعامي 2024 و2025 بسبب الوضع المتبدل.

وأوضح أزعور أن صعوبة توقع المنحى الذي سيتخذه الاقتصاد اللبناني ترجع إلى «الدمار الكبير في البنية التحتية، والأضرار الفادحة التي لحقت بالمنطقة الزراعية (جنوب البلاد)، فضلاً عن خسائر الأرواح وتدمير وسائل الإنتاج، ما أدى إلى تعطّل النشاط الاقتصادي».

وطأة اقتصادية متفاوتة

على نطاق أوسع، خفض صندوق النقد توقعاته للمنطقة كلها بمقدار 0.6 نقطة مئوية مقارنة بتقديراته السابقة في أبريل (نيسان)، نتيجة عواقب النزاع في قطاع غزة ولبنان. ورغم ذلك، تبقى التداعيات الاقتصادية المباشرة لهذين النزاعين خارج الأراضي الفلسطينية ولبنان شديدة التفاوت؛ حيث تمكنت دول المنطقة بشكل عام من تخفيف وطأتها، وفقاً لأزعور.

لكن «الأردن تأثّر بتراجع السياحة، وهي مشكلة لم تُعانها مصر التي تواجه من جهتها انخفاضاً في إيرادات قناة السويس بنسبة 70 في المائة، ما يكبّد الحكومة المصرية خسائر تتراوح بين 6 و7 مليارات دولار». وأوضح أزعور أن سوريا تضررت أيضاً، لكنه أشار إلى أن صندوق النقد لم يصدر تقديرات لهذا البلد منذ 15 عاماً، «ولا تتوفر لديه البيانات اللازمة» لرسم صورة دقيقة لهذه التداعيات.

وأشار أزعور إلى أن مصر في وضع يمكنها من التعامل مع هذه الصدمة الجديدة، خصوصاً بفضل البرنامج الحالي لصندوق النقد، الذي رُفِعَت قيمته «من 3 إلى 8 مليارات دولار في أبريل، لمساعدتها على مواجهة التطورات». وأكد أن «مقاربة الصندوق مرنة، لكن المؤشرات الاقتصادية تتحسن، مع توقع تسارع النمو العام المقبل وتباطؤ التضخم رغم تحرير أسعار الصرف».

وأفاد أزعور بأن «هدف البرنامج هو السماح لمصر بتعبئة موارد أخرى، ساعدتها على مواجهة عواقب الحرب في غزة»، مقدراً إجمالي الأموال التي تلقتها مصر من شركاء مختلفين، ولا سيما الإمارات العربية المتحدة، بـ34 مليار دولار.

وشدد على «أهمية إعادة بناء الاقتصادات في المنطقة بشكل أفضل لتعزيز قدرتها على الصمود»، وهو ما يتطلب تكاملاً إقليمياً أفضل، مع التركيز على الفرص التي توفرها مكافحة الاحترار المناخي والتكنولوجيا لجذب المزيد من الاستثمارات، وهو نهج يفترض أن ينعكس إيجاباً على الضفة الغربية وغزة.


مقالات ذات صلة

هكذا بدّلت سطوة «حزب الله» هويّة البسطة تراثياً وثقافياً وديموغرافياً

المشرق العربي عناصر من الدفاع المدني يعملون على رفع الأنقاض والبحث عن الضحايا إثر القصف الذي استهدفت مبنى بمنطقة البسطة في بيروت (رويترز)

هكذا بدّلت سطوة «حزب الله» هويّة البسطة تراثياً وثقافياً وديموغرافياً

لم تكن الغارة الإسرائيلية الثالثة التي استهدفت منطقة البسطة وسط بيروت ذات طابع عسكري فقط؛ بل كان لها بُعدٌ رمزي يتمثل في ضرب منطقة أضحت بيئة مؤيدة لـ«حزب الله».

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جنود من الجيش اللبناني على متن آليات عسكرية (أرشيفية - رويترز)

قتيل و18 جريحاً من الجيش اللبناني في قصف إسرائيلي على حاجز أمني

أفادت وسائل إعلام لبنانية اليوم (الأحد)، بإصابة عدد من العسكريين بعدما استهدفت إسرائيل حاجز العامرية الأمني على طريق الناقورة في جنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أحد أفراد الدفاع المدني يسير بين أنقاض موقع دمرته غارة إسرائيلية ببيروت (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يهاجم أهدافاً في البقاع... ويطالب سكان قرى جنوبية بإخلائها

قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، إن الجيش هاجم بنى عسكرية مجاورة لمعبر جوسية الحدودي شمال البقاع، التي قال إن «حزب الله» اللبناني يستخدمها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عمال إنقاذ ينقلون جثة أحد الضحايا من موقع غارة إسرائيلية استهدفت وسط بيروت (ا.ب)

ارتفاع حصيلة ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان إلى 3670 قتيلاً

أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، أن حصيلة الضحايا جراء الغارات الإسرائيلية المستمرة على مناطق مختلفة في البلاد ارتفعت إلى 3670 قتيلاً، و15413 مصاباً.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي 
مواطن لبناني يغادر منطقة البسطا في بيروت بعد ضربة إسرائيلية أمس (رويترز)

مجازر إسرائيلية جوالة في لبنان

وسعَّت إسرائيل مجازرَها الجوالة داخل الأراضي اللنبانية بين بيروت والجنوب والبقاع، بالتزامن مع زيارة قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايك كوريلا إلى

نذير رضا ( بيروت)

المدير التنفيذي لـ«سيسكو السعودية»: استثماراتنا بالمملكة مستمرة لدعم جهودها في التحول الرقمي

TT

المدير التنفيذي لـ«سيسكو السعودية»: استثماراتنا بالمملكة مستمرة لدعم جهودها في التحول الرقمي

المدير التنفيذي لشركة «سيسكو السعودية» سلمان فقيه (تصوير: تركي العقيلي)
المدير التنفيذي لشركة «سيسكو السعودية» سلمان فقيه (تصوير: تركي العقيلي)

في ظل ما يشهده قطاع التقنية السعودي من قفزات في المؤشرات العالمية، أثبتت المملكة اهتمامها الكبير بالبنية التحتية لتقنية المعلومات، وهو ما انعكس إيجاباً على أعمال «سيسكو سيستمز» العالمية للأمن والشبكات، حيث حقَّقت الشركة أداءً قوياً ومتسقاً مع الفرص المتاحة في البلاد، وقرَّرت مواصلة استثماراتها لدعم جهود السعودية في التحول الرقمي.

هذا ما ذكره المدير التنفيذي لشركة «سيسكو السعودية» سلمان فقيه، في حديث إلى «الشرق الأوسط»، أكد فيه أن المملكة أثبتت قوة بنيتها التحتية وكفاءتها خلال جائحة «كورونا»، الأمر الذي أثّر إيجاباً على الشركة خلال السنوات الماضية.

و«سيسكو سيستمز» هي شركة تكنولوجية مدرجة في السوق الأميركية، ومقرها الرئيس في وادي السيليكون بكاليفورنيا، وتعمل في مجال تطوير وتصنيع وبيع أجهزة الشبكات والبرامج ومعدات الاتصالات.

التحول الرقمي

وأشار فقيه إلى أن «سيسكو»، تسعى دائماً للعب دور بارز في دعم التحول الرقمي في السعودية من خلال استثمارات استراتيجية، ففي عام 2023، افتتحت الشركة مكتباً إقليمياً في الرياض، وذلك لدعم عملياتها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتعزيز حضورها في المملكة، لافتاً إلى أن الإدارة العليا عقدت اجتماعات رفيعة المستوى مع بعض متخذي القرار في القطاعَين الحكومي والخاص، خلال الشهر الماضي؛ لاستكمال الشراكة مع السوق المحلية.

وأضاف: «كانت هناك استمرارية لاستثمارات الشركة في برامج تسريع التحول الرقمي الهادف إلى دعم جهود المملكة في القطاعات الحيوية، وتطوير منظومة الابتكار».

وتابع فقيه قائلاً إنه منذ إطلاق برنامج التحول الرقمي عام 2016 في المملكة ضمن «رؤية 2030»، الهادف إلى تعزيز المهارات الرقمية وتنمية الابتكار، تم تنفيذ أكثر من 20 مشروعاً من قبل «سيسكو» ضمن هذا البرنامج في مجالات حيوية؛ مثل الرعاية الصحية، والتعليم، والمدن الذكية.

ونوّه الرئيس التنفيذي بالإنجازات التي حققتها المملكة في مجال التحول الرقمي، حيث تمكّنت من تحقيق تقدم ملحوظ في المؤشرات العالمية، وجاءت ثانيةً بين دول مجموعة العشرين في «مؤشر تطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات» لعام 2024، بالإضافة إلى تصدرها في جاهزية أمن المعلومات.

الأمن السيبراني

وأوضح فقيه أن المملكة وضعت في مقدمة أولوياتها تعزيز الأمن السيبراني، لا سيما في ظل ازدياد الهجمات الإلكترونية في جميع أنحاء العالم. وقال: «الأمن السيبراني يمثل أحد التحديات الكبرى، ونعمل في المملكة لتوفير الحلول اللازمة لحماية البيانات والبنية التحتية الرقمية».

ولفت إلى الزيادة الكبيرة لاستثمارات الأمن السيبراني في المملكة. وأظهرت دراسة أجرتها «سيسكو» خلال العام الحالي أن 99 في المائة من المشاركين في الاستطلاع أكدوا زيادة ميزانياتهم الخاصة بالأمن السيبراني، في الوقت الذي تعرَّض فيه 67 في المائة منهم لحوادث أمنية في العام الماضي.

كما ذكر فقيه أن من التحديات الأخرى ما يتعلق بمجال الذكاء الاصطناعي، حيث كشفت دراسة حديثة لـ«سيسكو» أن 93 في المائة من الشركات السعودية لديها استراتيجيات خاصة بالذكاء الاصطناعي، لكن 7 في المائة منها فقط تمتلك الجاهزية الكاملة للبنية التحتية اللازمة لتطبيق هذه التقنيات.

القدرات التقنية

وفيما يتعلق بتطوير القدرات التقنية في المملكة، أوضح فقيه أن برنامج «أكاديميات سيسكو» للشبكات حقق تأثيراً كبيراً في السعودية، حيث استفاد منه أكثر من 336 ألف متدرب ومتدربة، بمَن في ذلك نسبة كبيرة من المتدربات تجاوزت 35 في المائة، وهي واحدة من أعلى النِّسَب على مستوى العالم.

أما في سياق التعاون بين «سيسكو» والمؤسسات الأكاديمية في المملكة، فأبرز فقيه الشراكة المستمرة مع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية. وقال: «هذا التعاون يهدف إلى استخدام التقنيات الحديثة في تحسين البيئة التعليمية، وتمكين الكوادر الأكاديمية والطلاب من الاستفادة من أحدث الحلول التقنية».

وتطرَّق فقيه إلى التزام الشركة بالاستدامة البيئية، حيث تستهدف «سيسكو» الوصول إلى صافي انبعاثات غازات دفيئة صفرية بحلول 2040. وقال: «نعمل على تقديم حلول تقنية تراعي كفاءة استخدام الطاقة، والمساهمة في تحقيق أهداف المملكة نحو الحياد الصفري الكربوني».

وفي ختام حديثه، أشار فقيه إلى مشاركة «سيسكو» في مؤتمر «بلاك هات» للأمن السيبراني، الذي تستعد الرياض لاستضافته من 26 إلى 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، بصفتها راعياً استراتيجياً. وأضاف أن الشركة تسعى من خلال هذه المشاركة إلى تعزيز التعاون مع العملاء والشركاء في المملكة؛ لتوفير حلول أمنية مبتكرة تضمن حماية البيانات، وتسهيل تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل آمن.