أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ضرورة أن يتجاوز التعاون الاقتصادي العربي - التركي نطاق التبادل التجاري، على الرغم من أهميته، إلى آفاق أرحب تصب في صالح مسيرة التنمية الاقتصادية والتنمية المستدامة لدى الجانبين.
وقال أبو الغيط في كلمة خلال افتتاح أعمال المنتدى الاقتصادي - التركي الـ15 في إسطنبول، الخميس، إن التعاون الاقتصادي العربي - التركي لا بد أن يشمل أيضاً التعاون مجالات البنية التحتية.
وأضاف أن لدى الجانبين خبرات وتجارب مهمة في هذا المجال بالذات، فضلاً عن بناء القدرات في مجالات الطاقة النظيفة والتكنولوجيا الخضراء، وكذلك في قطاع الخدمات، لا سيما السياحة والتكنولوجيا المالية والرقمية، فضلاً عن التعاون في مجال التعاون والبحث العلمي والابتكار، على أسس اقتصادية وبهدف تحقيق الربح للجانبين.
ولفت إلى أن السنوات الأخيرة شهدت طفرة جيدة للعلاقات التجارية بين العالم العربي وتركيا. ففي عام 2022 بلغت صادرات تركيا إلى الدول العربية نحو 46 مليار دولار، في حين بلغت الصادرات العربية إلى تركيا نحو 36 مليار دولار، بما يمثل نحو 18 في المائة من إجمالي صادرات تركيا و10 في المائة من وارداتها، وهو ما يعكس الأهمية المتزايدة للطرفين في منظومتَي التجارة بهما.
استكشاف الفرص الجديدة
وانطلقت أعمال المنتدى الاقتصادي التركي - العربي الـ15 في إسطنبول تحت شعار: «تركيا والعالم العربي: ممر عالمي في الاستثمار والتجارة والتكنولوجيا»، برعاية وزارة الخزانة والمالية التركية، وبدعم من وزارة الخارجية التركية، ومكتب الاستثمار التابع لرئاسة الجمهورية التركية، بالتعاون مع جامعة الدول العربية، ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومجموعة الاقتصاد والأعمال، واتحاد الغرف التجارية والبورصات التركية، واتحاد الغرف العربية.
ويركز المنتدى على المرحلة التالية من الشراكة بين تركيا والدول العربية، واستكشاف الفرص الجديدة في القطاعات الناشئة مثل الطاقة الخضراء والتكنولوجيا والتكنولوجيا المالية والخدمات اللوجيستية وأسواق رأس المال، والاستفادة من الموقع الاستراتيجي لتركيا والمنطقة العربية بوصفها قناة اقتصادية حاسمة بين آسيا، لا سيما الصين، وأوروبا وأفريقيا.
ورأى أبو الغيط أن المنتدى الاقتصادي التركي - العربي يشكل منصة فريدة للحوار تجمع بين السياسيين والاقتصاديين ورجال الأعمال والمستثمرين العرب والأتراك، وقيادات الغرف العربية واتحاداتها، لمناقشة التحديات الاقتصادية الإقليمية والعالمية التي تؤثر بشكل مباشر على الازدهار الاقتصادي للدول العربية وتركيا، فضلاً عن محاولة استكشاف فرص جديدة في القطاعات الناشئة مثل الطاقة الخضراء والتكنولوجيا والتكنولوجيا المالية والاستفادة من الموقع الاستراتيجي لمنطقتنا بوصفها جسراً اقتصادياً مهماً بين آسيا وأوروبا وأفريقيا.
ويناقش المنتدى مواضيع مهمة، منها البناء على النجاح، والفرص الناشئة، والمزايا الجغرافية والاستراتيجية، ورؤية للمستقبل، ويتضمن عقد لقاءات ثنائية بين الجانبين العربي والتركي.
شكوك وعدم يقين
وقال وزير الخزانة والمالية التركي، محمد شيمشك، خلال الجلسة الافتتاحية الوزارية للمنتدى التي شارك فيها ممثلو الحكومات وقطاع الأعمال والقطاع المالي في كل من مصر والكويت والعراق وتونس وليبيا، إن المنتدى يُعقد في وقت تسود شكوك كبيرة في العالم، لافتاً إلى أن الشكوك تقيد النمو، وأن التجارة بشكل عام تغذِّي النمو، ولكن هناك حالياً انكماش في التجارة العالمية.
وأضاف: «إننا نشهد أيضاً ثورة عالمية في الذكاء الاصطناعي، ونتيجة لذلك ستكون هناك ثورة ليس فقط في الصناعة، بل سيتأثر بها كل جانب من جوانب حياتنا، ولا يمكننا أن نفوِّت هذه الثورة، كما أن السكان يتقدمون في السن، وهذا أيضاً اختبار عالمي، وبالإضافة إلى ذلك، تشكل الصراعات والتوترات الجيوسياسية أيضاً تهديداً للنظام الذي جرى إنشاؤه بعد الحرب العالمية الثانية».
وتابع شيمشك «أن هناك بعض عدم اليقين على مستوى العالم، سواء فيما يتعلق بالسياسات النقدية والمالية، وقد يتم تخفيف السياسات النقدية العالمية قليلاً، لكنّ هذا سيكون له تأثير كبير على سرعتها وتنسيقها، لكن ما نعرفه هو أن التجارة العالمية ستستمر بنفس المستوى المحدود في السنوات المقبلة ولا يتوقع نمواً يزيد على 3 في المائة، لذلك، هناك صعوبات».
وأشار إلى أنه بفضل المنتدى يمكن تحقيق تعاون مفيد للغاية بين تركيا والعالم العربي، مؤكداً أن الجانبين لديهما القدرة على تحقيق التكامل في كثير من القطاعات.
بدوره، أكد وزير المالية المصري، أحمد كجوك، أن سياسة مصر الاقتصادية أكثر استهدافاً للاستقرار المالي ونمو الإنتاج والتصدير لتعزيز تنافسية الاقتصاد، لافتاً إلى أن مصر تلعب دوراً نشطاً في تعزيز التعاون الإقليمي في مواجهة عدم اليقين الاقتصادي العالمي. وقال إن مصر تصدرت أفريقيا لثلاث سنوات متتالية في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، وأن مشروع تطوير وتنمية «رأس الحكمة» هو إحدى ثمار العلاقات المتميزة مع دولة «الإمارات العربية المتحدة»، وأن الحكومة تبذل جهوداً ملموسة لربط شبكات الكهرباء مع السعودية في نموذج قوى لأهمية التعاون الإقليمي.
اتفاقيات التجارة الحرة
بدوره، أكد وزير الاقتصاد والتخطيط التونسي، سمير عبد الحفيظ، أن تطوير الممرات الاقتصادية بين تركيا والعالم العربي سيوفر مزايا كبيرة لدول المنطقة وستكون له انعكاسات كبيرة على التنمية الاقتصادية لهذه الدول.
وأشار إلى أن «غالبية هذه الدول قد وقَّعت بالفعل اتفاقيات تجارة حرة فيما بينها، ونتوقع أن يكون إطار هذه الاتفاقيات أوسع قليلاً وأكثر شمولاً، ومن المهم مواصلة تعزيز أساس هذه الاتفاقيات، وأعتقد أنه يمكننا ضمان تكاملنا الاقتصادي بين تركيا والعالم العربي بهذه الطريقة».
وذكر أن مصر هي بوابة شمال أفريقيا، وأن الوصول إلى القارة الأفريقية يمكن أن يتحقق من خلال اتفاقيات التجارة الحرة والتعاون من خلال مصر، كما أن الشركات التركية يمكنها التصدير بسهولة إلى البلدان الأفريقية عبر تونس، ويمكننا مواصلة العمل معاً في كثير من القطاعات المختلفة.
وقال وزير المالية العراقي طيف سامي محمد، إن العراق من كبرى الدول وأكثرها انفتاحاً على التعاون مع تركيا، وإن هناك فرصاً مهمة في التجارة العالمية، وإن تركيا تعد ممراً للاستثمار والتجارة الدولية.
وقالت وزيرة المالية الكويتية نورة سليمان الفصام، إن إزالة العوائق أمام التجارة ستزيد من التفاعل بين تركيا والعالم العربي، و«يمكننا أن نجعل الاستثمارات محور اهتمامنا الرئيسي».