نزاع المساهمين يعمّق خسائر «هرفي» السعودية

«صافولا» تلتزم الصمت... والسعيد يطالب بعزل رئيس المجلس... والمستثمرون بانتظار الجمعية العمومية

أحد الفروع التابعة لسلسة مطاعم «هرفي» في السعودية (الشركة)
أحد الفروع التابعة لسلسة مطاعم «هرفي» في السعودية (الشركة)
TT

نزاع المساهمين يعمّق خسائر «هرفي» السعودية

أحد الفروع التابعة لسلسة مطاعم «هرفي» في السعودية (الشركة)
أحد الفروع التابعة لسلسة مطاعم «هرفي» في السعودية (الشركة)

يترقب المساهمون في شركة «هرفي» للأغذية في السعودية انعقاد الجمعية العمومية العادية في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، للتصويت على عزل رئيس مجلس الإدارة المهندس معتز قصي العزاوي، في إطار نزاع نشأ بين مجموعة «صافولا» (المالكة لما نسبته 49 في المائة من الشركة) وأحمد السعيد (مؤسس الشركة) المالك لما نسبته 15.30 في المائة منها، في الوقت الذي ما زالت الشركة تسجل انخفاضاً كبيراً في أرباحها وفي قيمة سهمها.

بداية النزاع

النزاع بين «صافولا»، المدرجة في المركز 23 من حيث الحجم في السعودية، والسعيد، نشأ منذ أكثر من 3 سنوات، حين قدم الأخير استقالته من منصبه رئيساً تنفيذياً عاماً في مارس (آذار) من عام 2021، بعد 40 عاماً من إدارته للشركة التي تأسست عام 1981.

أحمد السعيد

وسبب ذلك، وفق خطاب استقالة السعيد، «عدم التناغم في وجهات النظر» بينه وبين الإدارة الحالية، وبعد عام، أي في مارس (آذار) 2022، طالب السعيد بعزل العزاوي، على خلفية اتهامات متبادلة بتضليل القوائم المالية، وقضايا أخرى.

لكن مطالبته قُوبلت بالرفض من قبل الجمعية العمومية العادية، وفي الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، أعاد السعيد مطالبته بعزل العزاوي، وهو ما دفع «هرفي» إلى تحديد الرابع من نوفمبر موعداً للجمعية العمومية للبت بهذه المسألة.

وكانت «هرفي» بدأت منذ عام 2020 تسجل تراجعات في قوائمها المالية لأسباب متعددة أوردتها في تقارير قوائمها المالية، منها النزاع القائم بين الملاك في تقريرها الأخير في الربع الثاني من 2024 كنتيجة جزئية للخسائر التي سجلتها.

وأشارت إلى أنها قامت بتصفية «مستحقات مالية لتنفيذيين سابقين بالشركة، منها تنفيذ حكم قضائي من المحكمة العمالية لصالح الرئيس التنفيذي المكلف السابق خالد أحمد السعيد... لقاء رصيد إجازات غير مستغلة عن فترة تزيد عن 18 سنة».

لكن خالد السعيد رد على ذلك قائلاً إن «(هرفي) قدمت معلومات غير دقيقة ومغلوطة»، وإنه تقدم بشكوى إلى «هيئة السوق المالية» بشأن ذلك.

خالد السعيد الرئيس التنفيذي السابق

وكان قد تم تعيين خالد السعيد رئيساً تنفيذياً للشركة لنحو شهر بداية من 1 مايو (أيار) بعد استقالة والده، قبل أن يعيَّن سام بدر رئيساً تنفيذياً بالإنابة، إذ تولى المنصب بشكل دائم في يونيو (حزيران) 2021 في السابع من أكتوبر الحالي.

تضليل القوائم

وأصدرت «هرفي» بياناً على خلفية ما يتم تداوله في وسائل التواصل الاجتماعي من تصريحات وصفتها الشركة بأنها «ادعاءات وشائعات» من قبل أحمد السعيد حول تجدد اتهامه لها بوجود تضليل بالقوائم.

وذكرت الشركة في بيان نشر على موقع السوق المالية «تداول» أن الإدارة الحالية بذلت جهوداً كبيرة للحفاظ على مصالح الشركة واستقرارها المالي والإداري، وأشارت إلى أن أحمد السعيد وابنه خالد لم يحصلا على إخلاء طرف عند مغادرتهما الشركة، موجهةً لهما اتهامات بتوريد منتجات تحت اسم العلامة التجارية للشركة لمطاعم غير تابعة لها، وقضايا أخرى متعلّقة بإيجارات المباني، ومستحقات مالية تتجاوز 44 مليون ريال ما يقارب 11.7 مليون دولار.

مطالب بعزل رئيس المجلس

وغداة هذا البيان، جدد أحمد السعيد مطالبته بعزل رئيس مجلس الإدارة المهندس معتز قصي العزاوي. وفي اليوم نفسه، قررت «صافولا» بشكل منفصل المطالبة بعزل عضو مجلس الإدارة محمد الشتوي دون أن تبيّن الأسباب الكامنة وراء ذلك.

أحمد السعيد رد على بيان «هرفي» الأخير واصفاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» هذه الاتهامات بأنها «خارجة عن الموضوع الرئيسي المتمثل في عزل رئيس مجلس الإدارة الحالي، وتهرباً عن الأمور المهمة بمهاترات شخصية».

وقال «إن جميع جوانب الموضوع الآن تحت مجهر هيئة سوق المال»، التي هي الجهة التنظيمية للبت في القضية، موضحاً أن «اجتماع الجمعية العمومية سيكون في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، ونرجو أن تتاح الفرصة لجميع المساهمين للنقاش الموسع حول طلب العزل وأسبابه».

بدورها تواصلت «الشرق الأوسط» مع «صافولا» للحصول على تعقيب منها حول أسباب مطالبتها بعزل الشتوي، لكنها لم تحصل على رد حتى نشر هذا التقرير.

كيف يتم حل مجلس الإدارة؟

ولتبيان قانونية ما يحصل راهناً في «هرفي»، سألت «الشرق الأوسط» المحامي والمحكّم التجاري محمد المزيَّن، فقال إنه على الرغم من أن نظام الشركة الأساس هو الذي يحدد كيفية انتهاء العضوية في مجلس الإدارة، فإنه يحق للمساهمين الذين يمتلكون نسبة معينة من الأسهم أن يطالبوا بعزل رئيس المجلس، وأضاف: «كما يمكن عزل أي عضو في مجلس الإدارة بناءً على قرار يصدر من الجمعية العمومية العادية، بشرط أن يندرج هذا الأمر ضمن جدول الأعمال».

وأوضح المزيّن أن هناك عدة متغيرات قد تؤثر على نتيجة التصويت في اجتماع الجمعية العمومية منها حجم الأسهم الممثلة، ويتطلب انعقاد الجمعية العامة العادية حضور مساهمين يمثلون ربع أسهم الشركة التي لها حق التصويت، وذلك هو الحد الأدنى للحضور، هذا ما لم ينص نظام الشركة الأساس على نسبة أعلى بشرط ألا تتجاوز النصف.

وأيضاً تصويت المساهمين، إذ يجب أن تصدر قرارات الجمعية العامة العادية بموافقة أغلبية حقوق التصويت الممثلة في الاجتماع، وبالتالي فإن حجم الأسهم الممثلة في الاجتماع وعدد تصويت المساهمين هما عاملان شديدا الأهمية من حيث التأثير على نتيجة التصويت.

الإجراءات القانونية المحتملة

ويبقي السؤال عن ما هي الإجراءات القانونية المحتملة التي يمكن اتخاذها بعد انتهاء الجمعية العمومية، سواء كان القرار لصالح العزل أو ضده؟ في هذه النقطة، يشير المزيّن لحالات عدة يمكن اتخاذها، وهي من حيث الأصل، يجب على مجلس الإدارة أن يدعو الجمعية العامة العادية إلى الانعقاد قبل انتهاء دورته بمدة كافية؛ لانتخاب مجلس إدارة لدورة جديدة.

وأضاف أنه إذا تعذر إجراء الانتخاب، وانتهت دورة المجلس الحالي، فيجب أن يستمر أعضاؤه في أداء مهماتهم إلى حين انتخاب مجلس إدارة لدورة جديدة، ويجب ألا تتجاوز مدة استمرار أعضاء المجلس المنتهية دورته المدة التي تحددها اللوائح.

وفي حال اعتزل رئيس وأعضاء مجلس الإدارة، وجب عليهم دعوة الجمعية العامة العادية إلى الانعقاد لانتخاب مجلس إدارة جديد، ولا يسري الاعتزال إلى حين انتخاب المجلس الجديد، على ألا تتجاوز مدة استمرار المجلس المعتزل المدة التي تحددها اللوائح، وفق ما ذكره المزيّن.

بالنسبة لعضو مجلس الإدارة، أوضح المزين أنه يجوز أن يعتزل من عضوية المجلس بإبلاغ مكتوب يوجهه إلى رئيس المجلس. أما إذا اعتزل رئيس المجلس وجب أن يوجه الإبلاغ إلى باقي أعضاء المجلس وأمين سر المجلس، ويعد الاعتزال نافذاً في الحالتين من التاريخ المحدد في الإبلاغ، وإذا شغر مركز أحد أعضاء مجلس إدارة شركة المساهمة لوفاته أو اعتزاله ولم ينتج عن هذا الشغور إخلال بالشروط اللازمة لصحة انعقاد المجلس بسبب نقص عدد أعضائه عن الحد الأدنى المنصوص عليه في النظام أو نظام الشركة الأساس.

للمجلس أن يعين - مؤقتاً - في المركز الشاغر مَن تتوافر فيه الخبرة والكفاية، على أن يبلغ بذلك السجل التجاري، وكذلك الهيئة إذا كانت الشركة مدرجةً في السوق المالية، خلال 15 يوماً من تاريخ التعيين، وأن يعرض التعيين على الجمعية العامة العادية في أول اجتماع لها، ويكمل العضو المعين مدة سلفه، وذلك كله ما لم ينص نظام الشركة الأساس على غير ذلك.

وأضاف أنه إذا لم تتوافر الشروط اللازمة لصحة انعقاد مجلس الإدارة بسبب نقص عدد أعضائه عن الحد الأدنى المنصوص عليه في النظام، أو في نظام الشركة الأساس، وجب على باقي الأعضاء دعوة الجمعية العامة العادية إلى الانعقاد خلال 60 يوماً؛ لانتخاب العدد اللازم من الأعضاء، وفي حال عدم انتخاب مجلس إدارة لدورة جديدة أو إكمال العدد اللازم لأعضاء مجلس الإدارة، يجوز لكل ذي مصلحة أن يطلب من الجهة القضائية المختصة أن تعين من ذوي الخبرة والاختصاص وبالعدد الذي تراه مناسباً من يتولى الإشراف على إدارة الشركة، ويدعو الجمعية العامة إلى الانعقاد خلال 90 يوماً؛ لانتخاب مجلس إدارة جديد أو إكمال العدد اللازم لأعضاء مجلس الإدارة بحسب الأحوال، أو أن يطلب حل الشركة.

النزاع وتأثيره على الشركة

يشير الرئيس الأول لإدارة الأصول في «أرباح كابيتال» محمد الفراج إلى أن النزاعات داخل الشركات المساهمة، خصوصاً تلك التي تتضمن اتهامات بسوء الإدارة، تؤثر بشكل كبير على أداء أسهمها في السوق.

وقال: «في حالة شركة (هرفي)، فإن الاتهامات المتبادلة بين الإدارة السابقة والجديدة، التي وُضحت في بيان الشركة، تخلق بيئة من عدم اليقين وعدم الثقة لدى المستثمرين، مما يؤثر سلباً على قيمة السهم».

وتوقّع الفراج أن يكون للنزاعات الحالية تأثير سلبي واضح على أداء السهم، ومع تفاقمها، يُتوقع استمرار الضغط على السهم، وربما تستغرق استعادة ثقة المستثمرين وقتاً طويلاً.

ويرى الفراج أنه من المتوقع أن يواجه سهم «هرفي» تحديات في أدائه نتيجة لتراجع الثقة في الإدارة والتأثيرات السلبية على السمعة العامة للشركة، كما أن «هرفي» قد تواجه زيادة في التكاليف، تشمل التكاليف القانونية والاستشارية بالإضافة إلى تكلفة الاقتراض.

وأضاف: «وعلى صعيد الأداء السوقي للسهم، يُتوقع أن تزداد التقلبات في أسعاره، حيث ستتأثر بأي مستجدات تتعلق بالقضية. كما قد يشهد السهم تراجعاً في حجم التداول، مما قد يجعله أقل جاذبية للمستثمرين».

خسائر متتالية

كانت «هرفي» سجلت خسائر بقيمة 23.7 مليون ريال خلال الربع الثاني 2024 مقابل أرباح بـ4.5 مليون ريال في الربع المماثل من العام الماضي، علماً بأنه في عام 2023، بلغت أرباح «هرفي» 8.3 مليون ريال مقابل 3.5 مليون ريال عام 2022. وهو العام الذي سجلت فيه الشركة تراجعاً كبيراً في صافي ربحها، وبنسبة 97.66 في المائة مقابل عام 2021 (بلغ الربح نحو 151.8 مليون ريال).

وكانت قيمة الشركة السوقية تتراجع، من 3.85 مليار ريال (حوالي مليار دولار) قبل 4 سنوات إلى نحو 1.7 مليار ريال (452.6 مليون دولار) اليوم، ما يمثل حوالي نصف قيمتها السوقية. كذلك، كان سهم «هرفي» تراجع من 65 ريالاً في عام 2020 إلى حوالي 26 ريالاً اليوم، وبلغ أدنى مستوياته على الإطلاق في أغسطس (آب) الماضي عند 22.35 ريال.

يذكر أن «هرفي» أدارت على مدار 43 عاماً منذ تأسيسها عام 1981، أكثر من 350 مطعماً في السعودية، وباتت تملك 18 معرضاً للحلويات والشوكولاته الراقية، بالإضافة إلى مصنعين للمخبوزات ومعالجة وتصنيع اللحوم.


مقالات ذات صلة

صفقات «جسري» السعودية تتخطى 9.3 مليار دولار

الاقتصاد جانب من العاصمة السعودية الرياض (واس)

صفقات «جسري» السعودية تتخطى 9.3 مليار دولار

أعلنت السعودية توقيع 9 صفقات استثمارية بقيمة تزيد على 35 مليار ريال (9.3 مليار دولار)، ضمن «المبادرة الوطنية لسلاسل الإمداد العالمية (جسري)».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد شعار مجموعة «أداني» على مبنى في مومباي (إ.ب.أ)

بعد «فيتش»... «موديز» تتخذ إجراءات تصنيفية ضد 7 شركات تابعة لـ«أداني»

قالت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني، يوم الثلاثاء، إنها خفضت النظرة المستقبلية لتصنيفات 7 كيانات تابعة لمجموعة «أداني» إلى «سلبي» من «مستقر».

«الشرق الأوسط» (نيودلهي) «الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شاشة تعرض معلومات الأسهم في السوق السعودية (تداول)

الأربعاء... بدء تداول أسهم «تمكين للموارد البشرية» في السوق السعودية

أعلنت السوق المالية السعودية (تداول) أنه سيجري إدراج وبدء تداول أسهم شركة «تمكين للموارد البشرية» في مؤشر «تاسي» بدءاً من يوم الأربعاء 27 نوفمبر.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد الملياردير الهندي غوتام أداني يتحدث خلال حفل بعد أن أكملت مجموعة «أداني» شراء ميناء حيفا في وقت سابق من يناير 2023 (رويترز)

مصير قضية الرشوة المزعومة للملياردير الهندي غوتام أداني قد يتوقف على رئاسة ترمب

تم توجيه الاتهام إلى الملياردير الهندي غوتام أداني من قبل المدعين العامين الأميريين لدوره المزعوم في مخطط لرشوة المسؤولين الهنود بقيمة 265 مليون دولار.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي) «الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد المقر الرئيسي لشركة «توتال إنرجيز» في منطقة الأعمال لا ديفونس غربي باريس (أ.ف.ب)

«توتال إنرجيز» تقرر تعليق التعامل مع «أداني» الهندية بسبب اتهامات الرشاوى

قالت شركة النفط الفرنسية الكبرى «توتال إنرجيز» إنها ستوقف مساهماتها المالية في استثمارات مجموعة «أداني» بعد لائحة الاتهام التي صدرت الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (باريس)

الرسوم الجمركية تهدد النمو الاقتصادي... و«المركزي الأوروبي» يحذّر من تداعيات الحرب التجارية

مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
TT

الرسوم الجمركية تهدد النمو الاقتصادي... و«المركزي الأوروبي» يحذّر من تداعيات الحرب التجارية

مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)

أشار صناع السياسة في «البنك المركزي الأوروبي»، يوم الثلاثاء، إلى أن أسعار الفائدة بمنطقة اليورو ستستمر في الانخفاض، مع القضاء على التضخم إلى حد كبير، في حين أن النمو الاقتصادي الضعيف، الذي قد يتفاقم بسبب الرسوم الجمركية الأميركية، قد يصبح القضية الكبيرة التالية التي تواجه المنطقة.

وخفض «المركزي الأوروبي» أسعار الفائدة 3 مرات هذا العام، ويتوقع المستثمرون تخفيضات أخرى في كل اجتماع لـ«لجنة السياسة» حتى يونيو (حزيران) المقبل على الأقل، مع تجنب المنطقة ركوداً آخر، وفق «رويترز».

وفي هذا السياق، قال رئيس «البنك المركزي»، البرتغالي ماريو سينتينو، إن الاقتصاد يواجه ركوداً، محذراً بأن «المخاطر تتراكم نحو الهبوط»، مشيراً إلى أن الرسوم الجمركية التي هدد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرضها تشكل تهديداً إضافياً.

وحذر سينتينو أيضاً بأن تأخر «البنك المركزي الأوروبي» في خفض أسعار الفائدة قد يزيد من خطر انخفاض التضخم إلى ما دون المستوى المستهدف.

من جانبه، أوضح نائب رئيس «البنك المركزي الأوروبي»، لويس دي غيندوس، أن النمو أصبح الشغل الشاغل للبنك، مشيراً إلى أن الرسوم الجمركية قد تؤدي إلى ظهور دورة مدمرة من الحروب التجارية.

وقال دي غيندوس لصحيفة «هلسنغن سانومات» الفنلندية: «القلق بشأن التضخم المرتفع تحول الآن إلى القلق بشأن النمو الاقتصادي».

وأضاف: «عندما نفرض الرسوم الجمركية، فيجب أن نكون مستعدين لرد فعل من الطرف الآخر، وهو ما قد يؤدي إلى بداية حلقة مفرغة».

وأكد دي غيندوس أن «هذا الأمر قد يتحول في نهاية المطاف إلى حرب تجارية، وهو ما سيكون ضاراً للغاية بالاقتصاد العالمي».

وتابع: «هذا سيؤدي إلى ضعف النمو، وارتفاع التضخم، وتأثير على الاستقرار المالي، في وضع يعدّ خسارة لجميع الأطراف».

وكان ترمب قد أعلن هذا الأسبوع أنه سيفرض رسوماً جمركية كبيرة على أكبر 3 شركاء تجاريين للولايات المتحدة: كندا والمكسيك والصين، فور توليه منصب الرئاسة.

وبشأن تأثير الرسوم الجمركية الأميركية على النمو في أوروبا، فقد قال رئيس «البنك المركزي الفرنسي»، خلال مؤتمر للمستثمرين الأفراد في باريس، إن تأثير التضخم في أوروبا قد لا يكون كبيراً.

وقال فرنسوا فيليروي دي غالهاو: «قد يكون تأثير التضخم محدوداً نسبياً في أوروبا، ولكن أسعار الفائدة طويلة الأجل التي تحددها السوق لديها ميل معين لعبور المحيط الأطلسي».

وأضاف: «لا أعتقد أن هذا سيغير كثيراً بالنسبة إلى أسعار الفائدة قصيرة الأجل في أوروبا، ولكن أسعار الفائدة طويلة الأجل قد تشهد تأثيراً انتقالياً».

من جهته، أضاف محافظ «البنك المركزي الفنلندي»، أولي رين، تحذيراً بخصوص النمو، متوقعاً أن يظل النشاط الاقتصادي ضعيفاً مع انتعاش بطيء، وهو ما قد يدفع «البنك المركزي الأوروبي» إلى خفض سعر الفائدة إلى المعدل المحايد الذي لا يعوق النمو الاقتصادي، بحلول أوائل الربيع المقبل.

وعلى الرغم من أن المعدل المحايد ليس رقماً ثابتاً، فإن معظم خبراء الاقتصاد يرون أنه في نطاق بين اثنين و2.5 في المائة، وهو أقل كثيراً من المستوى الحالي لـ«البنك المركزي الأوروبي» البالغ 3.25 في المائة.

ولا يُتوقع أن تتوقف أسعار الفائدة عند المعدل المحايد؛ إذ تتوقع سوق المال أن يهبط سعر الفائدة على الودائع إلى 1.75 في المائة العام المقبل، وهو مستوى من شأنه تحفيز النمو.

وقال رين: «إذا فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية على منتجات دول أخرى، سواء أكانت بنسبة 10 أم 20 في المائة، وردّ الجميع، فإن جميع الأطراف ستخسر».

وأضاف أنه «في هذه الحالة، فإن الولايات المتحدة ستخسر أكثر؛ لأن الدول الأخرى قد توجه صادراتها إلى أسواق أخرى، في حين ستواجه الشركات الأميركية الرسوم الجمركية نفسها في كل مكان».

في المقابل، انخفض، يوم الثلاثاء، مؤشر رئيسي لتوقعات التضخم بمنطقة اليورو على المدى البعيد في السوق إلى أقل من اثنين في المائة لأول مرة منذ يوليو (تموز) 2022، في دلالة على اعتقاد المستثمرين أن النمو المتعثر قد يؤدي إلى تضخم أقل من الهدف المحدد من قبل «البنك المركزي الأوروبي». وأظهرت بيانات «بورصة لندن» أن مبادلة التضخم الآجلة لمدة 5 سنوات تراجعت إلى 1.9994 في المائة، وهو انخفاض حاد نسبياً مقارنة بأكثر من 2.2 في المائة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وتعكس هذه المبادلة توقعات المستثمرين بشأن التضخم خلال فترة الـ5 سنوات التي تبدأ بعد 5 سنوات من الآن.

لماذا يعدّ ذلك مهماً؟

يعدّ «البنك المركزي الأوروبي» محافظاً على تناغم دقيق مع توقعات التضخم لدى المستثمرين والأسر والشركات. ويعتقد كثير من خبراء الاقتصاد أن هذه التوقعات يمكن أن تتحول إلى نبوءة تحقق ذاتها، حيث يزيد المستهلكون من إنفاقهم الآن لتجنب ارتفاع الأسعار في المستقبل أو العكس. في عام 2014، أشار رئيس «البنك المركزي الأوروبي» السابق، ماريو دراغي، إلى مبادلة التضخم لمدة 5 سنوات، التي كانت آنذاك أقل قليلاً من اثنين في المائة، بوصف الأمر مقلقاً لـ«البنك المركزي». ومنذ عام 2022، كان «المركزي الأوروبي» يواجه خطر الانكماش بوصفه مصدر قلق رئيسياً.

ومن المرجح أن يعزز هذا الانخفاض الأخير من التوقعات بشأن خفض أسعار الفائدة من قبل «المركزي الأوروبي».

وانخفض التضخم في منطقة اليورو من أعلى مستوى قياسي بلغ 10.6 في المائة خلال أكتوبر 2022، إلى 1.7 في المائة خلال سبتمبر من هذا العام، قبل أن يرتفع مجدداً إلى اثنين في المائة خلال أكتوبر الماضي. ومن المتوقع إصدار بيانات نوفمبر (تشرين الثاني) يوم الجمعة المقبل. ووفقاً للمحللين، فقد ساهمت عوامل عدة في تهدئة نمو الأسعار، مثل تطبيع سلاسل التوريد التي تأثرت بجائحة «كوفيد19»، وانخفاض أسعار الطاقة بعد الحرب في أوكرانيا، بالإضافة إلى رفع أسعار الفائدة من قبل «البنك المركزي».

كما أظهرت بيانات مسح يوم الجمعة أن نشاط الأعمال في منطقة اليورو تراجع بشكل حاد في نوفمبر الحالي أكثر مما كان متوقعاً، مما زاد من المخاوف بشأن ضعف النمو بالمنطقة.

في هذا السياق، قال كبير خبراء الاقتصاد في «البنك المركزي الأوروبي»، فيليب لين، يوم الاثنين، إن التضخم قد ينخفض إلى ما دون الهدف في حال استمر النمو الضعيف. وأشار لين، في تصريحات نقلتها صحيفة «ليزيكو» الفرنسية، إلى أنه «ينبغي ألا تظل السياسة النقدية مقيدة لفترة طويلة، وإلا فإن الاقتصاد لن ينمو بالقدر الكافي، وأعتقد أن التضخم سيهبط إلى ما دون الهدف».