صندوق النقد الدولي يتوقع تجاوز الدين العالمي 100 تريليون دولار للمرة الأولى

الولايات المتحدة والبرازيل وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وجنوب أفريقيا ستواجه عواقب باهظة التكلفة

شعار صندوق النقد الدولي خارج مبنى المقر الرئيسي في واشنطن (رويترز)
شعار صندوق النقد الدولي خارج مبنى المقر الرئيسي في واشنطن (رويترز)
TT

صندوق النقد الدولي يتوقع تجاوز الدين العالمي 100 تريليون دولار للمرة الأولى

شعار صندوق النقد الدولي خارج مبنى المقر الرئيسي في واشنطن (رويترز)
شعار صندوق النقد الدولي خارج مبنى المقر الرئيسي في واشنطن (رويترز)

توقع صندوق النقد الدولي، الثلاثاء، أن يتجاوز الدين العام العالمي 100 تريليون دولار هذا العام للمرة الأولى، وقد ينمو بوتيرة أسرع مما كان متوقعاً مع التوجه السياسي نحو زيادة الإنفاق، وتفاقم احتياجات الاقتراض وتكاليفه بسبب النمو البطيء.

ووفقاً لأحدث عدد من «تقرير الراصد المالي» الذي يصدره صندوق النقد، من المتوقع أن يصل الدين العام العالمي إلى 93 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول نهاية عام 2024، ليقترب من 100 في المائة بحلول عام 2030، متجاوزاً ذروته السابقة البالغة 99 في المائة خلال جائحة «كوفيد- 19». كما سيرتفع الدين بنحو 10 نقاط مئوية مقارنة بعام 2019، قبل تفشي الوباء وزيادة الإنفاق الحكومي، وفق «رويترز».

وقال التقرير الذي صدر قبل أسبوع من الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن، إن هناك أسباباً وجيهة للاعتقاد أن مستويات الديون المستقبلية قد تكون أعلى بكثير من التقديرات الحالية، خصوصاً في ظل الرغبة في زيادة الإنفاق في الولايات المتحدة، أكبر اقتصاد في العالم.

وأشار صندوق النقد في التقرير إلى أن «عدم اليقين في السياسة المالية قد زاد، وأصبحت الخطوط الحمراء السياسية بشأن الضرائب أكثر تشدداً. كما تتزايد الضغوط الإنفاقية لمواجهة التحديات المرتبطة بالتحول الأخضر، وشيخوخة السكان، والمخاوف الأمنية، وتحديات التنمية طويلة الأمد».

وعود الإنفاق في الحملات الانتخابية

وتأتي مخاوف صندوق النقد بشأن ارتفاع مستويات الديون قبل ثلاثة أسابيع من الانتخابات الرئاسية الأميركية؛ إذ وعد المرشحان بتخفيضات ضريبية جديدة وزيادة الإنفاق، مما قد يضيف تريليونات الدولارات إلى العجز الفيدرالي.

ووفقاً للتقديرات، فإن خطط خفض الضرائب التي طرحها المرشح الجمهوري دونالد ترمب قد تضيف نحو 7.5 تريليون دولار من الديون الجديدة على مدى عشر سنوات، وهو ما يزيد على ضعف 3.5 تريليون دولار التي قد تضيفها خطط نائبة الرئيس كامالا هاريس، المرشحة الديمقراطية، وفقاً للجنة الموازنة الفيدرالية المسؤولة.

ووجد التقرير أن توقعات الديون غالباً ما تقلّل من تقدير النتائج الفعلية بمعدل 10 في المائة بعد خمس سنوات، إذ يرتفع الدين المحقق إلى الناتج المحلي الإجمالي بشكل كبير.

وقد يتفاقم الدين بسبب ضعف النمو وتصلب ظروف التمويل وعدم اليقين المتزايد في السياسة المالية والنقدية في الاقتصادات الكبيرة، مثل الولايات المتحدة والصين. ويتضمن التقرير «سيناريو سلبياً شديداً» يشير إلى أن الدين العام العالمي قد يصل إلى 115 في المائة في غضون ثلاث سنوات، أي أعلى بـ20 نقطة مئوية مما هو متوقع حالياً.

دعوات إلى صياغة سياسات مالية أكثر صرامة

وكرر الصندوق دعوته إلى مزيد من ضبط الأوضاع المالية، مشيراً إلى أن البيئة الحالية، مع النمو القوي وانخفاض معدلات البطالة، تُعدّ فرصة مناسبة لذلك. لكنه أضاف أن الجهود الحالية، التي تُقدّر بمتوسط 1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على مدى السنوات الست من 2023 إلى 2029، لا تكفي لخفض الدين أو استقراره بشكل موثوق.

ولتحقيق هذا الهدف، ستكون هناك حاجة إلى تشديد تراكمي بنسبة 3.8 في المائة. وفي الولايات المتحدة والصين ودول أخرى، حيث لا يُتوقع استقرار الناتج المحلي الإجمالي، سيكون هناك حاجة إلى تشديد مالي أكبر بكثير.

ومن المتوقع أن يسجل العجز في الموازنة الأميركية في السنة المالية 2024 نحو 1.8 تريليون دولار، أو أكثر من 6.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وفقاً لمكتب الموازنة في «الكونغرس».

وأضاف أن الولايات المتحدة ودولاً أخرى من المتوقع أن يستمر نمو ديونها، بما في ذلك البرازيل وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وجنوب أفريقيا قد تواجه عواقب باهظة التكلفة.

وحذّرت نائبة مدير الشؤون المالية في صندوق النقد، إيرا دابلا نوريس، من أن تأجيل التعديل لن يؤدي إلا إلى الحاجة إلى تصحيح أكبر في النهاية، وأن الانتظار قد يكون محفوفاً بالمخاطر؛ إذ تشير الخبرة السابقة إلى أن الديون المرتفعة والافتقار إلى خطط مالية موثوقة يمكن أن يؤديا إلى ردود فعل سلبية في الأسواق.

وأضافت أن تخفيضات الاستثمار العام أو الإنفاق الاجتماعي تميل إلى أن يكون لها تأثير سلبي أكبر بكثير في النمو، مقارنة بالدعم الموجه بشكل سيئ مثل دعم الوقود. وقالت إن لدى بعض البلدان مجالاً لتوسيع قواعد الضرائب وتحسين كفاءة تحصيلها، في حين يمكن للبعض الآخر جعل أنظمتهم الضريبية أكثر تقدماً من خلال فرض ضرائب على المكاسب الرأسمالية والدخل بشكل أكثر فاعلية.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد منظر عام لأفق أديس أبابا (رويترز)

صندوق النقد الدولي وإثيوبيا يتوصلان إلى اتفاق بشأن المراجعة الثانية لبرنامج التمويل

قال صندوق النقد الدولي إن موظفيه والحكومة الإثيوبية توصلا إلى اتفاق بشأن المراجعة الثانية لبرنامج التمويل البالغ 3.4 مليار دولار للبلاد.

«الشرق الأوسط» (نيروبي )
الاقتصاد  مئذنة مسجد قيد الإنشاء في القاهرة (رويترز)

بعثة صندوق النقد الدولي تختتم زيارتها إلى مصر لإجراء المراجعة الرابعة لبرنامج القرض

اختتمت بعثة صندوق النقد الدولي زيارتها إلى مصر وأحرزت تقدماً كبيراً في المناقشات المتعلقة بالسياسات نحو استكمال المراجعة الرابعة لبرنامج القرض، وفق الصندوق.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد رئيس سريلانكا أنورا كومارا ديساناياكي مغادراً بعد حفل افتتاح البرلمان العاشر للبلاد في البرلمان الوطني بكولومبو (أ.ف.ب)

سريلانكا تتوقّع اتفاقاً على مستوى موظفي صندوق النقد الدولي الجمعة

قال الرئيس السريلانكي أنورا كومارا ديساناياكي، أمام البرلمان الجديد، إن بلاده تتوقّع أن يعلن صندوق النقد الدولي يوم الجمعة، اتفاقاً بشأن برنامج إنقاذ البلاد.

«الشرق الأوسط» (كولومبو)
الاقتصاد علم أوكراني يرفرف بالقرب من المباني التي دمرتها الضربة العسكرية الروسية بكييف في 15 فبراير 2023 (رويترز)

في اليوم الألف للحرب... أوكرانيا تحصل على دعم جديد من صندوق النقد

أعلن صندوق النقد الدولي، يوم الثلاثاء، أن موظفيه والسلطات الأوكرانية توصلوا إلى اتفاق يتيح لأوكرانيا الوصول إلى نحو 1.1 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«إتش إس بي سي» ينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين

مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
TT

«إتش إس بي سي» ينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين

مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)

قالت مصادر مطلعة لـ«رويترز» إن بنك «إتش إس بي سي» سينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين بعد 8 سنوات من إطلاقها؛ حيث كافح البنك للتوسع وجعل المشروع مربحاً في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وقالت 3 مصادر مطلعة مباشرة على الأمر إن البنك الذي يركز على آسيا، توقّف عن إصدار بطاقات جديدة، ويعمل على تقليص الخدمة المقدمة لجزء كبير من العملاء الصينيين. وقال اثنان منهم إن الإغلاق المخطط له يأتي بعد محاولات فاشلة لبيع الأعمال.

وقالت المصادر إن البنك الذي لا يزال في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على الخطط، قد يستمر في خدمة بطاقات الائتمان لشريحة صغيرة من العملاء «المميزين». وقال أحد المصادر إن عملاء بطاقات الائتمان «المستقلين» لدى البنك، أولئك الذين لا يستخدمون خدمات «إتش إس بي سي» المصرفية في الصين، لن يتمكنوا من تجديد بطاقاتهم عند انتهاء صلاحيتها، مضيفاً أن هؤلاء العملاء يشكلون جزءاً كبيراً من الأعمال في البلاد.

ويؤكد قرار الانسحاب، الذي لم يتم الإبلاغ عنه سابقاً، على التحديات التي يواجهها البنك في توسيع نطاق وجوده في الصين كجزء من تعهده بالتحول إلى آسيا وتعميق وجوده في الاقتصادات الإقليمية الرئيسية.

ورفضت المصادر الكشف عن هُويتها لأنها غير مخوّلة بالتحدث إلى وسائل الإعلام. وقال متحدث باسم الشركة لـ«رويترز»، دون الخوض في التفاصيل: «كجزء من خدماتنا المصرفية الخاصة المتميزة والعالمية في البر الرئيسي للصين، نواصل تقديم خدمات بطاقات الائتمان التي تركز على السفر الدولي وميزات نمط الحياة».

وتمثل هذه الخطوة تراجعاً عن طموح البنك في تنمية أعمال بطاقات الائتمان في الصين بسرعة بعد إطلاقها في أواخر عام 2016 كجزء من محوره الآسيوي وتوسيع خدماته المصرفية للأفراد وإدارة الثروات في الصين.

وتُظهر بيانات من إصدارات البنك أن «إتش إس بي سي»، الذي يقع مقره الرئيسي في لندن، والذي يحقق الجزء الأكبر من إيراداته في آسيا، كان لديه نحو مليون مستخدم لبطاقات الائتمان الخاصة به في الصين بحلول سبتمبر (أيلول) 2019.

وقال أحد المصادر إنه في غضون 18 شهراً من إطلاق الخدمة، شهد بنك «إتش إس بي سي» وصول الأعمال إلى 500 مليون دولار من الرصيد المستحق، قبل أن يتوقف النمو وتنخفض المعاملات بسبب عمليات الإغلاق الصارمة الناجمة عن كوفيد في الصين... ومنذ ذلك الحين، شدد المستهلكون الصينيون الإنفاق في ظل تباطؤ الاقتصاد، مما أدى إلى انكماش سوق بطاقات الائتمان بشكل أكبر.

ووفقاً لبيانات من «إنسايت آند إنفو كونسالتينغ»، نما إجمالي إصدار البطاقات في 6 سنوات متتالية ليصل إلى ذروة بلغت 800 مليون بطاقة في عام 2021، وانخفض إلى 767 مليون بطاقة بحلول عام 2023.

وقالت مصادر إن «إتش إس بي سي» واجه أيضاً منافسة شديدة وقيوداً تنظيمية في أعمال بطاقات الائتمان في الصين لم يواجهها من قبل في أسواق أخرى، مثل القواعد المتعلقة بتسعير أسعار الفائدة وكيفية تعامل البنوك مع التخلف عن السداد. وأضافوا أن هذه القيود، إلى جانب ارتفاع تكلفة اكتساب العملاء والاحتيال، قوضت آفاق الأعمال.

وبصرف النظر عن نظرائها المصرفيين الصينيين، تواجه البنوك الأجنبية مثل «إتش إس بي سي» أيضاً تحديات من المنصات الرقمية الصينية التي توسعت بسرعة لتقديم خدمات القروض الاستهلاكية بتكاليف أقل بشكل حاد. ولا تقدم سوى حفنة من البنوك الأجنبية خدمات بطاقات الائتمان في الصين، بما في ذلك «ستاندرد تشارترد» وبنك شرق آسيا.

كما يراجع بنك «إتش إس بي سي» النفقات والضوابط التشغيلية في أعمال الثروة الرقمية الصينية، في خطوة قد تؤدي إلى تسريح العمال، حسبما ذكرت «رويترز»، الشهر الماضي.

وتُعد منطقة الصين الكبرى، التي تضم هونغ كونغ وتايوان، أكبر مصدر للدخل للمجموعة، لكن الصين هي السوق الوحيدة عالمياً التي لم تحقق فيها أعمال الثروة والخدمات المصرفية الشخصية في «إتش إس بي سي» أرباحاً بعد. وفي النصف الأول من عام 2024، أعلنت الوحدة عن خسارة قدرها 46 مليون دولار مقارنة بـ90 مليون دولار في الفترة المقابلة من العام الماضي.