لماذا ترتفع أسعار الذهب إلى مستويات قياسية؟

وما سبب بقائه «ملاذاً استثمارياً موثوقاً به»؟

سبائك ذهبية معروضة لدى أحد تجار الذهب بالحي الصيني في بانكوك (أ.ف.ب)
سبائك ذهبية معروضة لدى أحد تجار الذهب بالحي الصيني في بانكوك (أ.ف.ب)
TT
20

لماذا ترتفع أسعار الذهب إلى مستويات قياسية؟

سبائك ذهبية معروضة لدى أحد تجار الذهب بالحي الصيني في بانكوك (أ.ف.ب)
سبائك ذهبية معروضة لدى أحد تجار الذهب بالحي الصيني في بانكوك (أ.ف.ب)

أدت الاضطرابات التجارية التي نجمت عن تعريفات جمركية باهظة فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إلى ارتفاع قياسي لأسعار الذهب الذي يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه ملاذ استثماري آمن.

وسجّل المعدن الثمين، الجمعة، أعلى مستوى له على الإطلاق في التداولات ببلوغه 3227.51 دولار للأونصة، وقد حقّق منذ بداية العام مكاسب تخطّت نسبتها 20 في المائة.

فلماذا يقبل المستثمرون بقوة على الذهب عندما تتّسم الظروف الاقتصادية بالصعوبة؟

مع بلوغ أسعار المعدن الثمين مستويات قياسية، شرحت «وكالة الصحافة الفرنسية» سبب بقائه ملاذاً استثمارياً موثوقاً به.

مكاسب إضافية

يقول كبير خبراء شؤون المعادن في منصة التداول «كينيسيس ماني»، فرانك واتسون، في تصريح للوكالة الفرنسية: «إلى الآن ما تزال سبائك المعدن الثمين معفاة من التعريفات الجمركية الأميركية، قد يكون ذلك مردّه عدم اعتبارها منتجات صناعية أساسية».

ترمي التعريفات التي فرضها ترمب إلى دعم الإنتاج الأميركي وتقليص العجز في الميزان التجاري للولايات المتحدة، وهو ما لن يحقّقه فرض رسوم ضريبية على الذهب.

بعد ارتفاع أسعار الذهب إلى مستويات قياسية في مطلع أبريل (نيسان) حين أطلق ترمب تعريفاته المتبادلة، باع مستثمرون المعدن للحصول على السيولة اللازمة في خضم تدهور للبورصات.

هذا الأمر أضعف الذهب لفترة وجيزة، ثم عاد ليقفز بعدها. مذّاك لم تسجل أسعار المعدن أي تراجع مع إعلان ترمب على نحو مفاجئ تعليق الرسوم الأميركية على عشرات من البلاد، في خطوة استثنى منها الصين.

تراجع الدولار

تراجعت العملة الأميركية بقوة مقابل منافساتها بعد فرض ترمب رسومه، ما عزّز جاذبية الذهب.

يقول واتسون إن الذهب «من الأصول المهمة لإدارة المخاطر التي تحتفظ بها كيانات على غرار المصارف المركزية والمؤسسات المالية والمستثمرين الأفراد».

الأسواق قلقة إزاء ما قد تحمله حرب تجارية شاملة من تداعيات على النمو، وتراهن على إعلان الاحتياطي الفيدرالي (المصرف المركزي الأميركي) خفضاً إضافياً لمعدلات الفائدة لدعم أنشطة أكبر اقتصاد في العالم.

وذلك على الرغم من أن الرسوم قد تؤدي إلى ارتفاع جديد للتضخم، وهو ما من شأنه عادة أن يدفع المصارف المركزية إلى رفع أسعار الفائدة.

تزيد توقعات كهذه بشأن تكاليف الاقتراض، الضغوط على الدولار وكذلك على السندات الحكومية الأميركية التي بدأت تفقد بعضاً من الجاذبية التي تتمتّع بها بوصفها ملاذاً آمناً.

أصل نادر وملموس

مما يعزز مكاسب الذهب هو أنه من الأصول النادرة والمادية. ففي حين أن غالبية الناس لن يمتلكوا سبيكة ذهب، فإن بإمكانهم اقتناء مجوهرات ذهبية.

يقول واضع الاستراتيجيات في مجلس الذهب العالمي جون رايدل إن «الناس يريدون أصلاً ملموساً يمكنهم اقتناؤه».

ويوضح رايدل، في مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية» أن الذهب أثبت أنه من الأصول التي يسعى مستثمرون ومدّخرون لاقتنائه عند فقدان الثقة بالحكومات والمصارف، حتى وإن كان استثمارهم هذا بحد ذاته لا يعود عليهم بأرباح أو فوائد.

ويلفت واتسون إلى أن «الذهب هو (معدن) نادر جداً ولا يتآكل»، ما يجعله الأعلى قيمة على صعيد التخزين الطويل الأمد.

مساعي المصارف المركزية

يعد الذهب من الأصول التي تسعى إليها المصارف المركزية، مما يسهم في ارتفاع أسعاره من جراء ملء الخزائن بالسبائك تحوّطاً للأزمات، وفي استقرار أسعار العملات واستخدامه ضمانة للقروض والتعاملات.

في عام 2024 عزّزت المصارف المركزية حول العالم احتياطياتها من الذهب بأكثر من ألف طن للعام الثالث على التوالي، وفق مجلس الذهب العالمي.

ووفق تشارلي موريس، المحلل في مجموعة الأبحاث الاستثمارية «بايت تري»، فإن «هذه الخطوة جاءت بسبب غزو أوكرانيا والمصادرة اللاحقة لاحتياطيات روسية».

بعد بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، تم تجميد احتياطيات عملات أجنبية يملكها المركزي الروسي خارج روسيا بموجب عقوبات دولية.

وفاقمت الحرب في أوكرانيا، ومن بعدها النزاع في غزة، حال انعدام اليقين على المستوى الجيوسياسي، ما زاد من جاذبية الذهب.


مقالات ذات صلة

الذهب يواصل صعوده القياسي في ظل الحرب التجارية... وتحذيرات باول

الاقتصاد عرض سبائك الذهب في متجر للمجوهرات الذهبية في مدينة شانديغار بشمال الهند (رويترز)

الذهب يواصل صعوده القياسي في ظل الحرب التجارية... وتحذيرات باول

واصل الذهب ارتفاعه القياسي يوم الخميس مع لجوء المستثمرين إلى أصول الملاذ الآمن وسط تصاعد النزاع التجاري العالمي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد عرض قطعة ذهبية على أحد الزبائن بمتجر للمجوهرات داخل سوق الذهب في دبي (إ.ب.أ)

الذهب إلى أسعار قياسية على وقع حرب الرسوم

ارتفعت أسعار الذهب إلى مستوى قياسي، أمس (الأربعاء)، حيث تخطت 3300 دولار للأونصة، للمرة الأولى في تاريخها، ما يعكس بحث المستثمرين عن الأمان وسط حالة عميقة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سبائك ذهبية مكدسة في غرفة صناديق الودائع الآمنة في دار الذهب «برو أوروم» في ميونيخ (رويترز)

الذهب يتجاوز مستوى 3300 دولار للمرة الأولى في تاريخه

واصل سعر الذهب تسجيل مستويات قياسية جديدة مع بداية الجلسة الأوروبية يوم الأربعاء، متجاوزاً مستوى 3300 دولار للمرة الأولى في تاريخه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد عرض قطعة ذهبية على أحد الزبائن بمتجر للمجوهرات داخل سوق الذهب في دبي (إ.ب.أ)

الذهب يخترق مستوى تاريخياً جديداً وسط مخاوف النمو الاقتصادي العالمي

ارتفعت أسعار الذهب إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق يوم الأربعاء، مدفوعة بضعف الدولار، وتوترات الحرب التجارية، والمخاوف بشأن النمو العالمي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد موظف يحمل قطعة من المجوهرات الذهبية في سوق باندا آتشيه بإندونيسيا (أ.ف.ب)

الذهب يرتفع مع استمرار حالة عدم اليقين بشأن الرسوم الجمركية

ارتفع الذهب يوم الثلاثاء وسط استمرار حالة عدم اليقين بشأن خطط الرئيس الأميركي دونالد ترمب للرسوم الجمركية وتأثيرها على الاقتصاد العالمي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الشركات البريطانية توقف خطط الاستثمار بعد رسوم ترمب الجمركية

حافلات في لندن على طول شارع وايت هول في وستمنستر (رويترز)
حافلات في لندن على طول شارع وايت هول في وستمنستر (رويترز)
TT
20

الشركات البريطانية توقف خطط الاستثمار بعد رسوم ترمب الجمركية

حافلات في لندن على طول شارع وايت هول في وستمنستر (رويترز)
حافلات في لندن على طول شارع وايت هول في وستمنستر (رويترز)

كشفت بيانات جديدة عن أن ثلاثة أرباع شركات التصنيع والخدمات اللوجيستية في المملكة المتحدة تتأهب للتعرض لضربة بسبب الرسوم الجمركية الأميركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب في بداية أبريل (نيسان) الحالي، حيث قرر العديد منها وقف خطط الاستثمار في ضربة لطموحات النمو الحكومية.

ومن المرجح أن تتوقع الشركات الكبيرة تراجع نموها وحجم استثماراتها، وأنها ستتعرض لضغوط من السياسة التجارية العالمية الجديدة، وفقاً لدراسة أجرتها مؤسسة «إتش إس بي سي» البريطانية للخدمات المصرفية.

وأعلن ترمب عن خطط، في وقت سابق من الشهر الحالي، لرفع الرسوم الجمركية وفرض رسوم جديدة على جميع السلع المستوردة. وتشمل هذه الرسوم حداً أدنى من الرسوم بنسبة 10 في المائة على معظم الدول، ومن بينها المملكة المتحدة، في حين تواجه سلع معينة، من بينها السيارات والصلب والألمنيوم حالياً، ضريبة استيراد بنسبة 25 في المائة.

وأظهرت دراسة «إتش إس بي سي»، والتي شملت 2000 من قادة الأعمال، أن 73 في المائة من الشركات المصنعة في المملكة المتحدة و75 في المائة من شركات النقل والتوزيع قالت إن الرسوم الجمركية ستؤثر على أعمالها.

وارتفعت النسبة إلى 22 و26 في المائة على الترتيب، لدى الذين حذروا من أنهم يتوقعون التعرض إلى تأثير «كبير».

وقال نحو 21 في المائة من قادة الأعمال الذين شملتهم الدراسة إنهم قرروا إرجاء اتخاذ قرارات الاستثمار، وهي خطوة قد تؤدي إلى توقف الخطط التي قد تعزز النمو الاقتصادي.

إلى ذلك، تحدث، السبت، رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في أول اتصال بينهما منذ أن أعلن ترمب عن رسوم بنسبة 10 في المائة على جميع السلع المستوردة التي تستوردها الولايات المتحدة من بريطانيا.

وتطرقت مكالمة ستارمر وترمب الهاتفية إلى «المناقشات المستمرة والمثمرة» حول التجارة بين البلدين، حسبما قال متحدث باسم مكتب ستارمر.

ونقلت وكالة الأنباء البريطانية (بي إيه ميديا) عن المتحدث باسم مكتب ستارمر قوله إن «رئيس الوزراء كرر التزامه بالتجارة الحرة والمفتوحة وأهمية حماية المصلحة الوطنية».

كما تحدث الجانبان عن الوضع في أوكرانيا وإيران والإجراءات الأخيرة ضد الحوثيين في اليمن.

ومن المقرر أن تجري وزيرة الخزانة راشيل ريفيس محادثات مع البيت الأبيض، الأسبوع المقبل، وسط الجهود الرامية إلى إبرام اتفاق تجاري، والذي تأمل بريطانيا في أن يساعد في تخفيف عبء الرسوم الجمركية.